09-07-2018, 05:53 PM | #41 |
|
قصة مجنون ليلى التي بكيتُ منها طويلاً منقولة من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني : يقول شيخ من بني مرة خرجت إلى أرض بني عامر لألقى المجنون فدللت على محلته فأتيتها فإذا أبوه شيخ كبير وإخوة له رجال وإذا نعم كثير وخير ظاهر فسألتهم عنه فاستعبروا جميعا وقال الشيخ والله لهو آثر في نفسي من هؤلاء وأحبهم إلي وإنه هوي امرأة من قومه والله ما كانت تطمع في مثله فلما أن فشا أمره وأمرها كره أبوها أن يزوجها منه بعد ظهور الخبر فزوجها من غيره فذهب عقل ابني ولحقه خبل وهام في الفيافي وجداً عليها فحبسناه وقيدناه فجعل يعض لسانه وشفتيه حتى خفنا عليه أن يقطعها فخلينا سبيله فهو يهيم في هذه الفيافي مع الوحوش ويذهب إليه كل يوم بطعامه فيوضع له حيث يراه فإذا تنحوا عنه جاء فأكل منه . قال الشيخ فسألتهم أن يدلوني عليه فدلوني على فتى من الحي كان صديقا له وقالوا إنه لا يأنس إلا به ولا يأخذ أشعاره عنه غيره فأتيته فسألته أن يدلني عليه . فقال : إن كنت تريد شعره فكل شعر إلى أمس عندي وأنا ذاهب إليه غداً فإن كان قال شيئا أتيتك به . فقلت : بل أريد أن تدلني عليه لآتيه . فقال لي : إنه إن نفر منك نفر مني فيذهب شعره . فأبيت إلا أن يدلني عليه فقال : اطلبه في هذه الصحارى فإذا رأيته فادن منه مستأنساً ولا تره أنك تهابه فإنه يتهددك ويتوعدك أن يرميك بشيء فلا يروعنك واجلس صارفا بصرك عنه والحظه أحيانا فإذا رأيته قد سكن من نفاره فأنشده شعرا غزلا وإن كنت تروي من شعر قيس بن ذريح شيئا فأنشده إياه فإنه معجب به . يقول الشيخ فخرجت فطلبته يومي إلى العصر فوجدته جالساً على رمل قد خط فيه بأصبعه خطوطا فدنوت منه غير منقبض فنفر مني نفور الوحش من الإنس وإلى جانبه أحجار فتناول حجراً فأعرضت عنه فمكث ساعة كأنه نافر يريد القيام فلما طال جلوسي سكن وأقبل يخط بأصبعه فأقبلت عليه وقلت أحسن والله قيس بن ذريح حيث يقول : ألا يا غرابَ البينِ ويحك نبِّني بعلمك في لبُنى وأنت خبيـرُ فإن أنتَ لم تُخبِر بشيءٍ علمته فلا طِرْتَ إلا والجنـاحُ كسيُـرُ ودُرْتَ بأعداد حبيبُك فيهـمُ كما قد تَراني بالحبيب أَدورُ فأقبل علي وهو يبكي فقال : أحسن والله وأنا أحسن منه قولاً حيث أقول : كأنّ القلبَ ليلةَ قِيلَ يُغْدَى بليلى العامريَّـةِ أو يُـراحُ قطاةٌ عزّها شَـرَكٌ فباتـتْ تُجاذِبه وقد عَلِـقَ الجنـاحُ فأمسكت عنه هنيهة ثم أقبلت عليه فقلت : وأحسن والله قيس بن ذريح حيث يقول : وإني لَمُفْنٍ دمـعَ عَيْنَـيَّ بالبكـا حِذَاراً لِمَا قد كان أو هو كائـنُ وقالوا غداً أو بعـد ذاكَ بليلـةٍ فراقُ حبيبٍ لم يَبِن وهـو بائـنُ وما كنتُ أخشى أن تكونَ مَنِيّتِي بكفّيكِ إلا أن مَنْ حَـانَ حَائِـنُ قال فبكى والله حتى ظننت أن نفسه قد فاضت وقد رأيت دموعه بلت الرمل الذي بين يديه ثم قال أحسن لعمر الله وأنا والله أشعر منه حيث أقول : وأدْنيتِني حتى إذا ما سَبَيتِني بقولٍ يُحِلُ العُصْمَ سَهْلَ الأباطِـحِ تناءيْتِ عنّي حِينَ لا لِيَ حيلـةٌ وخلّفتِ ما خلّفتِ بين الجوانـحِ ثم سنحت له ظبية فوثب يعدو خلفها حتى غاب عني وانصرفت وعدت من غد فطلبته فلم أجده وجاءت امرأة كانت تصنع له طعامه إلى الطعام فوجدته بحاله فلما كان في اليوم الثالث غدوت وجاء أهله معي فطلبناه يومنا فلم نجده وغدونا في اليوم الرابع نستقري أثره حتى وجدناه في واد كثير الحجارة خشن وهو ميت بين تلك الحجارة فبينما هم يقلبونه إذ وجدوا خرقة مكتوب فيها : أَلاَ أيها الشيخُ الذي ما بنا يرضَى شَقِيتَ ولا هُنِّيتَ من عَيشِكَ الغَضّا شَقِيَت كمـا أشقيتَنـي وتركتَنـي أهِيمُ مع الهُلاّكِ لا أَطْعَمُ الغَمْضَـا كأنّ فؤادي فـي مخالـب طائـرٍ إذا ذُكِرَتْ ليلَى يَشُدّ بهـا قَبْضَـا كأن فِجاجَ الأرضِ حَلْقَـةٌ خاتَـمٍ عليّ فما تزدادُ طُولاً ولا عَرْضـا فاحتمله أهله فغسلوه وكفنوه ودفنوه فلم تبق فتاة من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرة صارخة عليه تندبه واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء وينشجون عليه أشد نشيج وحضرهم حي ليلى معزين وأبوها معهم فكان أشد القوم جزعا وبكاء عليه وجعل يقول : ما علمنا أن الأمر يبلغ كل هذا ولكني كنت امرأ عربيا أخاف من العار وقبح الأحدوثة ما يخافه مثلي فزوجتها وخرجت عن يدي ولو علمت أن أمره يجري على هذا ما أخرجتها عن يده ولا احتملت ما كان علي في ذلك قال فما رئي يوم كان أكثر باكية وباكيا على ميت من يومئذ . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-10-2018, 12:33 AM | #42 |
|
تذاكرت مع أختي الكبرى ليلة البارحة أخي أبا خالد رحمه الله فهاض خاطري بهذه الكلمات : سبحان الله خمس سنين مرت وقبلها تسعاً لم أذق للسعادة طعماً وكم من مرة خرجت من المنزل فرفعت أكف الذل والضراعة والعبودية لله وقد ترقرق الدمع بعيني أسأل الذي أمره بين الكاف والنون أن لا يردني إلى المنزل إلا محمولاً فوق الأكف . أخي أبا خالد لو سألت النجم لعرفني من بين ملايين البشر من كثرة ما راعيته ولو سألت القمر لعرّفك حزني بدل نطقي من كثرة ما رآني سارياً في البيداء وحدي في ظلمة الليل أندبك بالأشعار وأرثيك ولو نطق الشعر لأخبرك أني أفنيت قوافيه في رثائك ولو استنبأت النثر لأنبأك كم استنفدت عباراته في تأبينك فهل ترأف بحالي بعد هذا وتعود . يا لسخفي أيعود للحياة من مات ؟ . أعلم أنه رحيل أبدي لا أوبة منه ولكن اعذروني فوربي إنه الشوق والحنين لأخي الذي قاسمني رحم أمي وشاطرني ماله ووقف معي وقفات لم يقفها غيره فرحمه الله وليتني كنت الفداء له وغودرت في ساحة الوغى بدلاً عنه . أيها الموت ها هي يداي ترفرفان شوقاً للقائك فهل ستعانقهما كما تعانق الأم الرؤوم طفلها عندما يرفرف عند مرآها . أخي لتهنأ روحك في قبرها فربما في القريب العاجل أحل ضيفاً على الرحمن الرحيم وأجاورك في قبرك وترتوي عيناي منك وتنطفيء جمرة الشوق فانتظرني فلعل الله استجاب لي الدعاء وملك الموت لبى النداء . يا بشراك يا أبا بسام عندما تغرغر روحك وترى أخاك ماداًّ ذراعيه مع صحبك الذين فارقتهم فتنادي من الفرحة والسعادة وأنت ترى رحمة الله تحل بساحتك (أهلاً بحبيبٍ أتى بعد طول غياب ويا مرحباً بمن يدنينا للأحبة) . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-10-2018, 12:35 AM | #43 |
|
السنة السادسة :
أخي هاهي السنة السادسة لرحيلك المليئة بالكآبة تطل علي وأنا على ما عهدتني عليه من الشجن والبكاء . أخي كثيراً إذا ما خلوت بنفسي أتذكرك وأتذكر مواقفك ثم أجهش ببكاء مرير وأرفع يدي لله جل جلاله أسأله سرعة رحيلي لأجتمع بك فليس هناك من يقوم مقامك أو ينسيني إياك فأنت روحي وسعادتي وإني لأعجب ممن فارقته روحه وهو حي يتنفس. أخي يالله من تلك المواقف التي حصلت لي معك فمرة تطلب مني مفتاح المركبة وأنت تضحك وعندما سألتك أخبرتني أنك ستذهب للسوبر ماركت وعندما رأيت علي أمارات عدم التصديق قلت سأخرج للصحراء ثم اتجهت أنا وإياك إليها وسط الضحك والتعليق على مانمر به . وتلك المرة التي أغضبتني فيها فأغلقت زجاج السيارة وقلت لك ارجع مع غيري فغشي عليك من الضحك وفتحت الباب الخلفي وركبت لأني نسيت إغلاقه من شدة غيظي . وذلك الموقف الذي لن أنساه ما حييت عندما رأيتني بلا مركبة فبعتني مركبتك بمبلغ زهيد لا يذكر فرحمك الله رحمة واسعة وجعل جنان الفردوس الأعلى مأواك ونزلك . وتلك المرة عندما سافرت مع صحبك إلى أبها فأتيت في الساعة الواحدة ليلاً فألفيتني نائماً فقبلت رأسي وكتبت لي رسالة ما زلت أحتفظ بها إلى اليوم تذكر فيها ماحدث ووضعتها بجانب فراشي . وآخر مرة ويالله من شدة وقعها علي عندما قبلت رأسي وعانقتني وذهبت إلى المطعم وأتيت بطعام تناولناه سوية ثم ذهبت ذهاباً لا أوبة لك منه لنصرة أخواتك المستضعفات . أخي ماذا تريدني أن أقول والحزن قد أقام بقلبي بعد ضعون السعادة عنه برحيلك وعزائي الوحيد وأملي الذي أعلل به نفسي هو قول الله عز وجل (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ) . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-10-2018, 04:46 PM | #44 |
|
لو ظهر أحد العرب الأوائل ورأى ما حالت إليه اللغة من ضعةٍ على أيدينا (ونحن نخال أنفسنا أفصح من نطق بالضاد) لقال : ما لهؤلاء الأعاجم يعبثون بلغة العرب . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-10-2018, 04:50 PM | #45 |
|
كنتُ أَدِجُّ في مفازةٍ ، فأضناني المسير ، فرأيتُ بستاناً ،وارف الظلال ،جاري الأنهار ،مغرد الأطيار ،فأممته ومكثتُ خارجه لأُبهج ناظري بلدن أيكه ودوحه ،واُشنِّف سمعي بتغريد أطياره ،وخرير أنهاره ،وبعد ما يربو على العشرين عاماً ظعنتُ منه ،لم أنهلْ من معينه ،ولم أتفيَّأْ أيكه ودوحه . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-12-2018, 01:36 PM | #46 |
|
أود أن أقبلكِ قبلة طويلة عند نطق آخر حرف من اسم التدليل الذي تنادينني به (عزو) .
|
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-14-2018, 02:29 PM | #47 |
|
رحم الله آباءً ربونا على الرجولة ، والمروءة ، لو بعثوا في هذا الزمن ورأوا كيف ضربنا بأخلاقهم التي ربونا عليها عرض الحائط (لجبوا مذاكيرهم ، وودوا لو أن أرحام نسائهم عقمتْ) .
|
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-15-2018, 08:52 PM | #48 |
|
وانغلق الباب :
أحقاًّ انغلق الباب ؟ أحقاًّ رحل بلا إياب ؟ أحقاًّ وارا القمر التراب ؟ نعم كل هذا حصل ولن تراه إلى يوم الحساب فاصبر فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب . أبي لن أصف حالي عندما دخلت إلى المغسلة ورأيتك مسجى ولن أصف حالي كذلك عندما رأيتك محمولاً فوق الأعناق وعندما واروك القبر وأهالوا عليك التراب فهذا مالا أستطيع وصفه لأنه فوق الاحتمال . أبتاه سآتي إلى المسجد ولن أراك كما كنت فيما مضى متكئاً على الروضة تقرأ في الذكر الحكيم أو ساجداً تناجي ربك أو رافعاً أكفك تطلب ما عند مولاك من خير ورحمة ولن أقبل رأسك بعد الصلاة وأمازحك قليلاً فتضحك وتقول حفظك الله يا بني ولا فجعني بك وعجل لك بما سألته من خير ورزق ورحمة . سآتي إلى البيت يا أبي ولن أراك تحتسي قهوة المساء ولن تعرضها علي كما كنت تفعل عادة لأنك رحلت رحيلاً أبدياًّ لا أوبة لك منه . سآتي وسأرى مكانك خالياً لا أثر لك فيه إلا بقايا من ذكرى تؤجج شوقي إليك . سآتي ولن أسمع كلمة أهلاً بك يابني أين أنت ولماذا تأخرت (وأنا الذي كنت أسامرك وأتناول العشاء معك) . أبتاه سيبكيك أصحابك المقربون أبو أحمد وأبو خالد كما بكيت من قبل ابنك وفلذة كبدك عبدالله وصديق عمرك محمد أبو رميان وسيبكيك الحرم الذي كثيراً ما وطئته قدماك رغم كبر سنك رغبة في ثواب الله وطمعاً بنيل رحمته . ستبكيك روضة خريم وصعافيق والصمان ووادي الغضا ونقرة غراب التي كنت ترتادها بصحبة أخي علي والتي كثيراً ماطلبت مني الذهاب إليها معكما وليتني امتثلت أمرك فنحن لا نندم ولا نشعر بقيمة من نحب إلا بعد فقده . ستبكيك صلة الرحم التي كنت حريصاً عليها وصيام الإثنين والخميس وسلامة صدرك من الحقد والضغينة والصبر على اللأواء والمحن وسقم قلبك الذي جاوز الثلاثين عاماً والذي اكتشفته أنا بطريق الصدفة فطلبت مني ألا أحدث به أحداً ما دمت على قيد الحياة . سأفتقدك يا أبي وسأفتقد دعاءك الذي لن يبرح أذني ما حييت وفقك الله وأسعدك ورزقك رزقاً يغنيك ولا يبطرك وكذلك قصصك عن حياتك وحياة أسلافك التي تتحفني بها بين آن وآن والتي ما زلت أحفظها جميعاً . باختصار سأفتقد أبي محمد سليمان التويجري (أبو سليمان) رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى برحمته ولن يعيده إلي حنيني ورثائي . أبتاه وخالقي أني أكتب ما أكتب وأنا أغالب دمعي فاعذرني إذْ لم أرثك بالشعر فقد أردت أن أنطلق بلا حدود وأكتب ما يجيش بصدري من لوعة فقدك بلا قيد يقيدني من وزن أو قافية . أبتاه لم أكن أريد النطق بهذه الكلمة مهما طال بي العمر وامتدت الحياة ولكني أقولها الآن مرغماً لاطائعاً : رحمك الله يا أبي رحمك الله يا أبي رحمك الله يا أبي . 1433 هــــ ـــــ 2012 م . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-15-2018, 09:08 PM | #49 |
|
لترقد يابن العم :
قد علمتَ يا أخي أبا خالد علم يقين أن مرد الدنيا إلى زوال ونعيمها في اضمحلال فبحثتَ عن نعيم لا يزول ولذة لا تنقطع فلم تجدهما إلا في جوار أرحم الراحمين فنزعتَ عنكَ لباس الخنوع ومزقتَ رداء الوهن وانتفضتَ انتفاضة الهزبر فغذذتَ السير وحثثتَ الخطى لتحقيق أمنيتكَ الكبرى في رضا الله في ساحات الوغى وأنتَ في الحادية والعشرين من العمر غير آسف على نعيم يزول ولذة تنقطع واستقبلتَ رصاص الأعداء بصدر مكشوف وقلب متلهف إلى جوار الله وعندما استعمر الحنين قلبك إلى جوار ربك خرجتَ أنتَ وثلاثة من رفاقك وقبل خروجكَ شم أحدهم منكَ رائحة المسك فعلم أن خروجك بلا أوبة وهجمتم على أحد معاقل العدو فجندلتم من جندلتم ورحلتَ أنت وأحد الذين معك إلى حيث النعيم الأبدي بإذن الله فلترو شجرة الإسلام من دمائك ودماء الشهداء الزكية لتورق أفانينها وتبسق أغصانها فجسدكَ الطاهر لم يسقط على الأرض بل تلقفته أحضان الحور بلهفة وشوق بإذن الله وروحكَ الطاهرة التي هجرتْ نعيم الدنيا وملذاتها صعدتْ إلى من اشتراها ليوفيها الثمن فطوبى لك بإذن الله أنتَ ومن اصطفاهم الله إلى جواره . نحن يا أخي ما زلنا على ما كنا عليه من الركون للدنيا والانغماس بملذاتها وكأننا خالدين مخلدون فيها أبد الآبدين وأبطال الركب يتهاوون واحداً إثر واحد ويلحقون بركب محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وحمزة وخالد رضي الله عنهم وغيرهم من أبطال الإسلام واليوم هاهو أحد أبناء الركب ابن عمك الشاب عاصم خاض بحر الردى وقارع المنايا ونازل الخطوب غير هياب ولا وجل حاملاً روحه على كفه مؤثراً رضا الله على متع الدنيا أجمع حتى لحق بركب الشهداء نحسبه كذلك والله حسيبه فهنيئاً له والله ما وعد به من الأجر الكبير والمثوبة العظيمة . لترقد يا ابن العم في قبركَ وحيداً تلتحف التراب وتسامر الظلمة لا حبيب يبدد وحشتك ولا قريب يؤنس وحدتك كحال أخي عبدالله بل الله بالرحمة ثراه لا يجتاز بكما قريب يسلم عليكما ولا يقف بجانب قبريكما حبيب يدعو لكما . أحباب قلبي قد والله شاخ قلمي وضعف قلبي عن الاحتمال فمن أب إلى أخ إلى قريب إلى أحباء اختطفتهم يد الردى فأشجتني وأنهكتٍْ جسدي وعجلتْ بشيخوخة قلبي . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
09-15-2018, 09:10 PM | #50 |
|
كم تمنيتُ :
كم تمنيت لو نفد الحبر وانتهى الورق واحترقت آلات التصوير وأصيب المؤرخون بالفتور كي لا يصوَّر ذلنا ولا يؤرَّخ ضعفنا وعجزنا وهواننا على الأمم وإخلادنا للراحة وصممنا عن تلبية نداء إخوتنا وأخواتنا الذين بحت أصواتهم بالنداء والاستغاثة . يا للأسف بل يا للخجل فنحن ما زلنا نندب ماضينا ونبكي أمجادنا على أطلال القادسية واليرموك وحطين ولم نفعل شيئاً فلا تنادوا يا إخوة الدين خالداً وأبا حفص وحمزة وسعد والقعقاع بل نادوا سعاداً وميرا وريما فتلك الأسماء ولى زمانها مع أولئك الأشاوس وعقمت أرحام النساء عن إنجاب أمثالهم وماتت النخوة والحمية في قلوبنا وحشي إهاب الكثير منا جبناً وهلعاً ونسينا قول الحق تبارك وتعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) . (النصر قادم لا محالة والعزة للإسلام والمسلمين) هذا ما نعلل به أنفسنا فأخلدنا للراحة وصممنا آذاننا عن نداءات استغاثة إخوتنا وأخواتنا في أصقاع المعمورة فلم تعد قلوبنا تتألم لمناظر المآسي فنطعم ونشرب وشاشات التلفاز تعرض ما يتعرضون له من قتل وتشريد فتزيد عندنا الشهية للطعام والمتعة واللذة في مذاقه فلا تنادونا يا إخوة العقيدة فعبراتكم ودماؤكم تذكرنا بألوان المشارب فنسارع إليها وأصوات الرصاص التي تخترق أجسادكم تجعلنا نشتاق للمزامير فنشنف سمعنا بها وصور الأعداء الذين ينكّلون بكم تذهب بخيالنا إلى طبيعة بلادهم الخلابة فنحجز للسفر إليها باذلين في ذلك المال الذي يزيد به أساكم وألمكم فشكراً لمآسيكم على ما ذكرتنا به من متع وملذات . اللهم يا حي يا قيوم يا ذا العزة والجبروت أقر عيوننا واشف بلابل قلوبنا بنصر عاجل للإسلام والمسلمين في كل مكان . اللهم إنا نسألك أن ترينا بأعدائك وأعدائنا يوماً كيوم القيامة يشيب فيه الولدان وتذهل الأمهات عن أولادهن اللهم اشدد عليهم وطأتك وأنزل عليهم نقمتك وارفع عنهم رحمتك وعافيتك . اللهم إنا نسألك متعة لعيوننا برؤيتهم وهم يتراكضون يمنة ويسرة بعيون زائغة وأدمع واكفة وقلوب بلغت الحناجر من الرعب الشديد وطرباً لآذاننا بعويل ونواح نسائهم على أزواجهن وبكاء أطفالهم على آبائهم وأنين جرحاهم من الألم وتضوُّر مشرديهم من الجوع والعطش وبهجةً لقلوبنا بمناظر أشلاء قتلاهم الذين حل بهم بأسك وغضبك الذي لا يرد عن القوم المجرمين . |
جزيلُ الشكرِ ، ووافرُ الامتنانِ للمصممة المبدعة سُقْيَا . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
تـــبــاريـــح |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|