#1
|
|||||||
|
|||||||
لــحـــن الـخـلـود
أرقتُ كعادتي كل ليلة وفي هدأة الليل وسكونه حيث البدر المكتمل والنجم المزدان والنسيم العليل هاجتْ أمواج الذكرى واصطخب طوفان الحنين وكنتُ بين غدو على أيام الصبا ورواح للمشيب فأتقدم للأمام فيسوءني تصور المآل والمصير فأتقهقهر للخلف فأراني صبياًّ ألعب مع لداتي تارة وتارة أبادلهم الحديث فوق المصطبة ومرة في الحيالة أعدو مع أترابي هنا وهناك ونشعل النار تحت الأثلة العتيقة وأخرى أجدني في العريش أصيخ سمعي لهزيم الرعد وأنظر للبرق الذي يضئ وجه السماء وأخرج يدي أتحسس الرذاذ المتساقط وطوراً أختلس النظر للحن الخلود عندما تأتي إلينا أو تشرح لي ما استبهم علي . وأفقتُ من الذكرى على واقعي فألفيتني وحيداً في دجنة الليل قد خانني عقلي في الأولى وأسلم قياده لقلبي فكتبتُ ما سبق وآزرني في الثانية فألفيتني أكتب هذه الكلمات : قد بلغتُ هذا العمر وتقلبتُ في أعطاف الدنيا بين هجير الصيف وزوابع الخريف وزمهرير الشتاء وأنسام الربيع ونهلتُ من معين الحب وكرعتُ من حوض الهجر واتخمتُ من لَغَبِ الفراق ولم آس إلا على أمرين فوا أسفي عندما أضعن وسط أنينٍ وخنينٍ إلى محطة الامتحان على قلة الزاد ووعورة السبيل . بل يا ويحي إن لم يتداركني الله برحمته في ذلك الموقف العصيب يوم الأهوال والمشيب الذي يقدر بألف عام يوم تذهل المرضعات عما أرضعن وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد فادَّكِر فقد أفلح من ادَّكر وأناب واستغفر ولم يستنكف ويتكبر فاذكر ما غبر فقد أيفعت وشببت وأنتَ جانح لدنياك غافل عن آخرتك . بل تذكر عندما تقف قليلاً قبل ذهابك إلى عملك تنظر إلى الناس على اختلاف هيئاتهم ومراكبهم ومراتبهم فيتبادر إلى ذهنك ذلك اليوم الذي يتوافد فيه الناس زرافات ووحداناً إلى صعيد الفصل بين الناس وتطاير الصحف والمناداة على من فاز ومن خسر أفما لك في هذا رادع وزاجر فترعوي وتثوب إلى رشدك وتئوب إلى ربك . إلهي حثثتُ خطا الندم إليك وجثوتُ ببابك ضارعاً إليكَ أن ترض عني وتغفر لي ما أسلفتُ من الخطايا والآثام وتجعلني ممن فرجتَ كربه وسترتَ عيبه وملأتَ بحبك قلبه وتشفيني من سقم لحن الخلود الذي أعزفه مذْ طفولتي الذي رحض قلبي وأرمضه . اللهم أزح من قلبي كل حب إلا حبك واملأ فؤادي بحبك وعلقه بالآخرة واصرفه عن بهارج الدنيا ومفاتنها وارض عنه واجعل كتابه في عليين يا أرحم الراحمين . إلهي وئد النور واغتيل الأمل وأجيف الباب فأبدلني بالقلم الذي أفنيتُ به ردحاً من عمري كتابك واختم حياتي بالحسنى وحقق لي أكثر مما صبوتُ إليه وأنلني من الخير فوق ما آمل وأسعدني فيما بقي لي من عمر إلى أن تسترد الحشاشة بين جوانحي التي أودعتني إياها . إلهي إن أشحتَ عني فمن أؤم وإن أوصدتَ بابك بوجهي فمن أقصد . إلهي ساءت الظنون إلا بك وخابت الآمال إلا عليك وانقطع الرجاء إلا منك اللهم فاستجب لي عاجلاً غير آجل برحمتك يا رحمن يا رحيم . 2016 م . جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الـخـلـود, لــحـــن |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|