كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-02-2017, 11:15 AM | #541 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
ثم يرسم مشهدا لجهنم هذه ، وهي تستقبل الذين كفروا في غيظ وحنق شديد : «إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ. تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ!» .. وجهنم هنا مخلوقة حية ، تكظم غيظها ، فترتفع أنفاسها في شهيق وتفور ويملأ جوانحها الغيظ فتكاد تتمزق من الغيظ الكظيم وهي تنطوي على بغض وكره يبلغ إلى حد الغيظ والحنق على الكافرين! والتعبير في ظاهره يبدو مجازا تصويريا لحالة جهنم. ولكنه - فيما نحس - يقرر حقيقة. فكل خليقة من خلائق اللّه حية ذات روح من نوعها. وكل خليقة تعرف ربها وتسبح بحمده وتدهش حين ترى الإنسان يكفر بخالقه ، وتتغيظ لهذا الجحود المنكر الذي تنكره فطرتها وتنفر منه روحها. وهذه الحقيقة وردت في القرآن في مواضع شتى تشعر بأنها تقرر حقيقة مكنونة في كل شيء في هذا الوجود. فقد جاء بصريح العبارة في القرآن : «تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» .. وورد كذلك : «يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ» .. وهي تعبيرات صريحة مباشرة لا مجال فيها للتأويل. كذلك ورد «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ : ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا : أَتَيْنا طائِعِينَ» .. مما يحتمل أن يقال فيه إنه مجاز تصويري لحقيقة خضوع السماء والأرض لناموس اللّه. ولكن هذا التأويل لا ضرورة له. بل هو أبعد من المعنى المباشر الصريح. ووردت صفة جهنم هذه. كما ورد في موضع آخر تعبير عن دهشة الكائنات وغيظها للشرك بربها : «لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا. تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً ، وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً» .. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:16 AM | #542 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
كل هذه النصوص تشير إلى حقيقة ، حقيقة إيمان الوجود كله بخالقه ، وتسبيح كل شيء بحمده. ودهشة الخلائق وارتياعها لشذوذ الإنسان حين يكفر ، ويشذ عن هذا الموكب وتحفز هذه الخلائق للانقضاض على الإنسان في غيظ وحنق كالذي يطعن في عزيز عليه كريم على نفسه ، فيغتاظ ويحنق ، ويكاد من الغيظ يتمزق. كما هو حال جهنم وهي : «تَفُورُ. تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ!». كذلك نلمح هذه الظاهرة في خزنة جهنم : «كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها. أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟» .. وواضح أن هذا السؤال في هذا الموضع هو للتأنيب والترذيل. فهي مشاركة لجهنم في الغيظ والحنق. كما هي مشاركة لها في التعذيب ، وليس أمرّ من الترذيل والتأنيب للضائق المكروب! والجواب في ذلة وانكسار واعتراف بالحمق والغفلة ، بعد التبجح والإنكار واتهام الرسل بالضلال : «قالُوا : بَلى ! قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا ، وَقُلْنا : ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ. إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ. وَقالُوا : لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ!» .. فالذي يسمع أو يعقل ، لا يورد نفسه هذا المورد الوبيء. ولا يجحد بمثل ما جحد به أولئك المناكيد. ولا يسارع باتهام الرسل بالضلال على هذا النحو المتبجح الوقح ، الذي لا يستند في الإنكار إلى دليل. ثم ينكر ويدعي ذلك الادعاء العريض على رسل اللّه الصادقين يقول : «ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ ءٍ : إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ»! «فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ» .. والسحق البعد. وهو دعاء عليهم من اللّه بعد اعترافهم بذنبهم في الموقف الذي لم يؤمنوا به ولم يصدقوا بوقوعه. والدعاء من اللّه قضاء. فهم مبعدون من رحمته. لا رجاء لهم في مغفرة ، ولا إقالة لهم من عذاب. وهم أصحاب السعير الملازمون له. ويا لها من صحبة! ويا له من مصير! وهذا العذاب ، عذاب السعير ، في جهنم التي تشهق بأنفاسها وهي تفور ، عذاب شديد مروع حقا. واللّه لا يظلم أحدا. ونحسب - واللّه أعلم - أن النفس التي تكفر بربها - وقد أودع فطرتها حقيقة الإيمان ودليله – هي نفس فرغت من كل خير. كما فرغت من كل صفة تجعل لها اعتبارا في الوجود ، فهي كالحجر الذي توقد به جهنم. وقد انتهت إلى نكسة وارتكاس مكانها هذه النار ، إلى غير نجاة منها ولا فرار! والنفس التي تكفر باللّه في الأرض تظل تنتكس وترتكس في كل يوم تعيشه ، حتى تنتهي إلى صورة بشعة مسيخة شنيعة ، صورة منكرة جهنمية نكيرة. صورة لا يماثلها شيء في هذا الكون في بشاعتها ومسخها وشناعتها. فكل شيء روحه مؤمنة ، وكل شيء يسبح بحمد ربه ، وكل شيء فيه هذا الخير ، وفيه هذه الوشيجة التي تشده إلى محور الوجود .. ما عدا هذه النفوس الشاردة المفلتة من أواصر الوجود ، الآبدة الشريرة ، الجاسية الممسوخة النفور. فأي مكان في الوجود كله تنتهي إليه ، وهي مبتوتة الصلة بكل شيء في الوجود؟ إنها تنتهي إلى جهنم المتغيظة المتلمظة ، الحارقة ، المهدرة لكل معنى ولكل حق ولكل كرامة بعد أن لم يعد لتلك النفوس معنى ولا حق ولا كرامة! ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:16 AM | #543 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
والمألوف في سياق القرآن أن يعرض صفحتين متقابلتين في مشاهد القيامة. فهو يعرض هنا صفحة المؤمنين في مقابل صفحة الكافرين ، تتمة لمدلول الآية الثانية في السورة : «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» .. بذكر الجزاء بعد ذكر الابتلاء : «إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ» .. والغيب المشار إليه هنا يشمل خشيتهم لربهم الذي لم يروه ، كما يشمل خشيتهم لربهم وهم في خفية عن الأعين ، وكلاهما معنى كبير ، وشعور نظيف ، وإدراك بصير. يؤهل لهذا الجزاء العظيم الذي يذكره السياق في إجمال : وهو المغفرة والتكفير ، والأجر الكبير. ووصل القلب باللّه في السر والخفية ، وبالغيب الذي لا تطلع عليه العيون ، هو ميزان الحساسية في القلب البشري وضمانة الحياة للضمير .. قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا الحارث بن عبيد ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : قالوا : يا رسول اللّه إنا نكون عندك على حال ، فإذا فارقناك كنا على غيره. قال : «كيف أنتم وربكم؟» قالوا : اللّه ربنا في السر والعلانية. قال : «ليس ذلكم النفاق» .. فالصلة باللّه هي الأصل. فمتى انعقدت في القلب فهو مؤمن صادق موصول. وهذه الآية السابقة تربط ما قبلها في السياق بما بعدها ، في تقرير علم اللّه بالسر والجهر ، وهو يتحدى البشر. وهو الذي خلق نفوسهم ، ويعلم مداخلها ومكامنها ، التي أودعها إياها : «وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟». أسروا أو اجهروا فهو مكشوف لعلم اللّه سواء. وهو يعلم ما هو أخفى من الجهر والسر. «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» التي لم تفارق الصدور! عليم بها ، فهو الذي خلقها في الصدور ، كما خلق الصدور! «أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ؟» ألا يعلم وهو الذي خلق؟ «وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟» الذي يصل علمه إلى الدقيق الصغير والخفي المستور. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:16 AM | #544 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
إن البشر وهم يحاولون التخفي من اللّه بحركة أو سر أو نية في الضمير ، يبدون مضحكين! فالضمير الذي يخفون فيه نيتهم من خلق اللّه ، وهو يعلم دروبه وخفاياه. والنية التي يخفونها هي كذلك من خلقه وهو يعلمها ويعلم أين تكون. فماذا يخفون؟ وأين يستخفون؟ والقرآن يعنى بتقرير هذه الحقيقة في الضمير. لأن استقرارها فيه ينشئ له إدراكا صحيحا للأمور. فوق ما يودعه هناك من يقظة وحساسية وتقوى ، تناط بها الأمانة التي يحملها المؤمن في هذه الأرض. أمانة العقيدة وأمانة العدالة ، وأمانة التجرد للّه في العمل والنية. وهو لا يتحقق إلا حين يستيقن القلب أنه هو وما يكمن فيه من سر ونية هو من خلق اللّه الذي يعلمه اللّه. وهو اللطيف الخبير .. عندئذ يتقي المؤمن النية المكنونة ، والهاجس الدفين ، كما يتقي الحركة المنظورة ، والصوت الجهير. وهو يتعامل مع اللّه الذي يعلم السر والجهر ، اللّه الذي خلق الصدور فهو يعلم ما في الصدور. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:16 AM | #545 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
ثم ينتقل بهم السياق من ذوات أنفسهم التي خلقها اللّه ، إلى الأرض التي خلقها لهم ، وذللها وأودعها أسباب الحياة : «هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ، فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» .. والناس لطول ألفتهم لحياتهم على هذه الأرض وسهولة استقرارهم عليها ، وسيرهم فيها ، واستغلالهم لتربتها ومائها وهوائها وكنوزها وقواها وأرزاقها جميعا .. ينسون نعمة اللّه في تذليلها لهم وتسخيرها. والقرآن يذكرهم هذه النعمة الهائلة ، ويبصرهم بها ، في هذا التعبير الذي يدرك منه كل أحد وكل جيل بقدر ما ينكشف له من علم هذه الأرض الذلول. والأرض الذلول كانت تعني في أذهان المخاطبين القدامى ، هذه الأرض المذللة للسير فيها بالقدم وعلى الدابة ، وبالفلك التي تمخر البحار. والمذللة للزرع والجني والحصاد. والمذللة للحياة فيها بما تحويه من هواء وماء وتربة تصلح للزرع والإنبات. وهي مدلولات مجملة يفصلها العلم - فيما اهتدى إليه حتى اليوم - تفصيلا يمد في مساحة النص القرآني في الإدراك. فمما يقوله العلم في مدلول الأرض الذلول : إن هذا الوصف : «ذَلُولًا» .. الذي يطلق عادة على الدابة ، مقصود في إطلاقه على الأرض! فالأرض هذه التي نراها ثابتة مستقرة ساكنة ، هي دابة متحركة .. بل رامحة راكضة مهطعة!! وهي في الوقت ذاته ذلول لا تلقي براكبها عن ظهرها ، ولا تتعثر خطاها ، ولا تخضه وتهزه وترهقه كالدابة غير الذلول! ثم هي دابة حلوب مثلما هي ذلول! إن هذه الدابة التي نركبها تدور حول نفسها بسرعة ألف ميل في الساعة ، ثم تدور مع هذا حول الشمس بسرعة حوالي خمسة وستين ألف ميل في الساعة. ثم تركض هي والشمس والمجموعة الشمسية كلها بمعدل عشرين ألف ميل في الساعة ، مبتعدة نحو برج الجبار في السماء .. ومع هذا الركض كله يبقى الإنسان على ظهرها آمنا مستريحا مطمئنا معافى لا تتمزق أوصاله ، ولا تتناثر أشلاؤه ، بل لا يرتج مخه ولا يدوخ ، ولا يقع مرة عن ظهر هذه الدابة الذلول! وهذه الحركات الثلاث لها حكمة. وقد عرفنا أثر اثنتين منها في حياة هذا الإنسان ، بل في الحياة كلها على ظهر هذه الأرض. فدورة الأرض حول نفسها هي التي ينشأ عنها الليل والنهار. ولو كان الليل سرمدا لجمدت الحياة كلها من البرد ، ولو كان النهار سرمدا لاحترقت الحياة كلها من الحر .. ودورتها حول الشمس هي التي تنشأ عنها الفصول. ولو دام فصل واحد على الأرض ما قامت الحياة في شكلها هذا كما أرادها اللّه. أما الحركة الثالثة - فلم يكشف ستار الغيب عن حكمتها بعد. ولا بد أن لها ارتباطا بالتناسق الكوني الكبير. وهذه الدابة الذلول التي تتحرك كل هذه الحركات الهائلة في وقت واحد ، ثابتة على وضع واحد في أثناء الحركة - يحدده ميل محورها بمقدار 5 ، 23 لأن هذا الميل هو الذي تنشأ عنه الفصول الأربعة مع حركة الأرض حول الشمس ، والذي لو اختل في أثناء الحركة لاختلت الفصول التي تترتب عليها دورة النبات بل دورة الحياة كلها في هذه الحياة الدنيا! واللّه جعل الأرض ذلولا للبشر بأن جعل لها جاذبية تشدهم إليها في أثناء حركاتها الكبرى ، كما جعل لها ضغطا جويا يسمح بسهولة الحركة فوقها. ولو كان الضغط الجوي أثقل من هذا لتعذر أو تعسر على الإنسان أن يسير ويتنقل - حسب درجة ثقل الضغط - فإما أن يسحقه أو يعوقه. ولو كان أخف لاضطربت خطى الإنسان أو لانفجرت تجاويفه لزيادة ضغطه الذاتي على ضغط الهواء حوله ، كما يقع لمن يرتفعون في طبقات الجو العليا بدون تكييف لضغط الهواء! واللّه جعل الأرض ذلولا ببسط سطحها وتكوين هذه التربة اللينة فوق السطح. ولو كانت صخورا صلدة - كما يفترض العلم بعد برودها وتجمدها - لتعذر السير فيها ، ولتعذر الإنبات. ولكن العوامل الجوية من هواء وأمطار وغيرها هي التي فتتت هذه الصخور الصلدة ، وأنشأ اللّه بها هذه التربة الخصبة الصالحة للحياة. وأنشأ ما فيها من النبات والأرزاق التي يحلبها راكبو هذه الدابة الذلول! واللّه جعل الأرض ذلولا بأن جعل الهواء المحيط بها محتويا للعناصر التي تحتاج الحياة إليها ، بالنسب الدقيقة التي لو اختلت ما قامت الحياة ، وما عاشت إن قدر لها أن تقوم من الأساس. فنسبة الأكسجين فيه هي 21 تقريبا ونسبة الأزوت أو النتروجين هي 78 تقريبا والبقية من ثاني أكسيد الكربون بنسبة ثلاثة أجزاء من عشرة آلاف وعناصر أخرى. وهذه النسب هي اللازمة بالضبط لقيام الحياة على الأرض! واللّه جعل الأرض ذلولا بآلاف من هذه الموافقات الضرورية لقيام الحياة .. ومنها حجم الأرض وحجم الشمس والقمر ، وبعد الأرض عن الشمس والقمر. ودرجة حرارة الشمس. وسمك قشرة الأرض. ودرجة سرعتها. وميل محورها. ونسبة توزيع الماء واليابس فيها. وكثافة الهواء المحيط بها .. إلى آخره .. إلى آخره. وهذه الموافقات مجتمعة هي التي جعلت الأرض ذلولا. وهي التي جعلت فيها رزقا ، وهي التي سمحت بوجود الحياة ، وبحياة هذا الإنسان على وجه خاص. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:16 AM | #546 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
والنص القرآني يشير إلى هذه الحقائق ليعيها كل فرد وكل جيل بالقدر الذي يطيق ، وبالقدر الذي يبلغ إليه علمه وملاحظته ، ليشعر بيد اللّه - الذي بيده الملك - وهي تتولاه وتتولى كل شيء حوله ، وتذلل له الأرض ، وتحفظه وتحفظها. ولو تراخت لحظة واحدة عن الحفظ لاختل هذا الكون كله وتحطم بمن عليه وما عليه! فإذا استيقظ ضميره لهذه الحقيقة الهائلة أذن له الخالق الرحمن الرحيم بالمشي في مناكبها والأكل من رزقه فيها : «فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ». والمناكب المرتفعات ، أو الجوانب. وإذا أذن له بالمشي في مناكبها فقد أذن له بالمشي في سهولها وبطاحها من باب أولى. فمتى أذن له في الشموس منها فقد أذن له في الذلول! والرزق الذي فيها كله من خلقه ، وكله من ملكه ، وهو أوسع مدلولا مما يتبادر إلى أذهان الناس من كلمة الرزق. فليس هو المال الذي يجده أحدهم في يده ، ليحصل به على حاجياته ومتاعه. إنما هو كل ما أودعه اللّه هذه الأرض ، من أسباب الرزق ومكوناته. وهي في الأصل ترجع إلى طبيعة تكوين الأرض من عناصرها التي تكونت منها ، وطبيعة تقسيم هذه العناصر بهذه النسب التي وجدت بها. ثم القدرة التي أودعها اللّه النبات والحيوان - ومنه الإنسان - على الانتفاع بهذه العناصر. وفي اختصار نشير إلى أطراف من حقيقة الرزق بهذا المعنى : «تعتمد حياة كل نبات كما هو معروف على المقادير التي تكاد تكون متناهية في الصغر من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء ، والتي يمكن القول بأنها تتنسمها. ولكي نوضح هذا التفاعل الكيماوي المركب المختص بالتركيب الضوئي بأبسط طريقة ممكنة نقول : «إن أوراق الشجر هي رئات ، وإن لها القدرة في ضوء الشمس على تجزئة ثاني أكسيد الكربون العنيد إلى كربون وأكسجين. وبتعبير آخر يلفظ الأكسجين ويحتفظ بالكربون متحدا مع هيدروجين الماء الذي يستمده النبات من جذوره (حيث يفصل الماء إلى هيدروجين وأكسجين). وبكيمياء سحرية تصنع الطبيعة من هذه العناصر سكرا أو سليلوزا ومواد كيمائية أخرى عديدة ، وفواكه وأزهارا. ويغذي النبات نفسه ، وينتج فائضا يكفي لتغذية كل حيوان على وجه الأرض. وفي الوقت نفسه يلفظ النبات الأكسجين الذي نتنسمه والذي بدونه تنتهي الحياة بعد خمس دقائق. «وهكذا نجد أن جميع النباتات والغابات والأعشاب وكل قطعة من الطحلب ، وكل ما يتعلق بمياه الزرع ، تبني تكوينها من الكربون والماء على الأخص. والحيوانات تلفظ ثاني أكسيد الكربون ، بينما تلفظ النباتات الأكسجين. ولو كانت هذه المقايضة غير قائمة ، فإن الحياة الحيوانية أو النباتية كانت تستنفد في النهاية كل الأكسجين ، أو كل ثاني أكسيد الكربون تقريبا. ومتى انقلب التوازن تماما ذوى النبات أو مات الإنسان ، فيلحق به الآخر وشيكا. وقد اكتشف أخيرا أن وجود ثاني أكسيد الكربون بمقادير صغيرة هو أيضا ضروري لمعظم حياة الحيوان ، كما اكتشف أن النباتات تستخدم بعض الأكسجين. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:16 AM | #547 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
