كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
النداء الثامن عشر : الأمر بالصبر والمصابرة والمرابطة وتقوى الله
النداء الثامن عشر : الأمر بالصبر والمصابرة والمرابطة وتقوى الله
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (200) سورة آل عمران يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُسْلِمِينَ أنْ يَصْبِرُوا عَلَى دِينِهِمُ الذِي ارْتَضَاهُ اللهُ لَهُمْ ، وَهُوَ الإِسْلاَمُ ، فَلاَ يَدَعُونَهُ لِشِدَّةٍ وِلاَ لِرَخَاءٍ ، حَتَّى يَمُوتُوا مُسْلِمِينَ . وَالمُرَابَطَةِ هِيَ المَرَابَطَةِ فِي الثُّغُورِ لِلْغَزْوِ وَالجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ . وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنيا وَمَا عَلَيهَا " . ( وَقِيلَ إنَّ المُرَابَطَةَ المَقْصُودَةَ هُنَا هِيَ الانْتِظَارُ فِي المَسَاجِدِ لأَدَاءِ الصَّلَوَاتِ حِينَمَا تَحِينُ أَوْقَاتُها ، أيْ رَابِطُوا فِي المَسَاجِدِ ، وَاتَّقُوا اللهَ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ فِيمَا فَرَضَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) . النداء لهم . للصبر والمصابرة ، والمرابطة والتقوى . . وسياق السورة حافل بذكر الصبر وبذكر التقوى . . يذكران مفردين ، ويذكران مجتمعين . . وسياق السورة حافل كذلك بالدعوة إلى الاحتمال والمجاهدة ودفع الكيد وعدم الاستماع لدعاة الهزيمة والبلبلة ، ومن ثم تختم السورة بالدعوة إلى الصبر والمصابرة ، وإلى المرابطة والتقوى ، فيكون هذا أنسب ختام . والصبر هو زاد الطريق في هذه الدعوة . إنه طريق طويل شاق ، حافل بالعقبات والأشواك مفروش بالدماء والأشلاء وبالإيذاء والابتلاء . . الصبر على أشياء كثيرة : الصبر على شهوات النفس ورغائبها ، وأطماعها ومطامحها ، وضعفها ونقصها ، وعجلتها وملالها من قريب! والصبر على شهوات الناس ونقصهم وضعفهم وجهلهم وسوء تصورهم ، وانحراف طباعهم ، وأثرتهم ، وغرورهم ، والتوائهم ، واستعجالهم للثمار! والصبر على تنفج الباطل ، ووقاحة الطغيان ، وانتفاش الشر ، وغلبة الشهوة ، وتصعير الغرور والخيلاء! والصبر على قلة الناصر ، وضعف المعين ، وطول الطريق ووساوس الشيطان في ساعات الكرب والضيق! والصبر على مرارة الجهاد لهذا كله ، وما تثيره في النفس من انفعالات متنوعة . من الألم والغيظ ، والحنق ، والضيق ، وضعف الثقة أحياناً في الخير ، وقلة الرجاء أحياناً في الفطرة البشرية؛ والملل والسأم واليأس أحياناً والقنوط! والصبر بعد ذلك كله على ضبط النفس في ساعة القدرة والانتصار والغلبة ، واستقبال الرخاء في تواضع وشكر ، وبدون خيلاء وبدون اندفاع إلى الانتقام ، وتجاوز القصاص الحق إلى الاعتداء! والبقاء في السراء والضراء على صلة بالله ، واستسلام لقدره ، ورد الأمر إليه كله في طمأنينة وثقة وخشوع . . والصبر على هذا كله - وعلى مثله - مما يصادف السالك في هذا الطريق الطويل . . لا تصوره حقيقة الكلمات . فالكلمات لا تنقل المدلول الحقيقي لهذه المعاناة . إنما يدرك هذا المدلول من عانى مشقات الطريق؛ وتذوقها انفعالات وتجارب ومرارات! والذين آمنوا كانوا قد ذاقوا جوانب كثيرة من ذلك المدلول الحقيقي . فكانوا أعرف بمذاق هذا النداء . كانوا يعرفون معنى الصبر الذي يطلب الله إليهم أن يزاولوه . . والمصابرة . . وهي مفاعلة من الصبر . . مصابرة هذه المشاعر كلها ، ومصابرة الأعداء الذين يحاولون جاهدين أن يفلوا من صبر المؤمنين . . مصابرتها ومصابرتهم ، فلا ينفد صبر المؤمنين على طول المجاهدة . بل يظلون أصبر من أعدائهم وأقوى : أعدائهم من كوامن الصدور ، وأعدائهم من شرار الناس سواء . فكأنما هو رهان وسباق بينهم وبين أعدائهم ، يدعون فيه إلى مقابلة الصبر بالصبر ، والدفع بالدفع ، والجهد بالجهد ، والإصرار بالإصرار . . ثم تكون لهم عاقبة الشوط بأن يكونوا أثبت وأصبر من الأعداء . . وإذا كان الباطل يصر ويصبر ويمضي في الطريق ، فما أجدر الحق أن يكون أشد إصراراً وأعظم صبراً على المضي في الطريق! والمرابطة . . الإقامة في مواقع الجهاد ، وفي الثغور المعرضة لهجوم الأعداء . . وقد كانت الجماعة المسلمة لا تغفل عيونها أبداً ولا تستسلم للرقاد! فما هادنها أعداؤها قط ، منذ أن نوديت لحمل أعباء الدعوة ، والتعرض بها للناس . وما يهادنها أعداؤها قط في أي زمان أو في أي مكان وما تستغني عن المرابطة للجهاد ، حيثما كانت إلى آخر الزمان! إن هذه الدعوة تواجه الناس بمنهج حياة واقعي . منهج يتحكم في ضمائرهم ، كما يتحكم في أموالهم ، كما يتحكم في نظام حياتهم ومعايشهم . منهج خير عادل مستقيم . ولكن الشر لا يستريح للمنهج الخير العادل المستقيم؛ والباطل لا يحب الخير والعدل والاستقامة؛ والطغيان لا يسلم للعدل والمساواة والكرامة . . ومن ثم ينهد لهذه الدعوة أعداء من أصحاب الشر والباطل والطغيان . ينهد لحربها المستنفعون المستغلون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الاستنفاع والاستغلال . وينهد لحربها الطغاة المستكبرون الذين لا يريدون أن يتخلوا عن الطغيان والاستكبار . وينهد لحربها المستهترون المنحلون ، لأنهم لا يريدون أن يتخلوا عن الانحلال والشهوات . . ولا بد من مجاهدتهم جميعاً . ولا بد من الصبر والمصابرة . ولا بد من المرابطة والحراسة . كي لا تؤخذ الأمة المسلمة على غرة من أعدائها الطبيعيين ، الدائمين في كل أرض وفي كل جيل . . هذه طبيعة هذه الدعوة ، وهذا طريقها . . إنها لا تريد أن تعتدي؛ ولكن تريد أن تقيم في الأرض منهجها القويم ونظامها السليم . . وهي واجدة أبداً من يكره ذلك المنهج وهذا النظام . ومن يقف في طريقها بالقوة والكيد . ومن يتربص بها الدوائر . ومن يحاربها باليد والقلب واللسان . . ولا بد لها أن تقبل المعركة بكل تكاليفها ، ولا بد لها أن ترابط وتحرس ولا تغفل لحظة ولا تنام!! والتقوى . . التقوى تصاحب هذا كله . فهي الحارس اليقظ في الضمير يحرسه أن يغفل؛ ويحرسه أن يضعف؛ ويحرسه أن يعتدي؛ ويحرسه أن يحيد عن الطريق من هنا ومن هناك . ولا يدرك الحاجة إلى هذا الحارس اليقظ ، إلا من يعاني مشاق هذا الطريق؛ ويعالج الانفعالات المتناقضة المتكاثرة المتواكبة في شتى الحالات وشتى اللحظات . . إنه الإيقاع الأخير في السورة التي حوت ذلك الحشد من الإيقاعات . وهو جماعها كلها ، وجماع التكاليف التي تفرضها هذه الدعوة في عمومها . . ومن ثم يعلق الله بها عاقبة الشوط الطويل وينوط بها الفلاح في هذا المضمار : { لعلكم تفلحون } . وصدق الله العظيم . الموضوع الأصلي: النداء الثامن عشر : الأمر بالصبر والمصابرة والمرابطة وتقوى الله || الكاتب: رويم || المصدر: منتديات أمل عمري
|
02-24-2020, 05:11 PM | #5 |
|
منورين الموضوع
|
|
02-25-2020, 02:51 PM | #8 |
|
منورين الموضوع
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
زكريا : صاحب النداء الخفي | رويم | نفحات نبوية / الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام | 11 | 02-13-2020 09:33 AM |
أمامك اضمد قلبى بالصبر وارتدى ثوب لامبالاتى وكانك لا تعنينى//عبد العزيز الفوزان | نون | محطات الريشة والتصاميم الحصرية | 8 | 08-20-2019 01:59 AM |