إذا كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب، هكذا قال الحكماء من قديم الزمان. ولكن ما رأي العلم في هذه المقولة؟
الصمت والهدوء يساعدان الإنسان على الشعور بالراحة والتخلص من القلق والتوتر في الحياة، كما يعمل على تجديد خلايا المخ وتحسين القدرات العقلية المعرفية لدى الفرد.
إليك تفاصيل فوائد الصمت على مخ الإنسان في أربع نقاط أساسية.
1- تجديد خلايا المخ
في دراسة أجريت عام 2013، استخدم الباحثون أنواعاً مختلفة من الضوضاء والصمت لمراقبة تأثير الصوت على مخ الفئران. وكانت النتائج مدهشة، فعندما تتعرض الفئران لفترة من الصمت تبلغ ساعتين يومياً، فإنها تتطور خلايا جديدة في منطقة الحصين بالمخ، وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والمشاعر والتعلم.
ونمو خلايا جديدة في المخ لا يعني بالضرورة زيادة ملموسة في الصحة العقلية، ولكن في هذا المثال يؤكد الباحثون أن هذه الخلايا العصبية كانت عاملة وتؤدي دورها.
وبهذا المعنى، فإن الصمت، حرفياً، يساعد في نمو المخ.
2- المخ يستوعب المعلومات ويقيمها أثناء الصمت
أشارت إحدى الدراسات، التي أجريت عام 2001، إلى أن المخ أثناء الراحة يعمل باستمرار على استيعاب المعلومات وتقييمها، وأُطلق على هذه الخاصية اسم «الوضع الافتراضي» للمخ.
وذكر الباحث جوزيف موران عام 2013 في دراسة أخرى أن هذا «الوضع الافتراضي» للمخ يعمل بوضوح أثناء فترات التأمل في الذات.
خلال فترات الصمت، يكون المخ حراً لاستكشاف مكانه ضمن عالمك الداخلي والخارجي، وهذا يساعدك على التفكير في الأمور العميقة بطريقة إبداعية.
3- الصمت يخفف الضغط والتوتر
وُجد أن الضوضاء يمكن أن يكون لها تأثير مادي على المخ، حيث تؤدي إلى إفراز معدلات عالية من الهرمونات المسببة للتوتر.
أمواج الصوت تصل إلى المخ عبر الأذن كإشارات كهربية، والجسم يتعامل مع هذه الإشارت حتى وإن كان نائماً. وإذا كنت تعيش في بيئة مليئة بالضوضاء باستمرار فربما تعاني من ارتفاع مزمن في إفراز هرمونات التوتر.
ومن ناحية أخرى، أشارت دراسة أخرى إلى أن دقيقتين فقط من الصمت يمكن أن يكون لهما تأثير على المخ أكبر من تأثير الموسيقى الهادئة، وذلك وفقاً للتغيرات التي تحدث في ضغط الدم والدورة الدموية في المخ.
4- الصمت يجدد الموارد والقدرات المعرفية
التلوث السمعي يؤثر على مستوى أداء المهام المعرفية بالسلب، فقد وُجد أن الضوضاء تضر بالأداء المعرفي في العمل والمدرسة، وقد تكون السبب في قلة الحماس وزيادة عمل الأخطاء.
والقدارات المعرفية الأكثر تأثراً بالضوضاء هي الانتباه أثناء القراءة والذاكرة وحل المشكلات.
وقد وجدت الدراسات أن الأطفال الذين في المدارس القريبة من ممرات الطيران أو الطرق السريعة أو السكك الحديدية يؤدون بشكل أسوأ في اختبارات القراءة، وتقل لديهم سرعة النمو المعرفي والمهارات اللغوية.
ولكن يمكن للمخ أن يستعيد بعضاً من قدراته المعرفية عند الوجود في بيئة بها مستوى أقل من المؤثرات السمعية.