#1
|
|||||||||
|
|||||||||
ذكر الله تعالى فضائل وثمرات
ذكر الله تعالى فضائل وثمرات من الظواهر المنتشرة في عالمنا اليوم: ظاهرة ضيق الصدر واستيلاء الهموم على النفوس وكثرة الغموم، مع كثرة تسلط الشيطان على القلوب، فكم من إنسان يتمتع بالطيبات، وينام قرير العين، ويشرب ما يروق له، ولا تجد في صدره أُنسًا في نفسه ولا راحة في قلبه، وتجد المعاناة والكدّ مسيطرًا على النفوس والقلوب، وكثرة الاكتئاب والضيق، والناظر في أبرز أسباب هذه الظواهر يجد أنه قلة ذكر الله، وعدم الاستمتاع بالذكر، واستيلاء الغفلة على كثير من الناس.
والذكر من أيسر العبادات، كلمات خفيفة على اللسان، ثقيلة في ميزان العبد يوم القيامة، ولكن الملاحظ أن كثيرًا منا قد تمر عليه أوقات طويلة لم يحرِّك فيها لسانه بذكر ربه، وقد يجلس مجالس طويلة يتحدث في أمور كثيرة وفنون متعددة، ويغفل عن ذكر الله وهو سر سعادته واطمئنان قلبه. والغفلة عن الذكر تنسي العبدَ نفسه، وقد حذرنا ربنا من ذلك، فقال تبارك وتعالى: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر: 19]، وإذا وصل العبد لهذه الحالة، أعرض عن ذكر ربه، وجثم الشيطان على قلبه، غفل عن ذكر ربه، فينسيه الله نفسه، جزاءً وفاقًا. ولأهمية الذكر في حياة المسلم فقد أمر الله العبد أن يتحصن بذكره في كل وقت وحين، فقال جل وعلا: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205]، فالعبد لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا ولا يملك موتًا ولا حياة ولا نشورًا، لذا فالأجدر به مع ضعفه أن يتعلق بخالقه ومولاه، ويكثر من ذكره واللهج بتسبيحه، وطلب الخير منه، لئلا يكون من الغافلين، قال سيد–رحمه الله-: «الغافلين عن ذكر الله.. لا بالشفة واللسان، ولكن بالقلب والجنان.. الذكر الذي يخفق به القلب؛ فلا يسلك صاحبه طريقًا يخجل أن يطلع عليه الله فيه؛ ويتحرك حركة يخجل أن يراه الله عليها، ولا يأتي صغيرة أو كبيرة إلا وحساب الله فيها .. فذلك هو الذكر الذي يرد به الأمر هنا؛ وإلا فما هو ذكر لله، إذا كان لا يؤدي إلى الطاعة والعمل والسلوك والاتباع.. اذكر ربك ولا تغفل عن ذكره؛ ولا يغفل قلبك عن مراقبته؛ فالإنسان أحوج أن يظل على اتصال بربه، ليتقوى على نزغات الشيطان» (في ظلال القرآن 3/356). فإلى من تحاصره الهموم، وإلى من تكالبت عليه الغموم! أين أنتم من ذكر الله -جل وعلا-؟! الملك ملكه والتدبير تدبيره، والقلوب بيده، وأزمة الأمور هو المتحكم فيها وحده، لا بد لنا أن نكون على يقين بأن في القلب شعثًا لا يلمّه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى لقائه، وفيه فاقة لا يسدّها إلا محبته والإنابة إليه، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، ولو أُعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبدًا، سبحانه وتعالى. إن ذكر الله عبادةٌ سهلة يسيرة تؤدى في كل وقت ومكان، وقد رفع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- من شأن الذكر والذاكرين فقال لصحابته: "ألا أُخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مَليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومَن أن تَلقوا عدوَّكم، فتَضربوا أعناقهم، ويَضربوا أعناقكم؟"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "ذِكر الله - عزَّ وجلَّ" (أخرَجه أحمد، وهو حديث صحيح). وقد أرشد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ذلكم الرجل كبير السن، ضعيف البدن الذي كان لا يقوى على كثير من العبادات، وطلب منه إرشاده إلى ما أفضل ما يَتمسَّك به؛ ليصلَ به إلى الجنَّة، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لا يزال لسانك رطبًا بذِكر الله تعالى" (أخرَجه الترمذي). والمتتبع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية يلحظ أهمية الإكثار من ذِكر الله تعالى، حتى عند ملاقاة العدو يأمر الله تعالى بالثبات وبالإكثار من ذِكره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال: 45]. وشرع الله إقامة الصلاة لذكره جل وعلا، فقال: (وأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) [طه: 14]، وبعد أداء الصَّلاة أمر ربُّنا عباده بالإكثار من ذكره، فقال: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) [النساء: 103]. وبعد أداء صلاة الجمعة يوصينا ربُّنا سبحانه بعدم الغفلة عن الذكر، فقال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة: 10]. وكذا في سائر العبادات، إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى، ففي منسك الحج يأمر الله عباده بالإكثار من الذكر فقال: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) [البقرة: 200]. وفي ليلة الإسراء رأى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- سيدنا إبراهيم خليل الرحمن، فأرسله بوصية رجل رحل إلى الدار الآخرة، وعاين ما ينفع العباد هناك وأوصاه أن يحث أمته على كثرة ذكر الله، فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لقيتُ ليلة أُسري بي إبراهيمَ الخليل -عليه السلام- فقال: يا محمد، أقْرِئ السلام أُمَّتك، وأخبرهم أنَّ الجنة طيِّبة التربة، عَذبة الماء، وأنها قِيعان، وأنَّ غِراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" (أخرجه الترمذي). ولما اشتكى الفقراء من ضعفهم وعجزهم عن اللحاق بركب الأغنياء في الإنفاق والصدقات والحج، وأعمال البر؛ أرشدهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى كثرة الذكر، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء الفقراء إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالوا: ذهَب أهل الدُّثُور من الأموال بالدَّرجات العُلى والنعيم المُقيم؛ يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضلٌ من أموال يحجُّون بها ويَعتمرون، ويُجاهدون ويتصدَّقون، قال: "ألا أحدِّثكم إن أخَذتم، أدْرَكتم مَن سبَقكم، ولَم يُدرككم أحدٌ بعدكم، وكنتم خيرَ مَن أنتم بين ظَهْرانيه، إلاَّ مَن عَمِل مثله - تُسبِّحون وتَحمدون، وتُكبِّرون خلف كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين". ومن فضائل الذكر: أنه من مكفرات الخطايا والذنوب، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: "مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرَّة، حُطَّت خَطاياه وإن كانت مثلَ زبَد البحر". وختم الإمام البخاري كتابه الجامع الصحيح بحديث جامع عن ذكر الله تعالى، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "كلمتان خَفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". فلماذا نعجز عن الذكر حتى يستولي علينا الشيطان؟! مع أن الذكر عبادة يسيرة ففي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص، قال: كنَّا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: "أيَعجِز أحدُكم أن يكسبَ كلَّ يوم ألف حسنة؟"، فسأله سائلٌ من جُلسائه: كيف يكسب أحدُنا ألف حسنة؟ قال: "يُسبِّح مائة تسبيحة، فيُكتب له ألف حسنة، أو يُحَطُّ عنه ألف خطيئة". إن بيوتنا ومجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى كثرة الذكر والذاكرين، فبذكر الله تحل البركات، وتندحر الموبقات، فتسلحوا بذكر الله في كل وقت وحين |
01-14-2017, 10:29 AM | #6 |
|
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب اناار الله قلبكك بالايمــــــــان وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ لكـ شكري وتقديري |
|
01-21-2017, 05:37 AM | #8 |
|
بارك الله فيــــــــــك
وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك يوم القيامة . أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه .. ورفع الله قدرك في أعلى عليين ... حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك .. احتــــرامي وتــقديري.. |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
من أدلة استحقاق الله تعالى للعبادة دون غيره | رويم | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 04-21-2019 02:31 AM |
علامات حب الله تعالى للعبد | مسعود | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-03-2019 08:29 PM |
خواطر ورقائق اسلاميه متجدد بأذن الله تعالى ... | غريب الدااار | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 54 | 08-18-2017 02:49 AM |
فضائل يوم الجمعة | الغالي | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 05-02-2017 08:35 AM |