(الاعتصام باللّه ربّ العالمين) حيثُ يقول اللّه تعالى : ( فأمّا الذين آمنوا باللّه واعتصموا به فسيدخلهم في رحمةٍ منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً ) والاعتصام باللّه هو اللّجوء إليه تعالى والتّعلق به باعتباره الملاذ والمنجى، بيده أسباب السّموات والأرض ، وإليه تُرجع الأمور .. وهذا المعنى له عدة مصاديق نذكرُ منها : ١- الاعتصام بالله عز وجل من المخاطر والابتلاءات والمصاعب، فإنّه لا عاصم من أمر اللّه إلا هو جلّت قدرته . ٢- الاعتصام بالله عز وجل من العذاب والعقاب، بمعنى أنّه يعتصم باللّه تعالى ليُنجيه أو يُخلّصه من العذاب أو العقاب المتوجه للشّخص أو للمجموع . ( قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قال لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ ، وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ). ٣ - الاعتصام بالله تعالى من الذُّنوب والخطايا ، فإنّه أمرٌ لابد منه في هذه الحياة التي تمتلئ بالفتن والمغريات، مع هذه النّفس التي لم نُرّوضها ونمسك زمامها، ونحكم لجامها، وفي القرآن الكريم تنبيه لهذا المعنى، حيث نقرأ فيه : (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) اللّهم اعصمنا من الذُّنوب، واقسم لنا عصمةً تحول بها بيننا وبين الذُّنوب والآثام . ٤ - الاعتصام بدين اللّه عزّ وجلّ، أي التّمسك به، وعدم التّخلي، وعدم الابتعاد ، وعدم الانحراف عنه، حيث يقول اللّه تعالى : ( واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولا تفرقوا ) ( ومن يعتصم باللّه فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم ) اللّهم اعصمني في ديني، وأصلح لي ديني فإنّه عصمة أمري، اللّهم إن لم أعذ بعزّتك فبمن أعوذُ ؟ وإن لم ألذ بقدرتك فبمن ألوذُ ؟ وبحبل من أعتصم إن قطعت حبلك عني ؟ أنت ربُّ العالمين، وخالق كلّ شيءٍ، وإليك تُرجع الأمور كلّها، وبيدك ملكوت كلّ شيء. ( قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) اللّهم فلا تطردني من بابك، ولا تحرمني من عطفك ، ولا تبعدني عنك.