كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-02-2017, 10:44 AM | #391 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحشر
محور مواضيع السورة قال الصابوني * ابتدأت السورة الكريمة بتنزيه الله وتمجيده، فالكون كله بما فيه من إنسان، وحيوان، ونبات، وجماد، شاهد بوحدانية الله، وقدرته وجلاله، ناطق بعظمته وسلطانه {سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} الآيات. * ثم ذكرت السورة بعض آثار قدرته، ومظاهر عزته، بإجلاء اليهود من ديارهم وأوطانهم، مع ما كانوا فيه من الحصون والقلاع، وقد كانوا يعتقدون أنهم في عزة ومنعة، لا يستطيع أحد عليهم، فجاءهم بأس الله وعذابه من حيث لم يكن في حسابهم {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر...} الآيات. * ثم تناولت السورة موضوع الفيء والغنيمة، فبينت شروطه وأحكامه، ووضحت الحكمة من تخصيص الفيء بالفقراء، لئلا يستأثر به الأغنياء، وليكون هناك بعض التعادل بين طبقات المجتمع، بما فيه خير الفريقين، وبما يحقق المصلحة العامة {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين} الآيات. * وتناولت السورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثناء العاطر، فنوهت بفضائل المهاجرين، ومآثر الأنصار، فالمهاجرون هجروا الديار والأوطان حبا في الله، والأنصار نصروا دين الله، وآثروا إخوانهم- المهاجرين- بالأموال والديار على أنفسهم، مع فقرهم وحاجتهم {للفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا} الآيات. * وفي مقابلة ذكر المهاجرين والأنصار، ذكرت السورة المنافقين الأشرار، الذين تحالفوا مع اليهود ضد الإسلام، وضربت لهم أسوأ الأمثال، فمثلتهم بالشيطان الذي يغري الإنسان بالكفر والضلال، ثم يتخلى عنه ويخذله، وهكذا كان شأن المنافقين مع إخوانهم اليهود {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم} الآيات. * ووعظت السورة المؤمنين بتذكر ذلك اليوم الرهيب، الذي لا ينفع فيه حسب ولا نسب، ولا يفيد فيه جاه ولا مال، وبينت الفارق الهائل بين أهل الجنة وأهل النار، ومصير السعداء ومصير الأشقياء في دار العدل والجزاء {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد} الآيات. * وختمت السورة بذكر أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وبتنزيهه عن صفات النقص {هو الله الذي لا إله إلا هو} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة، وهكذا يتناسق البدء مع الختام، في أبدع تناسق ووئام! ( يتبع – سورة الممتحنة ) |
|
07-02-2017, 10:44 AM | #392 |
عمدة الحاره
|
سورة الممتحنة
التعريف بالسورة : سورة مدنية . من المفصل . آياتها 13 . ترتيبها الستون . نزلت بعد الأحزاب . بدأت باسلوب النداء " يا أيها الذين آمنوا " ، ذُكِرَ لفظ الجلالة في الآية الأولى سبب التسمية : سميت بهذا الاسم لما ورد فيها من وجوب امتحان المؤمنات عند الهجرة وعدم ردُّهُنَّ إلى الكفار إذا ثبت إيمانهن . وتسمى أيضا " الامتحان " و " المودة " . ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:44 AM | #393 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
سبب نزول السورة - قَوْلُهُ- عَزَّ وَجَلَّ-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الْآيَةَ [1]: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ وَذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ مَوْلَاةَ أَبِي عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَجَهَّزُ لِفَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهَا:«أَمُسْلِمَةً جِئْتِ؟» قَالَتْ: لَا، قَالَ:«فَمَا جَاءَ بِكِ؟» قَالَتْ: أَنْتُمْ كُنْتُمُ الْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ وَالْمَوَالِيَ، وَقَدِ احْتَجْتُ حَاجَةً شَدِيدَةً فَقَدِمْتُ عَلَيْكُمْ لِتُعْطُونِي وَتَكْسُوَنِي، قَالَ لَهَا:«فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ شَبَابِ أَهْلِ مَكَّةَ»، وَكَانَتْ مُغَنِّيَةً، قَالَتْ: مَا طُلِبَ مِنِّي شَيْءٌ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَحَثَّ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَكَسَوْهَا وَحَمَلُوهَا وَأَعْطَوْهَا، فَأَتَاهَا حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ وَكَتَبَ مَعَهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَأَعْطَاهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ تُوَصِّلَ الْكِتَابَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَكَتَبَ فِي الْكِتَابِ: مِنْ حَاطِبٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ، فَخَرَجَتْ سَارَةُ وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا فَعَلَ حَاطِبٌ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا وَعَمَّارًا وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ وَأَبَا مَرْثَدٍ وَكَانُوا كُلُّهُمْ فُرْسَانًا، وَقَالَ لَهُمُ:«انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ فِيهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبٍ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، فَخُذُوهُ مِنْهَا وَخَلُّوا سَبِيلَهَا، فَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ إِلَيْكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهَا»، فَخَرَجُوا حَتَّى أَدْرَكُوهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَقَالُوا لَهَا: أَيْنَ الْكِتَابُ؟ فَحَلَفَتْ بِاللَّهِ مَا مَعَهَا مِنْ كِتَابٍ، فَفَتَّشُوا مَتَاعَهَا فلم يجدوا معا كِتَابًا، فَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ مَا كَذَبَنَا وَلَا كَذَّبْنَا، وَسَلَّ سَيْفَهُ، وَقَالَ: أَخْرِجِي الْكِتَابَ وَإِلَّا وَاللَّهِ لَأُجَرِّدَنَّكِ وَلَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَخْرَجَتْهُ مِنْ ذُؤَابَتِهَا وَكَانَتْ قَدْ خَبَّأَتْهُ فِي شَعْرِهَا، فَخَلَّوْا سَبِيلَهَا وَرَجَعُوا بِالْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حَاطِبٍ فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ:«هَلْ تَعْرِفُ الْكِتَابَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا غَشَشْتُكَ مُنْذُ نَصَحْتُكَ، وَلَا أَحْبَبْتُهُمْ مُنْذُ فَارَقْتُهُمْ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَمْنَعُ عَشِيرَتَهُ، وَكُنْتُ غَرِيبًا فِيهِمْ وَكَانَ أَهْلِي بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَشِيتُ عَلَى أَهْلِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ بِهِمْ بَأْسَهُ وَأَنَّ كِتَابِي لَا يُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا. فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَذَرَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ السورة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«وَمَا يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُمْ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن الحسن بْنُ عَمْرٍو، أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الربيع، أخبرنا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَا وَالزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ:«انطلقوا حتى تأتؤا روضة خاخ فإت فِيهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ» فَخَرَجْنَا تُعَادِي بِنَا خَيْلُنَا فَإِذَا نَحْنُ بِظَعِينَةٍ فَقُلْنَا أَخْرِجِي الْكِتَابَ. فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَقُلْنَا لَهَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ:«مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟» فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ نَفْسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ شَاكًّا فِي دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«إِنَّهُ قَدْ صَدَقَ»، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ:«إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»، وَنَزَلَتْ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَجَمَاعَةٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سفيان. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:44 AM | #394 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
سبب النزول .- قوله عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ} [6]: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ اقْتِدَاءٌ بِهِمْ فِي مُعَادَاةِ ذَوِي قَرَابَاتِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَادَى الْمُؤْمِنُونَ أَقْرِبَاءَهُمُ الْمُشْرِكِينَ فِي اللَّهِ وَأَظْهَرُوا لَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَرَاءَةَ، وَعَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى شِدَّةَ وَجْدِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَنْ أَسْلَمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَصَارُوا لَهُمْ أَوْلِيَاءَ وَإِخْوَانًا، وَخَالَطُوهُمْ وَنَاكَحُوهُمْ، وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، فَلَانَ لَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ وَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَقَالَ: ذَاكَ الْفَحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنْفُهُ. - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أبو يعلى، أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بن الحجاج، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ بِهَدَايَا: ضِبَابٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَلَمْ تَقْبَلْ هَدَايَاهَا وَلَمْ تُدْخِلْهَا مَنْزِلَهَا، فَسَأَلَتْ لَهَا عَائِشَةُ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الْآيَةَ. فَأَدْخَلَتْهَا مَنْزِلَهَا وَقَبِلَتْ مِنْهَا هَدَايَاهَا. رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّيَّارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزَّالِ، عَنِ ابْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:44 AM | #395 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
سبب النزول .- قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} الْآيَةَ [10]: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَى أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَكَتَبُوا بِذَلِكَ الْكِتَابِ وَخَتَمُوهُ، فَجَاءَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْكِتَابِ وَالنَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْحُدَيْبِيَةَ، فَأَقْبَلَ زَوْجُهَا وَكَانَ كَافِرًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ رُدَّ عَلَيَّ امْرَأَتِي، فَإِنَّكَ قَدْ شَرَطْتَ لَنَا أَنْ تَرُدَّ عَلَيْنَا مَنْ أَتَاكَ مِنَّا وَهَذِهِ طِينَةُ الْكِتَابِ لَمْ تَجِفَّ بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل، أخبرنا أحمد بْنُ محمد بن الحسن الحافظ، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا الحسن بْنُ الرَّبِيعِ بن الخشاب، أخبرنا ابن إِدْرِيسَ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَكْتُبُ كِتَابًا إِلَى ابْنِ هُنَيْدَةَ صَاحِبِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِهِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَالَحَ قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ، فَلَمَّا هَاجَرْنَ النِّسَاءُ أَبَى اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُرْدَدْنَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ إِذَا هُنَّ امْتُحِنَّ، فَعَرَفُوا أَنَّهُنَّ إِنَّمَا جِئْنَ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ بِرَدِّ صَدَقَاتِهِنَّ إِلَيْهِمْ إِذَا احْتُبِسْنَ عَنْهُمْ إِنْ هُمْ رَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ صَدَقَةَ مَنْ حُبِسْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، قَالَ: وَذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النِّسَاءَ وَرَدَّ الرِّجَالَ. .- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الْآيَةَ [13]: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يُخْبِرُونَ الْيَهُودَ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَيُوَاصِلُونَهُمْ فَيُصِيبُونَ بِذَلِكَ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:44 AM | #396 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
محاور السورة مقصودها براءة من أقر بالإيمان ممن اتسم بالعدوان دلالة على صحة مدعاه كما أن الكفار تبرءوا من المؤمنين وكذبوا بما جاءهم من الحق لئلا يكونوا على باطلهم أحرص من المؤمنين على حقهم، وتسميتها بالممتحنة أوضح شيء فيها وأدله على ذلك لأن الصهر أعظم الوصل وأشرفها بعد الدين، فإذا ن في ومنع دل على أعظم المقاطعة لدلالته على الامتهان بسبب الكفران الذي هو أقبح العصيان. ومعظم مقصود السّورة النهى عن موالاة الخارجين عن مِلَّة الإِسلام، والاقتداءُ بالسّلف الصّالح في طريق الطَّاعة والعبادة، وانتظار المودّة بعد العداوة، وامتحان المدّعين بمطالبة الحقيقة، وأَمر الرّسول بكيفيّة البَيْعة مع أَهل الستْر والعفَّة، والتَّجنّب من أَهل الزّيغ والضّلالة، في قوله: {لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}. وعرفت هذه السورة في كتب التفسير وكتب السنة وفي المصاحف بـ: (سورة الممتحنة). قال القرطبي: والمشهور على الألسنة النطق في كلمة (الممتحِنة) بكسر الحاء وهو الذي جزم به السُّهيلي. ووجه التسمية أنها جاءت فيها آية امتِحان إيمان النساء اللاتي يأتين من مكة مهاجرات إلى المدينة وهي آية: {يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ} إلى قوله: {بعصم الكوافر} (الممتحنة: 10). فوصف الناس تلك الآية بالممتحِنة لأنها شرعت الامتحان. وأضيفت السورة إلى تلك الآية. وقال السهيلي: أسند الامتحان إلى السورة مجازًا كما قيل لسورة براءة الفاضحة. يعني أن ذلك الوصف مجاز عقلي. ورُوي بفتح الحاء على اسم المفعول قال ابن حجر: وهو المشهور أي المرأة الممتحَنة على أن التعريف تعريف العهد والمعهودُ أول امرأة امتُحنت في إيمانها، وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيْط امرأةُ عبد الرحمن بن عوف. كما سميت سورة قد سمع الله (سورة المجادِلة) بكسر الدال. ولك أنْ تجعل التعريف تعريف الجنس، أي النساء الممتحَنة. قال في (الإِتقان): وتُسمّى (سورة الامتحان)، (وسورة المَوَدَّة)، وعزا ذلك إلى كتاب (جمال القراء) لعلي السخاوي ولم يذكر سنده. وهذه السورة مدنية بالاتفاق. واتفق أهل العدد على عدّ آيها ثلاث عشرة آية. وآياتها طوال. واتفقوا على أن الآية الأولى نزلت في شأن كتاب حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين من أهل مكة. اهـ. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:44 AM | #397 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
محاور السورة .قال سيد قطب: هذه السورة حلقة في سلسلة التربية الإيمانية والتنظيم الاجتماعي والدولة في المجتمع المدني. حلقة من تلك السلسلة الطويلة، أو من ذلك المنهج الإلهي المختار للجماعة المسلمة المختارة، التي ناط بها الله تحقيق منهجه الذي يريده للحياة الإنسانية، في صورة واقعية عملية، كيما يستقر في الأرض نظاما ذا معالم وحدود وشخصية مميزة؛ تبلغ إليه البشرية أحيانا، وتقصر عنه أحيانا، ولكنها تبقى معلقة دائما بمحاولة بلوغه؛ وتبقى أمامها صورة واقعية منه، تحققت يوما في هذه الأرض. وقد اقتضى هذا- كما قلنا في أول هذا الجزء- إعدادا طويلا في خطوات ومراحل. وكانت الأحداث التي تقع في محيط هذه الجماعة، أو تتعلق بها، مادة من مواد هذا الإعداد. مادة مقدرة في علم الله، تقوم عليها مادة أخرى هي التفسير والتوضيح والتعقيب والتوجيه. وفي مضطرب الأحداث، وفي تيار الحياة المتدفق، تمت عملية بناء النفوس المختارة لتحقيق ذلك المنهج الإلهي في الأرض. فلم تكن هناك عزلة إلا العزلة بالتصور الإيماني الجديد، وعدم خلطه بأية رقع غريبة عنه في أثناء التكوين النفسي لهذه الجماعة. وكانت التربية المستمرة متجهة دائما إلى إنشاء هذا التصور الإيماني الخاص المميز، المنعزل بحقيقته وطبيعته عن التصورات السائدة في العالم كله يومذاك، وفي الجزيرة العربية بصفة خاصة. أما الناس الذين ينشأ هذا التصور