مواقف :
الموقف الأول :
يصلي بدون اهتمام في مكان لوحده سواء في المسجد أو في البيت أو في العمل،
وفجأة يدخل عليه أحد الأشخاص ، فينتقل من حال عدم الاهتمام بالصلاة إلى أداء الصلاة على أحسن صورة .
عجباً لأمره :
لم يهتم لنظر الله إليه ، واهتم لنظر البشر إليه لكي يثنوا على حُسن صلاته .
ألم يسمع قوله تعالى :
((فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ )) الماعون
الموقف الثاني :
صائم صيام نفل أو تطوع أو قضاء وضعه طبيعي ولا يشعر بشيء من التعب ، ولكنه عندما يكون بحضرة بعض البشر يُظهر التعب لكي يقول لهم بأنه صائم عندما يسألونه عن سبب تعبه .
عجباً لأمره :
هل صام طمعاً برضى الله أم طمعاً بثناء الناس عليه .
ألم يسمع قوله تعالى :
((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) الكهف 110
الموقف الثالث :
تصدق على فقير وعندما التقى ببعض البشر قال لهم :
عندما تتصدق على الفقراء تشعر براحة .
هدفه من هذا القول : إخبارهم بأنه تصدق على فقير .
عجباً لأمره :
هل يرجو الثواب من الله أم يرجوه من البشر ؟!
ألم يسمع قوله تعالى :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ )) البقرة 264
الموقف الرابع :
مجموعة يذهبون إلى الحج أو العمرة ، وما أن يصلوا مكة حتى ينتقل همهم إلى تصوير كل ما يقومون به من أعمال الحج أو العمرة ، وبعد أن يعودوا ينشرون هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي .
عجباً لأمرهم :
هل حِجَّهُم وعمرتهم لله أم لثناء أصحابهم عليهم ؟!
ألم يسمعوا قوله تعالى :
(( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً )) الإسراء 3
لُب الموضوع :
الرياء هو الشرك الأصغر
الرياء يُبطل عمل الإنسان وهو لا يشعُر .
هذه المواقف الأربعة هي مجرد عينة لمواقف الرياء الكثيرة التي تحدث من البشر .
سؤال :
لماذا يهتم أهل الرياء بثناء البشر ، ومدح البشر وهم يعلمون بأن
المعطي الرازاق المنّان الوهاب العليم الرحمن الرحيم هو الله ؟!
ألم يسمعوا قوله سبحانه وتعالى :
((وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ )) البينة 5
ألم يسمعوا قوله سبحانه وتعالى :
((قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٩﴾ )) آل عمران
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
«أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ». مسلم
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ». البخاري ومسلم
وَمَعْنَى "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ" أَنَّ الَّذِي يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ لِيَتَحَدَّثَ النَّاسُ عَنْهُ بِهَا يَفْضَحُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَى "وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ" أَيْ يُبَيِّنُ اللَّهُ لِلْمَلائِكَةِ أَنَّهُ يُرَائِي. ( 1 )
دعونا نُبحر مع طائفة من أقول السلف الصالح حول الرياء وإخلاص النية لله :
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ:
"مَا عَالَجْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي"
قال أبو عبد الله الأنطاكي:
"من طلب الإخلاصَ في أعماله الظاهرة وهو يلاحظ الخلقَ بقلبه؛ فقد رام المُحال"!
قال الفضيل:
"كان يُقال: لا يزال العبدُ بخيرٍ ما إذا قال قال لله، وإذا عمل عمل لله".
قال الإمام أحمد:
"ما رفع الله ابنَ المبارك إلا بخبيئةٍ كانت له".
قال إبراهيم النخعي:
"كانوا يكرهون أن يُظهِروا صالِحَ ما يُسرُّون"!
قال بِشرٌ الحافي:
"اكتم حسناتك كما تكتم سيئاتك"!
قال ابن الجوزي:
"الإخلاصُ مِسكٌ مصونٌ في القلب، ينبِّه ريحُه على حامله".
قال أبو سليمان الداراني:
"طوبى لمن صحَّت له خطوةٌ واحدةٌ لا يريد بها إلا الله تعالى".
انتبه يا من تحب الرياء:
أول من سيدخل النار ثلاثة بسبب الرياء :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((إنَّ أوَّلَ الناسِ يُقْضَى يومَ القيامةِ عليه رجلٌ اسْتُشْهِدَ ، فأُتِيَ بهِ ، فعَرَّفَهُ نِعَمَهُ ، فعَرَفَها ، قال : فما عمِلْتَ فيها ؟ قال : قاتَلْتُ فِيكَ حتى اسْتُشْهِدْتَ ، قال : كذبْتَ ، ولكنَّكَ قاتَلْتَ لِيُقالَ جِريءٌ ، فقدْ قِيلَ ، ثمَّ أُمِرَ بهِ فسُحِبَ على وجْهِهِ حتى أُلْقِيَ في النارِ ، ورجلٌ تعلَّمَ العِلْمَ وعلَّمَهُ ، وقَرَأَ القُرآنَ ، فأُتِيَ بهِ فعَرَّفَهُ نِعمَهُ ، فعَرَفَها ، قال : فما عمِلْتَ فيها ؟ قال : تعلَّمْتُ العِلْمَ وعلَّمْتَهُ ، وقَرَأْتُ فِيكَ القُرآنَ ، قال : كذبْتَ ، ولكنَّكَ تعلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ عالِمٌ ، وقرأْتَ القُرآنَ لِيُقالَ : هو قارِئٌ فقدْ قِيلَ ، ثمَّ أُمِرَ بهِ فسُحِبَ على وجْهِهِ حتى أُلْقِيَ في النارِ ، ورجُلٌ وسَّعَ اللهُ عليْهِ ، وأعْطاهُ من أصنافِ المالِ كُلِّهِ ، فأُتِيَ بهِ فعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فعَرَفَها ، قال : فمَا عمِلْتَ فيها ؟ قال : ما تركْتُ من سبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنفَقَ فيها إلَّا أنفقْتُ فيها لكَ ، قال : كذبْتَ ولكنَّكَ فعلْتَ لِيُقالَ : هوَ جَوَادٌ ، فقدْ قِيلَ : ثمَّ أُمِرَ بهِ فسُحِبَ على وجْهِهِ ، ثمَّ أُلْقِيَ في النارِ ))
صححه الألباني في صحيح الجامع (الصفحة أو الرقم: 2014 )
رسالة لكل من يحب الرياء :
احذر فأنت تُشرك بالله .
احذر فأنت لا تعلم متى ستموت .
احذر فسنوات عُمرك تضيع هباءاً منثورا.
أصلح نيتك
اجعلها لله لتكون سبباً لنجاتك .
الختام :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه )) البخاري
الهوامش
.............
( 1 ) هذه الفقرة منقولة من موقع إسلامي .
بقلمي
من أرشيفي الخاص
الأربعاء
6 شوال 1436
22 / 7 / 2015
محبكم :
عبدالعزيز