
سَالَتْ دِمَاءُ الْحِبْرِ مِنْ أَقْلَاَمِيٍّ
وَاِسْتَفَاقَتْ عَصَافِيرُ الشَّوْقِ بِخَافِقِيٍّ وَجِنَّانِيٍّ
وَاِنْطَلَقَتْ رِكَابُ الْحُروفِ يَسَرَيْ
يَثُورُ وَيُزْبِدُ ويَرْكُضُ وَيَجْرِي
مُحْدَثَةَ فُقَّاعَاتٍ مُلَوِّنَةٍ تَتَرَنَّمُ
بِالْحَديثِ عَنْهَا وَعَنْ سحرِهَا
قِرْمِزِيَّةً هِي فِي كُلَّ مَسَاءَ
تَرْتَدِي الْفَسَاتِينُ الْكِلَاَسِيكِيَّةُ
وَتَمْزُجُ حُمْرَةُ الدَّمِ فَوْقَ شَفَاِهَا
وَفِي أَصَابِعِهَا خَوَاتِمَ بَلْوَرِيَّةً
تَسْرِقُ أحْلَاَمُ الْكَثِيرِينَ
أَعَلِمَنِي أَنَّكَ بِالْقَلُوبِ سَاحِرَةً
وَالْأَعْيُنَ تُحِيطُكَ حَائِرَةُ ثَائِرَةُ
وَأَعْلَمُ أَنَّ الْكَثِيرَ
يُهِمُّ تقبيل أنَامِلَكَ النَّاعِمَةَ
وَمُسَايَرَةَ خَطْوَاتِكَ الرَّاقِصَةِ
وَأَنَّ أَمَامَكَ الْكَثِيرِينَ لِتَخْتَارِينَ
وَإِنَّنِي قَصِيرُ جِدَا عَنْ حَدِّ نَظَرِكَ
مُحَرَّمٌ عَليّ أن أكتُبَ لِعَينِيكِ قَصِيدَةَ شِعر
مَمنُوعٌ مِن شُموعٍ أوقِدُ بِهَا أيّ أُمنِيَه
أعلَمُ أنَّ الإلتِفَاتَ شَطرَ وَجهِكِ ,[ مَطَرٌ ]
يُكَلِّفُ الكَثِيرَ مِنَ التَأَمُّلِ وَالسَهَر
وَأنّكِ العَجَائِب وَالغَرَائِب
وَمَلائِكَه وَأطفَال , وَوُرودٌ وَأزهَار
وَأنّكِ غَالِيَه وَجِدّاً ..
لايَقتَنِيكِ حَتّى قَارُون
لا يُنَاسِبُكِ إلا الحِذَاءُ الزُجَاجِي
لا تُرَافِقُكِ إلا العَصَافِيرُ وَالسَنَاجِب
وَأنَّ أَرضَكِ الزَكِيَّه تُقَبِّلُ قَدَمِيكِ بِسُنبُلَه
وَأنَّ أتفَهَ الأُمُور تُعَظّمُ مِن أجلِك
وَأنّكِ أنتِ مَن تُسَابِقِينَ فِي الحَدِيثِ أوّلاً , وَآخِراً
وَأَعلَمُ أنّنِي لَن أَكُونَ الرَجُلَ الذِي
يُحِيطُكِ مِن جِهَاتِكِ الأربَع
وَأَنَّ الوُصُولَ لِنَهدَيكِ هِيَ نِهَايَةُ النِهَايَه
وَخَاتِمَةُ الحِكَايَه ,
وَأعلَمُ يَابَاسِقَه ،
أنَّ خِطَابِي سَيَمُرُّ مِن ألفِ بَاب وَبَاب
وَأنّهُ سَيُمَزّق ,
وَسَيَبحَثُ عَنّي السَجَّانُ وَالجَلّاد ,
وَأنَّ السَبِيلَ إلى مَطَافِكِ
يَعتَرِضُهُ جَيشٌ كَالرُومَان
وَأنّنِي المُدَانُ فِي تَهَوُّرِي نَحوَكِ
وَمحكُومٌ عَليَّ بِالإعدَام
وَأنّنِي إن تَغَزَّلتُ بِكِ أذنبت
إن قُلتُ [ أُحِبُّكِ ] خَرَجتُ عَن كُلِّ الأعراف
حَتّى إن قَصَصتُ لأجلِكِ حَكَايَا المُدُنِ المُعَلّقَه
وَعَزَفتُ وَقعَ المَطَرِ بِالنَاي
حَتّى إن أَحكَمتُ رُبطَةَ عُنُقِي
وَآرتَدَيتُ القُبّعَه
أبقَى بَينَ يَدِيكِ ذَلِيلَ حُبٍّ غَاوٍ ,
يَجُرُّهُ إليكِ الحُبُّ وَالسَيّاف
الْوُصُولُ إِلَيْكَ مُعْجِزَةٍ
تَحْتَاجُ إِلَى لَيْلِ سَهَرِ طَوِيلِ
وَدُعَاءً وَسُجُودَ وَبُكَاءً وَعَوِيلَ
لَكِنَّنِي أَعُودٌ وَأَقُولُ
وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزِ.