تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة :
وما هو بقول شاعر. ولا بقول كاهن .. إنما هو تنزيل من رب العالمين.
وتقرير أنه قول رسول كريم لا يعني أنه من إنشائه ، ولكن المراد هنا أنه قول من نوع آخر. لا يقوله شاعر ، ولا يقوله كاهن ، إنما يقوله رسول ، يرسل به من عند اللّه ، فيحمله من هناك ، من ذلك المصدر الذي أرسله. والذي يعين هذا المعنى هو كلمة رسول. أي مرسل به من عند ربه ، وليس شاعرا ولا كاهنا يقوله من عند نفسه.
أو بمساعدة رئي أو شيطان .. إنما هو رسول يقول ما يحمله عمن أرسله. ويقرر هذا تقريرا حاسما ما جاء بعده :
«تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» ..
والتعقيب : «قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» .. «قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» .. مدلوله نفي الإيمان ، ونفي التذكر. وفق تعبيرات اللغة المألوفة. وفي الحديث في وصف رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - «إنه كان يقل اللغو». أي لا يلغو أصلا .. فقد نفى عنهم أصل الإيمان وأصل التذكر. وإلا فما يقول مؤمن عن الرسول : إنه شاعر ، ولا يقول متذكر متدبر : إنه كاهن. إنما هما الكفر والغفلة ينضحان بهذا القول النكير! وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب ، لمن يفتري على اللّه في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه.
يجيء لتقرير الاحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره ، وهو صدق الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه. بشهادة أن اللّه لم يأخذه أخذا شديدا. كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ :
«وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» ..
ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا - صلى اللّه عليه وسلم - صادق فيما أبلغهم. وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه ، لأخذه اللّه فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات. ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق.
( يتبع )
|