كان محمد كأغلب الناس في بلاد العرب في ذلك الوقت، لا يكتبون ولا يقرؤون، ولم تكن لديه وسائل الحصول على تلك المعرفة، وقد كان هذا الأمر بالفعل تحدياً مستمراً لأعدائه في ذلك الوقت، كما كان كذلك على مر التاريخ لأولئك الذين يرفضون قبول أن القرآن منزل من الخالق، ومن أين له يأتي بكل تلك المعلومات؟ حتى أن بعض المجادلين المسيحين ذهبوا إلى حد زعم أن محمداً كان في الحقيقة اسقفاً مسيحياً مهرطقاً هرب إلى بلاد العرب! وزعم آخرون إنه تعلم من راهب منشق! وعلى أي حال فإنه على الرغم من التاريخ الغني الموثق عن حياة محمد، لا يبدو أن هناك من هو قادر على تعريف هذه الشخصية وكيف تمكن من البقاء متخفياً طوال فترة ثلاث وعشرين سنة والنبي يدعو! وهذا بالطبع يثير مسألة أخرى، وهي القول بأن القرآن مبتدع، وأن محمداً كان كاذباً، وادعاء كهذا فيه إشكالات كبيرة لأن أي دراسة لحياة النبي محمد تظهر بوضوح إخلاصه وصدقه، فمواصفاته لا تتوافق مع شخصية المحتال، مما دفع بآخرين من المجادلين إلى الزعم بأنه كان مضللاً ومجنوناً ويعتقد حقيقة أنه نبي، ومن ثم أقنع نفسه وأقنع الآخرين. ولكن هذا يتركنا مع اللغز غير المفسر للمعلومات الدقيقة والمعرفة التي يحتويها القرآن.
المنطق يقول أنه لا يمكن أن يكون أحد كاذباً ومضللاً في الوقت نفسه.
إذا كنت تظن حقاً أنك نبي، وتعتقد حقاً أنك تتلقى معلومات من الله، فعندما يسألك أحد سؤالاً صعباً كما كان الحال مع محمد، فإنك لن تهرع إلى أقرب قسيس أو راهب لتعرف الجواب، فأنت مقتنع أنك نبي وأن الله سيخبرك.
فالتعليل الأكثر منطقية الذي يفسر ظاهرة كل من المستوى المدهش لدقة معلومات القرآن وصدق الرسول محمد: أنه كان حقاُ ما يقول، رسول من الله. يبدو أن هذا وحده هو التفسير المعقول للمعلومات، لأن هذه المعرفة هى من الخالق، وثبت هذا الامر. صدق النبي محمد وإخلاصه وسلوكه المبني على المبادئ يفسر بأنه كان حقاً ما يقول، وأنه يقيناً تلقى رسالة إلهية.