#1
|
|||||||
|
|||||||
متى نموت ...!!
إن ثمة شيئين لا يمكن أن يحدق فيهما المرء: الشمس والموت". عبارة فلسفية لا أعلم لماذا دائم بمحضر الموت لأشخاص أمامنا لا تستطيع عقولنا أن تستحضر الموت لنا !! دوما نجعلها كشعور أنه بعيد المنال أو حاليا ليس بقريب منا ..ليس من باب علم الغيب لكن من باب التهدئة النفسية . حاولت وأنا ازور احد الإخوة اللاجئين بعد حرب 48 والذي تقاسمهم الدول العربية أو باعت أراضيهم ثم ضاقت بعددهم المهول بسبب تخاذلهم فتم تقسيمهم أو توزيعهم على هذه الدول كواجب إسلامي عربي قومــــي وطني !! وعلاقتي توطئة معه من خلال بيعــة لبعض الوجبات السريعة .. كانت لسنين طوال .. وباستمرار ...شاهدت محلة مقفل لعدة أسابيع .. فتوجهت إلى محل الحلاقة الذي بجواره ... واستفسرت عن غيابه .. فأخبروني بمرضــه (( بالسرطان )) فجاهدت حتى تحصلت على تلفونه بعد شهور من الانقطاع ... من خلال أحد الحلاقين وبالمصادفــة اخبرني انه سوف يتوجه بعد حلاقتي إلى هذه الصديق .. ليقص شعرهـ ويرتب له لحيتــه ...فتعجبت هل طلب منك ذلك فقال لا.. بل كل أسبوع اذهب إليه من باب الإخوة والجيرة التي كانت بيننـــــــــــا !! الحلاق علماني وذلك يجب أن نعلم جيدا أن الناس بها خير كثير بغض النظر عن ديانتهم أو معتقدهــم فقط الدين الإسلام يكمل ويهذب ويقوي هذه القيم الإنسانية لدينا ... توجهنــا إلى بيتــه شاهدت ملحق خارج عمارة عملاقة يسكنه .. وكأنك بغرفة نوم لأحدنا مقطعه لثلاثة غرفة صغيرة جداً ... تتوسدهــا قصاصات من الفرش موكيت على زوالي وتلصيق بينها ومكتبه مكسرة .. كل هذا تأملته بمجرد دخولي السريع من الباب ...شاهدت هذا الصديق وكأني أرى الموت أول مرة .. شبح الموت يتجسد أمام عيني والذي يتضح أنه ينهش ويأكل ويتلذذ من جسدهــ يمسك أمعائه بين حين وحين يشعر بالغثيان ويخرج ما في جوفه حتى لو خلى جوفه وهو خالي منذ زمن ... يشرد ذهنياً بتواتر عينية فيها من الخوف ما يجعل الخوف ينتابك! كل هذا استحضرته من دقائق جلوسي معه !! الذي عرفته من أبناءه حفظهم الله أن جميع سبل العلاج الطبي فشلت معه ... أو قيل لهم ذلك بسبب جنسيته وعدم أهميتــه بالمجتمع كإنسان !! فنصحوا أبناءه ان يذهب إلى البيت وينتظر (( الموت )) هو لا يعلم بهذا الأمر لكن أكيــــــــــد أنه يشعر بذلك ذاكرتــه اتضح من حديثي معه أنها بدأت تتفاوت وتتضارب من خلال استرجاعه لبعض المواقف ... سرح فكري بمقولة النورسي : "إن الموت في حقيقته تسريح وإنهاء لوظيفة الحياة الدنيا، وهو تبديل مكان وتحويل وجود، وهو دعوة إلى الحياة الباقية الخالدة ومقدمة لها؛ إذ كما أن مجيء الحياة إلى الدنيا هو بخلق وبتقدير إلهي، كذلك ذهابها من الدنيا هو أيضاً بخلق وتقدير وحكمة وتدبير إلهي؛ تخيلت الموت ......لكن لم استشعر به ..لا أعلم هل هو الخوف من الموت محاولة استبعادهــ .. فأنا أؤمن إيمان قاطع ... أن منذ ولادتي يجب أن أجهز لمماتي . لكن هكذا جبلنا على الهرب ... وعدم تصوره يحل علينا .. لذلك قيل أنك تستطيع أن تكرهــ الحياة لكنك يستحيل أن تكرهــ الموت لعدم تواصلك معه بعد أن ينفصل التوأمان الروح والجسد . هناك من يرى أنك يجب أن تستحضر الموت كل يوم وأن تتقبله .. وان تصورهــ بشكل يهون عليك مواجهـته عند قدومه : "في كل يوم تهيأ للموت لكي يتسنى لك ، حين تزف الساعة ،أن تموت بسلام فالمصاب حين يأتي ليس بالبشاعة التي كنت تخشاها ... اجتهد كل صباح أن تهدئ من روعك ،وتخيل لحظة تمزق أو تخترق جسدك السهام و الطلقات النارية و الرماح والسيوف ،لحظة تجرفه الأمواج العظيمة ويلقى في النار ويصعقه البرق ويبتلعه زلزال ويسقط في هاوية أو لحظة يقتله المرض أو حادث مفاجئ . مت بالفكر كل صباح فلن تعود تخاف الموت"__ همنغواي نسيت أن أقول لكم أن هذا الرجل قد مات منذ سنين ولا أعلم لماذا تذكرته الان وماهي المناسبة والغاية والمبرر لكن الله يرحمه ويرحم موتى المسلمين . الشريط يحمل أكثر من قالب ولا ينحصر في قالب بعينه!! ................. تناتيف . !
آخر تعديل تناتيف يوم
03-20-2019 في 11:14 PM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|