كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ للمسلمين أن يجتمعوا ويتَّحدوا، وكان يحبُّ لاجتماعاتهم أن تخرج عن التكلُّف والرسميَّة؛ وذلك حتى تترسَّخ بينهم روح الأخوَّة والمودَّة؛ ومن هنا كان يحبُّ اجتماع المسلمين على الطعام؛ فهذا يبعث الألفة بين المجتمعين؛ لذلك حضَّنا على إجابة الدعوة، وجعل ذلك حقًّا من حقوق المسلم؛ وذلك كما روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ".
وتشجيعًا للمسلمين للقيام بمثل هذه الولائم كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو لصاحب البيت الذي قام بالدعوة وتجهيز الطعام، وكذلك الدعاء لأهله لأنهم بذلوا الجهد في إطعام الزائرين، وهذا الدعاء يَسُرُّ قلوب أهل البيت، ويدفعهم إلى تكرار الوليمة، كما يعوِّضهم خيرًا عن الجهد والكلفة والوقت الذي بُذِل في هذا العمل، وهناك عدَّة صيغ وردت في هذا المضمار؛ منها ما رواه أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ".