#1
|
|||||||||
|
|||||||||
من أي الفضل تريد أن تنهل أكثر؟
من أي الفضل تريد أن تنهل أكثر؟ ماذا كنت تفعل لو كانت أمامك مائدة عامرة بما لذَّ وطاب، عليها كل ما تحب وتتمنى، فتحتار أتأكل من ذلك الصنف أم ذاك، ولكن هذا طعمه طيب، وهذا، وهذه، وتلك، وذاك..؟ هل جربت ذلك الشعور يومًا وأنت محتار بين أي ذكر تقول، وأي فضل ترجو، أو لم تستشعر بعد لذة الذكر وحلاوته؟ هل أثقلت كاهلك الذنوبُ وضاق صدرك بالهموم؟ هل تريد المال، أو تأخر عنك الولد؟ إذًا، فهيا أسرع، لماذا لا تُقبِل على مائدة الاستغفار؟ هيا لماذا لا تبدأ؟ يقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، ويقول الله تعالى في سورة نوح: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12]، ويقول الله تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، ويروى أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: ((من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب)). ألا يهفو قلبك إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم، وتريد أن تبلغه السلام، فيرده عليك؟ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ؛ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم))؛ [رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع]. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد يسلم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي، حتى أرد عليه السلام))؛ [رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع]. وتذكر حديث عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاةً))؛ [رواه الترمذي، وحسنه الألباني]. وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ((قلت: يا رسول الله، إني أُكثِرُ الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدتَ فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكفَى همك، ويُغفَر لك ذنبك))؛ [رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب]. هل تعلم ذلك الفضل العظيم، ثم لا تسرع وتبادر للصلاة عليه؟ وما إن تبدأ وتتذوق حلاوته، إذا بك تتذكر التسبيح؛ وقوله تعالى: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 143، 144]، فتقرر أن تجعل لك رصيدًا من التسبيح ينفعك وقت البلاء، أو يضيق صدرك وتشعر بالحزن؛ فتتذكر قول الله تعالى في سورة الحجر: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99]، فتنتقل للتسبيح؛ طمعًا في انشراح الصدر. ثم يأتي مشهد الميزان أمام العين، فترتجف الأوصال، ولكن تتذكر أن لديك فرصة لتملأ الميزان؛ فيطرب الفؤاد ويسعد، وتضيف على التسبيحِ الحمدَ؛ فعن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السماوات والأرض ...))؛ [رواه مسلم]. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)). وتتخيل الجنة، وما أدراك ما الجنة! طيبة التربة، عذبة الماء، جاهزة للغرس، وما بقي إلا أن تغرس فيها غرسك؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلك على غراس هو خير من هذا؟ تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ يُغرَس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة))؛ [صححه الألباني في صحيح الترغيب]، فلماذا لا تغرس الملايين من الأشجار في الجنة؟ وتظن أنك بذلك بلغت أعظم المنى، ثم تعرف أن سيد الأنبياء رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمنا صيغة للحمد والتسبيح لمضاعفة الأجور؛ فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك اللهَ الليل مع النهار؟ تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السماوات وما في الأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله على ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وتسبح الله مثلهن، تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك))؛ [صححه الألباني في صحيح الجامع]. وهكذا تظل في حيرة من أمرك: من أي الفضل تريد أن تنهل أكثر؟ ومن أي الذكر تروي ظمأك؟ ومن أي مائدة تريد أن تأكل؟ ومن أي النسيم تريد أن تنعش قلبك؟ فكل ذكر له طعمه ومذاقه الخاص وثوابه العظيم، دون جهد أو تعب، ولا يحتاج إلى وقت أو نصب. ويظل قلبك يطير بجناحيه بين هذا الذكر وذاك لا يستقر، يريد أن يتنعم، يرشف من هذا الذكر رشفة، ثم يقطف من ذلك قطفة. فلا تحرموا أنفسكم من مائدة الذكر، واحصلوا بكل يسر على كل ما يشغل الفكر. |
09-23-2020, 10:57 AM | #7 |
|
جزاك الله خير
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هل تريد الدفء؟ | رويم | ضفاف المنبر العام | 18 | 10-07-2020 05:26 PM |
تريد النجاة تعال هنا دقيقة | الغالي | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 7 | 01-02-2020 07:32 AM |