منتديات أمل عمري

منتديات أمل عمري (http://www.a-3amry.com/vb/index.php)
-   شدو مقدّس / حصريات الأعضاء بأقلامهم (http://www.a-3amry.com/vb/forumdisplay.php?f=15)
-   -   على ضفاف التذوق .. مع النابغة ( الثور والكلب ) ... (http://www.a-3amry.com/vb/showthread.php?t=5514)

ياسر سالم 10-13-2017 10:06 AM

على ضفاف التذوق .. مع النابغة ( الثور والكلب ) ...
 
[ ]







وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ .:.
طَعْنَ المُعارِكِ عند المَحْجِرِ النَّجُدِ (*)

-------------------------------



.

لوحة نابغية أخرى متداخلة تمور بها المعاني المضطربة وتتدافع فيها الاخيلة المجنحة
ولكنها تتفق - مهما اوغلت مفرداتها في الغرابة - في المقارعة والانقضاض

مفرداتها ... ثور هائج قوي مفتول العضلات موثق الخلق جسور جامح طامح ..
ورجل ذو كلاب (كلّاب ) يستحثها نحو الثور ويؤزها عليه أزا لترديه أو تنفي عنه بعض معاني قوته فيعيق بذلك مسيره ويحول دون بلوغه غايات الطريق


.. هاهو الكلّاب يقف عند طرف المشهد ... وقد بث كلابه جميعها نحو ذاك الثور ( الذبياني ) الجامح الذي لا تكاد تعترض سيره عقبة كؤود أو تنال منه سعيه هواجس الحنادس ...
يريد ذلك الكلّاب أن يحرز الثور صيد سمينا وأن يجرده من حياته ليعود به ظفرا ليس كمثله ظفر ...

يتقدم احد افتك هذه الكلاب الذي سبق أقرانه لحدته وخفته وموفور نشاطة ويدعى ( ضمران ) ..
إنه ذلك ذاك الخفيف الأزلّ الذي هيئ للانقضاض كما يبدو من جسمه حيث ينحف جنباه ويغور بطنه ويمتد طوله فهو حقا ضامر .. ولعله قد اُشتق من صفته اسمه ...
يتواثب في قوة وشراسة نحو هذا الثور المتقد.. يعاركه مقبلا عليه منقضا .. ..

انها مواجهة المتحدي النافر المنبعث .. مع الثور الذي أعد سلفا إعداد مهولا لقلب غايات المتربص كما تصوره الأوصاف السابقة والتي ذكرنا طرفا منها في طرح مستقل سابق ..
يقف ذاك الضامر تماما حيث أراد له كلّابه ... يندفع اندفاعا شرسا يناسب حجم التحدي الكبير ..

وهاهو الثور النابغي المرصود .. ما إن يدبر هاربا نحو ما يظنه النجاة ؛ حتى يرتد مقبلا عليه كسهم مارق ، لا ينتظره كثيرا ، بل تمور به القوة وتغلي مرجلها في عروقه ؛ فيعد له عدة الموت ، ينازله هذه المرة مقبلا متأهبا في غير فر .. .. بل يثب إليه وثبا مزمجرا ؛ يبتدره بقرون طويلة منسرحة لا يعتورها الميل ولا يدخلها الضعف كأنها أرماح لوامع في صدورهن القضاء

وكانت ساحة (المُحجَر النَجُدِ ) هي أرض المعركة التي التًجيء إليها وربما كان للثور نصيب من صفة ا النَجُدِ ( بضم النون لا فتحها على رواية ) بوصفه ذاك المُعارك النُّجد الشجاع الذي يستنجد به ؛ وربما استحق هذه الصفة (النَّجد ) (بفتح النون ) التي من معناها الكرب والشدة مما أصابه ذلك التعب : الذي يكون أبرز أدواتِ ترجمتِهِ إلى حِسٍ ظاهر هو ذلك العرق الذي يصاحب شدة الكرب الممزوجة بالجهد والإعياء

ينقض عليه بقرونه الطويلة المسننة ويدفعه بها دفعا .. ومازال الثور به يوزعه وينكته بقرونه حتى أعياه وأهاضه وملأ جسده كله نصبا وتعبا ....

