تابع – سورة التغابن
محور مواضيع السورة :
ومن ثم اقتضت هذه الحال المعقدة المتشابكة ، التحذير من اللّه ، لإثارة اليقظة في قلوب الذين آمنوا ، والحذر من تسلل هذه المشاعر ، وضغط هذه المؤثرات.
ثم كرر هذا التحذير في صورة أخرى من فتنة الأموال والأولاد. وكلمة فتنة تحتمل معنيين :
الأول أن اللّه يفتنكم بالأموال والأولاد بمعنى يختبركم ، فانتبهوا لهذا ، وحاذروا وكونوا أبدا يقظين لتنجحوا في الابتلاء ، وتخلصوا وتتجردوا للّه. كما يفتن الصائغ الذهب بالنار ليخلصه من الشوائب! والثاني أن هذه الأموال والأولاد فتنة لكم توقعكم بفتنتها في المخالفة والمعصية ، فاحذروا هذه الفتنة لا تجرفكم وتبعدكم عن اللّه.
وكلا المعنيين قريب من قريب.
وقد روى الإمام أحمد - بإسناده - عن عبد اللّه بن بريدة : سمعت أبي بريدة يقول : «كان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يخطب ، فجاء الحسن والحسين - رضي اللّه عنهما - عليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران فنزل رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - من المنبر فحملهما ، فوضعهما بين يديه. ثم قال : «صدق اللّه ورسوله. إنما أموالكم وأولادكم فتنة. نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» .. ورواه أهل السنة من حديث ابن واقد. فهذا رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وهذان ابنا بنته .. وإنه لأمر إذن خطير. وخطر. وإن التحذير والتنبيه فيه لضرورة يقدرها من خلق قلوب الناس ، وأودعها هذه المشاعر ، لتكفكف نفسها عن التمادي والإفراط ، وهي تعلم أن هذه الوشائج الحبيبة قد تفعل بها ما يفعل العدو ، وتؤدي بها إلى ما تؤدي إليه مكايد الأعداء! ومن ثم يلوح لها بما عند اللّه بعد التحذير من فتنة الأموال والأولاد ، والعداوة المستسرة في بعض الأبناء والأزواج. فهذه فتنةَ اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ»
( يتبع )
|