كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
صور من عبادة السِّرّ عبادة القلب
اعلم يا رعاك الله إنّ من أجَلِّ عبادات السِّر وأعظمها، هو الإيمان بالله جلّ في علاه،وهو سرّ بين العبد وربّه، تترجمه الأقوال الصّادرة، والأفعال الظّاهرة، وإنّ الله - عز وجلّ - لا ينال من عبده إلاّ التقوى، ولا ينظر إلى الصّور والأموال وإنمّا إلى القلوب والأعمال، ولا ينفع عنده يوم تبلى السَّرائر مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم، والإيمان ليس بالتمنِّي ولا بالتّحلِّي، ولكن ما وقرَ في القلب وصدَّقه العمل، كما يشهد لذلك
قوله - صلى الله عليه وسلم : ((ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب))، والإيمان النقي يورث الخشية في الخلوات والجلوات من ربّ الأرض والسموات قال تعالى: ï´؟ إنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ ï´¾ [فاطر: 18] ، أي: يخافونه - سبحانه - حال خلوتهم به بعيداً عن أعين الخلق. "ومن تأمَّل سير السّلف وجد اهتماماً بليغاً بعبادة القلب، التي هي روح العبودية ولبّها، بل هي الأصل وإنّما أعمال الجوارح تبع ومكملة ومتمّمة لها، فهذا الصّحابي الجليل والإمام الجِهْبِذ ابن مسعود رضي الله عنه يقول: ((من صلّى صلاة عند النّاس لا يُصلّي مثلها إذا خلا، فهي استهانة استهان بها ربّه))، ثم تلا قوله تعالى: ï´؟ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُون مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ï´¾ [النساء: 108]، وفي يوم قال رضي الله عنه لأصحابه: ((أنتم أكثر صلاة وأكثر جهاداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا خيراً منكم، قالوا: بمَ ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إنّهم كانوا أزهد في الدّنيا وأرغب في الآخرة)). وبسط ابن القيم الحديث عن أرباب عبوديّة القلب وأحوالهم فكان ممّا قال: "وجملة أمرهم أنّهم قوم قد امتلأت قلوبهم من معرفة الله، وغمرت بمحبته وخشيته وإجلاله ومراقبته، فسرَت المحبّة في أجزائهم فلم يبق فيها عرق ولا مفصل إلاّ وقد دخله الحبّ، قد أنساهم حبّه ذكر غيره، وأوحشهم أنسهم به ممن سواه، فدنفوا بحبِّه عن حبّ من سواه، وبذكره عن ذكر من سواه، وبخوفه ورجائه والرّغبة إليه والرّهبة منه، والتوكل عليه والإنابة إليه، والسكون إليه والتذلّل والانكسار بين يديه عن تعلق ذلك منهم بغيره، فإذا وضع أحدهم جنبه على مضجعه صعدت أنفاسه إلى إلهه ومولاه، واجتمع همّه عليه متذكّراً صفاته العلى وأسمائه الحسنى، مشاهداً له في أسمائه وصفاته، قد تجلّت على قلبه أنوارها فانصبغ قلبه بمعرفته ومحبته، فبات جسمه في فراشه يتجافى عن مضجعه، وقلبه قد أوى إلى مولاه وحبيبه فآواه إليه، وأسجده بين يديه خاضعاً ذليلاً منكسراً من كل جهة من جهاته. فيا لها سجدةً ما أشرفَها من سجدة، لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء، وقيل لبعض العارفين: أيسجد القلب بين يدي ربّه؟ قال: إي والله، بسجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم القيامة) . ويشير ابن رجب إلى عبودية القلب قائلاً: (إنّ تحقق القلب بمعنى لا إله إلا الله وصدقه فيها، وإخلاصه بها يقتضي أن يرسخ فيه تألّه الله وحده، إجلالاً، وهيبة، ومخافة، ومحبة، ورجاء، وتعظيماً، وتوكلاً، ويمتلئ بذلك، وينتفي عنه تأله ما سواه من المخلوقين، ومتى كان كذلك، لم يبق فيه محبة، ولا إرادة، ولا طلب لغير ما يريده الله ويحبه ويطلبه، وينتفي بذلك من القلب جميع أهواء النفوس وإراداتها، ووساوس الشيطان، فمن أحبّ شيئاً وأطاعه، وأحبّ عليه وأبغض عليه فهو إلهه، فمن كان لا يحبّ ولا يبغض إلا لله، ولا يوالي ولا يعادي إلا له، فالله إلهه حقّاً، ومن أحبّ لهواه، وأبغض لهواه، ووالى عليه، وعادى عليه، فإلهه هواه) . والله اعلم |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ريحانة القلب | ماني بناسيك | رشفات قواطر السحر | 4 | 02-20-2020 10:07 AM |
عبودية القلب | الغالي | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 10 | 01-01-2020 02:50 AM |
هي القلب | نايف الزهراني | صدى الحرف و صخب الأعماق | 10 | 07-21-2018 08:41 AM |
واعذاب القلب جن القلب زاد جنانه | زيد | شدو مقدّس / حصريات الأعضاء بأقلامهم | 20 | 05-23-2017 11:08 PM |