«ويجب أن يضاف الهيدروجين أيضا ، وإن كنا لا نتنسمه. فبدون الهيدروجين كان الماء لا يوجد. ونسبة الماء من المادة الحيوانية أو النباتية هي كبيرة لدرجة تدعو إلى الدهشةو لا غنى عنه مطلقا». وهناك دور الأزوت أو النتروجين في رزق الأرض. «وبدون النتروجين في شكل ما لا يمكن أن ينمو أي نبات من النباتات الغذائية. وإحدى الوسيلتين اللتين يدخل بها النتروجين في التربة الزراعية هي طريق نشاط جراثيم «بكتريا» معينة تسكن في جذور النباتات البقلية ، مثل البرسيم والحمص والبسلة والفول وكثير غيرها. وهذه الجراثيم تأخذ نتروجين الهواء وتحيله إلى نتروجين مركب قابل لأن يمتصه النبات وحين يموت النبات يبقى بعض هذا النتروجين المركب في الأرض. «وهناك طريقة أخرى يدخل بها النتروجين إلى الأرض. وذلك عن طريق عواصف الرعد. وكلما ومض برق خلال الهواء ، وحد بين قدر قليل من الأكسجين وبين النتروجين ، فيسقطه المطر إلى الأرض كنتروجين مركب » (أي في الصورة التي يستطيع النبات امتصاصها لأنه لا يقدر على امتصاص النتروجين الخالص من الهواء ونسبته فيه حوالي 78 كما أسلفنا). والأرزاق المخبوءة في جوف الأرض من معادن جامدة وسائلة كلها ترجع إلى طبيعة تكوين الأرض والأحوال التي لابستها. ولا نطيل شرحها. فالرزق في ضوء هذه البيانات السريعة أوسع مدلولا مما يفهمه الناس من هذا اللفظ. وأعمق أسبابا في تكوين الأرض ذاتها وفي تصميم الكون كله. وحين يأذن اللّه للناس في الأكل منه ، فهو يتفضل بتسخيره لهم وتيسير تناوله كما يمنح البشر القدرة على تناولها والانتفاع بها : «فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ» .. وهو محدود بزمن مقدر في علم اللّه وتدبيره زمن الابتلاء بالموت والحياة ، وبكل ما يسخره اللّه للناس في هذه الحياة. فإذا انقضت فترة الابتلاء كان الموت وكان ما بعده : «وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» .. إليه .. وإلّا فإلى أين إن لم يكن إليه؟ والملك بيده؟ ولا ملجأ منه إلا إليه؟ وهو على كل شيء قدير؟ ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:17 AM | #548 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
والآن - وبينما هم في هذا الأمان على ظهر الأرض الذلول ، وفي هذا اليسر الفائض بإذن اللّه وأمره .. الآن يهز هذه الأرض الساكنة من تحت أقدامهم هزا ويرجها رجا فإذا هي تمور. ويثير الجو من حولهم فإذا هو حاصب يضرب الوجوه والصدور .. يهز هذه الأرض في حسهم ويثير هذا الحاصب في تصورهم ، لينتبهوا من غفلة الأمان والقرار ، ويمدوا بأبصارهم إلى السماء وإلى الغيب ، ويعلقوا قلوبهم بقدر اللّه : «أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ؟ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً؟ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ! وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ؟» .. والبشر الذين يعيشون على ظهر هذه الدابة الذلول ، ويحلبونها فينالون من رزق اللّه فيها نصيبهم المعلوم! يعرفون كيف تتحول إلى دابة غير ذلول ولا حلوب ، في بعض الأحيان ، عند ما يأذن اللّه بأن تضطرب قليلا فيرتج كل شيء فوق ظهرها أو يتحطم! ويمور كل ما عليها ويضطرب فلا تمسكه قوة ولا حيلة. ذلك عند الزلازل والبراكين ، التي تكشف عن الوحش الجامح ، الكامن في الدابة الذلول ، التي يمسك اللّه بزمامها فلا تثور إلا بقدر ، ولا تجمح إلا ثواني معدودات يتحطم فيها كل ما شيد الإنسان على ظهرها أو يغوص في جوفها عند ما تفتح أحد أفواهها وتخسف كسفة منها .. وهي تمور .. البشر ولا يملكون من هذا الأمر شيئا ولا يستطيعون. وهم يبدون في هول الزلزال والبركان والخسف كالفئران الصغيرة محصورة في قفص الرعب ، من حيث كانت آمنة لاهية غافلة عن القدرة الكبرى الممسكة بالزمام! والبشر كذلك يشهدون العواصف الجامحة الحاصبة التي تدمر وتخرب ، وتحرق وتصعق. وهم بإزائها ضعاف عاجزون ، بكل ما يعلمون وما يعملون. والعاصفة حين تزأر وتضرب بالحصى الحاصب ، وتأخذ في طريقها كل شيء في البر أو البحر أو الجو يقف الإنسان أمامها صغيرا هزيلا حسيرا حتى يأخذ اللّه بزمامها فتسلس وتلين! والقرآن يذكر البشر الذين يخدعهم سكون الدابة وسلامة مقادتها ، ويغريهم الأمان بنسيان خالقها ومروضها. يذكرهم بهذه الجمحات التي لا يملكون من أمرها شيئا. والأرض الثابتة تحت أقدامهم ترتج وتمور ، وتقذف بالحمم وتفور. والريح الرخاء من حولهم تتحول إلى إعصار حاصب لا تقف له قوة في الأرض من صنع البشر ، ولا تصده عن التدمير .. يحذرهم وينذرهم في تهديد يرج الأعصاب ويخلخل المفاصل. «فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ»!!! ويضرب لهم الأمثلة من واقع البشرية ، ومن وقائع الغابرين المكذبين : «وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ؟» .. والنكير الإنكار وما يتبعه من الآثار ، ولقد أنكر اللّه ممن كذبوا قبلهم أن يكذبوا. وهو يسألهم : «فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ؟» وهم يعلمون كيف كان ، فقد كانت آثار الدمار والخراب تصف لهم كيف كان هذا النكير! وكيف كان ما أعقبه من تدمير! والأمان الذي ينكره اللّه على الناس ، هو الأمان الذي يوحي بالغفلة عن اللّه وقدرته وقدره ، وليس هو الاطمئنان إلى اللّه ورعايته ورحمته. فهذا غير ذاك. فالمؤمن يطمئن إلى ربه ، ويرجو رحمته وفضله. ولكن هذا لا يقوده إلى الغفلة والنسيان والانغمار في غمرة الأرض ومتاعها ، إنما يدعوه إلى التطلع الدائم ، والحياء من اللّه ، والحذر من غضبه ، والتوقي من المخبوء في قدره ، مع الإخبات والاطمئنان. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:17 AM | #549 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
قال الإمام أحمد - بإسناده - عن عائشة - رضي اللّه عنها - أنها قالت : «ما رأيت رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته. إنما كان يبتسم. وقالت : كان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه. قالت : يا رسول اللّه إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية. فقال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم - : «يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم بالريح. وقد رأى قوم العذاب وقالوا ، هذا عارض ممطرنا » فهذا هو الإحساس اليقظ الدائم باللّه وقدره ، وبما قصه القرآن من هذا في سيره. وهو لا ينافي الاطمئنان إلى رحمة اللّه وتوقع فضله. ثم هو إرجاع جميع الأسباب الظاهرة إلى السبب الأول. ورد الأمر بحاله وكليته إلى من بيده الملك وهو على كل شيء قدير. فالخسف والحاصب ، والبراكين والزلازل ، والعواصف ، وسائر القوى الكونية والظواهر الطبيعية ليس في أيدي البشر من أمرها شيء. إنما أمرها إلى اللّه. وكل ما يذكره البشر عنها فروض يحاولون بها تفسير حدوثها ، ولكنهم لا يتدخلون في إحداثها ، ولا يحمون أنفسهم منها. وكل ما ينشئونه على ظهر الأرض تذهب به رجفة من رجفاتها ، أو إعصار من أعاصيرها ، كما لو كان لعبا من الورق! فأولى لهم أن يتوجهوا في أمرها إلى خالق هذا الكون ، ومنشئ نواميسه التي تحكم هذه الظواهر ، ومودعه القوى التي يتجلى جانب منها في هذه الأحداث. وأن يتطلعوا إلى السماء - حيث هي رمز للعلو - فيتذكروا اللّه الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. إن الإنسان قوي بالقدر الذي وهبه اللّه من القوة. عالم بالقدر الذي أعطاه اللّه من العلم. ولكن هذا الكون الهائل زمامه في يد خالقه ، ونواميسه من صنعه ، وقواه من إمداده. وهذه القوى تسير وفق نواميسه في حدود قدره. وما يصيب الإنسان منها مقدور مرسوم ، وما يعلمه الإنسان منها مقدور معلوم. والوقائع التي تحدث تقف هذا الإنسان بين الحين والحين أمام قوى الكون الهائلة مكتوف اليدين حسيرا ، ليس له إلا أن يتذكر خالق هذه القوى ومروضها وإلا أن يتطلع إلى عونه ليواجهها ، ويسخر ما هو مقدور له أن يسخره منها. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:17 AM | #550 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الملك
وحين ينسى هذه الحقيقة ، ويغتر وينخدع بما يقسم اللّه له من العلم ومن القدرة على تسخير بعض قوى الكون ، فإنه يصبح مخلوقا مسيخا مقطوعا عن العلم الحقيقي الذي يرفع الروح إلى مصدرها الرفيع ويخلد إلى الأرض في عزلة عن روح الوجود! بينما العالم المؤمن يركع في مهرجان الوجود الجميل ، ويتصل ببارئ الوجود الجليل. وهو متاع لا يعرفه إلا من ذاق حلاوته حين يكتبها اللّه له! على أن قوى الكون الهائلة تلجئ الإنسان إلجاء إلى موقف العجز والتسليم سواء رزق هذه الحلاوة أم حرمها. فهو يكشف ما يكشف ، ويبدع ما يبدع ، ويبلغ من القوة ما يبلغ. ثم يواجه قوى الكون في انكسار الحسير الصغير الهزيل. وقد يستطيع أن يتقي العاصفة أحيانا ولكن العاصفة تمضي في طريقها لا يملك وقفها. ولا يملك أن يقف في طريقها ، وقصارى ما يبلغ إليه جهده وعلمه أن يحتمي من العاصفة وينزوي عنها! .. أحيانا .. وأحيانا تقتله وتسحقه من وراء جدرانه وبنيانه. وفي البحر تتناوحه الأمواج والأعاصير فإذا أكبر سفائنه كلعبة الصبي في مهب الرياح. أما الزلزال والبركان فهما هما من أول الزمان إلى آخر الزمان! فليس إلا العمى هو الذي يهيّئ لبعض المناكيد أن «الإنسان يقوم وحده» في هذا الوجود ، أو أنه سيد هذا الوجود! إن الإنسان مستخلف في هذه الأرض بإذن اللّه. موهوب من القوة والقدرة والعلم ما يشاء اللّه. واللّه كالئه وحاميه. واللّه رازقه ومعطيه. ولو تخلت عنه يد اللّه لحظة لسحقته أقل القوى المسخرة له ، ولأكله الذباب وما هو أصغر من الذباب. ولكنه بإذن اللّه ورعايته مكلوء. ومحفوظ. وكريم. فليعرف من أين يستمد هذا التكريم ، وذلك الفضل العظيم. ( يتبع ) |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التعريف, الصور, النزول, القرآن, الكريم, بسور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 0 والزوار 31) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
«الدوخة».. عارض مزعج وأسباب مجهولة | رويم | زادك و صحتك | 5 | 02-20-2020 03:55 PM |
عملية حسابية لمعرفة رقم الصفحة في القرآن الكريم | إعجـــاز | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-02-2020 03:39 AM |
سجل حضورك بسوره من سور القرآن الكريم | فرح | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 54 | 01-01-2020 04:28 AM |
نساء لم يذكر القرآن الكريم أسمائهن | أميرة الاحساس | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 13 | 01-01-2020 02:21 AM |
الارهاب فى القرآن الكريم .. بقلمى | حسن سعد | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 04-12-2018 01:56 PM |