إِشرَب مَا شِئَت مِن كَأس زُلي
يَا مَن كُنت في سَمَائي قَمراً
بين الُنجومِ مَطلعَك
غَزلت لك مِن قَصَائدي شَالاً
ومِن نَثر خُواطِري بُرقَعَك
ونَحَت لك في كُل رُكنٍ تِمثَالاً
وبيداي تِلك كُنتُ أرصِعَك
جَحَدت بكِل فُنوني فِيك
وأنا مَن بالفُنونِ أبدَعَك
لا يُغرنَك تَرف الروائعِ مِن حَولك
فلقد مَكثت فيكَ عُمراً أقول مَا أروعَك
ما ظَننتُك تَظَن ظَن الجَاهِلين
وتَنسبني إليك مَن بذلِك أقنَعَك ؟
لو كُنت مُغرماً بِكَ أعلنتُهَا
ولألبَستَك خَاتمَ الحُب في إصبَعَك
إرتجي وَصل القاطعين لكَ فَرُبمَا
يَعود مَن في الغُبار يُمرعَك
إمضي في شَقائِك أيُهَا الحَائر
وإياكَ لأحدٍ عَن هذا يمنعَك
رَحل كُل حَبيبٍ عَنكَ وصَديق
لَعَل الفُقد يُعالِج نَقصَك ويُمتعَك
تَنكرُني تَمَاماً في غَمضةٍ عَين
قُل لي من لِذَلِك يَدفعك ؟
مَثلت بِكرَامتي عَلناً
لَعَل هَذا يُرضي طَرفاً ويَرفعَك
ظَننتُك غير كُل النَاس
لا هُم أجمعين بَل هُم أجمَعَك
حَدثت عَنك الكثيرين والكثيرين
وظللت فيك ليالٍ طِوال ألمِعَك
لا أدري أنك تُحِيك لي مكيدةً
تُجبرني على إثرِها أن أقطَعَك
أي عِلمٍ تَعلمت بهِ
لا عِلم ولا أدب لك عِندِي الأن يَنفَعَك
أخذت كُل مزاياي ودفنتُهَا بالطينِ
والأن تُريد إزلالي مَا أطمَعَك
أنا لا أكتُب لَك حتى أرثِيك في نَفسي
فَمَا ظننتُ يَوماً أني سأودعِك
ولا أهدِيك الأن هِجاءٍ مِن شِعري
وإن ظَننت ذلك فهُو ظَناً يَخدَعَك
إشرَب مَا شِئت مِن كَأس زُلي
فعَسَاهُ هنيئاً وعَسَاهُ يُشبعَك
إن كَان عِزك في ذُلي
فَهَا أنَا ذا بِعِزَك أُمتِعَك
كَم مَلأت زَورَقَك إعجَاباً
وأغرقت أنت زورقي فَبِمَا يَنفَعَك ؟
كُنت عَن يَميني وعَن شِمَالي
ثم غَدَت بِلَحظةٍ كُل جُوانِحِي تَصفَعَك
لا يَأخُذك الكِبريَاء في بَلاغتَك
فَبِـ فُقر بَلاغتي أكتُب الأن حَتى عَني أخلَعَك
أنا مَا عُدت أرتجي وصَالك
ومَا عُدت أرتجي مِن الدُنيَا شيئاً مَعَك