إنه لشعور من أصعب المشاعر المختبرة حين تصل لنقطة في الحياة تتمنى فيها رجوع الماضي كي يكون الحاضر كما تحب والمستقبل كما تأمل.
تتمنى لو أنك لم تخض كل هذه الحروب والصراعات, لو لم تكن في كل ما كنت فيه من ويلات, ولم يثقل أنفاسك هم, ولم تتعثر قدمك لتسقط أرضا وتكسر رقبة أحلامك.
ولكنك لا تملك إلا أن تتمنى, وليس لك خيار إلا أن تواصل المسير حاملاً معك أثقالاً ألقتها الأيام الماضية على كتفيك, ويعلوك غبار أمنيات قد واريتها الثرى.
إن هذا الأمر أشبه بأن تملأ صفحة من كتاب حياتك بما لا تحب أو بما لا ينتمي إليك, تتمنى أن تمزق تلك الصفحة وتلقيها بعيداً كي لا يكون لها أثر في القادم من حياتك, ولكنك تكتشف إن هذه الصفحة لا يمكن لها أن تمزق وستبقى تجرح ناظريك كلما عدت ونظرت إليها, ولا تملك إلا أن تطويها وتبدأ الكتابة في صفحة جديدة على أمل أن تكون هذه الصفحة التالية خيراً من التي سبقتها.
أنا الآن أنظر لتلك الصفحة وعيني تتجرح ولكن يدي أثقل من أن تطويها, كل ما فيها من عبث هو من صنع يدي التي انشقت عني ورسمت بحبر الحياة لوحة لا تنتمي إلي بتاتاً , لوحة منظرها مغروس كالشوك في قلبي فقولوا لي بربكم من أين يأتي المرء بقدرة على طوي صفحات تنغص عليه عيشه؟ وكيف يتناسى ما مطبوع على تلك الصفحات ويبدأ يكتب كلاماً جديداً بقوة وثبات؟ وكيف يحيل السنين الآتية من عمره مناظراً تبعث البهجة والسرور في الأنفس وتشع نوراً يضيء الحياة؟