فالقرب من الله تعالى، والفوز بمحبته ورضوانه، أجل ما يمكن للعبد الوصول إليه، فهو أعظم نعيم يحظى به أولياء الله عز وجل. قال ابن القيم في (مدارج
السالكين): من أعظم نعيم الجنة: التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، وسماع
كلامه، وقرة العين بالقرب منه، وبرضوانه. فلا نسبة للذة ما فيها من المأكول
والمشروب، والملبوس والصور، إلى هذه اللذة أبدا. فأيسر يسير من رضوانه،
أكبر من الجنان، وما فيها من ذلك. كما قال تعالى: {ورضوان من الله أكبر}
[التوبة: 72]. وأتى به منكرا في سياق الإثبات؛ أي: أي شيء كان من رضاه عن عبده: فهو أكبر من الجنة.
قليل منك يقنعني ولكن ... قليلك لا يقال له قليل.
وفي الحديث الصحيح - حديث الرؤية - «فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم، من النظر إلى وجهه، » ...
ولا ريب أن الأمر هكذا. وهو أجل مما يخطر بالبال، أو يدور في الخيال ... اهـ.
وأما سبيل ذلك، فيكون بصدق التوبة والإنابة إلى الله، والتشمير في طاعته
تعالى، وإيثار ما يرضيه على هوى النفس، كما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حيث يذكرني، واللهِ
لَلهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلي شبرا،
تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا، تقربت إليه باعا، وإذا أقبل إلي
يمشي، أقبلت إليه أهرول. رواه مسلم.
وفي الحديث الآخر: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت
عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه
الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي
يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. رواه البخاري.