#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
نصائح غالية لمن حفظ القرآن
لحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، وهدى إلى السبيل الأقوم؛ وصلى الله على النبي الأكرم، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإلى حافظ كتاب الله: هنيئاً لك ما أنت فيه من المقام السامي، والرتبة العلية، اهنأْ بما حصلته من الخير، ها قد اختارك الله سبحانه وتعالى لتكون من أهله وخاصته، فهيأ لك حفظ كتابه الكريم، وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)) قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: ((هم أهل القرآن أهل الله وخاصته))1. واختارك الله عز وجل ليحقق بك وعده العظيم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(الحجر:9). ها قد صرت من أهل القرآن وحملته؛ فيا له من شرف عظيم، ومقام كريم؛ ألا فتذكر أن ((الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)) رواه مسلم (817). فإن عملت بما علمت من كتاب الله طبت وطاب ممشاك، ورفعك الله مقاماً عليّاً، فما أطيبك يا أترجة الدنيا، أتذكر حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب، وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب، ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)) رواه البخاري (5059) واللفظ له، ومسلم (797)؛ فأقبل على أوامر الله، واجتنب نواهيَه؛ تفز بطيب طعمك وريحك. واتق الله في السر والعلن يُعلمْك الله فهو القائل: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(البقرة:282) فلا يجمل بحافظ كتاب الله وجامعه بين جنبيه أن يقارف خوارم الإيمان والتقوى؛ لا سيما وأن المعاصي تمحق البركات، وتحبط الأعمال، وتحول دون الأجور. وإن من أعظم أسباب نسيان القرآن الكريم الذنوب والمعاصي: قال الضحاك بن مزاحم: "ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}(الشورى:30)، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب"2؛ فأكثِر من تعهده وتلاوته وترتيله، فتركُك ذلك نوع من أنواع الهجر، وصنف من صنوف الذنوب؛ قال أبو العالية: "كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه"3. وقال القرطبي رحمه الله: "من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخلَّ بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل، والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد"، وقال إسحاق بن راهويه: "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن"4. وكيف وقد أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعاهد القرآن الكريم فقال فيما ورد عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها)) رواه مسلم (791)، و"فيه الحث على تعاهد القرآن وتلاوته، والحذر من تعريضه للنسيان"5. ولا شك أن الوصول إلى القمة أسهل من الحفاظ على البقاء فيها، وما أسهل ختم المصحف؛ لكن ما أشقَّ الحفاظ على بقائه متقناً، وهذا يتطلب منك جهداً وجدولة لأوقاتك، إذ لا بد من تفريغ وقت يومي للمراجعة، والتسميع المستمر، والتلاوة آناء الليل وأطراف النهار. وهاك طرق عدة لاستغلالها والقيام بها؛ حفاظاً على الإتقان لكتاب الله، ومنها: -الورد اليومي: بما لا يقل عن جزء يومياً يتم عرضه على أحد من المراجعين، أو منفرداً عن ظهر غيب، وإتمام المصحف في الشهر مرة على أقل تقدير، ولو كان وردٌ بالليل ووردٌ بالنهار بمقدار جزء على الأقل لكان أفضل. -الصلاة في السنن الرواتب بما يراجعه من القرآن، وقيام الليل، والصلوات السرِّية، والجهرية إن كان إماماً في كل ركعة صفحة على الأقل؛ وسيقارب جزءاً كاملاً وربما يزيد. -استغلال الوقت بين الأذان والإقامة، وفي الطريق إلى البيت أو المدرسة أو العمل، وأوقات الانتظار والفراغ. -الوقت بعد الفجر هو وقت ممتاز ولو لم يكن فيه إلا التعرض لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها))6. -طريقة "فمي مشوق" التي كان يستخدمها بعض مشايخ الإقراء بحيث إن الحافظ يكمل المصحف في أسبوع واحد وذلك كالتالي: الفاء من (فمي مشوق) للفاتحة، والميم للمائدة، والياء ليونس، والميم لمريم، والشين للشعراء، والواو للصافات، والقاف لسورة ق، فيكون المقدار في اليوم الأول من أول (الفاتحة) إلى أول (المائدة)، وفي اليوم الثاني من أول (المائدة) إلى أول (يونس)، وفي اليوم الثالث من أول (يونس) إلى أول (مريم)، وفي اليوم الرابع من أول (مريم) إلى أول (الشعراء)، وفي اليوم الخامس من أول (الشعراء) إلى أول (الصافات)، وفي اليوم السادس من أول (الصافات) إلى أول (ق)، وفي اليوم السابع من أول (ق) إلى آخر المصحف الشريف. -استغلال المواسم والمناسبات الدينية مثل شهر رمضان، والإجازات والجمع. -الإمامة في الصلاة. -العمل في مجال تحفيظ القرآن الكريم. -المشاركة في برامج وأنشطة تحفيظ القرآن فإنها تعين على ذلك. -المواظبة على قراءة ما كان يقرؤه النبي صلى الله عليه وسلم في أوقات مخصوصة كسورة الكهف والسجدة والإنسان والمنافقون والجمعة... إلخ. وهناك أمور أخرى تجدر لفتة حافظ كتاب الله إليها، والتنبيه عليها، وهي ملامح حفظة الكتاب العزيز ومنها: ·الوقار والسمت الحسن، وحسن الخلق، قال الفضيل: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلغو مع من يلغو، ولا أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، وينبغي لحامل القرآن ألا يكون له إلى الخلق حاجة، لا إلى الخلفاء فمن دونهم، وينبغي أن يكون حوايج الخلق إليه"7. التمسك بالعلم الشرعي فإنه لا يحسن بحافظ لكتاب الله ألا يفقه معانيه، وألا يدري أحكامه، وألا يعلم تفسيره وقواعد ذلك، وضوابط العلماء في النقل والرواية، والدراية والاستنباط. التوسع والتزود في مجال القرآن الكريم كعلم القراءآت، والتفسير، والإسناد. الهم والعمل للدين، فالحافظ حامل راية الإسلام. استشعار تمثيل الدين تمثيلاً صحيحاً. العناية والأخذ بأيدي الآخرين، والوصول بهم إلى المراتب الممكنة. نفعنا الله والمسلمين بالقرآن الحكيم، وعلَّمنا ما ينفعنا، ونفعنا بما علمنا؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين. |
03-04-2019, 07:41 PM | #4 |
|
منورين
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ألا إن سلعة الله غالية | الزين | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-02-2020 05:23 AM |
القرآن ... القرآن | حفيف الورق | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 8 | 10-20-2017 05:05 AM |
دعوة غالية من المعتفس | بــرد ودفــا | كرم المكان /إستقبال وترحيب | 12 | 06-10-2017 08:42 AM |
لُغة القرآن .. إلى أين ..؟! | نُوميديا | وتــــر مشدود / المواضيع النقاشية | 24 | 06-03-2017 01:38 AM |