#1
|
||||||||
|
||||||||
الخوارق بين الخير والشر
الخوارق بين الخير والشر
عندما يحاول الإنسان التعمق في الأحداث الجارية في العالم، وخاصة في المجتمعات ذات الطابع المتقارب من دينه وثقافته، فهو يبدأ في استخراج النواقص والسلبيات والأحداث السيئة التي تضررت منها بعض الدول، والغريب في هذا الموضوع أن كل هذه الأشياء السيئة تم مشاهدتها عبر الصورة وعبر الإعلام؛ أي لا وجود لشيء على أرض الواقع أو الحقيقية، إلا اللهم القليل منها. فهذا التعمق خواء ليس مبنياً على دراسة حقيقية، فالصورة خدعت الحقيقة، وأصبح كل شيء يدار عبر القنوات والمواقع الإلكترونية، مما سبب قلقاً للمشاهدين ويستشعرون أن الشر مهيمناً على الجميع. ربما الكثير من المشاهدين ينسون كل الصور السيئة من قتل ودمار وتشريد على بعض المجتمعات ويبدؤون حياتهم مثل كل يوم سعياً لشيءٍ جديد يحققون إنجازات مثمرة عليهم وعلى أسرهم ومجتمعهم. لكن ماذا على ذلك الفرد الذي أخذ عقله يفكر بما جرى وما سيجري غداً من قتل الناس وتدمير المنشآت والمساكن، فالصورة التي شاهدها عالقة لحظة بلحظة، ما كوّن لديه (أنا) متضخمة سلبية، أو لنقل خروجاً عن الإنسان العادي إلى بطلٍ خارق لكل الظواهر الطبيعية، ومن ثم يشعر أنه المخلص ومنقذ الناس من الشر، حتى يرى نفسه هو الحاكم والقاضي والجلاد، مما ينوي لنفسه القتل على فئات معينة باعتقاده أنها مصدر الشرور. فمجرم فلوريدا عندما أباح لنفسه قتل زملائه، كانت الدوافع كامنة بذاته، والأفكار التي تبلورت من خلال المشاهد والصور سيطرت عليه مما تكونت لديه شخصية عنيفة تحاول أن تكون القاضي لجميع أنواع الشرور، وبهذا الشكل أصبحت خارقة لها الحق والإباحة؛ أن تُغير جميع القوانين والأنظمة الفاسدة إلى صالحة للبشرية، فشخصية هذا المجرم جداً مشابهة لشخصية بطل رواية دوستويفسكي الجريمة والعقاب، فالبطل وجد نفسه منقذاً وخارقاً فوق العادة، مما أباح لنفسه قتل العجوز المرابية في الرواية. تشابه مذهل وتشخيص لحالة بائسة تعيش في جوٍ ممرضٍ، أن يُحمّل نفسه مسؤولية أخطاء العالم ويحدد مصائرهم، وفوق كل حين؛ لا يرى الجزء الآخر من العالم؛ مما تشابكت عليه الرؤى، فضن أنه هو الخير، والمجني عليه هو الشر. للإنسان مراحل في حياته وتغيرات جديدة تطرأ على شخصيته وسعياً منه أن يبحث عن أفضلها، ولا يجد من بين هذه المتغيرات شيئاً أجمل سوى الرضا عن النفس وحب الغير لتحقيق الخير، مما تتحقق لديه السعادة الحقيقية، وإن زاد تولدت لديه الروح المتعالية والنفس المطمئنة، فالعبادة الحقيقية تكمُن في الحب، والحب جوهر الأشياء الفاضلة. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|