#1
|
|||||||
|
|||||||
دعوة الرسول لاصحابه بالموعظة
أمر الله - تبارك وتعالى - نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يدعو إلى سبيله بالموعظة الحسنة، يقول الله تعالى ï´؟ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ï´¾ [النحل: 125] [1]. لذا كان من منهج الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتخول أصحابه - رضي الله عنهم- بالموعظة، مما يدل على مشروعيتها وأثرها على الموعوظ، فعلى الداعية أن يختار ألفاظها ويحسن قصدها لعل الله تعالى أن ينفع بها، وتؤدي هدفها. فمن خلال الأحاديث التالية يتبين لنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخاطب جميع فئات المجتمع ولا يخص فئة دون فئة أخرى بهذه المواعظ البليغة. عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: "قال رجل يا رسول الله لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً من يومئذ فقال: أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض، والضعيف، وذا الحاجة"[2]. وقال شقيق: كنا ننتظر عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - إذ جاء يزيد بن معاوية فقلنا ألا تجلس قال: لا ولكن أدخل فأخرج إليكم صاحبكم وإلا جئت أنا فجلست فخرج عبد الله وهو آخذ بيده فقام علينا فقال: (أما إني أخبر بمكانكم ولكنه يمنعني من الخروج إليكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا) [3]. قال الخطابي – رحمه الله تعالى - موضحاً معنى: (كان يتخولنا بالموعظة): المراد أنه كان يراعي الأوقات في تعليمهم ووعظهم ولا يفعله كل يوم خشية الملل والتخول التعهد، وقيل: إن بعضهم رواه بالحاء المهملة – يتحولنا - وفسره بأن المراد يتفقد أحوالهم التي يحصل لهم فيها النشاط للموعظة فيعظهم فيها، ولا يكثر عليهم؛ لئلا يملوا، حكى ذلك الطيبي ثم قال: ولكن الرواية في الصحاح بالخاء المعجمة. قوله (كراهية السآمة علينا) أي: أن تقع منا السآمة ... وفيه رفق النبي-صلى الله عليه وسلم- بأصحابه وحسن التوصل إلى تعليمهم وتفهيمهم؛ ليأخذوا عنه بنشاط لا عن ضجر، ولا ملل، ويقتدي به في ذلك فإن التعليم بالتدريج أخف مؤنة، وأدعى إلى الثبات من أخذه بالكد والمغالبة[4]. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "دعـه فإن الحياء من الإيمان"[5]. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: قوله (يعظ) جاء عند المصنف في الأدب[6]، من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة عن ابن شهاب ولفظه: (يعاتب أخاه في الحياء يقول إنك لتستحيي حتى كأنه يقول قد أضرَّ بك) انتهى. يحتمل أن يكون جمع له العتاب والوعظ فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر لكن المخرج متحد[7]. وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هن كلمات يسيرات" [8]. وعن حنظلة بن أبي عامر - رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعظنا، فذكر النار، قال: ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة، قال: فخرجت فلقيت أبا بكر فذكرت ذلك له، فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله نافق حنظلة فقال: مه فحدثته بالحديث، فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثل ما فعل، فقال: "يا حنظلة ساعة وساعة، ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر، لصافحتكم الملائكة، حتى تسلم عليكم في الطرق" [9]. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: " شهدت الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة فلما قضى الصلاة قام فتوكأ على بلال فحمد الله وأثنى عليه فوعظ الناس وذكرهم وحثهم على طاعته ومضى إلى النساء ومعه بلال فأمرهن بتقوى الله ووعظهن وذكرهن وحمد الله وأثنى عليه ثم حثهن على طاعته ثم قال: تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقالت: امرأة من سفلة الناس سفعاء الخدين بم يا رسول الله؟ قال: تكثرن الشكاة وتكفرن العشير فجعلن ينزعن قلائدهن وأقراطهن وخواتيمهن يقذفنه في ثوب بلال يتصدقن به "[10]. وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: "أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط أشد غضباً في موعظة منه يومئذ قال: فقال يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة"[11]. وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان يعظ أصحابه فإذا ثلاثة نفر يمرون فجاء أحدهم فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومضى الثاني قليلاً ثم جلس ومضى الثالث على وجهه فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أنبئكم بهؤلاء الثلاثة، أما الذي جاء فجلس فإنه تاب فتاب الله عليه، وأما الذي مضى قليلاً ثم جلس فإنه استحيا فاستحيا الله منه، وأما الذي مضى على وجهه فإنه استغنى فاستغنى الله عنه"[12]. وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافا ًكثيراً، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ"[13]. الموعظة التي وعظ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه رضي الله عنهم جميعاً، بلغ فيها الإنذار والتخويف، لأجل ترقيق القلوب. وإن للمواعظ وقعاً في النفس، وتأثيراً في القلب، إذا صدرت من قلب ناصح سليم. وعلى الواعظ أن يتطابق كلامه مع أفعاله، حتى لا يكون محلاً للسخرية عند الموعوظين[14]. ذكر الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في شرحه لهذا الحديث عدة فوائد، حيث قال: الفائدة الأولى: مشروعية الموعظة، ولكن ينبغي أن تكون في محلها، وأن لا يكثر منها فتمل، لأن الناس إذا ملوا ملوا الواعظ والموعظة، وتقاصرت هممهم عن الحضور، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخول أصحابه بالموعظة، وكان بعض الصحابة يعظ أصحابه كل يوم خميس، يعني في الأسبوع مرة. الفائدة الثانية: أنه ينبغي للواعظ أن تكون موعظته مؤثرة وذلك باختيار الألفاظ الجزلة المثيرة، وهذا على حسب الموضوع، فإن كان يريد أن يعظ الناس لمشاركة في جهاد أو نحوه فالموعظة تكون حماسية، وإن كان لعمل الآخرة فإن الموعظة تكون مرققة للقلوب وهكذا. الفائدة الثالثة: أن المخاطب بالموعظة إذا كانت بليغة فسوف يتأثر لقوله: "وَجِلَت مِنهَا القُلُوبُ، وَ ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ"[15]. لذا ينبغي على الداعية والمدعو أن يستمعا للمواعظ بين فترة وأخرى؛ لأنها نافعة للقلب. وعلى طلاب العلم والعلماء، أن يتعاهدوا الناس بالمواعظ كما كان يفعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه - رضي الله عنهم -. |
01-18-2017, 10:14 PM | #2 |
|
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب اناار الله قلبكك بالايمــــــــان وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ لكـ شكري وتقديري |
|
01-18-2017, 11:20 PM | #3 |
|
جزاك الله خيرا يعطيك العافيه يارب اناار الله قلبكك بالايمــــــــان وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ لكـ شكري وتقديري |
الله معاك شبعنا تمثيل على الحب والصداقه |
01-20-2017, 06:19 PM | #8 |
|
بارك الله فيك واثابك الجنه
وجعله في ميزان حسناتك كُل الشُكْر والتَقْدِير لَك ولطَرْحِك القَيْم دمت بحفظ الرحمن |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
اصعب يوم كان على الرسول | الغالي | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 5 | 01-02-2020 05:28 AM |
حب الرسول من الإيمان | الغالي | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 4 | 01-02-2020 05:26 AM |
بنك الحب دعوة للجميع لفتح حساب فيه | الغالي | ضفاف المنبر العام | 8 | 12-22-2017 02:57 AM |
دعوة غالية من المعتفس | بــرد ودفــا | كرم المكان /إستقبال وترحيب | 12 | 06-10-2017 08:42 AM |
الرسول قدوتنا | نسيم فلسطين | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 05-20-2017 04:45 PM |