عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-02-2017, 10:16 AM
عمدة الحاره
النجم البعيد غير متواجد حالياً
لوني المفضل Steelblue
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل : Jun 2017
 فترة الأقامة : 2840 يوم
 أخر زيارة : 12-24-2017 (08:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : النجم البعيد is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي



تابع – سورة الملك

كل هذه النصوص تشير إلى حقيقة ، حقيقة إيمان الوجود كله بخالقه ، وتسبيح كل شيء بحمده. ودهشة الخلائق وارتياعها لشذوذ الإنسان حين يكفر ، ويشذ عن هذا الموكب وتحفز هذه الخلائق للانقضاض على الإنسان في غيظ وحنق كالذي يطعن في عزيز عليه كريم على نفسه ، فيغتاظ ويحنق ، ويكاد من الغيظ يتمزق. كما هو حال جهنم وهي : «تَفُورُ. تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ!».

كذلك نلمح هذه الظاهرة في خزنة جهنم :
«كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها. أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟» ..
وواضح أن هذا السؤال في هذا الموضع هو للتأنيب والترذيل. فهي مشاركة لجهنم في الغيظ والحنق. كما هي مشاركة لها في التعذيب ، وليس أمرّ من الترذيل والتأنيب للضائق المكروب! والجواب في ذلة وانكسار واعتراف بالحمق والغفلة ، بعد التبجح والإنكار واتهام الرسل بالضلال :
«قالُوا : بَلى ! قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا ، وَقُلْنا : ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ. إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ. وَقالُوا : لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ!» ..

فالذي يسمع أو يعقل ، لا يورد نفسه هذا المورد الوبيء. ولا يجحد بمثل ما جحد به أولئك المناكيد. ولا يسارع باتهام الرسل بالضلال على هذا النحو المتبجح الوقح ، الذي لا يستند في الإنكار إلى دليل. ثم ينكر ويدعي ذلك الادعاء العريض على رسل اللّه الصادقين يقول : «ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ : إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ»! «فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ» ..

والسحق البعد. وهو دعاء عليهم من اللّه بعد اعترافهم بذنبهم في الموقف الذي لم يؤمنوا به ولم يصدقوا بوقوعه.

والدعاء من اللّه قضاء. فهم مبعدون من رحمته. لا رجاء لهم في مغفرة ، ولا إقالة لهم من عذاب. وهم أصحاب السعير الملازمون له. ويا لها من صحبة! ويا له من مصير! وهذا العذاب ، عذاب السعير ، في جهنم التي تشهق بأنفاسها وهي تفور ، عذاب شديد مروع حقا. واللّه لا يظلم أحدا. ونحسب - واللّه أعلم - أن النفس التي تكفر بربها - وقد أودع فطرتها حقيقة الإيمان ودليله – هي نفس فرغت من كل خير. كما فرغت من كل صفة تجعل لها اعتبارا في الوجود ، فهي كالحجر الذي توقد به جهنم. وقد انتهت إلى نكسة وارتكاس مكانها هذه النار ، إلى غير نجاة منها ولا فرار! والنفس التي تكفر باللّه في الأرض تظل تنتكس وترتكس في كل يوم تعيشه ، حتى تنتهي إلى صورة بشعة مسيخة شنيعة ، صورة منكرة جهنمية نكيرة. صورة لا يماثلها شيء في هذا الكون في بشاعتها ومسخها وشناعتها.
فكل شيء روحه مؤمنة ، وكل شيء يسبح بحمد ربه ، وكل شيء فيه هذا الخير ، وفيه هذه الوشيجة التي تشده إلى محور الوجود .. ما عدا هذه النفوس الشاردة المفلتة من أواصر الوجود ، الآبدة الشريرة ، الجاسية الممسوخة النفور. فأي مكان في الوجود كله تنتهي إليه ، وهي مبتوتة الصلة بكل شيء في الوجود؟ إنها تنتهي إلى جهنم المتغيظة المتلمظة ، الحارقة ، المهدرة لكل معنى ولكل حق ولكل كرامة بعد أن لم يعد لتلك النفوس معنى ولا حق ولا كرامة!

( يتبع )
الموضوع الأصلي: || الكاتب: النجم البعيد || المصدر: منتديات أمل عمري

أمل عمري

منارة الناسك , نبض الطاولة , نبض الطاولة , نبض الطاولة , فعاليات , فعاليات , حصريات , إيقاع الشعر والنثر , شرفة الذائقة , أسراب الهذيان , مدونات , حكواتي , هودج الأنثى , الرياضه , عيادة الأمل , ومضات الألبوم , همسة العدسة , دروب اليوتيوب , دروب اليوتيوب , دروب اليوتيوب ,