05-31-2020, 10:43 PM | #101 |
|
الجدار والصدأ :
قهقهتُ حتى دمعت عيناي ! قلتُ لابن صديقي ذي العاشرة : ما رأيكَ بهذه العبارة : (صَدئَ الجدارُ) ؟! نظر إلى الجدار ، ثم قال : (وشلون يصدأ الجدار) ؟! فأجبته : هذا جزءٌ من الكل ، أليس الحديد وسط الجدار وهو المقصود بهذا ؟ نظر إلي وابتسم ، وكأني به يقول في سره : (جُنَّ الرجل) ! |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
05-31-2020, 11:02 PM | #102 |
|
تساؤل (ق ق ج) :
أمضى بالأدب شطرًا من عمره ثم قلاه وهجره ، فسأله أحدهم : لم هجرتَ الأدب مع شدة شغفكَ به ؟! فأجابه : تَسخو بكل شيء وتُضحي به لأجله ، ثم يَمُنُّ عليكَ بالنَّزْرِ اليسير ، فوا أسفي على عقدين مضيا من عمري خلف سرابٍ خادعٍ أيقنتُ بعدهما أن ما أكتبه لا يرتقي لمستوى النشر ، فوا أسفي ! ثم وا أسفي ! ثم وا أسفي ! فصمتَ ولم يَحِرْ جوابًا ! |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
06-01-2020, 12:00 AM | #103 |
|
أيها الأدب :
أحب الأدب حبّاً جمّاً وأخلص له وأفنى به صباه وصدراً من شبابه وكان ملاذاً يلوذ به ومتنفساً ينفس به ما يعتلج بصدره من شجى وحنين وفي نهاية المطاف عزم على هجره فقال : قد أمضيتُ معك أيها الأدب ردحاً من عمري أبحر في بحارك وأجتاز محيطاتك وأعبر مفاوزك وقد آن أوان ضعوني من بيدائك وفراقك بعد مدة تربو على العشرين عاماً فراق حانق لا فراق وامق ولكن لابد من إنصافك فقد أخذتَ مني كل شيء وأعطيتني زفراتٍ أزفرها كلما طما طوفان هوى من سكنتا قلبي مذْ عهد الصبا . وأنتما يا من استعمرتما قلبي مذْ عهد الصبا ها قد أتى الشتاء بقضِّه وقضيضه ولفِّه ولفيفه وهواكما لم يطفئه برده ولا برد الأشتية السالفة فقد أحببتكما بقلب طفل وقلب يافع وقلب شاب وسأحبكما بقلب كهل وقلب شيخ وقلب هرم فأنى لأوار هذا الحب أن يخف ولجذوته أن تخبو ولعنفوانه أن يضعف . أحببتكما وما زلتُ أحبكما وسأحبكما وإن ابيض منكما الشعر وتغضَّن الوجه واحدودب الظهر وقد أخرجتُ حب عداكما من قلبي فلم يبق به سواكما فأنتما حبي الأول والأخير . ثم عزف عن الأدب وهجره إلى أن طوته يد الردى . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
07-17-2024, 04:33 PM | #104 |
مبتدئٌ ! |
الـمَلْحُوُّ الممقوتُ !
