مقدمة... أنعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان بنعم كثيرة جداً، ونعم الله تعالى لا تعد وتحصى فهو الرزاق المنعم، وغالباً ما تجد الإنسان يطلب من الله النعم الكثيرة حتى إذا رزقه الله تعالى ما يريد نسي شكر نعمة الله عليه، بل قد يسيء استخدام هذه النعمة مع الزمن وهذا يعتبر من أسباب زوال النعم، فشكر الله تعالى على نعمه هو سبب لدوام النعم، ويجب على المسلم أن يحرص دائماً على شكر الله تعالى ليبارك له في رزقه، ويفرق بعض الناس بين الشكر والحمد، فالحمد يكون باللّسان أم الشكر فيكون بالأفعال، ونذكر في هذا الموضوع وسائل شكر نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان، فاحرص على اتباعها والعمل بها لنيل رضا الله تعالى. الشكر بالقلب واللسان إنّ أوّل ما يمكن أن تفعله لشكر الله تعالى هو شعورك بالامتنان للنعم التي أنعم الله بها عليك، فالجحود وعدم الاعتراف بنعم الله تعالى هو سبب في غضب الله تعالى فاحرص على استحضار نعم الله وفضله عليك، واعلم أنّ النعم قد تكون ظاهرة أو باطنة، فابحث عن نعم الله تعالى عليك وكن ممتنّاً لذلك، فالصحة نعمة والإسلام نعمة والمال نعمة والأولاد نعمة والمسكن والعمل والطعام والشراب كلها من نعم الله تعالى العديدة على الإنسان، فشكر القلب يتضمّن الرضا والقناعة والشعور بفضل الله تعالى، أما شكر اللسان فيكون بترديد ما يدل على شكر القلب كقولك " الحمد لله والشكر لله" أو " رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي" وغيرها من الأذكار والآيات التي تتضمن شكر الله تعالى، فخصّص وقتاً بعد الصلاة مثلاً للتأمل والتفكر في نعم الله تعالى وشكرها بالقلب وباللسان، وتذكر أن الجحود بنعمة الله تعالى والكفر بها هو سبب لزوال هذه النعمة وتحول العافية، فكم من الأقوام جحدوا بنعم الله تعالى فعاقبهم الله عقاباً شديداً. الإنفاق من وسائل شكر نعم الله تعالى الإنفاق، فإن أنعم الله تعالى عليك بنعمة كالمال مثلاً، فواجبك تجاه هذه النعمة الإنفاق منها في السراء والضراء، ويكون الإنفاق على الفقراء والمحتاجين، والأقارب المحتاجين أولى بما تنفقه من غيرهم فإنّك كان لك قريب محتاج فأنفق عليه مما رزقك الله سواء كان هذا الرزق مالاً أو ثمراً أو غيره، واحرص على عدم جرح كرامتهم والإنفاق عليهم بطريقة لا تؤذيهم، وإياك أن تبطل صدقاتك وإنفاقك بالمن والتفضل وإيذاء مشاعر الآخرين، واحرص على المداومة على الصدقات فالله تعالى يرزق بلا حساب، وبالسخاء والكرم يبارك لك الله في مالك وفي رزقك وهناك أربعة أمور عليك مراعاتها عند الإنفاق في سبيل الله أولها أن تكون نيتك خالصة لله تعالى أي أن تفعل هذا العمل طلباً لرضا الله تعالى فلا تكون نيتك الرياء أو السمعة كي يقول الناس أنّك كريم وتقي، لذلك احرص على أن يكون إنفاقك في السر فهو خير لك وللشخص الذي تتصدق عليه، وتأني الأمور التي يجب أن تراعيها هو عدم المن والأذى أي عدم التحدث بما أنفقت وعدم التفضّل على من أنفقت عليه وعدم إيذاء مشاعره وجرح كرامته وإهانته، أما الأمر الثالث فهو أن تنفق من المال الطيب وليس مما قد فسد من الملابس مثلاً أو الطعام وغيره وإن أردت أن تبلغ أعلى الدرجات فأنفق مما تحبه لتنال رضا الله تعالى، أما الأمر الرابع والأخير فهو الحرص على الاعتدال في الإنفاق فالله