يدين بعض المراقبين التعصب بين جماهير الفرق الرياضية؛ دون تمييز بين التعصب الرياضي والتعصب الرياضي المشوب بالتحريض.
لا كرة قدم بلا تعصب، هذه حقيقة علينا أن نؤمن بها ونتجاوز الحديث عنها، التعصب يشكل موقد السخونة التي تحتاجها الرياضة لتصبح ممتعة وتتقدم وتجتذب جماهير الشباب، إذا اختفى التعصب اختفت الرياضة وكثير من المنافسات، لا يخلو التعصب من المغالطات وتحريف الحقائق والتلاعب بالتواريخ والأرقام والمشاحنات وربما يؤدي إلى القطيعة بين الأصدقاء، لا يوجد تعصب حنون أو نقي، التعصب هو التعصب والكرة هي الكرة، ولا أظن أن مغالطات جماهير الكرة تعد مخالفة وتنشأ عنها قضايا خطيرة، طالما أنها لا تخالف الأنظمة ولا الدين ولا الأعراف المتبعة، سحب التعصب الرياضي من نفوس الناس كثيراً من أشكال التعصب الخطرة كالتعصب القبلي والديني والقومي وغيرها من أشكال التعصب الشائعة بين الشعوب التي تقود للكراهية ثم الحروب الفظيعة.
عندما تتأمل في مدرج ملعب كرة سترى أن كثيراً من الجماهير المحتشدة خليط من كل أطياف المجتمع. جمهور الهلال أو النصر يتشكل من كل الناس سعوديين وغير سعوديين، ينتصرون لبعضهم ويتحالفون ويهتفون معاً ويحضنون بعضهم، هذه واحدة من نعم التعصب الرياضي، تتلاشى فيه الطائفية والمناطقية وغيرها من مصادر الشرور الاجتماعية.
يصبح التعصب خطراً إذا تمادى المتعصبون وخرجوا عن الرياضة بإقحام ثوابت الأمة مادة للانتصار وإسكات الخصم وهزيمته والتحريض عليه، الهلال والنصر والشباب والاتحاد وغيرها فرق وطنية تديرها كوادر وطنية يجب أن تبقى في حدود وظائفها، فالدولة تملك أجهزة متخصصة في كل مجال وخاصة فيما يتصل بالأمن، هي المسؤولة عن حماية الأمة من الاضطراب أو القلاقل، لا تحتاج إلى خدمات المتعصبين الرياضيين أن يدلوها على من خالف الأنظمة أو خرج على ثابت من ثوابت الأمة والدين، لن يأتي متعصب بنصيحة فيها خير للأمة إذا ارتبطت بتعصبه للنادي الذي يميل إليه.
لا يمكن إخفاء الهدف، لاعب النادي الفلاني يلبس شعاراً دينياً مخالفاً لديننا، أو لاعب النادي الفلاني اعتدى على رجل أمن من أبناء الوطن المخلصين أو لاعب النادي الفلاني لم يحترم شعاراً من شعارات بلادنا الغالية، هذا النوع من التحريض يجب أن يجرم حتى لو كان صحيحاً، خلط الأمور لا يشي بالبراءة، إقحام الوطنية أو الدين في الجدل الرياضي يجب أن يعد جريمة..