ننتظر تسجيلك هـنـا

مجلة امل عمرى الاصدار الثانى لعام 2020
عدد مرات النقر : 2,317
عدد  مرات الظهور : 66,370,329
مركز رفع منتدى امل عمري
عدد مرات النقر : 2,870
عدد  مرات الظهور : 66,370,406
تقسيط بطاقات سوا بكل الفئات
عدد مرات النقر : 724
عدد  مرات الظهور : 48,412,883
منتديات أمل عمري الأدبية ترحب بكم  .. كلمة الإدارة


الإهداءات


العودة   منتديات أمل عمري > خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل > خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-02-2017, 09:25 AM   #21
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

وفي ثنايا هذه الحملة على المنافقين - الذين في قلوبهم مرض - نجد إشارة إلى(شياطينهم). والظاهر من سياق السورة ومن سياق الأحداث في السيرة أنها تعني اليهود , الذين تضمنت السورة حملات شديدة عليهم فيما بعد . أما قصتهم مع الدعوة فنلخصها في هذه السطور القليلة:
لقد كان اليهود هم أول من اصطدم بالدعوة في المدينة ; وكان لهذا الاصطدام أسبابه الكثيرة . . كان لليهود في يثرب مركز ممتاز بسبب أنهم أهل كتاب بين الأميين من العرب - الأوس والخزرج - ومع أن مشركي العرب لم يظهروا ميلا لاعتناق ديانة أهل الكتاب هؤلاء , إلا أنهم كانوا يعدونهم أعلم منهم وأحكم بسبب ما لديهم من كتاب . ثم كان هنالك ظرف موات لليهود فيما بين الأوس والخزرج من فرقة وخصام - وهي البيئة التي يجد اليهود دائما لهم فيها عملا ! - فلما أن جاء الإسلام سلبهم هذه المزايا جميعا . . فلقد جاء بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتاب ومهيمن عليه . ثم إنه أزال الفرقة التي كانوا ينفذون من خلالها للدس والكيد وجر المغانم , ووحد الصف الإسلامي الذي ضم الأوس والخزرج , وقد أصبحوا منذ اليوم يعرفون بالأنصار , إلى المهاجرين , وألف منهم جميعا ذلك المجتمع المسلم المتضام المتراص الذي لم تعهد له البشرية من قبل ولا من بعد نظيرا على الإطلاق .
ولقد كان اليهود يزعمون أنهم شعب الله المختار , وأن فيهم الرسالة والكتاب . فكانوا يتطلعون أن يكون الرسول الأخير فيهم كما توقعوا دائما . فلما أن جاء من العرب ظلوا يتوقعون أن يعتبرهم خارج نطاق دعوته , وأن يقصر الدعوة على الأميين من العرب ! فلما وجدوه يدعوهم - أول من يدعو - إلى كتاب الله , بحكم أنهم أعرف به من المشركين , وأجدر بالاستجابة له من المشركين . . أخذتهم العزة بالإثم , وعدوا توجيه الدعوة إليهم إهانة واستطالة !
ثم إنهم حسدوا النبي "" صلى الله عليه وسلم ""حسدا شديدا . حسدوه مرتين:مرة لأن الله اختاره وأنزل عليه الكتاب - وهم لم يكونوا يشكون في صحته - وحسدوه لما لقيه من نجاح سريع شامل في محيط المدينة .
على أنه كان هناك سبب آخر لحنقهم ولموقفهم من الإسلام موقف العداء والهجوم منذ الأيام الأولى:ذلك هو شعورهم بالخطر من عزلهم عن المجتمع المدني الذي كانوا يزاولون فيه القيادة العقلية والتجارة الرابحة والربا المضعف ! هذا أو يستجيبوا للدعوة الجديدة . ويذوبوا في المجتمع الإسلامي . وهما أمران - في تقديرهم - أحلاهما مر !

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:25 AM   #22
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

لهذا كله وقف اليهود من الدعوة الإسلامية هذا الموقف الذي تصفه سورة البقرة , [ وسور غيرها كثيرة ] في تفصيل دقيق , نقتطف هنا بعض الآيات التي تشير إليه . . جاء في مقدمة الحديث عن بني إسرائيل هذ النداء العلوي لهم يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون . وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم . ولا تكونوا أول كافر به , ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا , وإياي فاتقون . ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون . وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين . أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم . وأنتم تتلون الكتاب. أفلا تعقلون .). . وبعد تذكيرهم طويلا بمواقفهم مع نبيهم موسى - عليه السلام - وجحودهم لنعم الله عليهم , وفسوقهم عن كتابهم وشريعتهم . . ونكثهم لعهد الله معهم . . جاء في سياق الخطاب لتحذير المسلمين منهم أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ? وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا:آمنا , وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا:أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ? أفلا تعقلون ?). .(وقالوا:لن تمسنا النار إلا أياما معدودة . قل:أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ? أم تقولون على الله ما لا تعلمون ?). .(ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به , فلعنة الله على الكافرين). . . (وإذا قيل لهم:آمنوا بما أنزل الله . قالوا:نؤمن بما أنزل علينا , ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم). . .(ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون). . . (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم). . . (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق). . . (وقالوا:لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى . تلك أمانيهم). . . (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). .