ثم ...هاهو يجهز عليه في غير بَرّ ، ببراعة تصويرية نابغية تبلغ من تمام دقة التصوير حد التناهي كما تدلنا الصورة التالية

فقد أودى بحياته واجهز عليه حين :
شك الفريصة بالمدرى فأنفدها .. شك المبيطر إذ يشفي من العضد

فصار قرنه وقد اعتلق به ودخل في صفحة جنبه وخرج من الناحية الأخرى: كأنه سفّود شرْبٍ نسوه عند مفتأدِ...



---------------
(*) يوزعه ..
أي يحثه صاحبه ويغريه يستصرخه ..
وأميل إلى كون المعنى المخبأ في يوزعه هو يردعه وينهاه
فيكون الأوفق للسياق أن تكون ( طعن ) مرفوعة باعتباره (معمولة ) لـ ( يوزعه ) لا منصوبة لعامل محذوف

تقديره ( يطعنه طعن المعارك ) .. وهي رواية أيضا - أعني الرفع - فيكون المعنى :
أن ما يردع الكلب وينهاه على معاقرة الثور هو ذلك الطعن من الثور له والذي يشبه طعن المقاتل المعارك الذي

يستهدف به ذلك الكلب المتمرس ضمران ، فيكف بأسه عنه ..





((( حصريا للمنتدى الجميل ))

النقاء 10-13-2017 10:21 AM

وعلى. ضفاف الأدب. العميق. نستمتع بهطول. فكرك. أستاذ ياسر

حوار من نقاء الطرفين. استنتجت لنا جمل المعرفة
يظل. الفكر حائرآ حولها. ويتوصل القوة والفخافة
وحدوث الطعنات في ذات المعركة تعمي
لاتفرق بين عشرة وعاشرة

مهما بلغ الانسان في القوة وكيفما تكًون يظل قليل
يحتاج لطولت بال وفكر حتى. يحسن تعاملة

لله درك أستاذ ياسر. سالم
كما عهدناك. منفرد حرفآ ولغتآ وفكرآ

بوركت. وطابت حياتك بالخير

ياسر سالم 10-13-2017 12:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقاء (المشاركة 153351)
وعلى. ضفاف الأدب. العميق. نستمتع بهطول. فكرك. أستاذ ياسر

حوار من نقاء الطرفين. استنتجت لنا جمل المعرفة
يظل. الفكر حائرآ حولها. ويتوصل القوة والفخافة
وحدوث الطعنات في ذات المعركة تعمي
لاتفرق بين عشرة وعاشرة

مهما بلغ الانسان في القوة وكيفما تكًون يظل قليل
يحتاج لطولت بال وفكر حتى. يحسن تعاملة

لله درك أستاذ ياسر. سالم
كما عهدناك. منفرد حرفآ ولغتآ وفكرآ

بوركت. وطابت حياتك بالخير


جزيت الخير استاذة
وأسعدك الله
هي محاولات ومقاربات تبقى رهن السداد والمقاربة في نفض غبار القرون عن هذه الكنوز التي ظلمناها
ولعل تقريبها بلغة عصرية يجعلها أكثر قبولا لدي فئات كثيرة من المتذوقين الذين يحجزهم تعقيد التركيب ووحشة الألفاظ عن استبطان الصور الراقية للشاعر القديم
تحياتي وطابت أيامك
مرور جميل

نُوميديا 10-13-2017 01:08 PM

الطبيعة بما فيها من كائنات من العوامل التي تثير القريحة للإبداع وهذا ما تجلى في المعلقات وأبرزها دار مية لما فيها من تصوير واسقاطات لو بقينا لسنوات مجتمعين لن نصل إلا ما وصلوا إليه مع إحترامي لكل ما جاء على هيئة أدب بعد الثورة على نظام الكنسية أو ما اصطلح عليه بالمدارس الأدبية (التي لا اعترف بها ) ..

غرابة التراكيب و وحشة الألفاظ هي منا وليس من هذا الموروث فبعدنا عن الأصل هو ما جعل القصد يغيب عن بعضنا .. الصراعات استحوذت على حصة الاسد في شعرهم وكان الصراع من أجل البقاء بارزا هنا إثبات الذات والقوة والذكاء كلها تجلت بطريقة أدبية وحبكة متناهية


الأستاذ ياسر سالم
اتحفتنا بهذا التحليل الرائع
كنت أعتقد أن أمثالك لم يعد لهم وجود سنكون في الطريق الصحيح لو واصلت جميلك هذا ...

بوركت يمينك وسلمك الله من كل علة مستشرقة تشوش صفاء قريحتك

أمـل عمري 10-13-2017 01:12 PM

سلمت يمناك وهذا الغيث الرائع الصوغ
حواراً وعمقاً..
تم النقل للقسم الأنسب..
**
وتم النشر والتقييم + ٢٠٠ مشاركة

تهويدة مساء 10-13-2017 02:44 PM

..

مرحى ب المصافحة وب النور
الـ ساطع من معرفكـ


دام جمالك ومحاكاتك لكل مافي الحياة
من طبيعه


/

فعاليات 10-13-2017 03:00 PM

الله عليك يا كاتبنا ياسر
جداً جميله جداً راقت لي
ابدعت بسرد الكلمات
فعلاً مميز نالت اعجابي
اعجابي لك ولروحك ورد
:012:

خالد الشوق. 10-13-2017 03:28 PM

:

جميل هذا العبق اللغوي وحرفنة السرد من أديب متمكن
اجدت يا استاذ سالم
واغبطك على مهارتك اللغوية
وتمكنك من توظيفها في وصف مسهب لبيت جميل من معلقة ذائعة الصيت

إستطراد :
الفضاء النتّي ابعدنا عن اللغة كثيرا
وأضحت الفصحى تُعدّ من الغرائب ويصعُب فهمها
فكيف بغريب الكلمات و وحشيُِّها !
سيبدو للجيل الجديد كطلاسم

تحية وسلام عليك يا رائع البيان

متقاعد 10-13-2017 04:04 PM

" وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ
طَعْنَ المُعارِكِ عند المَحْجِرِ النَّجُدِ
"


يرسم مشهد خاتمة ذلك الصراع
بظفر ثور الوحش
ومشيرا إلى القرار الذي اتخذه الكلب
الاخر ( واشق )
بعد ان شاهد بعينه تلك الطعنة القاتلة التي
أصابت صاحبه ( ضمران )
وتيقن انه لا فائدة من المطالبة بديته
والقصاص من قاتله
وشعر باليأس والاستسلام وانه لن يظفر
بأحسن مما ظفر به صاحبه
ويذهب ضحية هو الآخر .
مقالات في الشعر والنقد والدراسات المعاصرة
بعض القصص ليست للتذوق الأدبي ..
حلوى محشية إيحاءات سياسية مغلفة من التراث ..

تحياتي وتقديري لك ..

ياسر سالم 10-13-2017 05:10 PM

هذا هو العمل الذي يروقني أن أراه من غيري أو أسمعه لأنني - لقلة بضاعتي - أتهيبت الإقدام عليه

فهذا هو سقف الأدب العربي
يتألق نورا وبريقا في سماء الإبداع
ويتحدر عطره الوثير من هامتها

من يحاول احتذاء حرف النابغة سيصير أضحوكة ،
كطفل صفير يقلد - بلكنة مضحكة - كلام أبيه الكبير
وهكذا أراني هنا وهناك

ولكن ما حيلتي وأنا أتضور جوعا لأدبهم
ولا يملأ جوف ذائقتي غير كلامهم وطرائقهم في دفق ودلق ونقل الشعور ..

وأقول معتذرا -- ما دام للتذوق حاسة يُتناول بها طعم الحروف وما أودع في مطاويه من معان ؛ فلا بأس بأن نجهد أنفسنا لنرصد - ولو جزءا يسيرا - مما شعرنا به وكلٌ حسب طاقته
وهكذا فعلت ..

ما أسعدني حقا هو وجود هذا الجمع المبارك
الذي كان في تذوقه لهذه الدفقة الشعورية أعلى من راصدها
تحياتي لكم جميعا أيها الأكارم


الساعة الآن 02:52 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.