شَهِدَ الحقُّ تبارك وتعالى لنَبِيِّهِ محمد بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، فقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40]. وكفى بشهادة ربِّ العالمين دليلاً على صدق رسول الله ، ولكننا آثرنا أن نُقَدِّمَ لأصحاب المذاهب العقليَّة شهاداتٍ أخرى لكل من عايش رسول الله من الصحابة الأجلاَّء، وزوجاته الفضليات، بل وأعدائه الألدَّاء، ومَنْ قرأ عنه وسمع سيرته من العلماء الغربيين؛ ليُدْرِكُوا جيِّدًا أن كُلَّ مَنْ عَرَف رسول الله قد اعترف بعُلُوِّ هِمَّته، وصفاء طبعه، وطهارة قلبه، ونُبْلِ خُلُقِه، ورجاحة عقله، فشهدوا في حَقِّه شهادةَ صدقٍ؛ فكانت هذه الشهادات دليلاً على صدق دعوته وعظمة رسالته.
شهادة رب العالمين على نبوة محمد
تَعَدَّدَتِ الأدِلَّة على نُبُوَّة محمد رسول الله ، ولكن تبقى شهادة ربِّ العالمين له بالرسالة أقوى دليل على صدقه فيما بَلَّغ عن ربِّ العزَّة ؛ وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن الحقَّ لن يُوَفِّقَ إنسانًا كذابًا مُدَّعِيًا عليه سبحانه، بل ويُؤَيِّده بالمعجزات الباهرات.
إضافةً إلى سبب آخر جوهري ألا وهو شهادة الواقع التاريخي للقرآن، التي تُثبت -بما لا يدع مجالاً للشكِّ- أنه أصدق وثيقة ظَلَّتْ حتى الآن بلا تحريف أو تبديل، تناقلتْ عبر الأجيال حفظًا متواترًا وكتابة محفوظة في مئات البلدان التي دخلها الإسلام، ممَّا يُعْطِي لها مزيَّة لا تتوافر في كل الوثائق التاريخية الأخرى.