عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2017, 09:18 AM   #293
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (08:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة الحجرات

محاور مواضيع السورة :

ومن الأدب الخاص إلى الأدب العام ، تنتقل السورة لتقرير دعائم المجتمع الفاضل ، فتأمر المؤمنين بعدم السماع للإشاعات ، وتأمر بالتثبت من الأنباء والأخبار ، لاسيما إن كان الخبر صادراً عن شخص غير عدل ، أو مُتّهم ، فإنّ في ذلك خطراً كبيراً ، ووقوعاً في الإثم ، وكم من خبرٍ لم يتثبت من سامعه جرّ وبالاً ، وأحدث انقساماً ، فحصل من تلف النفوس والأموال بغير حق ما يكون سبباً للندامة . ثم أبان تعالى بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهركم – يعني الصحابة – فعظّموه وانقادوا لأمره ، فإنه أعلم بمصالحكم ، وأشفق عليكم من أنفسكم ، ورأيه فيكم أتمّ من رأيكم لكم ، ثم بيّن أنّ رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم ، فلو أطاعكم – يعني الصحابة – في جميع ما تختارونه لأدّى ذلك إلى عنتكم وحرجكم ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يرشدكم .
ثم أخبر جل جلاله بأنه يُحبّب إليكم الإيمان ، ويُزيّنه في قلوبكم ، بما أودع فيها من محبة الحق وإيثاره ، وبما نصب على الحق من الشواهد الدالة على صحته ، وقبول القلوب والفطر له ، ويُكرّه إليكم الكفر والفسوق – وهي الذنوب الكبار – والعصيان – وهي جميع المعاصي - ، بما أودع في قلوبكم من كراهية الشر وعدم إرادة فعله ، وبما نصب على الشر من الشواهد الدالة على فساده ومضرته وعدم قبول القلوب والفطر له ، وبما يجعل الله في القلوب من الكراهة له .

ثم وصف أولئك بأنهم الذين صلحت علومهم وأعمالهم واستقاموا على الدين القويم والصراط المستقيم ، وأنّ هذا الخير الذي حصل لهم هو بفضل الله وإحسانه ، لا بحولهم وقوتهم ، وأنه تبارك وتعالى عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية ، فهو حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره .

ثم ينهى الله عز وجل عباده المؤمنين ، عن أن يبغي بعضهم على بعض ، ويقتل بعضهم بعضاً ، وأنه إذا اقتتلت جماعة من المؤمنين ، فإنّ على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير بالإصلاح بينهم ، والتوسط على أكمل وجه يقع به الصلح ، فإن صلحتا فبها ونعمت ، وإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الفئة الباغية ، حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله ، من فعل الخير وترك الشر الذي من أعظمه الاقتتال ، حتى إذا كفّت عن الاقتتال فأصلحوا بينهما ، وليكن الصلح بالعدل ، لا بالظلم والحيف على أحد الخصمين ، فلا تُراعى جماعة لقرابة أو وطن أو غير ذلك من المقاصد والأغراض ، واعدلوا في كل ما تأتون وتذرون ، فإن الله عز وجل يحب العادلين في حكمهم بين الناس ، وفي جميع الولايات التي تولوها ، حتى عدل الرجل في أهله وعياله في أداء الحقوق إليهم .

ثم عقد الله بين المؤمنين عقداً ، أنه إذا وُجِد من أي شخص كان ، في مشرق الأرض ومغربها : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فإنه أخ للمؤمنين ، أخوة تُوجب أن يُحبّ له المؤمنون ما يُحبون لأنفسهم ، ويكرهون له ما يكرهون لأنفسهم ، ومن ذلك : إذا وقع الاقتتال بينهم ، الموجب لتفرق القلوب وتباغضها وتدابرها ، فليصلح المؤمنون بين إخوانهم ، وليسعوا فيما به يزول شنآنهم ، فليس المؤمنون إلا إخوة في الدين .
ثم أمر بالتقوى ، ورتّب على القيام بها حصول الرحمة ، وإنّ عدم القيام بحقوق المؤمنين من أعظم حواجب الرحمة الذي يحصل به خيري الدنيا والآخرة .

( يتبع )