كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-02-2017, 09:36 AM | #81 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة المائدة
فضائل سورة المائدة قد ذكر ابن كثير رحمه الله: أن الإمام أحمد روى عن أسماء بنت يزيد قالت: ( إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ نزلت عليه المائدة كلها، وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة ). وروى -أيضاً- الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: (أنزلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها ). سورة المائدة آخر سورة نزلت كاملة فإن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير ! تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم، فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم من حرام فحرموه . إذاً: هي سورة محكمة، لم ينسخها بعدها سورة، وهذه السورة من مزاياها ومما يدل على ما ورد فيها من تشريع: افتتاحها بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فهذه قاعدة عظيمة جداً سورة المائدة أكثر ذكراً لآيات الأحكام ولو تتبعنا عناوين الأحكام فقط في هذه السورة لوجدناها كثيرة، منها: الصيد، ونكاح الكتابيات، وطعامهم، واتخاذ الكفار أولياء، وحد السرقة، وحد الحرابة، والقصاص، والعقود، والعهود -قال ابن عباس ومجاهد : [[العقود: بمعنى العهود ]] فكل عهد يجب الوفاء به، ويدخل في ذلك عهد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فكل مؤمن هو معاهد لله عز وجل بالإيمان والتصديق للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واتباع أمره، وكذلك بقية العقود- وأيضاً من الأحكام: البيوع، والشركة، والإجارة، والنكاح، والبيعة، والوكالة، وهذه من أنواع العقود، وهي داخلة في قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] ويدخل تحتها كل أنواع العقود مع الله -وهي أعظم ما يجب الوفاء به- ومع الخلق. وأيضاً من الأحكام: كفارة اليمين، وحكم الخمر، وحد الخمر، والطهارة، والتيمم، وغيرها من الأحكام العظيمة التي وردت في هذه السورة العظيمة. قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ [المائدة:1] وهذه أيضاً قاعدة عظيمة جداً في التحليل والتحريم. إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ [المائدة:1] وهذه الآية عجيبة من الناحية اللغوية، ففيها استثناء في غاية الجمال والأسلوب، بحيث أن الاستثناء لا يمكن أن يأتي به لسان أو يقوله شاعر أو أديب إلا ويخطئ، ويكون في أسلوبه ركاكة، ولا نعلم أن أحداً من العرب جاء باستثناء من استثناء إلا وكان الأسلوب ركيكاً، وكذلك كان الأسلوب في قوله: إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ فيه استثناء آخر، فنستثني ما حرم فيبقى ما أحل، وما أحل نستثني منه حالة الصيد، وهذا كما ذكر في أول السورة: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2] وفي آخرها ذكر كفارة من فعل ذلك، فهذه سورة كلها أحكام، وفيها من مثل هذه العبر والدلالة. ( يتبع - سورة الأنعام ) |
|
07-02-2017, 09:37 AM | #82 |
عمدة الحاره
|
سورة الأنعام
تعريف بالسورة سورة مكية ما عدا الآيات:1-23-91-93-114-141-151-152-153 فهي مدنية من السور الطول عدد آياتها 165 آية هي السورة السادسة من حيث الترتيب في المصحف الشريف نزلت بعد سورة الحجر تبدأ السورة بأحد أساليب الثناء وهو " الحمد لله " . سبب التسمية سميت بـ "سورة الأنعام" لورود ذكر الأنعام فيها ، "وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا " ولأن أكثر أحكامها الموضحة لجهالات المشركين تقربا بها إلى أصنامهم مذكورة فيها ومن خصائصها ما روى عن ابن عباس أنه قال : " نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة واحدة حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح . سبب نزول السورة 1) قال المشركون : يا محمد خبرنا عن الشاة إذا مات من قتلها قال : الله قتلها قالوا : فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الكلب والصقر حلال وما قتله الله حرام ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال عكرمة : إن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش وكانوا أولياءهم في الجاهلية وكانت بينهم مكاتبة أن محمدا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شئ فأنزل الله تعالى هذه الآية . 2) قال ابن عباس يريد حمزة بن عبد المطلب وأبا جهل وذلك أن أبا جهل رمى رسول الله بفرث وحمزة لم يؤمن بعد فأُخبِر حمزة بما فعل أبو جهل وهو راجع من قنصه وبيده قوس فأقبل غضبان حتى علا أبا جهل بالقوس وهو يتضرع إليه ويقول : يا أبا يعلي أما ترى ما جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا وخالف اباءنا قال حمزة : ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا اله الا الله لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأنزل الله تعالى هذه الآية . جاء به سفه عقولنا وسب آلهتنا وخالف اباءنا قال حمزة : ومن أسفه منكم تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا اله الا الله لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأنزل الله تعالى هذه الآية . 3) عن عكرمة في قوله " قَدْ خَسِرَ الذينَ قَتَلوا أَولادَهُم سَفَهًا بِغيرِ عِلمٍ " قال نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر وربيعة كان الرجل يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحين أخرى فاذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند أهله أو راح وقال أنت علي كأمي إن رجعت اليك لم تئديها فترسل إلى نسوتها فيحفرن لها حفرة فيتداولنها بينهن فإذا بصرن به مقبلا دسنها في حفرتها وسوين عليها التراب . محاور السورة سورة الأنعام إحدى السور المكية الطويلة التي يدور محورها حول "العقيدة وأصول الإيمان " وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية التي سبق الحديث عنه كالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة فهي لم تعرض لشيء من الأحكام التنظيمية لجماعة المسلمين كالصوم والحج والعقوبات وأحكام الأسرة ولم تذكر أمور القتال ومحاربة الخارجين على دعوة الإسلام كما لم تتحدث عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولا على المنافقين وإنما تناولت القضايا الكبرى الأساسية لأصول العقيدة والإيمان وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلي : قضية الألوهية – قضية الوحي والرسالة – قضية البعث والجزاء . "قال المشركون: يا محمد خبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها قال : الله قتلها قالوا: فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الكلب والصقر حلال وما قتله الله حرام، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال عكرمة: إن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش وكانوا أولياءهم في الجاهلية وكانت بينهم مكاتبة أن محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء ، على مثل هذه الشبه والترهات التي طفق المشركون يثيرونها في وجه في محمد صلى الله عليه وسلم تمحورت جوانب كثيرة من السورة الكريمة. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:37 AM | #83 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأنعام
من أهم محاور السورة: - المحور الأول: خاطبت سورة الأنعام الوثنيين الجاحدين لألوهية الله تعالى، فأفاضت في إقامة الدلائل والبراهين على قدرته ووحدانيته {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}، ثم ثنت بذكر شهادته تعالى على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}، وثلثت بموقف المنكرين للقرآن المكذبين للوحي {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي أذانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إذا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}، وذكرت ما يؤول إليه أمرهم من الحسرة الشديدة والندامة القاتلة يوم القيامة {وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيات رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}، وكذلك تكون نهاية كل متعصب للباطل جامد على الضلال مقاوم لكل صيحة تحرر من أغلال الخرافة. - المحور الثاني: تميزت سورة الأنعام بكثرة التقريرات والتلقينات لاستنقاذ العقول من مهاوي الإلحاد ومهابط الخرافة {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، واعتمدت أسلوب تبيان المرض {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}، وأما الكافرون فهم بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون ولا يستجيبون { وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}، فلم يغب أبدا عن كبراء المشركين أنه الحق ولكنهم كانوا يخدعون جماهيرهم لحفظ امتيازاتهم {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيات اللّهِ يَجْحَدُونَ}، وكشفا لما تعلقوا به من شبه في مهيعهم ذلك تورد السورة متعلقهم {وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ}، ثم تأتي بالرد المفحم الذي يتناسب معه {قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، وهكذا وعلى هذا النمط يتواصل أسلوبها في ذكر الشبهة وإبطالها بما لا مزيد عليه، فحين بينت أن إعراض المشركين عن القرآن وعن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم منشؤه ظلمات الجهل التي يتخبطون فيها {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآياتنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ}، بينت أن النذارة بالقرآن إنما يستفيد منها أهل الخشية والإيمان {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}. - المحور الثالث: لقد وردت كلمة {قل} أربعاً وأربعين مرة إسعافاً من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم للرد على مخالفيه كسباً للمعركة الدائرة بين الحق والباطل، تقريرا لأمر النبوة، وتبيانا للدلائل الدالة على وجود الصانع، وكمال علمه وحكمته وقدرته، تنبيهاً على أن المقصود الأصلي من جميع المباحث العقلية والنقلية، وكل المطالب الحكمية إنما هو معرفة الله بذاته وصفاته وأفعاله برهانا على وجوده ووحدانيته، وإرشادا إلى معرفة صفاته القدسية، في كمال علمه، وجليل قدرته، وعظمة سلطانه، وسابغ جلاله، إنها صفات الكمال والجمال تعانقها آيات العظمة والجلال، تتراءى عيانا في خلقه البديع لذرات الكون وعلمه المحيط بكل شيء {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}، وتتماثل للناظرين في نعمه الجليلة على العباد بإنجائهم من الشداند {قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَاذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ}، وترفع معالمها قدرته جلت عظمته على الانتقام ممن خالف أمره وعصى رسله عليهم السلام {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْس بَعْضٍ}. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:37 AM | #84 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأنعام
من أهم محاور السورة: -المحور الرابع: لقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بهجر مجالس السوء {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، وقد تكرر الأمر بهذا الهجر {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}، وبعد ذلك التحريض على مجافاة مجالسة الجهلة المغرورين ترفعا عن المشاركة في العبث والخوض في اللغو تعود الآيات إلى ذكر جانب من الحجج الدامغة، الدالة على التوحيد وبطلان عبادة الأوثان، ثم تحلق بعيدا عن الواقع المعقد مختزلة ضغثا من القرون لتغوص في أعماق التاريخ لتصل إلى قصة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام مع عباد الكواكب {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ... فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ}؛ لإقامة الحجة على مشركي العرب، في تقديسهم الأصنام وعبادتهم لها، لقد بشر إبراهيم عليه السلام بالتوحيد الخالص، الذي يتنافى مع الإشراك بالله {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، لقد ظلت جميع الطوائف والملل معترفة بفضل إبراهيم وجلالة قدره {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}، ثم ذكر شرف الرسل من أبناء إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعا، لتأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهديهم الكريم {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، أمرا لأمته بمواصلة الائتساء والاهتداء؛ لأن أمره صلى الله عليه وسلم أمر لنا، لأنه قدوتنا وأسوتنا. -المحور الخامس: لقد دأب الكفار منذ الجاهلية الأولى إلى العلمانية المادية في واقعنا المعاصر على التشكيك في الله تعالى ورفض رسالاته {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ من شَيءٍ}، فكان القرآن ولا زال يواجههم بدلائل التوحيد في خلق الإنسان، والحيوان، والنبات، وفي خلق السموات والأرض، ويعدد لهم آلاء الله تعالى ونعمه المشهودة على خلقه، ويسرد لهم الأمجاد الإلهية في صورة تقارير حاسمة { إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى.....فَالِقُ الإِصْبَاحِ.....وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا.....وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ.....وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ......إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}، ثم بيّن تعالى دلائل النبوة والبعث بياناً شافياً قاطعاً للعذر ليأمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالاستمساك الوحي والصفح إعراضا عما يثيره المشركون {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}، ورفض الاستجابة لما تطلبوه من آيات وخوارق لأنها لن تزيدهم إلا عتوا وطمس بصائر رغم أيمانهم على زعمهم الإيمان إن جاءتهم {وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الاَْيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ}، فمن عميت بصيرتهم ولو جمعت لهم الآيات من إنزال الملائكة، وإحياء الموتى وتكليمهم، وحشر السباع والدواب والطيور وشهادتهم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، ما ولج الإيمان لهم قلبا، لتأصلهم في الضلال وتماديهم على الطغيان {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ}. - المحور السادس: لقد بينت هذه السورة المباركة أن المشركين اختلقوا شرائع يتحاكمون إليها وابتدعوا عبادات يزاولونها ما أنزل الله بها من سلطان {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ}، وهكذا واقع كثير من المنتسبين إلى الإسلام في انحرافهم يتواضعون على أمور ثم يضيفونها إلى الدين ويجعلونها من صميمه ويتمسكون بها ويتهاونون بما هو من أصل الشريعة، ولهذا انقسم البشر بهذا الوحي إلى فريقين: مهتد، وضال {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، فالذين التزموا الإيمان وطبقوا مستلزماته أمرا ونهيا شرح الله صدورهم للإسلام، وأنار قلوبهم بالقرآن فآمنوا واهتدوا {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ}، وأما الذين اتبعوا أهواءهم وساروا بقيادة الشيطان فقد ضلوا وغووا {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}، ورغم هذا التباين فإنهم سيحشرون إلى ربهم جميعا يوم القيامة للحساب، لينال كل جزاءه العادل على ما قدم في الحياة الدنيا {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا...}. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:37 AM | #85 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأنعام
من أهم محاور السورة: - المحور السابع: للقد شددت السورة الكريمة على ضرورة معرفة الوظيفة الحقيقية والمسلك المناسب بعد نزل هذا القرآن الكريم { وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، خلافاً لما استمرأه المشركون من تحريمهم لأشياء مما رزقهم الله {وَقَالُواْ هَاذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ وَقَالُواْ مَا فِى بُطُونِ هَاذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ}، وبعد أن حكت الآيات طرفا من قبائحهم الشركية وجرائمهم في قتل الأولاد خشية الفقر ووأد البنات خوف العار واستباحة المحرمات وتحريم المباحات ذكرت ما امتن الله تعالى به عليهم من الرزق، الذي تصرفوا فيه بغير إذنه تعالى، افتراء منهم عليه واختلاقا {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}، لكن هؤلاء الكفار بما جبلوا عليه من الخصومة واللجاج يسيئون الأفعال ثم يتملصون منها احتجاجا منهم أن المشيئة الإلهية هي التي ساقتهم إلى الشرك وعدم الإيمان {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا}، وهذا أيضا من جملة كذبهم وبهتانهم وافترائهم على الله تعالى. -المحور الثامن: لما ذكر تعالى ما حرمه الكفار افتراء عليه، وذكر ما أباحه تعالى لهم من الحبوب والفواكه والحيوان {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ.....وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}، ذكر ما حرمه تعالى عليهم حقيقة من الأمور الضارة {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}، مبينا أن التدين الفاسد إنما تحمله غباوة توهم أنه مبني على الغيب، الأمر الذي تذرع به المشركون في الجاهلية {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}، ، وهو ما يتذرع به كثير من المنحرفين في حاضرنا؛ ولهذا جاء رد القرآن على هذه الفئة مباشرا وصريحا {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ}، وتثبيتا للمنهج وإقامة للحجة وتحصينا من ذلك الشرك وتخليصا من الترهات جاءت الوصايا العشر التي اتفقت عليها الشرائع السماوية كاملة في معقوليتها {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، مهيجة للتدبر والتذكر {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، قائدة إلى التقوى والاستقامة بعيدا عن الأهواء والبدع والخزعبلات {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، إنه بالتطبيق العملي لهذه الوصايا تكمل سعادة البشرية، ذلك أنها جمعت كل فنون الصلاح وكافة سبل النجاح. - المحور التاسع: في ختام السورة كان النبز شديدا والوعيد مخيفا لرعاة الفرقة ودعاة اتخاذ الدين أشلاء تفاريق {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}، لتبي أن المؤمن الحق هو ذلك يكون عبدا لله في حياته كلها، وتقدم السورة لذلك نموذجا فريدا تمحض لله تعالى عبادة ونصحاً ودعوة، إنه محمد صلى الله عليه وسلم بمنهجه الناجع وسيرته العطرة وسنته الشافية من كل أمراض الشبهات والشهوات، ذلك المنهج القائم على نقاء العقيدة {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وإخلاص العبادة {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}، والعمل بعدالة الجزاء {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ}. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:38 AM | #86 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأنعام
فضل السورة لم تنزل وفود الملائكة مشيعة لسورة إلا سورة الأنعام، وهذه خاصية عظيمة تدل على المكانة السامقة والمنزلة الرفيعة لهذه السورة، ذلك ما رواه جابر رضي الله عنه، حيث قال: "لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال" :لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق" . وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نزلت [سورة الأنعام] بمكة جملة واحدة ليلاً ونزل معها سبعون ألف ملك قد سدّوا ما بين الخافقين لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتمجيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سبحان ربي العظيم" وخرّ ساجداً" . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «نزلت سورة الأنعام بمكة ليلة، جملة واحدة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح» قال البغوي: وروي مرفوعاً "من قرأ سورة الأنعام يصلي عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره"، وقال بعض العلماء : واختصت هذه السورة بنوعين من الفضيلة أحدهما : أنها نزلت دفعة واحدة ، والثاني : أنها شيعها سبعون ألفاً من الملائكة . ومن الأحاديث التي بينت اشتراك هذه السورة مع غيرها في الفضل ما روته عائشة ـ رضى الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أخذ السبع الأول فهو حبر" . والأنعام من هذه السبع، كما أنها من السبعِ الطِّوالِ التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكانَ التوراة، كما جاء عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت مكان التوراة السبع..." ، وكذلكَ من المثاني الطوالِ التي أوتيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم (مقابلَ ألواحِ موسى) ، ومن فضائلها ما ذكره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: "الأنعام من نجائب القرآن" وما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "من قرأ سورة الأنعام فقد انتهى في رضى ربه" ، ويقول كعب الأحبار: "فاتحة التوراة الأنعام، وخاتمتها هود" ( يتبع - سورة الأعراف ) |
|
07-02-2017, 09:38 AM | #87 |
عمدة الحاره
|
سورة لأعراف
تعريف بالسورة سورة مكية ما عدا الآيات من : 163 إلى 170 فهي مدنية هي من سورة الطول عدد آياتها 206 آية هي السورة السابعة في ترتيب المصحف الشريف نزلت بعد سورة "ص" تبدأ السورة بحروف مقطعة " المص " الآية 206 من السورة بها سجدة . سبب التسمية سميت هذه السورة بسورة الأعراف لورود ذكر اسم الأعراف فيها وهو سور مضروب بين الجنة والنار يحول بين أهلهما روى ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة وتخلفت بهم حسناتهم عن دخول النار فوقفوا هناك على السور حتى يقضي الله بينهم . والاسم المشهور لهذه السورة اسم (الأعراف)، وقد وردت هذه التسمية في بعض الأحاديث كما سيأتي. وسبب هذه التسمية؛ ذكرها لأصحاب الأعراف في قوله تعالى: {وعلى الأعراف رجال} (الأعراف:46)، وقوله سبحانه: {ونادى أصحاب الأعراف} (الأعراف:48)، و(الأعراف) هو الحجاب الحاجز بين الجنة والنار، والمانع من وصول أهل النار إلى الجنة. روى الطبري عن السدي أنه قال في قوله تعالى: {وبينهما حجاب} (الأعراف:46)، قال: هو السور، وهو (الأعراف). وذكر الفيروز أبادي في "بصائر ذوي التمييز"، أن هذه السورة تسمى سورة (الميقات)؛ لاشتمالها على ذكر ميقات موسى عليه السلام في قوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا (الأعراف:143). وذكر أيضاً أنها تسمى سورة (الميثاق)؛ لاشتمالها على حديث الميثاق في قوله سبحانه: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} (الأعراف:177). سبب نزول السورة 1) عن ابن عباس قال : كان ناس من الأعراب يطوفون بالبيت عراة حتى إن كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة فتعلق على سفلاها سيورا مثل هذه السيور التي تكون على وجوه الحمُرِ من الذباب وهي تقول : " اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا له منه فلا أُحِلّه " فأنزل الله تعالى على نبيه " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد " فأُمِروا بلبس الثياب . 2) عن أبي بكر الهذلي قال : لما نزلت " ورحمتي وسعت كل شئ " قال إبليس: يا رب وانا من الشىء فنزلت " فسأكتبها للذين يتقون " الآية فنزعها الله من إبليس . 3) قال ابن مسعود : نزلت في بلعم بن باعورا رجل من بني إسرائيل وقال ابن عباس وغيره من المفسرين : هو بلعم بن باعورا وقال الوالبي : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم وكان يعلم اسم الله الأعظم فلما نزل بهم موسىأتاه بنو عمه وقومه وقالوا إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة وإنه إن يظهر علينا يهلكنا فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه قال إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه مما كان عليه فذلك قوله فانسلخ منها . 4) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وزيد بن أسلم: نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي وكان قد قرأ الكتب وعلم أن الله مُرسِلُ رسولا في ذلك الوقت ورجا أن يكون هو ذلك الرسول فلما أُرسِلَ محمدحسده وكفر به وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : هو رجل أُعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيها وكانت له امرأة يقال لها البسوس وكان له منها ولد وكانت له محبة فقالت اجعل لي منها دعوة واحدة قال لك واحدة فماذا تأمرين قالت ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني اسرائيل فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا أخر فدعا الله عليها أن يجعلها كلبة نبآية فذهبت فيها دعوتان وجاء بنوها فقالوا ليس لنا على هذا قرار قد صارت امنا كلبة نبآية يعيرنا بها الناس فادع الله ان يردها إلى الحال التي كانت عليها فدعا الله فعادت كما كانت وذهبت الدعوات الثلاث وهي البسوس وبها يضرب المثل في الشؤم فيقال أشام من البسوس . 5) قال ابن عباس: قال جهل بن أبي قشير وشموال بن زيد وهما من اليهود: يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا ؟ فإنّا نعلم متى هي ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال قتادة : قالت قريش لمحمد : إن بيننا وبينك قرابة فَاسِرّ الينا متى تكون الساعة؟ فأنزل الله تعالى " يسألونك عن الساعة ". أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الوراق قال أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال حدثنا أبو يعلى قال حدثنا عقبة بن مكرم قال حدثنا يونس قال حدثنا عبد الغفار بن القاسم عن ابان بن لقيط عن قرظة بن حسان قال سمعت ابا موسى في يوم جمعة على منبر الصلاة يقول : سئل رسول الله عن الساعة وأنا شاهد فقال: لا يعلمها إلا الله لا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأحدثكم بأشراطها وما بين يديها إن بين يديها ردما من الفتن وهرجا ، فقيل : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : هو بلسان الحبشة القتل وأن تحصر قلوب الناس وأن يلقى بينهم التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا ويرفع ذو الحجى وتبقى رجاجة من الناس لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا . ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:38 AM | #88 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأعراف
محاور السورة سورة الأعراف من أطول السور المكية وهي أول سورة عرضت للتفضيل في قصص الأنبياء ومهمتها كمهمة السورة المكية تقرير أصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله جل وعلا وتقرير البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة . ولقد قصدت هذه السورة الطويلة إلى تقرير جملة من المقاصد الكلية، كأصول العقائد وكليات الدين، وخاصة قضية التوحيد والشرك. قال البقاعي: "ومقصودها: إنذار من أعرض عما دعا إليه الكتاب في السور الماضية من التوحيد، والاجتماع على الخير...وتحذيره بقوارع الدارين. وأدل ما فيها على هذا المقصد: أمر الأعراف، فإن اعتقاده يتضمن الإشراف على الجنة والنار، والوقوف على حقيقة ما فيها، وما أعد لأهلها الداعي إلى امتثال كل خير، واجتناب كل شر، والاتعاظ بكل مرقق". وعلى الجملة، فإن المتأمل في هذه السورة الكريمة، يجد أنها تطوف حول تقرير المقاصد التالية: أولاً: أنه سبحانه أنزل القرآن للإنذار به والتذكير؛ فهو كتاب للصدع بما فيه من الحق، ولمجابهة العقائد فاسدة، والشرائع باطلة، والتقاليد بالية، ولمعارضة نُظُمٍ ظالمة، وأوضاع جائرة، ومجتمعات سادرة. فالحرج في طريقه كثير، والمشقة في الإنذار به قائمة. ثانياً: وجهت السورة القلوب والعقول إلى توحيد الله تعالى إيماناً، وعبادة، وتشريعاً، وبينت صفاته سبحانه وشؤون ربوبيته، وأمرت بعبادته وحده، وترك عبادة غيره. ثالثاً: قررت السورة أنه سبحانه خالق الأرض وخالق الناس، هو الذي مكن لهم في الأرض، وأودع فيها خصائص البقاء والحياة، التي تسمح بحياة الإنسان وتقوته وتعوله، بما فيها من أسباب الرزق والمعايش. رابعاً: قصدت السورة إلى توجيه الأبصار والبصائر إلى مكنونات هذا الكون وأسراره، وظواهره وأحواله، وبيان سنة الله التي جرت بها مشيئته بالمكذبين، وهي سنة واحدة، يأخذ الله بها المكذبين بالبأساء والضراء؛ لعل قلوبهم ترق وتلين وتتجه إلى الله، وتعرف حقيقة ألوهيته. فإذا لم يستجيبوا، أخذهم بالنعماء والسراء، وفتح عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا انتهى بهم اليسر والعافية إلى الاستهتار وقلة المبالاة، وحسبوا أن الأمور تمضي جزافاً بلا قصد ولا غاية، أخذهم بغتة، وهم غافلون. لم يدركوا حكمة الله في الابتلاء بالضراء والسراء، ولم يتدبروا حكمته في تقلب الأمور بالعباد، ولم يتقوا غضبه على المستهترين الغافلين، وعاشوا كالأنعام، بل أضل حتى جاءهم بأس الله. خامساً: تضمنت السورة تقرير عقيدة البعث والإعادة في الآخرة، ووزن الأعمال يوم القيامة، وترتيب الجزاء على ثقل الموازين وخفتها، وسؤال الرسل في الآخرة عن التبليغ وأثره، وسؤال الأمم عن إجابة الرسل. وبيان كون الجزاء بالعمل، جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وإيراثهم الجنة وحالهم ومقالهم فيها، وإقامة أهل الجنة الحجة على أهل النار، وضرب الحجاب بين أهل الجنة وأهل النار، والتنبيه على مسألة قيام الساعة، وكونها تأتي بغتة. سادساً: بينت السورة أصول التشريع الكلية، وبعض قواعد الشرع العامة؛ فقررت بداية أن شارع الدين هو الله تعالى، وحرمت التقليد في الدين، والأخذ فيه بآراء البشر، وبالمقابل عظمت من شأن النظر العقلي والتفكر; لتحصيل العلم بما يجب الإيمان به، ومعرفة آيات الله وسننه في خلقه وفضله على عباده. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:38 AM | #89 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأعراف
محاور السورة سابعاً: الأمر بأخذ الزينة عند كل مسجد، والأكل والشرب من الطيبات المستلذات، والإنكار على من حرم زينة الله، التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، وبيان أنها حق للذين آمنوا في الحياة الدنيا، وقيدها بعدم الاعتداء والإسراف فيها. وبيان مِنَّة الله على البشر بإنزال اللباس لستر العورات، وتيسير الزينة للتجمل بها بين الناس. وبالمقابل حصرت أنواع المحرمات الدينية العامة من الفواحش الظاهرة والباطنة، والإثم والبغي. ثامناً: بيان أن الإيمان بما دعا الله إليه، والتقوى في العمل بشرعه فعلاً وتركاً، سبب اجتماعي طبيعي لسعة بركات السماء والأرض وخيراتها على الأمة. تاسعاً: قررت السورة سُنَّة اجتماعية أخرى، حاصلها أن الأرض ليست رهن تصرف الملوك والدول بقدرتهم الذاتية فتدوم لهم، وإنما هي لله سبحانه، وله وحده - بمحض مشيئته وحكمته - سلبها من قوم، وجعلها إرثاً لقوم آخرين. ومدار هذه السُّنَّة على أن العاقبة في التنازع بين الأمم للمتقين، أي: الذين يتقون أسباب الضعف والخذلان والهلاك، كاليأس من روح الله، والتخاذل والتنازع والفساد في الأرض والظلم والفسق، ويتلبسون بضدها، وبسائر ما تقوى به الأمم من الأخلاق والأعمال، وأعلاها الاستعانة بالله الذي بيده ملكوت كل شيء، والصبر على المكاره مهما عظمت. وأن الأمم المستضعفة مهما يكن عدوها الظالم لها قوياً، فليس لها أن تيأس من الحياة. عاشراً: بيان أن سنة الله في الأمم التي ترث الأرض من بعد أهلها الأصلاء، هي سُنَّته تعالى في أهلها، فإذا كان هؤلاء قد غلبوا عليها; بسبب ظلمهم وفسادهم وجهلهم وعمى قلوبهم، فكذلك يكون شأن الوارثين لها من بعدهم، إذا صاروا مثلهم في ذلك. حادي عشر: بيان أصول الفضائل الأدبية والتشريعية الجامعة بأوجز عبارة معجزة، والدعوة إلى السماحة واليسر، وبالواضح من الأمر، الذي تعرفه فطرة البشر في بساطتها، بغير تعقيد ولا تشديد. والإعراض عن الجاهلين، بعدم مؤاخذتهم، أو مجادلتهم، أو الاحتفال بهم. ثاني عشر: توجيه المؤمنين إلى أدب الاستماع لهذا القرآن؛ وأدب ذكر الله تعالى، مع التنبيه إلى مداومة هذا الذكر، وعدم الغفلة عنه. هذه المقاصد لا تعدو كونها إشارات لكثير من المقاصد التي تضمنتها هذه السورة خصوصاً، والقرآن الكريم عموماً. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 09:38 AM | #90 |
عمدة الحاره
|
تابع - سورة الأعراف
فضل السورة ورد في فضل هذه السورة بعض الأحاديث والآثار، نذكر منها: - ما رواه واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفُضِّلت بالمفصل)، رواه أحمد وغيره. - وروي عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من أخذ السبع الطوال فهو حبر)، رواه أحمد. - وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قرأ في المغرب بـ (الأعراف)، فرقها في الركعتين. رواه النسائي، وقال النووي: إسناده حسن. - وعن مروان بن الحكم، قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولى الطولَيَين، رواه البخاري. وفي رواية عند أبي داود ، قال: ما طولى الطولَيَين؟ قال: الأعراف، والأنعام. - وعن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} (الحجر:87)، قال: هي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. ( يتبع – سورة الأنفال ) |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التعريف, الصور, النزول, القرآن, الكريم, بسور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 0 والزوار 14) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
«الدوخة».. عارض مزعج وأسباب مجهولة | رويم | زادك و صحتك | 5 | 02-20-2020 03:55 PM |
عملية حسابية لمعرفة رقم الصفحة في القرآن الكريم | إعجـــاز | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-02-2020 03:39 AM |
سجل حضورك بسوره من سور القرآن الكريم | فرح | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 54 | 01-01-2020 04:28 AM |
نساء لم يذكر القرآن الكريم أسمائهن | أميرة الاحساس | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 13 | 01-01-2020 02:21 AM |
الارهاب فى القرآن الكريم .. بقلمى | حسن سعد | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 04-12-2018 01:56 PM |