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:25 AM   #23
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

وكانت معجزة القرآن الخالدة أن صفتهم التي دمغهم بها هي الصفة الملازمة لهم في كل أجيالهم من قبلالإسلام ومن بعده إلى يومنا هذا . مما جعل القرآن يخاطبهم - في عهد النبي "" صلى الله عليه وسلم ""كما لو كانوا هم أنفسهم الذين كانوا على عهد موسى - عليه السلام - وعلى عهود خلفائه من أنبيائهم باعتبارهم جبلة واحدة . سماتهم هي هي , ودورهم هو هو , وموقفهم من الحق والخلق موقفهم على مدار الزمان ! ومن ثم يكثر الالتفات في السياق من خطاب قوم موسى , إلى خطاب اليهود في المدينة , إلى خطاب أجيال بين هذين الجيلين . ومن ثم تبقى كلمات القرآن حية كأنما تواجه موقف الأمة المسلمة اليوم وموقف اليهود منها . وتتحدث عن استقبال يهود لهذه العقيدة ولهذه الدعوة اليوم وغدا كما استقبلتها بالأمس تماما ! وكأن هذه الكلمات الخالدة هي التنبيه الحاضر والتحذير الدائم للأمة المسلمة , تجاه أعدائها الذين واجهوا أسلافها بما يواجهونها اليوم به من دس وكيد , وحرب منوعة المظاهر , متحدة الحقيقة !

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:25 AM   #24
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

4 - أسس بناء الجماعة المسلمة وإعدادها للخلافة

وهذه السورة التي تضمنت هذا الوصف , وهذا التنبيه , وهذا التحذير , تضمنت كذلك بناء الجماعة المسلمة وإعدادها لحمل أمانة العقيدة في الأرض بعد نكول بني إسرائيل عن حملها قديما , ووقوفهم في وجهها هذه الوقفة أخيرا . .
تبدأ السورة - كما أسلفنا - بوصف تلك الطوائف التي كانت تواجه الدعوة أول العهد بالهجرة - بما في ذلك تلك الإشارة إلى الشياطين اليهود الذين يرد ذكرهم فيما بعد مطولا - وتلك الطوائف هي التي تواجه هذه الدعوة على مدار التاريخ بعد ذلك . ثم تمضي السورة على محورها بخطيه الأساسيين إلى نهايتها . في وحدة ملحوظة , تمثل الشخصية الخاصة للسورة , مع تعدد الموضوعات التي تتناولها وتنوعها .
فبعد استعراض النماذج الثلاثة الأولى:المتقين . والكافرين . والمنافقين . وبعد الإشارة الضمنية لليهود الشياطين . . نجد دعوة للناس جميعا إلى عبادة الله والإيمان بالكتاب المنزل على عبده . وتحدي المرتابين فيه أن يأتوا بسورة من مثله . وتهديد الكافرين بالنار وتبشير المؤمنين بالجنة . . ثم نجد التعجيب من أمر الذين يكفرون بالله : كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم , ثم يميتكم ثم يحييكم , ثم إليه ترجعون ! هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا , ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات , وهو بكل شيء عليم). .
وعند هذا المقطع الذي يشير إلى خلق ما في الأرض جميعا للناس تجيء قصة استخلاف آدم في الأرض: (وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة). . وتمضي القصة تصف المعركة الخالدة بين آدم والشيطان حتى تنتهي بعهد الاستخلاف - وهو عهد الإيمان - : قلنا:اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى , فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). .


 

قديم 07-02-2017, 09:26 AM   #25
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

بعد هذا يبدأ السياق جولة واسعة طويلة مع بني إسرائيل - أشرنا إلى فقرات منها فيما سبق - تتخللها دعوتهم للدخول في دين الله وما أنزله الله مصدقا لما معهم مع تذكيرهم بعثراتهم وخطاياهم والتوائهم وتلبيسهم منذ أيام موسى - عليه السلام - وتستغرق هذه الجولة كل هذا الجزء الأول من السورة .
ومن خلال هذه الجولة ترتسم صورة واضحة لاستقبال بني إسرائيل للإسلام ورسوله وكتابه . . لقد كانوا أول كافر به . وكانوا يلبسون الحق بالباطل . وكانوا يأمرون الناس بالبر - وهو الإيمان - وينسون أنفسهم . وكانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه . وكانوا يخادعون الذين آمنوا باظهار الإيمان وإذا خلا بعضهم إلى بعض حذر بعضهم بعضا من إطلاع المسلمين على ما يعلمونه من أمر النبي وصحة رسالته ! وكانوا يريدونإن يردوا المسلمين كفارا . وكانوا يدعون من أجل هذا أن المهتدين هم اليهود وحدهم - كما كان النصارى يدعون هذا أيضا - وكانوا يعلنون عداءهم لجبريل - عليه السلام - بما أنه هو الذي حمل الوحي إلى محمد دونهم ! وكانوا يكرهون كل خير للمسلمين ويتربصون بهم السوء . وكانوا ينتهزون كل فرصة للتشكيك في صحة الأوامر النبوية ومجيئها من عند الله تعالى - كما فعلوا عند تحويل القبلة - وكانوا مصدر إيحاء وتوجيه للمنافقين . كما كانوا مصدر تشجيع للمشركين .


 

قديم 07-02-2017, 09:26 AM   #26
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

ومن ثم تتضمن السورة حملة قوية على أفاعيلهم هذه ; وتذكرهم بمواقفهم المماثلة من نبيهم موسى - عليه السلام - ومن شرائعهم وأنبيائهم على مدار أجيالهم . وتخاطبهم في هذا كأنهم جيل واحد متصل , وجبلة واحدة لا تتغير ولا تتبدل .
وتنتهي هذه الحملة بتيئيس المسلمين من الطمع في إيمانهم لهم , وهم على هذه الجبلة الملتوية القصد , المؤوفة الطبع . كما تنتهي بفصل الخطاب في دعواهم أنهم وحدهم المهتدون , بما أنهم ورثة إبراهيم . وتبين أن ورثة إبراهيم الحقيقيين هم الذين يمضون على سنته , ويتقيدون بعهده مع ربه ; وأن وراثة إبراهيم قد انتهت إذن إلى محمد "" صلى الله عليه وسلم ""والمؤمنين به , بعد ما انحرف اليهود وبدلوا ونكلوا عن حمل أمانة العقيدة , والخلافة في الأرض بمنهج الله ; ونهض بهذا الأمر محمد والذين معه . وأن هذا كان استجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - وهما يرفعان القواعد من البيت : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك , وأرنا مناسكنا , وتب علينا , إنك أنت التواب الرحيم . ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك , ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم , إنك أنت العزيز الحكيم).
وعند هذا الحد يبدأ سياق السورة يتجه إلى النبي "" صلى الله عليه وسلم ""وإلى الجماعة المسلمة من حوله ; حيث يأخذ في وضع الأسس التي تقوم عليها حياة هذا الجماعة المستخلفة على دعوة الله في الأرض , وفي تمييز هذه الجماعة بطابع خاص , وبمنهج في التصور وفي الحياة خاص .
ويبدأ في هذا بتعيين القبلة التي تتجه إليها هذه الجماعة . وهي البيت المحرم الذي عهد الله لإبراهيم وإسماعيل أن يقيماه ويطهراه ليعبد فيه الله وحده , هذه القبلة التي كان النبي "" صلى الله عليه وسلم ""يرغب ولا يصرح في الاتجاه إليها: (قد نرى تقلب وجهك في السماء , فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام , وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). .

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:26 AM   #27
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

