السهر الطويل ظاهرة تهدد الحياة النفسية والجسدية
السهر الطويل ظاهرة تهدد الحياة النفسية والجسدية
تتازم ظاهرة السهر الليلي ، مع تصاعد العادة الى ساعات متأخرة من الليل؛ تصل عند البعض الى مطلع الشمس .
الحالات تكثر عند لدى الشباب والفتيات في مقتبل العمر , وأصبحت في مجتمعاتنا على المستوى الفردي او الجماعي نمطا من حياة من هم في ريعان الشباب , مع غياب الوعي لخطورة هذه الظاهرة على النفس والجسد , والنواحي الاجتماعية كما بينته الابحاث العلمية , و مما لا شك فيه ان دخول عالم الانترنت والفضائيات وما يرافق ذلك من احتساء للمنبهات التي تحوي الكفائين فاقم هذا السلوك لتصبح ظاهرة اجتماعية ونمطا غير صحي .
فمن الحقائق العلمية ان الانسان يحتاج للنوم الليلي بمعدل 8 ساعات يوميا , وهذه العملية تجري في الدماغ بشكل معقد . ففي النهار يعمل الدماغ على التسجيل , والملاحظة و استقبال المعلومات والأحداث والتفسير والتحليل والحل , ورفض أحداث ومعلومات كثيرة واضعاً إياها في سلة المهملات , و ينقسم النوم الى أربعة مراحل منظمة كل منها له قسط من الساعات , ووظيفة معينة لإفراز الهرمونات التي تحافظ على الصحة الجسدية والنفسية , وعليه فالإخلال بأي مرحلة او معاكسته ستؤدي الى نتيجة عكسية سلبية على الجسد والنفس... انها عملية متناسقة لتحفظ التوازن النفسي و الجسدي بشكل صحي وسليم , ويتجلى ذلك في قول الخالق عز وجل « وجعلنا الليل سباتا «.
فالسهر الطويل والمزمن يؤدي الى زيادة إفراط هرمون ) Ghrelin غريلين ) في الدماغ والذي يؤدي الى زيادة الشهية للطعام , وبالتالي السمنة وما ينجم عن ذلك من أمراض متعددة « السكري , والضغط , والكآبة , وأمراض القلب « , فالباحث Francesco Capucci ) ) يقول « ان السهر المتكرر او المزمن يؤدي الى الإصابة بالسمنة أضعافا مضاعفة مقارنة مع الآخرين , وان النوم الليلي بمعدل 8 ساعات يؤدي الى تقليل الوزن او المحافظة على رشاقة الجسد « .
و تؤكد نتائج أبحاث أخرى ان الاشخاص الذين يسهرون بشكل متكرر او مزمن تقل قدراتهم الانجازية علميا , وعمليا , واجتماعيا , وذهنيا بنسبة 56% من طاقاتهم الأصلية .
فالخطورة على الطالب , و الموظف , والمهني , والعامل , وحتى على الاشخاص الذين يعانون من البطالة , كما أثبتت أبحاث جامعة Virginia حديثا « ان الأطفال عرضة لتدني القدرات التعليمية نتيجة للاضطرابات الذهنية الناجم عن السهر كما أنهم عرضة لتدني النمو الجسدي « بسبب تثبيط هرمون النمو ( Growth Hormone ) والذي يفرز بشكل سوي حينما يكون الانسان نائما بشكل طبيعي اثناء الليل .
فالأبحاث الطبية تجمع على ان السهر المتكرر او المزمن يشكل خطورة على حياة الانسان نفسيا , وجسديا , واجتماعيا , والانزلاق في سراديب الامراض النفسية من قلق وكآبة , واضطراب الذاكرة , والتركيز , والانتباه , والإرهاق , وسهولة الاستثارة العصبية مما
يؤثر على قدراته للتكيف والسيطرة على الضغوطات الحياتية الاعتيادية , او الطارئة كما انه يؤدي الى سوء العلاقات الاجتماعية سواء بسبب الإرهاق , او العصبية , او الكابة , كما انه يؤدي الى الأوجاع الجسدية كالصداع , والرجفان , ويشكل خطورة على حياة الانسان من حيث التعرض للحوادث اثناء النهار بسبب تدني التركيز والانتباه خاصة عند قيادة المركبات , او الإصابات الخطيرة في المصانع التي تحوي الآلات المتحركة , أو الثقيلة .
و تدني الاستجابات الفكرية , وردود الأفعال الحركية الفكرية « مثل الدعس على الفرامل اثناء القيادة , كذلك في التفكير والقدرة على الاستيعاب , والفهم , والتحليل , والتأمل.
انه هادم النفس والجسد , فالأمراض الجسدية كما تؤكد الابحاث كالسكري , وأمراض القلب بسبب عدم إعطاء فرصة الاستراحة والاسترخاء , وارتفاع ضغط الدم , وضعف المناعة لتتضاعف فرصة حصولها لدى الشخص الذي يمارس طقوس السهر .
وعليه فان ظاهرة السهر آفة نفسية جسدية واجتماعية هادمة و مهلكة مقصرة للعمر ,...... انها الحرب على النفس والجسد معاكسة الطبيعة الآدمية التي جٌبل الانسان عليها .
فإذا كنت من الذين يمارسون هذه الطقوس المرضية الخطيرة فلا مناص لك الآن بعد ان عرفت هذه الحقائق العلمية , ان تعود لتمارس هذا النمط الاعتلالي , فعليك الإقلاع عن ذلك وإلا ننصحك بمراجعة طبيب اختصاصي في الامراض النفسية.
|