#1
|
|||||||||
|
|||||||||
قد كان لكم آية في فئتين التقتا
{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا } قال الله تعالى: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ } [آل عمران: 12، 13]. بيان ما في الآية من أوجه الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم: 1- قوله تعالى: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ }، أي: قل يا محمد لهؤلاء اليهود وأمثالهم من المشركين الذين يُدِلُّون بقوتهم، ويغترون بأموالهم وأولادهم وعصبيتهم قل لهم ستغلبون وتهزمون في الدنيا على أيدى المؤمنين. 2- قوله تعالى: { وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ }، ثم يوم القيامة تساقون إلى نار جهنم لتلقوا فيها مصيركم المؤلم، { وَبِئْسَ الْمِهادُ } أي: بئس المكان الذي هيَّؤوه لأنفسهم في الآخرة بسبب سوء فعلهم، والمهاد: المكان الممهد الذي ينام عليه كالفراش. 3- ولقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتولى الرد عليهم، وأن يواجههم بهذا الخطاب المشتمل على التهديد والوعيد؛ لأنهم كانوا يتفاخرون عليه بأموالهم وبقوتهم، فكان من المناسب أن يتولى صلى الله عليه وسلم الرد عليهم، وأن يُخبرهم بأن النصر سيكون له ولأصحابه، وأن الدائرة ستدور عليهم. 4- وقوله: { سَتُغْلَبُونَ } إخبار عن أمر يحصل في المستقبل، وقد وقع كما أخبر به الله تعالى فقد دارت الدائرة على اليهود من بنى قينقاع والنضير وقريظة وغيرهم، بعد بضع سنوات من الهجرة وتم فتح مكة في السنة الثامنة بعد الهجرة. وقوله: { وَبِئْسَ الْمِهادُ }، إما من تمام ما يقال لهم أو استئناف لتهويل شأن جهنم، وتفظيع حال أهلها. 5- ثم ساق القرآن مثلًا مشاهدًا يدل على نصر الله تعالى لأوليائه، وخِذلانه لأعدائه، فقال: { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ }، وإليك ما قال العلماء فيها من المعاني باختصار: • (قد كان لكم آية)؛ أي: قد كان لكم - أيها اليهود القائلون ما قلتم - (آية) أي: دلالة على أن الله معز دينه، وناصر رسوله، ومظهر كلمته، ومُعلٍ أمرَه، والمراد بالآية هنا العلامة والبرهان والشاهد على صدق الشيء المخبر عنه. • (في فئتين)؛ أي: طائفتين، (التقتا)؛ أي: للقتال، (فئة تقاتل في سبيل الله) وهم المسلمون (وأخرى كافرة) وهم مشركو قريش يوم بدر . وقوله: (يرونهم مثليهم رأيَ العين)، قال بعض العلماء - فيما حكاه ابن جرير -: يرى المشركون يوم بدر المسلمين مثليهم في العدد رأي أعينهم؛ أي: جعل الله ذلك فيما رأوه سببًا لنصرة الإسلام عليهم. • قوله تعالى: { وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ }؛ أي: والله تعالى يؤيِّد بنصره من يشاء نصره وفوزه فهو القادر على أن يجعل الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة، لا راد لمشيئته ولا معقب لحكمه وإن الذين يغترون بقوتهم وحدها، ويغترون بما بين أيديهم من أموال وعتاد ورجال، ولا يعملون حسابًا للقدر الذي يجريه الله على حسب مشيئته وإرادته، هؤلاء الذين غرهم بالله الغرور، تداهمهم الهزيمة من حيث لا يحتسبون، وقد يفجؤهم الخسران والخِذلان من الطريق الذي توهموا فيه الكسب والانتصار. • قوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ }، قال السعدي: ففي هذا عبرة لأولي الأبصار أي: أصحاب البصائر النافذة والعقول الكاملة، على أن الطائفة المنصورة معها الحق، والأخرى مبطلة وإلا فلو نظر الناظر إلى مجرد الأسباب الظاهرة والعُدد والعَدد، لجزم أن غلبة هذه الفئة القليلة لتلك الفئة الكثيرة من أنواع المحالات، ولكن وراء هذا السبب المشاهد بالأبصار سببٌ أعظم منه لا يدركه إلا أهل البصائر والإيمان بالله، والتوكل على الله والثقة بكفايته، وهو نصره وإعزازه لعباده المؤمنين على أعدائه الكافرين. |
08-04-2020, 12:08 AM | #2 |
|
جزاك الله خير الجزاء
ع الموضوع الجميل و المفيد |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|