إن مقدار زكاة الفطر صاع من طعام، الصاع النبوي الذي زنته كيلوان وأربعون جراماً، يعني حوالي كيلوين وربع من الرز أو غيره من طعام الناس، هذا مقدار زكاة الفطر، ولا يجوز إخراجها من غير الطعام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها صاعاً من تمر أو شعير، وكان ذلك الوقت هو طعامهم كما قال أبو سعيد: كان طعامنا يومئذ الشعير والتمر والزبيب والأقط. ولم يكن البر شائعاً كثيراً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يأت فيه نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. لما كثر في عهد معاوية رضي الله عنه جعل نصف صاع منه يعدل صاعاً، ولكن أبا سعيد خالفه في ذلك وقال: أما أنا فلا أزال أخرجه -أي الصاع- كما كنت أخرجه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. والصواب مع أبي سعيد رضي الله عنه أنه صاع من أي طعام كان. وأما بالنسبة للوقت المناسب لإخراجها فهو صباح العيد قبل الصلاة؛ لأن ذلك وقت الانتفاع بها لقول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يروى عنه: «أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم». ولكن مع ذلك يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز إخراجها قبل ذلك خلافاً لمن قال من أهل العلم أنه يجوز أن تخرج بعد دخول شهر رمضان؛ لأن الزكاة تسمى زكاة الفطر من رمضان، فهي مضافة إلى الفطر وليست مضافة إلى الصيام، ولولا أن الله سبحانه وتعالى يسر على عباده لقلنا لا يجوز إخراجها بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، ولكن كانت السعة في اليوم واليومين؛ لأن ذلك لا يتغير به الأمر غالباً. وأما إخراجها عما يعول من الأولاد فهذا ليس بلازم، وإنما هو على سبيل الاستحباب فقط، وإلا فكل إنسان مطالب بما فرض الله عليه لقول ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد من المسلمين، ولكن إذا أخذ رب العائلة الفطرة عنهم جميعاً وهم يشاهدون ووافقوا على ذلك فلا حرج عليهم ولا عليه في ذلك.