كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-02-2017, 11:24 AM | #591 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : وتستمد من صفات اللّه المطلقة ليحققها البشر في حدود الطاقة ، كي يحققوا إنسانيتهم العليا ، وكي يصبحوا أهلا لتكريم اللّه لهم واستخلافهم في الأرض وكي يتأهلوا للحياة الرفيعة الأخرى : «فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» .. ومن ثم فهي غير مقيدة ولا محدودة بحدود من أي اعتبارات قائمة في الأرض إنما هي طليقة ترتفع إلى أقصى ما يطيقه البشر ، لأنها تتطلع إلى تحقيق صفات اللّه الطليقة من كل حد ومن كل قيد. ثم إنها ليست فضائل مفردة : صدق. وأمانة. وعدل. ورحمة. وبر .... إنما هي منهج متكامل ، تتعاون فيه التربية التهذيبية مع الشرائع التنظيمية وتقوم عليه فكرة الحياة كلها واتجاهاتها جميعا ، وتنتهي في خاتمة المطاف إلى اللّه. لا إلى أي اعتبار آخر من اعتبارات هذه الحياة! وقد تمثلت هذه الأخلاقية الإسلامية بكمالها وجمالها وتوازنها واستقامتها واطرادها وثباتها في محمد - صلى اللّه عليه وسلم - وتمثلت في ثناء اللّه العظيم ، وقوله : «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» .. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:24 AM | #592 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : وبعد هذا الثناء الكريم على عبده يطمئنه إلى غده مع المشركين ، الذين رموه بذلك البهت اللئيم ويهددهم بافتضاح أمرهم وانكشاف بطلانهم وضلالهم المبين : «فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ. بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» .. والمفتون الذي يطمئن اللّه نبيه إلى كشفه وتعيينه هو الضال. أو هو الممتحن الذي يكشف الامتحان عن حقيقته. وكلا المدلولين قريب من قريب .. وهذا الوعد فيه من الطمأنينة لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وللمؤمنين معه ، بقدر ما فيه من التهديد للمناوئين له المفترين عليه .. أيا كان مدلول الجنون الذي رموه به. والأقرب إلى الظن أنهم لم يكونوا يقصدون به ذهاب العقل. فالواقع يكذب هذا القول. إنما كانوا يعنون به مخالطة الجنة له ، وإيحاءهم إليه بهذا القول الغريب البديع - كما كانوا يظنون أن لكل شاعر شيطانا هو الذي يمده ببديع القول! - وهو مدلول بعيد عن حقيقة حال النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وغريب عن طبيعة ما يوحى إليه من القول الثابت الصادق المستقيم. وهذا الوعد من اللّه يشير إلى أن الغد سيكشف عن حقيقة النبي وحقيقة مكذبيه. ويثبت أيهم الممتحن بما هو فيه أو أيهم الضال فيما يدعيه. ويطمئنه إلى أن ربه «هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» .. وربه هو الذي أوحى إليه ، فهو يعلم أنه المهتدي ومن معه. وفي هذا ما يطمئنه وما يقلق أعداءه ، وما يبعث في قلوبهم التوجس والقلق لما سيجي ء! ثم يكشف اللّه له عن حقيقة حالهم ، وحقيقة مشاعرهم ، وهم يخاصمونه ويجادلونه في الحق الذي معه ، ويرمونه بما يرمونه ، وهم مزعزعو العقيدة فيما لديهم من تصورات الجاهلية ، التي يتظاهرون بالتصميم عليها. إنهم على استعداد للتخلي عن الكثير منها في مقابل أن يتخلى هو عن بعض ما يدعوهم إليه! على استعداد أن يدهنوا ويلينوا ويحافظوا فقط على ظاهر الأمر لكي يدهن هو لهم ويلين .. فهم ليسوا أصحاب عقيدة يؤمنون بأنها الحق ، وإنما هم أصحاب ظواهر يهمهم أن يستروها : «فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ. وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ» .. فهي المساومة إذن ، والالتقاء في منتصف الطريق. كما يفعلون في التجارة. وفرق بين الاعتقاد والتجارة كبير! فصاحب العقيدة لا يتخلى عن شيء منها لأن الصغير منها كالكبير. بل ليس في العقيدة صغير وكبير. إنها حقيقة واحدة متكاملة الأجزاء. لا يطيع فيها صاحبها أحدا ، ولا يتخلى عن شيء منها أبدا. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:25 AM | #593 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : وما كان يمكن أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق ، ولا أن يلتقيا في أي طريق. وذلك حال الإسلام مع الجاهلية في كل زمان ومكان. جاهلية الأمس وجاهلية اليوم ، وجاهلية الغد كلها سواء. إن الهوة بينها وبين الإسلام لا تعبر ، ولا تقام عليها قنطرة ، ولا تقبل قسمة ولا صلة. وإنما هو النضال الكامل الذي يستحيل فيه التوفيق! ولقد وردت روايات شتى فيما كان يدهن به المشركون للنبي - صلى اللّه عليه وسلم - ليدهن لهم ويلين ويترك سب آلهتهم وتسفيه عبادتهم ، أو يتابعهم في شيء مما هم عليه ليتابعوه في دينه ، وهم حافظون ماء وجوههم أمام جماهير العرب! على عادة المساومين الباحثين عن أنصاف الحلول! ولكن الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - كان حاسما في موقفه من دينه ، لا يدهن فيه ولا يلين. وهو فيما عدا الدين ألين الخلق جانبا وأحسنهم معاملة وأبرهم بعشيرة وأحرصهم على اليسر والتيسير. فأما الدين فهو الدين! وهو فيه عند توجيه ربه : «فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ»! ولم يساوم - صلى اللّه عليه وسلم - في دينه وهو في أحرج المواقف العصيبة في مكة. وهو محاصر بدعوته. وأصحابه القلائل يتخطفون ويعذبون ويؤذون في اللّه أشد الإيذاء وهم صابرون. ولم يسكت عن كلمة واحدة ينبغي أن تقال في وجوه الأقوياء المتجبرين ، تأليفا لقلوبهم ، أو دفعا لأذاهم. ولم يسكت كذلك عن إيضاح حقيقة تمس العقيدة من قريب أو من بعيد .. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:25 AM | #594 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : روى ابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق قال : «فلما بادى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - قومه بالإسلام. وصدع به كما أمره اللّه ، لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه - فيما بلغني - حتى ذكر آلهتهم وعابها. فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه ، وأجمعوا خلافه وعداوته - إلا من عصم اللّه تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون - وحدب على رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - عمه أبو طالب ومنعه ، وقام دونه ، ومضى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - على أمر اللّه مظهرا لأمره ، لا يرده عنه شيء. «فلما رأت قريش أن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ، ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم ، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب .. عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب بن أمية. وأبو البختري واسمه العاص بن هشام. والأسود بن المطلب بن أسد. وأبو جهل (و اسمه عمرو بن هشام وكان يكنى أبا الحكم) والوليد بن المغيرة ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر .. أو من مشى منهم .. فقالوا : يا أبا طالب. إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه! فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا ، وردهم ردا جميلا ، فانصرفوا عنه. «ومضى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - على ما هو عليه : يظهر دين اللّه ، ويدعو إليه. ثم شري الأمر بينه وبينهم حتى تباعدوا وتضاغنوا ، وأكثرت قريش ذكر رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وتذامروا فيه. وحض بعضهم بعضا عليه. ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى. فقالوا له : يا أبا طالب ، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا. وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا واللّه لا نصبر على هذا : من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين - أو كما قالوا له .. ثم انصرفوا عنه. فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ، ولم يطب نفسا بإسلام رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - لهم ولا خذلانه. قال ابن إسحق : وحدثني يعقوب بن عقبة بن المغيرة بن الأخنس ، أنه حدّث ، أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فقال له : يا بن أخي. إن قومك قد جاءوني فقالوا لي : كذا وكذا (للذي كانوا قالوا له) فأبق عليّ وعلى نفسك ، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق. قال : فظن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - أنه قد بدا لعمه فيه بداء ، وأنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه. قال : فقال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «يا عم واللّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره اللّه أو أهلك فيه ما تركته» .. قال : واستعبر رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فبكى. ثم قام. فلما ولى ناداه أبو طالب فقال : أقبل يا بن أخي. قال : فأقبل عليه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فقال : اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت ، فو اللّه لا أسلمك لشيء أبدا». ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:25 AM | #595 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : فهذه صورة من إصرار النبي - صلى اللّه عليه وسلم - على دعوته في اللحظة التي تخلى عنه فيها عمه. حاميه وكافيه ، وآخر حصن من حصون الأرض يمنعه المتربصين به المتذامرين فيه! هذه هي صورة قوية رائعة جديدة في نوعها من حيث حقيقتها ، ومن حيث صورها وظلالها ومن حيث عباراتها وألفاظها ... جديدة جدة هذه العقيدة ، رائعة روعة هذه العقيدة ، قوية قوة هذه العقيدة. فيها مصداق قول اللّه العظيم : «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ». وصورة أخرى رواها كذلك ابن اسحق ، كانت في مساومة مباشرة من المشركين لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - بعد إذ أعياهم أمره ، ووثبت كل قبيلة على من أسلم منها تعذبه وتفتنه عن دينه. قال ابن إسحق : وحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا ، قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش. ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة ، ورأوا أصحاب رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يزيدون ويكثرون. فقالوا : يا أبا الوليد قم إليه فكلمه. فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فقال : يا بن أخي. إنك منا حيث علمت : من السطة «1» في العشيرة والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، وسفهت به أحلامهم ، وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفرت به من مضى من آبائهم. فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها ، لعلك تقبل منها بعضها. قال : فقال له رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «قل يا أبا الوليد أسمع» .. قال : يا ابن أخي. إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا. وإن كنت إنما تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك. وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه! - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة ورسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يستمع منه قال : «أقد فرغت يا أبا الوليد؟» قال : نعم. قال : «فاستمع مني». قال : أفعل. فقال : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. حم. تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ. وَقالُوا : قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ ، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ ، فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ. قُلْ : إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ...» ثم مضى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فيها يقرؤها عليه. فلما سمعها منه عتبة أنصت لها ، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليها يسمع منه. ثم انتهى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى السجدة منها فسجد. ثم قال. «قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت. فأنت وذاك» .. فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : نحلف باللّه لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال : ورائي أنني سمعت قولا واللّه ما سمعت مثله قط ، واللّه ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة ، يا معشر قريش أطيعوني ، واجعلوها بي ، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه ، فاعتزلوه ، فو اللّه ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم. فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم. وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به. قالوا : سحرك واللّه يا أبا الوليد بلسانه. قال : هذا رأيي فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم .. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:25 AM | #596 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : وفي رواية أخرى أن عتبة استمع حتى جاء الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - إلى قوله تعالى : «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ : أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ» .. فقام مذعورا فوضع يده على فم رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يقول : أنشدك اللّه والرحم يا محمد! وذلك مخافة أن يقع النذير. وقام إلى القوم فقال ما قال! وعلى أية حال فهذه صورة أخرى من صور المساومة. وهي كذلك صورة من صور الخلق العظيم. تبدو في أدبه - صلى اللّه عليه وسلم - وهو يستمع إلى عتبة حتى يفرغ من قوله الفارغ الذي لا يستحق الانتباه من مثل محمد - صلى اللّه عليه وسلم - في تصوره لقيم هذا الكون ، وفي ميزانه للحق ولعرض هذه الأرض. ولكن خلقه يمسك به لا يقاطع ولا يتعجل ولا يغضب ولا يضجر ، حتى يفرغ الرجل من مقالته ، وهو مقبل عليه. ثم يقول في هدوء : «أقد فرغت يا أبا الوليد؟» زيادة في الإملاء والتوكيد. إنها الطمأنينة الصادقة للحق مع الأدب الرفيع في الاستماع والحديث .. وهما معا بعض دلالة الخلق العظيم. وصورة ثالثة للمساومة فيما رواه ابن اسحق قال : «واعترض رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وهو يطوف بالكعبة - فيما بلغني - الأسود بن المطلب بن أسد ابن عبد العزى والوليد بن المغيرة ، وأمية بن خلف ، والعاص بن وائل السهمي. وكانوا ذوي أسنان في قومهم. فقالوا : يا محمد ، هلم فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد ، فنشترك نحن وأنت في الأمر. فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه ، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه! فأنزل اللّه تعالى فيهم : «قُلْ : يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ» : السورة كلها .. وحسم اللّه المساومة المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة. وقال لهم الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - ما أمره ربه أن يقول ... ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:25 AM | #597 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : ثم يبرز قيمة العنصر الأخلاقي مرة أخرى في نهي الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - عن إطاعة أحد هؤلاء المكذبين بالذات ، ويصفه بصفاته المزرية المنفرة ، ويتوعده بالإذلال والمهانة : «وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ. أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ. إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ. سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ» .. وقد قيل : إنه الوليد بن المغيرة ، وإنه هو الذي نزلت فيه كذلك آيات من سورة المدثر : «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ، وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً ، وَبَنِينَ شُهُوداً ، وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ. كَلَّا!! إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً. سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً. إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ. فَقُتِلَ! كَيْفَ قَدَّرَ؟ ثُمَّ قُتِلَ! كَيْفَ قَدَّرَ؟ ثُمَّ نَظَرَ. ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ. ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ. فَقالَ : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ. إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ. سَأُصْلِيهِ سَقَرَ» .. ورويت عنه مواقف كثيرة في الكيد لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وإنذار أصحابه ، والوقوف في وجه الدعوة ، والصد عن سبيل اللّه .. كما قيل : إن آيات سورة القلم نزلت في الأخنس بن شريق .. وكلاهما كان ممن خاصموا رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ولجوا في حربه والتأليب عليه أمدا طويلا. وهذه الحملة القرآنية العنيفة في هذه السورة ، والتهديدات القاصمة في السورة الأخرى ، وفي سواها ، شاهد على شدة دوره سواء كان هو الوليد أو الأخنس والأول أرجح ، في حرب الرسول والدعوة ، كما هي شاهد على سوء طويته ، وفساد نفسه ، وخلوها من الخير. والقرآن يصفه هنا بتسع صفات كلها ذميم .. فهو حلاف .. كثير الحلف. ولا يكثر الحلف إلا إنسان غير صادق ، يدرك أن الناس يكذبونه ولا يثقون به ، فيحلف ويكثر من الحلف ليداري كذبه ، ويستجلب ثقة الناس. وهو مهين .. لا يحترم نفسه ، ولا يحترم الناس قوله. وآية مهانته حاجته إلى الحلف ، وعدم ثقته بنفسه وعدم ثقة الناس به. ولو كان ذا مال وذا بنين وذا جاه. فالمهانة صفة نفسية تلصق بالمرء ولو كان سلطانا طاغية جبارا. والعزة صفة نفسية لا تفارق النفس الكريمة ولو تجردت من كل أعراض الحياة الدنيا! وهو هماز .. يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم سواء. وخلق الهمز يكرهه الإسلام أشد الكراهية فهو يخالف المروءة ، ويخالف أدب النفس ، ويخالف الأدب في معاملة الناس وحفظ كراماتهم صغروا أم كبروا. وقد تكرر ذم هذا الخلق في القرآن في غير موضع فقال : «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» .. وقال : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ. وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ. وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ» وكلها أنواع من الهمز في صورة من الصور .. وهو مشاء بنميم. يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم ، ويقطع صلاتهم ، ويذهب بموداتهم. وهو خلق ذميم كما أنه خلق مهين ، لا يتصف به ولا يقدم عليه إنسان يحترم نفسه أو يرجو لنفسه احتراما عند الآخرين. حتى أولئك الذين يفتحون آذانهم للنمام ، ناقل الكلام ، المشاء بالسوء بين الأوداء. حتى هؤلاء الذين يفتحون آذانهم له لا يحترمونه في قرارة نفوسهم ولا يودونه. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:25 AM | #598 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : لقد كان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ينهى أن ينقل إليه أحد ما يغير قلبه على صاحب من أصحابه. وكان يقول : «لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» . وثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قال : مر رسول اللّه - صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم - بقبرين ، فقال : «إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير. أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة». وروى الإمام أحمد - بإسناده - عن حذيفة قال : سمعت رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يقول : «لا يدخل الجنة قتات» أي نمام (و رواه الجماعة إلا ابن ماجه). وروى الإمام أحمد كذلك - بإسناده - عن يزيد بن السكن. أن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - قال : «ألا أخبركم بخياركم؟» قالوا : بلى يا رسول اللّه. قال : «الذين إذا رؤوا ذكر اللّه عز وجل» ثم قال : «ألا أخبركم بشراركم؟ المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة ، الباغون للبرآء العيب». ولم يكن بد للإسلام أن يشدد في النهي عن هذا الخلق الذميم الوضيع ، الذي يفسد القلب ، كما يفسد الصحب ، ويتدنى بالقائل قبل أن يفسد بين الجماعة ، ويأكل قلبه وخلقه قبل أن يأكل سلامة المجتمع ، ويفقد الناس الثقة بعضهم ببعض ، ويجني على الأبرياء في معظم الأحايين! وهو مناع للخير .. يمنع الخير عن نفسه وعن غيره. ولقد كان يمنع الإيمان وهو جماع الخير. وعرف عنه أنه كان يقول لأولاده وعشيرته ، كلما آنس منهم ميلا إلى النبي - صلى اللّه عليه وسلم - : لئن تبع دين محمد منكم أحد لا أنفعه بشيء أبدا. فكان يمنعهم بهذا التهديد عن الإسلام. ومن ثم سجل القرآن عليه هذه الصفة «مناع للخير» فيما كان يفعل ويقول. وهو معتد .. متجاوز للحق والعدل إطلاقا. ثم هو معتد على النبي - صلى اللّه عليه وسلم - وعلى المسلمين وعلى أهله وعشيرته الذين يصدهم عن الهدى ويمنعهم من الدين .. والاعتداء صفة ذميمة تنال من عناية القرآن والحديث اهتماما كبيرا .. وينهى عنها الإسلام في كل صورة من صورها ، حتى في الطعام والشراب : «كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ» .. لأن العدل والاعتدال طابع الإسلام الأصيل. وهو أثيم .. يرتكب المعاصي حتى يحق عليه الوصف الثابت. «أَثِيمٍ» .. بدون تحديد لنوع الآثام التي يرتكبها. فاتجاه التعبير إلى إثبات الصفة ، وإلصاقها بالنفس كالطبع المقيم! وهو بعد هذا كله «عُتُلٍّ» .. وهي لفظة تعبر بجرسها وظلها عن مجموعة من الصفات ومجموعة من السمات ، لا تبلغها مجموعة ألفاظ وصفات. فقد يقال : إن العتل هو الغليظ الجافي. وإنه الأكول الشروب. وإنه الشره المنوع. وإنه الفظ في طبعه ، اللئيم في نفسه ، السيّء في معاملته .. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:26 AM | #599 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه : «العتل كل رغيب الجوف ، وثيق الخلق ، أكول شروب ، جموع للمال ، منوع له» .. ولكن تبقى كلمة «عتل» بذاتها أدل على كل هذا ، وأبلغ تصويرا للشخصية الكريهة من جميع الوجوه. وهو زنيم .. وهذه خاتمة الصفات الذميمة الكريهة المتجمعة في عدو من أعداء الإسلام - وما يعادي الإسلام ويصر على عداوته إلا أناس من هذا الطراز الذميم - والزنيم من معانيه اللصيق في القوم لا نسب له فيهم ، أو أن نسبه فيهم ظنين. ومن معانيه ، الذي اشتهر وعرف بين الناس بلؤمه وخبثه وكثرة شروره. والمعنى الثاني هو الأقرب في حالة الوليد بن المغيرة. وإن كان إطلاق اللفظ يدمغه بصفة تدعه مهينا في القوم ، وهو المختال الفخور. ثم يعقب على هذه الصفات الذاتية بموقفه من آيات اللّه ، مع التشنيع بهذا الموقف الذي يجزي به نعمة اللّه عليه بالمال والبنين : «أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ» .. وما أقبح ما يجزي إنسان نعمة اللّه عليه بالمال والبنين استهزاء بآياته ، وسخرية من رسوله ، واعتداء على دينه .. وهذه وحدها تعدل كل ما مر من وصف ذميم. ومن ثم يجيء التهديد من الجبار القهار ، يلمس في نفسه موضع الاختيال والفخر بالمال والبنين كما لمس وصفه من قبل موضع الاختيال بمكانته ونسبه .. ويسمع وعد اللّه القاطع : «سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ» .. ومن معاني الخرطوم طرف أنف الخنزير البري .. ولعله هو المقصود هنا كناية عن أنفه! والأنف في لغة العرب يكنى به عن العزة فيقال : أنف أشم للعزيز. وأنف في الرغام للذليل .. أي في التراب! ويقال ورم أنفه وحمي أنفه ، إذا غضب معتزا. ومنه الأنفة .. والتهديد بوسمه على الخرطوم يحوي نوعين من الإذلال والتحقير .. الأول الوسم كما يوسم العبد .. والثاني جعل أنفه خرطوما كخرطوم الخنزير! وما من شك أن وقع هذه الآيات على نفس الوليد كان قاصما. فهو من أمة كانت تعد هجاء شاعر - ولو بالباطل - مذمة يتوقاها الكريم! فكيف بدمغه بالحق من خالق السماوات والأرض. بهذا الأسلوب الذي لا يبارى. في هذا السجل الذي تتجاوب بكل لفظ من ألفاظه جنبات الوجود. ثم يستقر في كيان الوجود .. في خلود .. إنها القاصمة التي يستأهلها عدو الإسلام وعدو الرسول الكريم صاحب الخلق العظيم .. ( يتبع ) |
