إن من تمام عدله -سبحانه وتعالى-
أن جعل للناس الموازين العادلة التي توزن بها الحسنات والسيئات
فلا تُظلم نفس مسلمة أو كافرة شيئًا بأن تنتقص من حسناتها أو يُزاد في سيئاتها
ولا شك أن المؤمن يُعطى بحسناته في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة
وأما الكافر فلا يُثاب على أعماله الصالحة في الآخرة إذا مات على الكفر بل يُطعم بها في الدنيا
لكن السؤال هو إذا أسلم الكافر وكان يعمل أعمالًا صالحة في حال كفره ومات على الإسلام
فهل يُثاب على تلك الأفعال؟
هذا ما سنتناوله في حديث حكيم بن حزام-رضي الله عنه-
وسنذكر بعض المسائل المتعلقة بالحديث
عَنْ حَكِيمِ بنِ حِزامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ:
قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرَأَيْتَ أشْياءَ كُنْتُ أتَحَنَّثُ بها في الجاهِلِيَّةِ مِن صَدَقَةٍ أوْ عَتاقَةٍ
وصِلَةِ رَحِمٍ، فَهلْ فيها مِن أجْرٍ؟
فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أسْلَمْتَ علَى ما سَلَفَ مِن خَيْرٍ.
المسألة الأولى: أهمية النية في العبادات لقبول الأعمال ونيل الثواب
وذلك لقوله (أتحنث بها)
والتحنث: هو التعبد، إذ إن صلاح الأعمال وقبولها بصلاح النيات وفساد الأعمال وردها بفساد النيات.
المسألة الثانية: هل يُثاب الكافر إذا أسلم وحسن إسلامه على فعله
من خير في حال كفره؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه يُثاب على ذلك كما هو ظاهر الحديث، فتكون القاعدة
(كل كافر عمل أعمالًا صالحة لا يستفيد منها في الآخرة إلا إذا أسلم).
القول الثاني: الكافر لا يُثاب على عمله الصالح الصادر منه في شركه
لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفًا لمن يتقرب إليه والكافر ليس كذلك
فأولوا الحديث بأن يكون معناه أنك اكتسبت عادات جميلة بسبب عمل
الصالحات أو أنها سبب لهدايتك للإسلام.
والراجح والله أعلم: هو القول الأول لوجوب العمل بظاهر الحديث
وهذا من فضل الله ورحمته ولا يمنع فضل الله أحد.
المسألة الثالثة: بيان محاسن الإسلام ورحمة الله الواسعة وأنه-سبحانه-
لا يضيع أجر المحسنين، وذلك بأن كل مشرك أسلم يُكتب له أجر كل خير عمله
قبل إسلامه ولا يُكتب عليه شيء من سيئاته
لأن الإسلام يهدم ماكان قبله من الشرك كما قال-صلى الله عليه وسلم-
لعمرو بن عاص-رضي الله عنه- :
( أما علمت أن الإسلام يهدم ماكان قبله، وأن الهجرة تهدم ماكان قبلها
وأن الحج يهدم ماكان قبله)
وما هذا إلا تفضل من الله بأن كتب لهم الحسنات ومحا عنهم السيئات.
فالحمد لله على فضله وكرمه وإحسانه
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين