وقصة أخرى من قصص القرآن الكريم، وهي قصة أيضاً لنبي الله سليمان عليه السلام قال عز وجل: وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل: 15-19]، قصة عجيبة سليمان عليه السلام في واد النمل.
المعنى الإجمالي للقصة:
تبدأ الآيات بذكر نعمة الله تعالى بالعلم، وفضله العظيم على سليمان وداود، وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا [النمل: 15].
شرف العلم وعظم منزلته، وفضل أهله ودرجة حملته، وأن نعمة الله بالعلم على الإنسان من أعظم النعم وأجزل القسم، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلاً كبيرًا، قال عز وجل: وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل: 15].
إذًا العلم والنبوة، الإحساس بفضل الله شيء عظيم، حمد الله على النعمة شيء عظيم، الشعور بأن الله سبحانه وتعالى من وتفضل إنه من صفات المؤمن، والتواضع، الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ [النمل: 15]، ولم يقولا الذي فضلنا على جميع، عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ [النمل: 15].
وهناك أنبياء أفضل سليمان وداود عليهما السلام وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ [النمل: 16] بعد وفاته، واستلم الأمر من بعده، وكانت وراثة نبوة، وعلم، ورسالة، وخلافة، وقيادة، وليست وراثة ملك ومال، فإن الأنبياء لا يورثون دينارًا ولا درهما.
وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: "أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن" يعني: نصيبهن من ميراث النبي عليه الصلاة والسلام، فقالت عائشة: "أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا صدقة [رواه البخاري: 4033، ومسلم: 1761].