المتميز في نفوسهم فلم يكونوا بمعزل عن واقع الحياة ومضطرب الأحداث، بل كانوا يصهرون في بوتقة الحوادث يوما بعد يوم، ومرة بعد مرة، ويعاد صهرهم في الأمر الواحد والخلق الواحد مرات كثيرة، وتحت مؤثرات متنوعة؛ لأن الله الذي خلق هذه النفوس يعلم أنها ليست كلها مما يتأثر ويستجيب ويتكيف ويستقر على ما تكيف به منذ اللمسة الأولى. وكان يعلم أن رواسب الماضي، وجواذب الميول الطبيعية، والضعف البشري، وملامسات الواقع، وتحكم الإلف والعادة، كلها قد تكون معوقات قوية تغلب عوامل التربية والتوجيه مرة بعد مرة. وتحتاج في مقاومتها إلى التذكير المتكرر، والصهر المتوالي.. فكانت الأحداث تتوالى كما هي منسوقة في قدر الله، وتتوالى الموعظة بها. والتحذير على ضوئها، والتوجيه بهديها، مرة بعد مرة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في يقظة دائمة وإلهام بصير، بالتقاط الأحداث والوقائع والمناسبات في كل فرصة، واستخدامها بحكمة بالغة في بناء هذه النفوس. والوحي والإلهام يؤيدانه ويسددانه صلى الله عليه وسلم حتى تصنع تلك الجماعة المختارة على عين الله. بتوفيق الله. على يدي رسول الله. هذه السورة حلقة في سلسلة ذلك الإعداد الطويل، تستهدف- مع غيرها مما جاء في مثل موضوعها- إقامة عالم رباني خالص في ضمير المسلم. عالم محوره الإيمان بالله وحده، يشد المسلمين إلى هذا المحور وحده، بعروة واحدة لا انفصام لها؛ ويبرئ نفوسهم من كل عصبية أخرى. عصبية للقوم أو للجنس أو للأرض أو للعشيرة أو للقرابة. ليجعل في مكانها جميعا عقدة واحدة. هي عقدة الإيمان بالله. والوقوف تحت راية الله. في حزب الله. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:45 AM | #398 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
محاور السورة إن العالم الذي يريده الإسلام عالم رباني إنساني. رباني بمعنى أنه يستمد كل مقوماته من توجيه الله وحكمه، ويتجه إلى الله بكل شعوره وعمله. وإنساني بمعنى أنه يشمل الجنس الإنساني كله- في رحاب العقيدة- وتذوب فيه فواصل الجنس والوطن واللغة والنسب. وسائر ما يميز إنسانا عن إنسان، عدا عقيدة الإيمان. وهذا هو العالم الرفيع اللائق أن يعيش فيه الإنسان الكريم على الله، المتضمن كيانه نفحة من روح الله. ودون إقامة هذا العالم تقف عقبات كثيرة- كانت في البيئة العربية وما تزال في العالم كله إلى اليوم- عقبات من التعصب للبيت، والتعصب للعشيرة، والتعصب للقوم، والتعصب للجنس، والتعصب للأرض. كما تقف عقبات أخرى من رغائب النفوس وأهواء القلوب، من الحرص والشح وحب الخير للذات، ومن الكبرياء الذاتية والالتواءات النفسية.. وألوان غيرها كثير من ذوات الصدور! وكان على الإسلام أن يعالج هذا كله في الجماعة التي يعدها لتحقيق منهج الله في الأرض في صورة عملية واقعة. وكانت هذه الصورة حلقة في سلسلة هذا العلاج الطويل. وكان بعض المهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم وأهليهم في سبيل عقيدتهم، ما تزال نفوسهم مشدودة إلى بعض من خلفوا هنالك من ذرية وأزواج وذوي قربى. وعلى الرغم من كل ما ذاقوا من العنت والأذى في قريش فقد ظلت بعض النفوس تود لو وقعت بينهم وبين أهل مكة المحاسنة والمودة؛ وأن لو انتهت هذه الخصومة القاسية التي تكلفهم قتال أهليهم وذوي قرابتهم، وتقطع ما بينهم وبينهم من صلات! وكان الله يريد استصفاء هذه النفوس واستخلاصها من كل هذه الوشائج، وتجريدها لدينه وعقيدته ومنهجه. وهو-سبحانه- يعلم ثقل الضغط الواقع عليها من الميول الطبيعية ورواسب الجاهلية جميعا- وكان العرب بطبيعتهم أشد الناس احتفالا بعصبية القبيلة والعشيرة والبيت- فكان يأخذهم يوما بعد يوم بعلاجه الناجع البالغ، بالأحداث وبالتعقيب على الأحداث، ليكون العلاج على مسرح الحوادث وليكون الطرق والحديد ساخن! وتذكر الروايات حادثا معينا نزل فيه صدر هذه السورة. وقد تكون هذه الروايات صحيحة في سبب النزول المباشر. ولكن مدى النصوص القرآنية دائما أبعد من الحوادث المباشرة. وقد قيل في هذا الحادث: إن حاطب بن أبي بلتعة كان رجلا من المهاجرين. وكان من أهل بدر أيضا. وكان له بمكة أولاد ومال، ولم يكن من قريش أنفسهم بل كان حليفا لعثمان. فلما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتح مكة لما نقض أهلها عهد الحديبية أمر المسلمين بالتجهيز لغزوهم، وقال: «اللهم عم عليهم خبرنا».. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه بوجهته، كان منهم حاطب. فعمد حاطب فكتب كتابا وبعثه مع امرأة مشركة- قيل من مزينة- جاءت المدينة تسترفد- إلى أهل مكة يعلمهم بعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على غزوهم، ليتخذ بذلك عندهم يدا. فأطلع الله- تعالى- رسوله على ذلك استجابة لدعائه. وإمضاء لقدره في فتح مكة. فبعث في أثر المرأة، فأخذ الكتاب منها. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:45 AM | #399 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
محاور السورة روى البخاري في المغازي، ورواه مسلم في صحيحه من حديث حصين بن عبدالرحمن، عن سعد ابن عبيدة عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي- رضي الله عنه- قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا مرثد والزبير بن العوام- وكلنا فارس- وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها امرأة من المشركين معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين. فأدركناها تسير على بعير لها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: الكتاب؟ فقالت ما معي كتاب. فأنخناها فالتمسنا فلم نر كتابا. فقلنا: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن الكتاب أو لنجردنك. فلما رأت الجد أهوت إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجته. فانطلقنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول الله. قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضربن عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ما صنعت؟ قال حاطب: والله ما بي إلا أن أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أردت أن تكون لي عند القوم يد. يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله. فقال: صدق لا تقولوا إلا خيرا. فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه. فقال: أليس من أهل بدر؟- فقال-: لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة- أو- قد غفرت لكم. فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم».. وزاد البخاري في كتاب المغازي: فأنزل الله السورة: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}.. وفي رواية أخرى أن الذين أرسلوا كانوا هم علي والزبير والمقداد. ولوقوف قليلا أمام هذا الحادث وما دار بشأنه لا يخرج بنا عن (ظلال القرآن) والتربية به وبالأحداث والتوجيهات والتعقيبات عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد المربي العظيم.. وأول ما يقف الإنسان أمامه هو فعلة حاطب، وهو المسلم المهاجر، وهو أحد الذين أطلعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على سر الحملة.. وفيها ما يكشف عن منحنيات النفس البشرية العجيبة، وتعرض هذه النفس للحظات الضعف البشري مهما بلغ من كمالها وقوتها؛ وأن لا عاصم إلا الله من هذه اللحظات فهو الذي يعين عليها. ثم يقف الإنسان مرة أخرى أمام عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لا يعجل حتى يسأل: «ما حملك على ما صنعت» في سعة صدر وعطف على لحظة الضعف الطارئة في نفس صاحبه، وإدراك ملهم بأن الرجل قد صدق، ومن ثم يكف الصحابة عنه: «صدق لا تقولوا إلا خيرا».. ليعينه وينهضه من عثرته، فلا يطارده بها ولا يدع أحدا يطارده. بينما نجد الإيمان الجاد الحاسم الجازم في شدة عمر: «إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين. فدعني فلأضرب عنقه».. فعمر- رضي الله عنه- إنما ينظر إلى العثرة ذاتها فيثور لها حسه الحاسم وإيمانه الجازم. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فينظر إليها من خلال إدراكه الواسع الشامل للنفس البشرية على حقيقتها، ومن كل جوانبها، مع العطف الكريم الملهم الذي تنشئه المعرفة الكلية. في موقف المربي الكريم العطوف المتأني الناظر إلى جميع الملابسات والظروف.. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 10:45 AM | #400 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الممتحنة
محاور السورة يقف الإنسان أمام كلمات حاطب، وهو في لحظة ضعفه، ولكن تصوره لقدر الله وللأسباب الأرضية هو التصور الإيماني الصحيح.. ذلك حين يقول: «أردت أن تكون لي عند القوم يد.. يدفع الله بها عن أهلي ومالي».. فالله هو الذي يدفع، وهذه اليد لا تدفع بنفسها، إنما يدفع الله بها. ويؤكد هذا التصور في بقية حديثه وهو يقول: «وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع.. الله.. به عن أهله وماله» فهو الله حاضر في تصوره، وهو الذي يدفع لا العشيرة. إنما العشيرة أداة يدفع الله بها.. ولعل حس رسول الله الملهم قد راعى هذا التصور الصحيح الحي في قول الرجل، فكان هذا من أسباب قوله صلى الله عليه وسلم: «صدق. لا تقولوا إلا خيرا».. وأخيرا يقف الإنسان أمام تقدير الله في الحادث؛ وهو أن يكون حاطب من القلة التي يعهد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسر الحملة. وأن تدركه لحظة الضعف البشري وهو من القلة المختارة. ثم يجري قدر الله بكف ضرر هذه اللحظة عن المسلمين. كأنما القصد هو كشفها فقط وعلاجها! ثم لا يكون من الآخرين الذين لم يعهد إليهم بالسر اعتراض على ما وقع، ولا تنفج بالقول: ها هو ذا أحد من استودعوا السر خانوه، ولو أودعناه نحن ما بحنا به! فلم يرد من هذا شيء. مما يدل على أدب المسلمين مع قيادتهم، وتواضعهم في الظن بأنفسهم، واعتبارهم بما حدث لأخيهم... والحادث متواتر الرواية. أما نزول هذه الآيات فيه فهو أحد روايات البخاري. ولا نستبعد صحة هذه الرواية؛ ولكن مضمون النص القرآني- كما قلنا- أبعد مدى، وأدل على أنه كان يعالج حالة نفسية أوسع من حادث حاطب الذي تواترت به الروايات، بمناسبة وقوع هذا الحادث، على طريقة القرآن. كان يعالج مشكلة الأواصر القريبة، والعصبيات الصغيرة، وحرص النفوس على مألوفاتها الموروثة ليخرج بها من هذا الضيق المحلي إلى الأفق العالمي الإنساني. وكان ينشئ في هذه النفوس صورة جديدة، وقيما جديدة، وموازين جديدة، وفكرة جديدة عن الكون والحياة والإنسان، ووظيفة المؤمنين في الأرض، وغاية الوجود الإنساني. وكان كأنما يجمع هذه النبتات الصغيرة الجديدة في كنف الله؛ ليعلمهم الله ويبصرهم بحقيقة وجودهم وغايته، وليفتح أعينهم على ما يحيط بهم من عداوات ومكر وكيد، وليشعرهم أنهم رجاله وحزبه، وأنه يريد بهم أمرا، ويحقق بهم قدرا. ومن ثم فهم يوسمون بسمته ويحملون شارته، ويعرفون بهذه الشارة وتلك السمة بين الأقوام جميعا. في الدنيا والآخرة. وإذن فليكونوا خالصين له، منقطعين لولايته، متجردين من كل وشيجة غير وشيجته. في عالم الشعور وعالم السلوك. والسورة كلها في هذا الاتجاه. حتى الآيات التشريعية التنظيمية الواردة في آخرها عن معاملة المهاجرات المؤمنات، ومبايعة من يدخلن في الإسلام، والفصل بين المؤمنات وأزواجهن من الكفار. وبين المؤمنين وزوجاتهم من الكوافر.. فكلها تنظيمات منبثقة من ذلك التوجيه العام. ثم ختام السورة كما بدأت بالنهي عن موالاة أعداء الله، ممن غضب عليهم الله، سواء من المشركين أو من اليهود. ليتم التمييز والانفراد والمفاصلة من جميع الوشائج والروابط غير رابطة العقيدة وغير وشيجة الإيمان.. ( يتبع ) |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التعريف, الصور, النزول, القرآن, الكريم, بسور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 45 ( الأعضاء 0 والزوار 45) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
«الدوخة».. عارض مزعج وأسباب مجهولة | رويم | زادك و صحتك | 5 | 02-20-2020 03:55 PM |
عملية حسابية لمعرفة رقم الصفحة في القرآن الكريم | إعجـــاز | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-02-2020 03:39 AM |
سجل حضورك بسوره من سور القرآن الكريم | فرح | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 54 | 01-01-2020 04:28 AM |
نساء لم يذكر القرآن الكريم أسمائهن | أميرة الاحساس | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 13 | 01-01-2020 02:21 AM |
الارهاب فى القرآن الكريم .. بقلمى | حسن سعد | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 04-12-2018 01:56 PM |