ثم تمضي السورة في بيان المنهج الرباني لهذه الجماعة المسلمة . منهج التصور والعبادة , ومنهج السلوك والمعاملة , تبين لها أن الذين يقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتا بل أحياء . وأن الإصابة بالخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات ليس شرا يراد بها , إنما هو ابتلاء , ينال الصابرون عليه صلوات الله ورحمته وهداه . وأن الشيطان يعد الناس الفقر ويأمرهم بالفحشاء والله يعدهم مغفرة منه وفضلا . وأن الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور , والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات . . وتبين لهم بعض الحلال والحرام في المطاعم والمشارب . وتبين لهم حقيقة البر لا مظاهره وأشكاله . وتبين لهم أحكام القصاص في القتلى . وأحكام الوصية . وأحكام الصوم . وأحكام الجهاد . وأحكام الحج . وأحكام الزواج والطلاق مع التوسع في دستور الأسرة بصفة خاصة . وأحكام الصدقة وأحكام الربا . وأحكام الدين والتجارة . . .
وفي مناسبات معينة يرجع السياق إلى الحديث عن بني إسرائيل من بعد موسى . وعن حلقات من قصةإبراهيم . ولكن جسم السورة - بعد الجزء الأول منها - ينصرف إلى بناء الجماعة المسلمة , وإعدادها لحمل أمانة العقيدة , والخلافة في الأرض بمنهج الله وشريعته . وتمييزها بتصورها الخاص للوجود , وارتباطها بربها الذي اختارها لحمل هذه الأمانة الكبرى .
وفي النهاية نرى ختام السورة ينعطف على افتتاحها , فيبين طبيعة التصور الإيماني , وإيمان الأمة المسلمة بالأنبياء كلهم , وبالكتب كلها وبالغيب وما وراءه , مع السمع والطاعة: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون , كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله , لا نفرق بين أحد من رسله , وقالوا:سمعنا وأطعنا , غفرانك ربنا وإليك المصير . لا يكلف الله نفسا إلا وسعها , لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت , ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا , ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا , ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به , واعف عنا واغفر لنا , وارحمنا , أنت مولانا , فانصرنا على القوم الكافرين . .

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:27 AM   #28
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

ومن ثم يتناسق البدء والختام , وتتجمع موضوعات السورة بين صفتين من صفات المؤمنين وخصائص الإيمان .
في هذا المقطع , الذي يكون افتتاح السورة الكبيرة , نجد الملامح الأساسية للطوائف التي واجهتها الدعوة في المدينة باستثناء طائفة اليهود التي ترد إشارة صغيرة لها , ولكنها كافية , فإن تسميتهم بشياطين المنافقين تشير إلى الكثير من صفاتهم , ومن حقيقة دورهم , حتى يرد التفصيل الكامل بعد قليل .
وفي رسم هذه الملامح نجد خصائص التعبير القرآنية , التي تتجلى في قيام الكلمة مقام الخط واللون , إذ سرعان ما ترتسم الصور من خلال الكلمات ; ثم سرعان ما تنبض هذه الصور وكأنها تموج بالحياة . .
وهنا . . في عدد قليل من الكلمات والعبارات في أول السورة ترتسم ثلاث صور لثلاثة أنماط من النفوس . كل نمط منها نموذج حي لمجموعات ضخمة من البشر . نموذج أصيل عميق متكرر في كل زمان ومكان . حتى ما تكاد البشرية كلها في جميع أعصارها وأقطارها تخرج عن تلك الأنماط الثلاثة . . وهذا هو الإعجاز . .
في تلك الكلمات القلائل والآيات المعدودات ترتسم هذه الصور واضحة كاملة , نابضة بالحياة , دقيقة السمات , مميزة الصفات . حتى ما يبلغ الوصف المطول والإطناب المفصل شيئا وراء هذه اللمسات السريعة المبينة , الجميلة النسق , الموسيقية الإيقاع .
فإذا انتهى السياق من عرض هذه الصور الثلاث دعا الناس . . الناس جميعا . . إلى الصورة الأولى ; وناداهم .
ناداهم كافة . . أن يفيئوا إليها . أن يفيئوا إلى عبادة الله الواحد , والخالق الواحد , والرازق الواحد , بلا شركاء ولا أنداد . وتحدى الذين يرتابون في رسالة النبي "" صلى الله عليه وسلم ""وتنزيل الكتاب عليه أن يأتوا بسورة من مثله . وأنذرهم إذا تولوا عذابا مفزعا مرهوبا ; وبشر المؤمنين وصور ما ينتظرهم من نعيم مقيم .
ثم أخذ يرد على اليهود والمنافقين الذين استنكروا ضرب الله للأمثال في القرآن , واتخذوا منه وسيلة للتشكيك في أنه منزل من عند الله . وحذرهم ما وراء ضرب الأمثال , أن يزيدهم ضلالا - كما يزيد المؤمنين هدى - ثم استنكر أن يكفروا بالله المحيي المميت الخالق المدبر , العليم بكل شيء في هذا الوجود , وهو الذي أنعم على البشر فخلق لهم ما في الأرض جميعا واستخلفهم في هذا الملك الطويل العريض .

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:27 AM   #29
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

صفات المتقين

تبدأ السورة بهذه الأحرف الثلاثة المقطعة:"ألف . لام . ميم" . يليها الحديث عن كتاب الله : ذلك الكتاب لا ريب فيه , هدى للمتقين). .
ومثل هذه الأحرف يجيء في مقدمة بعض السور القرآنية . وقد وردت في تفسيرها وجوه كثيرة . نختار منها وجها . إنها إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الأحرف , وهي في متناول المخاطبين به من العرب . ولكنه - مع هذا - هو ذلك الكتاب المعجز , الذي لا يملكون أن يصوغوا من تلك الحروف مثله . الكتاب الذي يتحداهم مرة ومرة ومرة أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله , أو بسورة من مثله فلا يملكون لهذا التحدي جوابا !
والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق الله جميعا . وهو مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس . . أن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات . فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة , أو آنية أو اسطوانة , أو هيكل أو جهاز . كائنا في دقته ما يكون . . ولكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة . حياة نابضة خافقة . تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز . . سر الحياة . . ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر , ولا يعرف سره بشر . . وهكذا القرآن . . حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا , ويجعل منها الله قرآنا وفرقانا , والفرق بين صنع البشر وصنع الله من هذه الحروف والكلمات , هو الفرق ما بين الجسد الخامد والروح النابض . . هو الفرق ما بين صورة الحياة وحقيقة الحياة !

( يتبع )


 

قديم 07-02-2017, 09:27 AM   #30
عمدة الحاره


الصورة الرمزية النجم البعيد
النجم البعيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 398
 تاريخ التسجيل :  Jun 2017
 أخر زيارة : 12-24-2017 (09:18 PM)
 المشاركات : 744 [ + ]
 التقييم :  10
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Steelblue
افتراضي



تابع – سورة البقرة

(ذلك الكتاب لا ريب فيه). .
ومن أين يكون ريب أو شك ; ودلالة الصدق واليقين كامنة في هذا المطلع , ظاهرة في عجزهم عن صياغة مثله , من مثل هذه الأحرف المتداولة بينهم , المعروفة لهم من لغتهم ?
(ذلك الكتاب لا ريب فيه . . هدى للمتقين). .
الهدى حقيقته , والهدى طبيعته , والهدى كيانه , والهدى ماهيته . . ولكن لمن ? لمن يكون ذلك الكتاب هدى ونورا ودليلا ناصحا مبينا ? . . للمتقين . . فالتقوى في القلب هي التي تؤهله للانتفاع بهذا الكتاب . هي التي تفتح مغاليق القلب له فيدخل ويؤدي دوره هناك . هي التي تهيء لهذا القلب أن يلتقط وأن يتلقى وأن يستجيب .
لا بد لمن يريد أن يجد الهدى في القرآن أن يجيء إليه بقلب سليم . بقلب خالص . ثم أن يجيء إليه بقلب يخشى ويتوقى , ويحذر أن يكون على ضلالة , أو أن تستهويه ضلالة . . وعندئذ يتفتح القرآن عن أسراره وأنواره , ويسكبها في هذا القلب الذي جاء إليه متقيا , خائفا , حساسا , مهيأ للتلقي . . ورد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل أبي بن كعب عن التقوى فقال له:أما سلكت طريقا ذا شوك ? قال بلى ! قال:فما عملت ? قال:شمرت واجتهدت . قال:فذلك التقوى . .
فذلك التقوى . . حساسية في الضمير , وشفافية في الشعور , وخشية مستمرة , وحذر دائم , وتوق لأشواك الطريق . . طريق الحياة . . الذي تتجاذبه أشواك الرغائب والشهوات , وأشواك المطامع والمطامح , وأشواك المخاوف والهواجس , وأشواك الرجاء الكاذب فيمن لا يملك إجابة رجاء , والخوف الكاذب ممن لا يملك نفعا ولا ضرا . وعشرات غيرها من الأشواك !

( يتبع )


 

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف, الصور, النزول, القرآن, الكريم, بسور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
«الدوخة».. عارض مزعج وأسباب مجهولة رويم زادك و صحتك 5 02-20-2020 03:55 PM
عملية حسابية لمعرفة رقم الصفحة في القرآن الكريم إعجـــاز خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل 6 01-02-2020 03:39 AM
سجل حضورك بسوره من سور القرآن الكريم فرح خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل 54 01-01-2020 04:28 AM
نساء لم يذكر القرآن الكريم أسمائهن أميرة الاحساس خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل 13 01-01-2020 02:21 AM
الارهاب فى القرآن الكريم .. بقلمى حسن سعد خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل 9 04-12-2018 01:56 PM


الساعة الآن 11:14 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education