العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا؛ إذ كيف يقول الشخص: «لا إله إلا الله» وهو يجهل معناها، إذًا لا بد من العلم بلا إله إلا الله؛ قال تعالى ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، وقال تعالى: ﴿ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86]؛ أي: لا إله إلا الله ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم.
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي: ﴿ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ ﴾؛ أي: نطق بلسانه، مقرًّا بقلبه، عالِمًا بما شهد به، ويشترط أن تكون شهادته بالحق، وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، ولرسله بالنبوة والرسالة، وصحة ما جاؤوا به، من أصول الدين وفروعه، وحقائقه وشرائعه، فهؤلاء الذين تنفع فيهم شفاعة الشافعين، وهؤلاء الناجون من عذاب الله، الحائزون لثوابه. وقال تعالى:﴿ شَهدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]))[1].
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: ((شهد تعالى، وكفى به شهيدًا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾؛ أي: المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه)) [2].
إن الدين عند الله الإسلام يعد إخباره بشهادة الملائكة وأولي العلم أنه لا إله إلا هو، والإله هو المستحق للعبادة، فأما من اعتقد في الله أنه رب كل شيء وخالقه، وهو مع هذا يعبد غيره، فأنه مشرك بربه متخذ من دونه إلهًا آخرَ، فليست الإلهية هي الخلق أو القدرة على الخلقِ أو القِدَم، كما يفسرها هؤلاء المبتدعون في التوحيد من أهل الكلام؛ إذ المشركون الذين شهد الله ورسوله بأنهم مشركون من العرب وغيرهم لم يكونوا يشكون في أن الله خالق كل شيء وربه، فلو كان هذا هو الإلهية لكانوا قائلين: إنه لا إله إلا هو[3].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وفي الحديث عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، دخل الجنة)) [4].
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر))[5].
ومعنى لا إله إلا الله؛ أي: لا معبود مستحقًّا للعبادة إلا الله وحده، فكلمة "لا إله" تنفي استحقاق العبودية عن كل المعبودات سوى الله تعالى، وكلمة "إلا الله" تُثبت استحقاق العبادة لله دون غيره، فما عبد من دون الله تعالى، فهو معبود بالباطل؛ كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62].
وإنما كانت الآلهة التي عبدت من دون الله تعالى معبودة بالباطل، ولا تستحق العبادة؛ لأنها ليس لها من الأمر شيء، ولا تملك رزقًا ولا ضرًّا ولا نفعًا، وليس لهم نصيب من الخلق والتدبير؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17].
فنفى سبحانه عن كل المعبودات غيره أي صورة من صور التملك أو الشركة أو المساعدة، ولا حتى الشفاعة إلا بإذنه، فانتفى عنهم كلُّ صور التصرف وبانَ بُطلان عبادتهم، وثبت أنه لا مستحق للعبادة إلا الله تعالى: ﴿ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 22]، والحاصل أن من قال هذه الكلمة عارفًا معناها عاملًا بمقتضاها، ظاهرًا وباطنًا من نفى الشرك والانخلاع عنه، وإثبات العبادة لله مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته والعمل بها، فهو المسلم حقًّا، ومن ثم يسعد ويفز بصحبه النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقًا.
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: (وقد مكث صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة يدعو فيها إلى الله سبحانه، ويحذِّر الناس من الشرك به، ويوضح لهم معنى لا إله إلا الله، فاستجاب له الأقلون، واستكبر عن طاعته وأتباعه الأكثرون، ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، فنشر الدعوة إلى الله سبحانه هناك بين المهاجرين والأنصار، وجاهد في سبيل الله، وكتب إلى الملوك والرؤساء وأوضح لهم دعوته، وما جاء به من الهدى، وصبر وصابر في ذلك هو وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين صلى الله عليه وسلم حتى ظهر دين الله، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وانتشر التوحيد بعده.
ثم قام أصحابه صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله سبحانه والجهاد في سبيله في المشارق والمغارب، حتى نصرهم الله على أعدائه، ومكَّن لهم في الأرض، وظهر دين الله على سائر الأديان، كما وعد بذلك سبحانه في كتابه العظيم؛ حيث قال عز وجل:﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33])) [6].
