السيدة خديجة خطبت النبي صلى الله عليه وسلَّم لتتشرف بالزواج منه :
السيدة خديجة خطبت النبي صلى الله عليه وسلَّم لتتشرف بالزواج منه :
قد دلت بعض الروايات أيها الأخوة أنه ما كان في ذلك الوقت يفكِّر في الزواج إطلاقاً ، لا من خديجة ، ولا من غيرها ، بسبب قِلَّة ما في يديه من المال ؛ وهو سيد الخلق ، وحبيب الحق ، فإذا كان الشاب من الشباب الطيبين المؤمنين ، ألا تتزوج ؟ والله لا يوجد معي شيء ، له في هذا النبي أسوةٌ حسنة ، سيد الخلق ، وحبيب الحق لا يوجد معه ، ما دام لا يوجد شيء إذاً لا يفكر في الزواج إطلاقاً ، أحياناً الفقر مع العفة يخلق بطولات ، حتى إنهم قالوا : الحُزن خلاَّق ، أكثر الفضائل لا تظهر مع الغنى ، بل تظهر في الفقر ، شاب في ريْعان الشباب ، وسيم ، وجهه كالبدر ، قوي ، لا سبيل إلى الزواج .
ذكر الزُهري في سيرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة ليتحدث معها ، فلما قام من عندها جاءت امرأةٌ فقالت : خاطباً يا محمد ؟ قال : كلا ، قالت : ولمَ ؟ فو الله ما في قريشٍ امرأةٌ إلا تراك كفئاً لها ، قال لها : كلاَّ ، أما كلمة كلاَّ فقد ملأت قلب السيدة خديجة حزناً ، كلا ، أي لا أريد الزواج .
ثم سمعت من هذه المرأة أن أيَّة امرأةٍ في قريش تراه كفئاً لها ، حتى إن الفقهاء وصلوا إلى أن أي طالب علمٍ شرعي كفءٌ لأية امرأةٍ كائنة من كانت ، في بحث الكفاءة استثناء ، طالب العلم الشرعي ؛ هذا الإنسان المؤمن ، المستقيم ، الذي يخشى الله ، الذي يحب الله ، هذا بأخلاقه الرضيَّة ، وبعلمه ، وباستقامته ، وبحسن خلقه ، هذا كفءٌ لأي امرأة .
لذلك السيدة خديجة حزنت حينما قال : كلا ، وفرحت حينما اطمأنت أن كل امرأةٍ في قريش تتمنى أن يكون محمدٌ زوجاً لها .
اتفقت الروايات على أن السيدة خديجة رضي الله عنها هي التي خطبت النبي .
نحن نوسع الموضوع قليلاً : المؤمن يخطب ود الله عز وجل ، المؤمن لا يعنيه شيءٌ إلا أن يرضى الله عنه ، فهذه امرأةٌ رأت من فضائله ، وكماله ، ونزاهته ، واستقامته ، وأمانته ، وصدقه ، وعفافه الشيء الكثير ، فالآية عكست ، هي التي تخطبه ، تبحث إلى وسيلةٍ إلى قلبه .
قال : اتفقت الروايات على أن السيدة خديجة هي التي خطبت النبي صلى الله عليه وسلَّم لتتشرف بالزواج منه ، وأنها هي التي مهَّدت بإجراءات الخطبة ، وتجاوزت بهذا كل الأعراف والتقاليد التي تجعل الرجل هو الخاطب ، الذي يتقدَّم لخطبة امرأة ، ولها كل العُذر في ذلك ، فمثل النبي تخطبه النساء ، وما من امرأةٍ إلا تتمناه لنفسها زوجاً ، وتبذل كل ما تستطيع لتصبح زوجةً له .