تعالى قد أثنى على عباده الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وقد نهانا الله تعالى عن الإسراف أو التقتير، فأنفق بما يتناسب مع ما تملك وبذلك تكون قد أديت شكر نعم الله تعالى عليك. سجود الشكر شكر النعم من صفات الأنبياء وقليل من عباد الله تعالى من يشكر نعمه، فقد قال جل وعلا " وقليل من عبادي الشكور"، فاحرص على أن تكون من هذه القلة التي ذكرها الله سبحان وتعالى، وأحد الطرق التي يمكن أن تكون بها من الشاكرين هي أن تسجد شكراً لله تعالى إذا بُشرت بما يسرك كنجاحك أو شفاء من تحبه أو عودة غائب أو إذا رزقك الله مولوداً أو غيرها من الأمور التي تسرك، وسجود الشكر يكون كسجود الصلاة، ولكنها تكون سجدة واحدة وتقول فيها سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات ثم تثني على الله تعالى وتشكره على نعمته وتسأله أن يعينك على شكر هذه النعمة والحفاظ عليها، وسجود الشكر لا يتطلب الطهارة أو ستر العورة أو استقبال القبلة، فسجود الشكر هو من أعظم ما تشكر به ربك لأنّك بسجودك تضع أشرف أعضائك وهو وجهك على الأرض في خضوع وخشوع لله وحده وبذلك تجسد إيمانك بفكرة أن الله تعالى وحده الرزاق، وأن ما أتاك من الرزق يعود الفضل فيه إلى الله وحده لا شريك له، فاحرص على سجود الشكر دائماً واجعله عادة لك لتكون قد أديت شكرك لله سبحانه وتعالى المحافظة على النعم انظر حولك وفي نفسك وتأمل نعم الله تعالى عليك، كالصحة والمال والأهل والذرية والعلم والإسلام والمسكن والطعام والشراب وغيرها الكثير من النعم، ثم انظر واسأل نفسك: هل حافظت على هذه النعم؟ هل حافظت على صحتك كما ينبغي؟ أم أنّك تتناول ما قد يضر صحتك وتهمل ممارسة الرياضة وتمارس عادات تؤذي صحتك كالتدخين؟ وانظر كيف تنفق مالك الذي رزقك الله تعالى إياه، هل تنفقه في وجوه الخير أم أنّك تنفقه على ما لا يرضي الله؟ وهل تنفق من هذا المال باعتدال أم أنّك تسرف في الإنفاق؟ وانظر إلى أهلك وزوجتك وأولادك، هل تؤدي واجباتك تجاههم أم تهملهم؟ وانظر إلى علمك وإلى إسلامك وإلى مسكنك ومأكلك ومشربك، هل تحافظ عليهم؟ أم أنّك تهملهم أو تسيء استخدامهم، وراجع نفسك واعزم على الحفاظ على نعم الله تعالى واستغلالها بما يرضي الله واحرص على عدم إساءة استخدامها، وإذا رأيت من يسيء استخدامها أو يهدرها فانصحه وأعنه على الخير فكثيراً ما نرى الناس يسرفون في الطعام والشراب ويلقون بما يفيض منهما في القمامة، بينما هناك من يحتاج هذا الطعام سواء من الناس أو من الحيوانات والطيور، فحافظ على نعم الله لتكون من الشاكرين.
إنّ شكر الله على نعمه العديدة صفة من صفات الأنبياء والمرسلين والعباد الصالحين، وهو سبب لدوام النعم وعدم تحولها أو زوالها، فأكثر الناس ليسوا من الشاكرين، وقليل فقط هم من يشكرون الله تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، فتذكر دائماً كم هو أمر عظيم أن تكون من القلة الشاكرة لله تعالى، لذلك اسأل الله تعالى أن يعينك على شكره وأن يجعلك من هذه القلة، وكن ممتناً للنعم التي أنعم الله بها عليك واحرص على الإنفاق دائماً مما رزقك الله سبحانه وتعالى، وأن تحافظ على النعم وتعتني بها، وأخيراً تذكر أن تسجد سجود الشكر لله تعالى دائماً كلما أسرّك أمر ما، باتباعك لهذه النصائح فإنّك تكون بإذن الله تعالى من الشاكرين.