#1
|
||||||||
|
||||||||
"التعليم بين صلابة الماضي وهشاشة الحاضر"
"التعليم بين صلابة الماضي وهشاشة الحاضر"
...."ذلك فضلٌ الله يؤتيه من يشاء".... هكذا أجد ذاتي قد وهبني الله بفضله حينما كنت ممن حظي بالتعليم التقليدي الأول .. حيث كان للتعليم وقاره الفاخر وذكره العاطر وغرسه الطاهر ،، ولا أزال حتى الآن أذكر قاعة الاختبار وأنا في الصف الأول الإبتدائي في مدينة جدة وكنتُ ضمن الدفعة الأخيرة التي ترتدي المريول ذو اللون الأخضر اليانع مُزيِنًا جيد العنقِ بالدانتيل الأبيض بزخرفة تنطق الجمال.. كنت أنا أول روحٍ تصافحُ هيبة الاختبار حيث أجلس في أول مقعد لكون إسمي يبدأ بحرف الألف .. تم توزيع أوراق الإجابة التي كانت تسمى ( فرخ ) ثم أطلت من بعدها ورقة الأسئلة .. لكم أن تتخيلوا طالبة في الصف الأول الإبتدائي تستلم ورقة إجابة وورقة أسئلة .. كنُا حينها ننسخ السؤال في الفرخ ثم ندون الإجابة وكلٌ يُباري حظه في إتمام جميع الأسئلة أو التأسف حال إسقاط أحدهم سهوا .. كنتُ من جيل قرأ وكتب زرع وحصد.. نعم وها أنا الآن أقرأ وأكتب وزرعوا فيني وتم الحصاد .. نسخنا قطع المطالعة لمرات ومرات آنذاك فكانت النتيجة قوة عضلات اليد وتحسين مهارة الخط وثبات المعلومة فليست أوراق البزل وعجينة الصلصال منْ فعلت ذلك !! كنتُ ممن يحسبُ الدقائق في انتظار حصة التعبير .. حيث الموضوع ثم العناصر ثم تبدأ القريحة تجود وتجود فكانت النتيجة طلاقة اللغة أو القدرة على التعبير على أقل تقدير وإن لم يكن التعبير فلا أقل من الفهم الشامل لعمق المعاني ..كنا نتوق لللحظة التي نقرأ فيها النص الذي كتبناه أمام جموع الرفاق .. لم تلد لنا أرحام مادة لغتي حاليا إلا أجنة معاقة بعد أنْ حُذفت مادة التعبير والخط !! فجيلنا الحالي معظمه حتى لا أجحف بالتعميم لا يجيد القراءة ولا الكتابة فالخطوط مسارات متعرجة لا تكاد تُفهم وبعضهم يكتب بالعامية أصلا فهو لا يمتلك محصول لغوي يقّدره على بناء جملة ناهيك عن التعبير إلا من كان هاوٍ بالفطرة !! ولا تزال براعة معلمة الجغرافيا في نحت المعلومة باقية حتى الآن حيث الأسئلة التي تُسمى حاليا بالعصف الذهني والتي يظنون بأنها استراتيجية حديثة ، بيد أنها من العتائق النفسية لتلكم السنين .. أبحرت سفينة من مضيق جبل طارق إلى شبه جزيرة سيناء .. عددي أسماء الدول والمناطق الساحلية والأحوال المناخية التي مرت بها .. كان للتعليم هيبة لا تضعف وللمدير والمعلم والمراقب ارتكازة ثابتة الوتد ،، أذكر أنني ممن صُنفت بالمشاغبة وكان أقصى حدود الشغب أنتي أقف على عتبة باب الفصل بعد خروج المعلمة ،، أما التسكّع في الممرات فكان ضربًا من المستحيل ، وكان صوت المراقبة من أقصى الممر يجعلني كمن فرّت من قسورة .. لم تهتز نفسيتي ولم تتبعثر شخصيتي .. أما في حصة القرآن مثلا فكانت إحدى المعلمات تلزمنا بإغلاق المصاحف ووضعها على الطرف الأيمين من الطاولة .. والكل في صمتٍ مهيب ، الكل يستمع لمن عليها الدور .. ذلك لأن الحفظ يكون في المنزل وليس في قاعة الدرس !! أما الجمعيات فيا لجمال زمانها كانت هي حقول الإبداع وإفراغ الطاقات وصقل المهارات .. بتنوع مجالاتها المختلفة كان الكل يتوجه للجمعية التي يجد فيها نفسه وليس نشاطًا يُفرض فرضا ليس للطلبة فيه اختيار ناهيك عن أنّ من يقوم به هي النخبة المبدعة من الطلبة والبقية تقف على مسرح التلقي والمشاهدة فقط !! ماذا أضيف وماذا أبقي !! فالهدف ليس سرد الماضي لذاته بل لبيان ثمة الفرق بين الزمانين !! ولأن الزبد يذهب جفاء وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ظلت تلك الحقبة عالقة ببهاءٍ وفخر في الفكر والقلب .. أمّا تعليمنا الحالي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا !! استراتيجياتٌ بعضها فوق بعض إذا أخرجَ نتائج لم يكد يراها !! اهتمامٌ في الهيكل الخارجي ولا اكتراث في المضمون الداخلي ،، ما الآلية التي وصلت بها المعلومة ، أما ماهي المعلومة ذاتها ومدى تأصلها في الفكر والسلوك فهاهي فالمخرجات المُشاهدة من حولكم في أبناءكم وبناتكم ، قلة قليلة التي تتقن في حين كانت سابقا القلّة القليلة هي التي لا تتقن !! أما التقييم المستمر فتلك مأتمة أخرى.. جَعلتْ الإتقان في تدهور مستمر !! فلا البيئة ولا المعطيات ولا عدد الطلبة في الصف الواحد تساعد على تحقيق أهدافه هذا لمن يتمسك بنجاحه !! ناهيك عن أنه ساهم في تقليص فرحة المتقن وتبخْـتـُر الغير متقن !! لأنه للأسف لا رسوب .. فقط اقتباس أنظمة دول أخرى لا تتوافق مع البيئة التعليمية لدينا فهي غير مهيأة ولا مدروسة أبدا فأصبحنا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء !! تنظيمات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها الخراب !! فلا أدق ولا أنظم من الاختبارات وفي مرحلة التأسيس الابتدائية فهي تشعل في الطالب حس المسؤولية وتُحرك في أولياء الأمور المتابعة والاهتمام .. فالتقييم المستمر جعل الإهمال ينتقل من الطالب إلى ولي الأمر .. فلسان حال البعض يقول : لماذا بذل الجهد طالما الجميع ناجح والجميع تقييمه واحد واحد واحد !! لذا لا تسأل عن تكسر المخرجات التعليمية وإعاقة المهارات الأساسية .. ولعل بيت محمود غنيم : إني تذّكرت والذكرى مؤرقة ..مجدًا تليدا بأيدينا أضعناه ! هو من أنطق حرفي.. الموضوع الأصلي: "التعليم بين صلابة الماضي وهشاشة الحاضر" || الكاتب: الغالي || المصدر: منتديات أمل عمري
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
"التعليم, الماضي, الحاضر", صلابة, وهشاشة |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
"أسامة المولد".. "صخرة الدفاع الاتحادي" الذي ارتبط اسمه بمشاكل داخل الملعب وخارجه! | رويم | ☆الرياضة والرياضيين☆ | 7 | 04-11-2019 05:09 PM |
بهدف.. "الشلهوب" يقود "الزعيم" لتجاوز العين | رويم | ☆الرياضة والرياضيين☆ | 6 | 04-08-2019 10:06 AM |
"المسابقات": نقل مواجهة النصر والاتفاق إلى "درة الملاعب" | رويم | ☆الرياضة والرياضيين☆ | 6 | 04-08-2019 10:04 AM |
"النزهان" لـ"سبق": دفاع الهلال نقطة الضَّعف.. وهذا سر وجودي في المدرجات | رويم | ☆الرياضة والرياضيين☆ | 4 | 03-17-2019 12:01 PM |
"غوميز": متحمس لمواجهة "العين".. وطموحي تحقيق البطولة الآسيوية مع "الهلال" | رويم | ☆الرياضة والرياضيين☆ | 3 | 03-17-2019 12:01 PM |