هأنذا أؤوب بخفي حنين بعدما أمضيتُ في الأدب أكثر من ربع قرن ، وفي مسامرة الكتب خمسة وثلاثين عامًا وقد أيقنتُ –يقينًا لا يُخامره شكٌّ- أنني أضعتُ عمري فيما لا نفع فيه ولا نجاة ، وأنَّ ما أكتبه لا يرتقي لمستوى النشر ! فمن يعيدُ لي ما مضى ويسعفني في الاجتهاد فيه ؟! أيجدي الندمُ والإقلاع والعزم على عدم الإياب ؟! أيجدي الغضبُ والمقتُ ؟! أيجدي الإتلافُ والحرقُ والظعون ؟! وا أسفي ! وا أسفي ! وا أسفي على عمرٍ أضعته خلف سرابٍ خادع لا يرتقي بي للدرجات ، وإنما يهوي بي في الدركات ! وا أسفي على استرواحي نفث الشيطان وعدوي خلف سرابه ! وا أسفي على عدم إصاخة السمع ، وتحكيم العقل فيما كان يطرقُ سمعي من أهل العقل والحكمة بأن هذا السبيل ليس فيه سوى عَضِّ الأصابع والتَّحَسُّر ! كم وددتُ -وكثيرًا- أن يعودَ بي الزمن للوراء لأقف أمام نفث الشيطان وألعنه وأشيحَ عنه ، وأتحصَّنَ ضدَّهُ بالأوراد في تلك الليلة ، وأصلي لله شكرًا أن عصمني منه وأعاذني ! بعد هذا العمر المضني آن للعقل المجهد الذي أكثر الدَّلَجَ أن يُخلدَ للراحة بعد هذه الرحلة المضنية ! بعد هذا العمر المضني آن للقلم أن يُقذفَ في بيداء البغض والتيه ! بعد هذا العمر المضني آن للمحبرة أن تُحطَّمَ ويراقَ مدادُها ! بعد هذا العمر المضني آن أوان المضي وعدم الالتفات ، ومضاء العزم ! لئن أعادني الحنينُ فيما مضى إلى بيداء الأدب وهجيره رؤية القلم والأوراق ، فقد صممتُ أذنيَّ ، وأشحتُ ناظري ، ومزقتُ شرايين الحنين وأوردة الهوى فوداعًا وداعًا ! بل لَحْوًا لَحْوًا ومقتًا مقتًا ! أيها الـملْحُوُّ الممقوتُ ! ربِّ : أتيتُ والخشية غمرتِ القلبَ ، وأرعدتِ الفرائصَ ، مُوْهَنًا من تصرُّمِ الأيَّام ، وتقهقر الشباب وتقدم المشيب ، مثقلًا من كثرة التطلع والرنو والترقب ! ربِّ ورب السموات والأرض ومن فيهن وعليهن : لئن لم يَطُلْ لبثي ، فأسألكَ برحماتكَ المائة ألا تحرمني أمنية العمر العظمى ، وأن تنيلني إياها قبل شخوص البصر وميلان الرأس ! يا من رحمة من رحماته فعلت العجب العجاب ، رققت القلوب ! حدبت الأنفس ! أسالتِ الدموع ! مدت الأكف ! أسألكَ برحماتكَ المائة التي لا يحيط بها وصف ، ولا يستوعبها عقل أن تشفيني شفاءً لا يغادرُ سقمًا ، وأن ترحمني وتغفر لي ما أسلفت ، وتبارك لي ، وتحقق أمنية عمري العظمى ! ربِّ : أتوسَّلُ بكَ إليكَ ، أتوسَّلُ إليكَ برحمتكَ التي وسعتْ كل شيءٍ ، أتوسلُ إليكَ بمن يتطاولُ إبليسُ لها لعلمه بسعتها ألا تردَّني خائبًا وتنيلني أكثر مما سألتُ وأمَّلْتُ ! ربِّ ربِّ ربِّ : ارحم الكفين الممدوتين والمقلتين الذارفتين والقلب النادم والكبد الحرى ولا تردني خائبًا فلم يقفْ ببابكَ سائلٌ وذِيْدَ عنه ! ولا أتاكَ طالبٌ وعادَ خائبًا ! ولا قصدكَ مكروبٌ وخُذلَ ! سبحانكَ ما أرحمكَ ! سبحانكَ ما أرحمكَ ! سبحانكَ ما أرحمكَ ! 1445/10/9 هـ 3:45 م . |
|
08-03-2024, 04:54 PM | #105 |
مبتدئٌ ! |
جَنَّةُ العُمْرِ وفِرْدَوْسُهُ !
لم يغمض له جفنٌ من الحنين الذي طما طوفانه ، وجافى مَضْجِعَهُ جنباه –كأنه على شجر القتاد يتقلبُ- فاتجه إلى باحة المنزل ، وأطال النظر إلى النجوم والبدر المكتمل ، وعند تباشير الفجر الأولى مضى إلى القرية ، وجال في أنحائها مستعيدًا أيام طفولته ، فعند هذا المنزل الطيني كان يرقب المارة بخوف وخشيةٍ ، ويسلِّمُ على من يمرُّ به وقدمٌ داخل المنزل وقدمٌ في الشارع -ليسهل عليه الفرار إلى الداخل إن اقترب منه أحد- ، وهنا كان يجلس على المطصبة مع أترابه ليتجاذبوا أطراف الحديث ، وتحت الشجرة الضخمة كان يتذرع التفيُّؤَ تحتها من هجير الشمس ، لينظر إلى الصبية التي تلعب أمام منزلها ، وهذا حانوتُ تاجر الحلوى ، الذي يشتري منه مثلجاتٍ ، ويختلسُ –على غفلةٍ منه- قطعة حلوى ، أو لبانٍ ، أو... ، وهذا ، وهذا ... عندما تعالى الضحى مضى إلى الأثلة في طرف القرية ، وطاف حولها قليلًا ، وجال في مغاني صباه ، مستعيدًا ذكراها ، ثم مضى إلى البيت الطيني المقفر من أهله وروَّاده ، ودلف إلى باحته ، وأجال ناظره فيه ، ثم قال : أيها الطللُ العزيزُ : هأنذا أعوجُ عليكَ وحيدًا ، بعدما أوهن المتلونان قوتي ، وأخذا شبابي ، وألانا قناتي ، وأثقلا كاهلي ، ومضيا بأجمل عهد ، وأنقى قلبٍ ، وأرق نسمتين ! ثم اتجه إلى نافذة الغرفة المطلة على الباحة ، ووقف أمامها مليًّا ، يتذكر حينما كان يتحدثُ أسفلها مع سارة ، ويمضيان خلف أخيلتهما وأمانيهما ، وحين يعدو خلفها ، فتهبط من النافذة ، وتتجه إلى الغرفة من جديد لتهبط من النافذة مرة أخرى –ويتبادلان الأدوار إن ضرب ظهرها بكفه- ، ثم قال : هل يبزغ علينا قمر اللقاء ، وتشرق شمس الوصل ، وينجاب ليل النأي ، ويضيء صبح الحب علينا تحت سقفٍ واحدٍ سعيدين أبد الآباد ؟! ثم جلس تحتها ومد يده فوصلت درفتها ، وكان فيما مضى يشعر أنه يهبط من شامخ حين يهبط منها ، ثم نهض ومضى إلى الدرج المؤدي إلى السطح وصعدها ، وأجال ناظره في السطح الصغير الذي كان فيما مضى يشعر بالتعب قبل أن يصل نهايته . اتجه إلى حائطه القصير ، وأطل منه على الأزقة الضيقة ، والبيوت المتلاصقة ، والمزارع المهجورة ، ثم نزل واتجه إلى حوض النخلة الذي كاد يندرس رسمه ، والذي كان يلعب عنده مع سارة ، فيأخذان خوصتين ، أو بسرتين صغيرتين مما سقط من العذوق ويقذفانها في ماء الحوض ، ويحركان الماء بأيديهما لينظرا أيهما تسبق الأخرى ، وأخذ عودًا ، ونكتَ به الأرضَ ، ثم قال : لاتنتظريني على شاطئ البحر كما التقينا بعدما شببنا ، ولا تأتي إلى الأثلة عند النبع في مغنى الصبا ، ولا تنتظري أن تهمي غيوم الحب على حقولنا القاحلة ، ولا تنتظري نورس الوصل أن يرفرف فوقنا مؤذنًا باللقاء ، فما عاد لنا في هذه الفانية لقاء ، ولعل الرحمن الرحيم ادخر لنا اللقاء الأعظم ، والوصل الذي لا يعقبه فراق ، في جنةٍ عرضها السموات والأرض ، أما في هذه الفانية ، فقد مضت أجمل العهود ، وأحلى الليالي ، وأرق نسمتين ، وأمسى قلبي مسرحًا لأظعان الفراق ، وأطلالًا لغربان البين ، ومسرىً لأعاصير النأي ، ولم يبق من الشمس إلا أشعة أصيلها التي لن تلبث حتى تُؤْذِنَ بالأفول ، فإذا أفلت حياتي مع أشعة شمس الغروب ، وأدرج اسمي في سجل الراحلين ، فارقبي الأكف وهي تنزلني إلى جدثي ، وتحثو التراب ، ثم ارفعي أكفَّ الإخلاص ، واسألي اللهَ لي الرحمة والغفران ، فهذا غايةُ ما أرجوهُ ، وآملهُ منكِ ! ثم نهض واتجه إلى الباب ، وهو يقول : الشَّبَابُ جَنَّةُ العُمْرِ ، والصِّبَا فِرْدَوْسُهُ ! |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تـــبــاريـــح |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|