|
07-02-2017, 11:26 AM | #600 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة القلم
محور مواضيع السورة : وبمناسبة الإشارة إلى المال والبنين ، والبطر الذي يبطره المكذبون ، يضرب لهم مثلا بقصة يبدو أنها كانت معروفة عندهم ، شائعة بينهم ، ويذكرهم فيها بعاقبة البطر بالنعمة ، ومنع الخير والاعتداء على حقوق الآخرين ويشعرهم أن ما بين أيديهم من نعم المال والبنين ، إنما هو ابتلاء لهم كما ابتلي أصحاب هذه القصة ، وأن له ما بعده ، وأنهم غير متروكين لما هم فيه : «إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ ، وَلا يَسْتَثْنُونَ. فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ ، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ. فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ : أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ. فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ : أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ. وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ. فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا : إِنَّا لَضَالُّونَ ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ. قالَ أَوْسَطُهُمْ : أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ! قالُوا : سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ. فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ ، قالُوا : يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ ، عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ .. كَذلِكَ الْعَذابُ ، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» .. وهذه القصة قد تكون متداولة ومعروفة ، ولكن السياق القرآني يكشف عما وراء حوادثها من فعل اللّه وقدرته ، ومن ابتلاء وجزاء لبعض عباده. ويكون هذا هو الجديد في سياقها القرآني. ومن خلال نصوصها وحركاتها نلمح مجموعة من الناس ساذجة بدائية أشبه في تفكيرها وتصورها وحركتها بأهل الريف البسطاء السذج. ولعل هذا المستوي من النماذج البشرية كان أقرب إلى المخاطبين بالقصة ، الذين كانوا يعاندون ويجحدون ، ولكن نفوسهم ليست شديدة التعقيد ، إنما هي أقرب إلى السذاجة والبساطة! والقصة من ناحية الأداء تمثل إحدى طرق الأداء الفني للقصة في القرآن وفيه مفاجآت مشوقة ، كما أن فيه سخرية بالكيد البشري العاجز أمام تدبير اللّه وكيده. وفيه حيوية في العرض حتى لكأن السامع - أو القارئ - يشهد القصة حية تقع أحداثها أمامه وتتوالى . فلنحاول أن نراها كما هي في سياقها القرآني : ها نحن أولاء أمام أصحاب الجنة - جنة الدنيا لا جنة الآخرة - وها هم أولاء يبيتون في شأنها أمرا. لقد كان للمساكين حظ من ثمرة هذه الجنة - كما تقول الروايات - على أيام صاحبها الطيب الصالح. ولكن الورثة يريدون أن يستأثروا بثمرها الآن ، وأن يحرموا المساكين حظهم .. فلننظر كيف تجري الأحداث إذن! «إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ. إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ». لقد قر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر ، دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين. وأقسموا على هذا ، وعقدوا النية عليه ، وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه .. فلندعهم في غفلتهم أو في كيدهم الذي بيتوه ، ولننظر ماذا يجري من ورائهم في بهمة الليل وهم لا يشعرون. فإن اللّه ساهر لا ينام كما ينامون ، وهو يدبر لهم غير ما يدبرون ، جزاء على ما بيتوا من بطر بالنعمة ومنع للخير ، وبخل بنصيب المساكين المعلوم .. ( يتبع ) |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التعريف, الصور, النزول, القرآن, الكريم, بسور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 28 ( الأعضاء 0 والزوار 28) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
«الدوخة».. عارض مزعج وأسباب مجهولة | رويم | زادك و صحتك | 5 | 02-20-2020 03:55 PM |
عملية حسابية لمعرفة رقم الصفحة في القرآن الكريم | إعجـــاز | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-02-2020 03:39 AM |
سجل حضورك بسوره من سور القرآن الكريم | فرح | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 54 | 01-01-2020 04:28 AM |
نساء لم يذكر القرآن الكريم أسمائهن | أميرة الاحساس | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 13 | 01-01-2020 02:21 AM |
الارهاب فى القرآن الكريم .. بقلمى | حسن سعد | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 04-12-2018 01:56 PM |