نخلة أبا الدحداح
****
دخل شاب يتيم إلى مجلس “رسول الله صلى عليه وسلم” بينما
كان يجلس عليه الصلاة والسلام مع أصحابه، فألقى الشاب عليهم
السلام، وقال يا رسول الله: “جئت أشكو إليك جاري”
فقال الرسول: “ولماذا تشكو من جارك؟”، فقال الشاب:
“كنت أقوم بعمل سور حول حديقتي فقطعت نخلة جاري السور
فطلبت منه شرائها، ولكنه رفض أن يبيعها لي أو يتركها”، فطلب
“الرسول” أن يأتوه بالجار، فلما أتى إليه، فأخبره “الرسول”
بشكوى الشاب، وطلب منه أن يترك له النخلة أو يبيعها له
ولكن الجار رفض.
فقال له الرسول: “بع له النخلة، ولك نخلة في الجنة يسير الراكب
في ظلها مائة عام؛ فتعجب الصحابة من العرض الرائع والمغري،
فمن يدخل النار وله نخلة في الجنة؟!، وماذا يوجد بالدنيا يساوي
نخلة في الآخرة؟، وهل توجد نخلة في الدنيا تساوي
نخلة من نخيل الآخرة؟؛ ولكن الرجل كان يعشق متاع الدنيا فرفض
عرض الدنيا مقابل عرض الآخرة، فدهش الصحابة من موقفه؛
فتدخل “الدحداح” أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال: “يا رسول الله” إذا اشتريت نخلة الرجل، وأعطيتها للشاب
نخلة الجنة سوف تكون لي؟، فأجابه “الرسول” بالموافقة.
مداح “أبي الدحداح”:
فقال “أبا الدحداح” للرجل: “أتعرف بستاني ذو الستمائة نخلة؟
” فأجاب الرجل: “نعم ومن لا يعرف بستان “أبا الدحداح”
فكل التجاري يريدونه”، فقال “أبا الدحداح”: “البستان، القصر
السور الشاهق، والبئر مقابل نخلتك، فماذا تقول؟”، فوافق الرجل
وفرح بالبيعة؛ وشهد “الرسول” وأصحابه على البيع, وقام
“أبا الدحداح” بإعطاء نخلته التي اشتراها مقابل أملاكه إلى
الشاب اليتيم لكي يكمل سور حديقته، وقال: “يا رسول الله
ألي نخلة الجنة؟”، فقال الرسول: “لا”، فقلق “أبا الدحداح
”من رد الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستكمل”الرسول
” كلامه قائلا: يا”أبا الدحداح”إن الله عرض نخلة مقابل نخلة
في الجنة فقط، وأنت زايدت على كرم “الله” ببستانك، وقصرك
وبئرك, وحائطك؛ ورد الكريم على كرمك بأن لك بساتين في الجنة
لا أستطيع حصرها”.
تمني الصحابة لمنزلة “أبي الدحداح”:
قال”الرسول” لأصحابه: “كم من مداح إلى أبا الدحداح”،
وفسر قوله المداح: هو النخل المثقل من كثرة التمر، وظل
يكرر جملته، إلى أن تعجب الصحابة من كثرة النخيل التي يصفها
لأبي الدحداح، وتمنى الصحابة لو كانوا مكان “أبا الدحداح”.
ربحت البيعة يا “أبا الدحداح”:
وعندما عاد”أبا الدحداح” إلى زوجته، دعاها إلى خارج المنزل
وقال لها: “لقد بعت القصر، البئر، البستان، والحائط الشاهق”
ففرحت زوجته بالخبر فهي تعرف شطارة زوجها في التجارة
فسألته عن ثمنهم، فقال “أبا الدحداح”:
مقابل نخلة في الجنة يسير الراكب في ظلها مائة عام،
فقالت له زوجته: “لقد ربحت البيعة يا”أبا الدحداح”
ربحت البيع”.
*****