فـ«لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله» نفت الألوهية عن كل ما سوى الله، وأثبتت الألوهية له وحده لا شريك له؛ قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: ((والألوهية هي العبادة ولا بد للعبادة من ركنين معًا هما كمال الحب لله تعالى مع كمال الذل لله جل وعلا، وهي ما أمر الله به شرعًا مع كمال الحب ومع كمال الخضوع))[7].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإن الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني: أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا نعبده بالأهواء والبدع؛ قال الله تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]. فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، من واجب ومستحب، لا نعبده بالأمور المبتدعة))[8].
فالله جل وعلا ما خلق الخلق هملًا ولا تركهم سدًى، بل خلقهم لغاية واضحة وهدف محدد، ألا وهو عبادة الله وحده بلا شريك؛ قال ابن القيم رحمه الله: ((إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه، ومحبته والإخلاص له، فبذكره تطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم، وبرؤيته في الآخرة تقَر عيونهم ويتم نعيمهم، فلا يعطيهم في الآخرة شيئًا هو أحب إليهم ولا أقر لعيونهم، ولا أنعم لقلوبهم: من النظر إليه وسماع كلامه منه بلا واسطة، ولم يعطهم في الدنيا شيئًا خيرًا لهم، ولا أحب إليهم، ولا أقر لعيونهم من الإيمان به ومحبَّته والشوق إلى لقائه، والأُنس بقُربه والتنعم بذكره)) [9].
فالعبادة هي طاعة الله، بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل؛ قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ((في تعريفه لمعنى العبادة قال: هي التذلل لله عز وجل محبة وتعظيمًا بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به الشريعة)) [10].
وكذلك لا بد للعبادة من شرطين لكي تقبل؛ هما: الإخلاص لله تعالى، والاتباع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته وحده، فإن العبادة لا تكون خالصة وصحيحة يرضاها الله سبحانه وتعالى، إلا إذا توفر فيها شرطان، فإذا سقط شرط أو اختل بطلت العبادة فهما كالجناحين للطائر، ولا يمكن للطائر أن يطير بجناح واحد كذلك المرء لا يمكن أن يُقبل عمله إلا إذا توفر في عمله الإخلاص لله جل وعلا، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.
فالشرط الأول: الإخلاص لوجه الله تعالى:
لا بد وأن تكون العبادة خالصة لله وحده، ليس فيها شركٌ، فإذا خالطها شرك بطَلت وفسدت، كالطهارة إذا خالطها حدث بطلت، كذلك إذا عبدت الله ثم وقعت في الشرك بطلت عبادتُك، ولم تنفعك الأعمال، إذًا فما هو حد الشرك؟
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: ((فإن حد الشرك الأكبر: وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفرادهأن يصرف العبد نوعًا أو فردًا من أفراد العبادة لغير الله، فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع، فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر، فعليك بهذا الضابط للشرك الأكبر الذي لا يشذ عنه شيء.
كما أن حد الشرك الأصغر: هو كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر، من الإرادات والأقوال والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة التي فعلتها)) [11].
قال ابن القيم: في قصيدته في بيان أن الشرك محبط للأعمال.
والشرك فاحذَره فشرك ظاهر
ذا القسم ليس بقابل الغفران
وهو اتخاذ الند للرحمن أيًّا
كان من حجر ومن إنسان
يدعوه أو يرجوه ثم يخافه
ويحبه كمحبة الديان[12]
الشرط الثاني: هو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم:
فأي عبادة لم يأت بها الرسول، فإنها باطلة وغير مقبولة؛ لأنها بدعة وضلالة؛ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو رَدٌّ)) [13].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وبالجملة فمعنا أصلان عظيمان:
أحدهما: ألا نعبد إلا الله.
والثاني: ألا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بعبادة مبتدعة.
وهذان الأصلان هما تحقيق "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله"؛ كما قال تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2 ].
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ((أحسن العمل أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وما أصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة، وذلك تحقيق قولة تعالى: ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه: اللهم اجعَل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا))[14].
فإن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه تبارك وتعالى، فلا بد في العبادة من هذين الشرطين الإخلاص لله جل وعلا، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.
فبدون هذين الشرطين لا تصح العبادة؛ لأنها تصبح على غير ما شرع الله، والله لا يقبل إلا ما شرع في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- عندما استخرج مائة وعشرة فوائد من سورة الكهف، فقال في قوله تعالى: ﴿ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾: فيها: الشرط الأول: وهو الموافقة لشرع الله. وقال في قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُشْرِكْ بِعَبَادِةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ فيها: الشرط الثاني: وهو الإخلاص فيه لله [15].
وأما المتابعة فلا تتحقق إلا بأوصاف ستة ذكرهما فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: وأسكنه فسيح جناته، فقال:
أولًا: السبب: أن تكون العبادة موافقة للشريعة في سببها: فأي إنسان يتعبد لله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع، فهي عبادة مردودة ليس عليها أمر الله ورسوله، مثال ذلك أن بعض الناس يحيي ليلة السابع والعشرين من رجب، بحجة أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتهجد عبادة، ولكن لما قرن بهذا السبب كان بدعة؛ لأنه بنى هذه العبادة على سبب لم يثبت شرعًا.
وهذا الوصف - موافقة العبادة للشريعة في السبب - أمر مهم يتبين به ابتداع كثير مما يظن أنه من السنة وليس من السنة.
ثانيًا: الجنس: أن تكون العبادة موافقة للشريعة في جنسها:
فلو تعبد إنسان لله بعبادة لم يشرع جنسها، فهي غير مقبولة؛ مثل ذلك أن يضحي الإنسان بفرس، فلا يصح أضحية؛ لأنه خالف الشريعة في الجنس، فالأضاحي لا تكون إلا من بهيمة الأنعام الإبل، البقر، الغنم.
ثالثًا: القدر: أن تكون العبادة موافقة للشريعة في قدرها:
فلو أراد إنسان أن يزيد صلاة على أنها فريضة، فنقول: هذه بدعة غير مقبولة؛ لأنها مخالفة للشرع في القدر، ومن باب أولى لو أن الإنسان صلى الظهر مثلًا خمسًا، فإن صلاته لا تصح بالاتفاق.
رابعًا: الكيفية: أن تكون العبادة موافقة للشريعة في كيفيتها:
فلو أن رجلًا فبدأ بغسل رجليه، ثم مسح رأسه، ثم غسل يديه ثم وجهه، فنقول: وضوؤه باطل؛ لأنه مخالف للشرع في الكيفية.
خامسًا: الزمان: أن تكون العبادة موافقة للشريعة في الزمان:
فلو أن رجلًا ضحى في أول أيام ذي الحجة، فلا تقبل الأضحية لمخالفة الشرع في الزمان.
وسمعت أن بعض الناس في شهر رمضان يذبحون الغنم تقربًا لله تعالى بالذبح، وهذا العمل بدعة على هذا الوجه؛ لأنه ليس هناك شيء يتقرب به إلى الله بالذبح إلا الأضحية والهدي والعقيقة، أما الذبح في رمضان مع اعتقاد الأجر على الذبح كالذبح في عيد الأضحى فبدعة.
وأما الذبح لأجل اللحم، فهذا جائز.
سادسًا: المكان: أن تكون العبادة موافقة للشريعة في مكانها:
فلو أن رجلًا اعتكف في غير مسجد، فإن اعتكافه لا يصح؛ وذلك لأن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد، ولو قالت امرأة: أريد أن أعتكف في مصلى البيت.
ومن الأمثلة لو أن رجلًا أراد أن يطوف فوجد المطاف قد ضاق ووجد ما حوله قد ضاق، فصار يطوف من وراء المسجد، فلا يصح طوافه؛ لأن مكان الطواف البيت قال تعالى لإبراهيم الخليل: ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ﴾ [الحج:26].
فالعبادة لا تكون عملًا صالحًا إلا إذا تحقق فيها شرطان:
الأول: الإخلاص، الثاني: المتابعة، والمتابعة لا تتحقق إلا بالأمور الستة الآنفة الذكر[16].
[1] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 771)؛ تأليف العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي، الناشر مؤسسة الرسالة.
[2] المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير.
[3] وصية لقمان الشيخ عبدالمجيد بن يوسف، (ص40) دار الكلمة للنشر والتوزيع.
[4] رواه مسلم (1 /55 : 43) في الإيمان الدليل على أن من مات علي التوحيد دخل الجنة.
[5] رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحة، ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ورواه البيهقي في الشعب وغيرها، وحسَّنه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب، كتاب العلم رقم (67).