كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
07-03-2017, 11:45 AM | #651 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : وهكذا بدأ العلم يخرج من سجن المادية وجدرانها بوسائله الذاتية ، فيتصل بالجو الطليق الذي يشير القرآن إليه بمثل تلك الآية الكريمة : «فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ». ونظائره المتعددة. وإن يكن بيننا نحن من أقزام التفكير والشعور من لا يزال يغلق بكلتا يديه نوافذ النور على نفسه وعلى من حوله باسم العلم! في تخلف عقلي عن العلم ، وفي تخلف روحي عن الدين ، وفي تخلف شعوري عن الحرية الطليقة في معرفة الحقيقة! وفي تخلف إنساني عما يليق بالكائن الإنساني الكريم! فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون .. «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ ، وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» .. ولقد كان مما تقوّل به المشركون على القرآن وعلى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - قولهم : إنه شاعر. وإنه كاهن. متأثرين في هذا بشبهة سطحية ، منشؤها أن هذا القول فائق في طبيعته على كلام البشر. وأن الشاعر في وهمهم له رئي من الجن يأتيه بالقول الفائق ، وأن الكاهن كذلك متصل بالجن. فهم الذين يمدونه بعلم ما وراء الواقع! وهي شبهة تسقط عند أقل تدبر لطبيعة القرآن والرسالة ، وطبيعة الشعر أو الكهانة .. فالشعر قد يكون موسيقي الإيقاع ، رائع الأخيلة ، جميل الصور والظلال ولكنه لا يختلط أبدا ولا يشتبه بهذا القرآن إن هنالك فارقا أساسيا فاصلا بينهما. إن هذا القرآن يقرر منهجا متكاملا للحياة يقوم على حق ثابت ، ونظرة موحدة ، ويصدر عن تصور للوجود الإلهي ثابت ، وللكون والحياة كذلك. والشعر انفعالات متوالية وعواطف جياشة ، قلما تثبت على نظرة واحدة للحياة في حالات الرضى والغضب ، والانطلاق والانكماش ، والحب والكره ، والتأثرات المتغيرة على كل حال! هذا إلى أن التصور الثابت الذي جاء به القرآن قد أنشأه القرآن من الأساس ، في كلياته وجزئياته ، مع تعين مصدره الإلهي. فكل ما في هذا التصور يوحي بأنه ليس من عمل البشر ، فليس من طبيعة البشر أن ينشئوا تصورا كونيا كاملا كهذا التصور .. لم يسبق لهم هذا ولم يلحق .. وهذا كل ما أبدعته قرائح البشر من تصورات للكون وللقوة المنشئة له المدبرة لنظامه .. هذا هو معروضا مسجلا في الفلسفة وفي الشعر وفي غيرها من المذاهب الفكرية فإذا قرن إلى التصور القرآني وضح أن هذا التصور صادر من جهة غير تلك الجهة! وأنه متفرد بطابع معين يميزه من كل تصورات البشر. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #652 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : كذلك الأمر في الكهانة وما يصدر عنها. فلم يعرف التاريخ من قبل أو بعد كاهنا أنشأ منهجا متكاملا ثابتا كالمنهج الذي جاء به القرآن. وكل ما نقل عن الكهنة أسجاع لفظية أو حكمة مفردة ، أو إشارة ملغزة! وهناك لفتات ليس من طبيعة البشر أن يلتفتوها ، وقد وقفنا عند بعضها في هذه الظلال أحيانا. فلم يسبق لبشر ولم يلحق كذلك أن أراد التعبير عن العلم الشامل الدقيق اللطيف ، فاتجه إلى مثل هذه الصورة التي جاءت في القرآن : «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها ، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ » .. أو إلى مثل هذه الصورة : «يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها ، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » أو إلى مثل هذه الصورة : «وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ. وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ. إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ » كذلك لم يسبق لبشر ولم يلحق أن التفت مثل هذه اللفتة إلى القدرة التي تمسك هذا الكون وتدبره : «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا. وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ..» أو هذه اللفتة إلى انبثاقات الحياة في الكون من يد القدرة المبدعة وما يحيط بالحياة من موافقات كونية مدبرة مقدرة : «إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ، يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ. ذلِكُمُ اللَّهُ. فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. فالِقُ الْإِصْباحِ. وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ، قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ. وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْ ءٍ ، فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً ، نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً ، وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ ، وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ. انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #653 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : وهذه اللفتات الكونية كثيرة في القرآن كثرة ملحوظة ، ولا نظير لها فيما تتجه إليه خواطر البشر للتعبير عن مثل المعاني التي يعبر عنها القرآن .. وهذه وحدها كافية لمعرفة مصدر هذا الكتاب .. بغض النظر عن كل دلالة أخرى من صلب الكتاب أو من الملابسات المصاحبة له على السواء. فالشبهة واهية سطحية. حتى حين كان القرآن لم يكتمل ، ولم تتنزل منه إلا سور وآيات عليها ذلك الطابع الإلهي الخاص ، وفيها ذلك القبس الموحي بمصدرها الفريد. وكبراء قريش كانوا يراجعون أنفسهم ، ويردون على هذه الشبهة بين الحين والحين. ولكن الغرض يعمي ويصم. وإذ لم يهتدوا به فسيقولون : هذا إفك قديم. كما يقول القرآن الكريم! وقد حكت كتب السيرة مواقف متعددة لزعماء قريش ، وهم يراجعون هذه الشبهة وينفونها فيما بينهم. من ذلك ما رواه ابن اسحق عن الوليد بن المغيرة ، وعن النضر بن الحارث ، وعن عتبة بن ربيعة وقد جاء في روايته عن الأول : «ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش. وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم. فقال لهم : يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ، فقالوا : فأنت يا أبا عبد شمس فقل ، وأقم لنا رأيا نقل به. قال : بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا : نقول : كاهن. قال : لا واللّه ، ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه. قالوا : فنقول : مجنون. قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا : فنقول : شاعر. قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر. قالوا : فنقول : ساحر. قال : ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم .. قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال : واللّه إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : هو ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجه ، وبين المرء وعشيرته. فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس - حين قدموا الموسم - لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره ...» ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #654 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : وحكى عن الثاني (النضر بن الحارث) قال : «فقال يا معشر قريش. إنه واللّه قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد. قد كان محمد فيكم غلاما حدثا ، أرضاكم فيكم ، وأصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب ، وجاءكم بما جاءكم به قلتم : ساحر! لا واللّه ، ما هو بساحر. لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم. وقلتم كاهن! لا واللّه ما هو بكاهن. قد رأينا الكهنة وتخالجهم ، وسمعنا سجعهم. وقلتم : شاعر! لا واللّه ما هو بشاعر. قد رأينا الشعر ، وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه. وقلتم : مجنون! لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه. يا معشر قريش ، فانظروا في شأنكم ، فإنه واللّه قد نزل بكم أمر عظيم ...». والمطابقة تكاد تكون تامة - بين قوله وقول عتبة. وقد يكون هو حادثا واحدا نسب مرة إلى هذا ومرة إلى ذاك. ولكن لا نستبعد كذلك أن يتطابق قولان لرجلين من كبار قريش في موقفين متشابهين من مواقف حيرتهم تجاه هذا القرآن! وأما موقف عتبة فقد سبقت حكايته في استعراضنا لسورة القلم في هذا الجزء .. وهو قريب من موقف الوليد والنضر تجاه محمد وتجاه القول الذي جاء به .. فما كان قولهم : ساحر أو كاهن ، إلا حيلة ما كرة أحيانا وشبهة مفضوحة أحيانا. والأمر أوضح من أن يلتبس عند أول تدبر وأول تفكير. وهو من ثم لا يحتاج إلى قسم بما يعلمون وما لا يعلمون : إنه لقول رسول كريم. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #655 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : وما هو بقول شاعر. ولا بقول كاهن .. إنما هو تنزيل من رب العالمين. وتقرير أنه قول رسول كريم لا يعني أنه من إنشائه ، ولكن المراد هنا أنه قول من نوع آخر. لا يقوله شاعر ، ولا يقوله كاهن ، إنما يقوله رسول ، يرسل به من عند اللّه ، فيحمله من هناك ، من ذلك المصدر الذي أرسله. والذي يعين هذا المعنى هو كلمة رسول. أي مرسل به من عند ربه ، وليس شاعرا ولا كاهنا يقوله من عند نفسه. أو بمساعدة رئي أو شيطان .. إنما هو رسول يقول ما يحمله عمن أرسله. ويقرر هذا تقريرا حاسما ما جاء بعده : «تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» .. والتعقيب : «قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» .. «قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» .. مدلوله نفي الإيمان ، ونفي التذكر. وفق تعبيرات اللغة المألوفة. وفي الحديث في وصف رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - «إنه كان يقل اللغو». أي لا يلغو أصلا .. فقد نفى عنهم أصل الإيمان وأصل التذكر. وإلا فما يقول مؤمن عن الرسول : إنه شاعر ، ولا يقول متذكر متدبر : إنه كاهن. إنما هما الكفر والغفلة ينضحان بهذا القول النكير! وفي النهاية يجيء ذلك التهديد الرعيب ، لمن يفتري على اللّه في شأن العقيدة وهي الجد الذي لا هوادة فيه. يجيء لتقرير الاحتمال الواحد الذي لا احتمال غيره ، وهو صدق الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وأمانته فيما أبلغه إليهم أو يبلغه. بشهادة أن اللّه لم يأخذه أخذا شديدا. كما هو الشأن لو انحرف أقل انحراف عن أمانة التبليغ : «وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» .. ومفاد هذا القول من الناحية التقريرية أن محمدا - صلى اللّه عليه وسلم - صادق فيما أبلغهم. وأنه لو تقول بعض الأقاويل التي لم يوح بها إليه ، لأخذه اللّه فقتله على هذا النحو الذي وصفته الآيات. ولما كان هذا لم يقع فهو لا بد صادق. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #656 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : هذه هي القضية من الناحية التقريرية .. ولكن المشهد المتحرك الذي ورد فيه هذا التقرير شيء آخر ، يلقي ظلالا بعيدة وراء المعنى التقريري. ظلالا فيها رهبة وفيها هول. كما أن فيها حركة وفيها حياة. ووراءها إيحاءات وإيماءات وإيقاعات! فيها حركة الأخذ باليمين وقطع الوتين. وهي حركة عنيفة هائلة مروعة حية في الوقت ذاته. ووراءها الإيحاء بقدرة اللّه العظيمة وعجز المخلوق البشري أمامها وضعفه .. البشر أجمعين .. كما أن وراءها الإيماء إلى جدية هذا الأمر التي لا تحتمل تسامحا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان. ولو كان هو محمد الكريم عند اللّه الأثير الحبيب. ووراءها بعد هذا كله إيقاع الرهبة والهول والخشوع! وأخيرا تجيء الخاتمة التقريرية بحقيقة هذا الأمر وطبيعته القوية : «وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ. وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ. وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ». فهذا القرآن يذكر القلوب التقية فتذكر. إن الحقيقة التي جاء بها كامنة فيها. فهو يثيرها فيها ويذكرها بها فتتذكرها. فأما الذين لا يتقون فقلوبهم مطموسة غافلة لا تتفتح ولا تتذكر ، ولا تفيد من هذا الكتاب شيئا. وإن المتقين ليجدون فيه من الحياة والنور والمعرفة والتذكير ما لا يجده الغافلون. «وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ» .. ولكن هذا لا يؤثر في حقيقة هذا الأمر ، ولا يغير من هذه الحقيقة. فأمركم أهون من أن يؤثر في حقائق الأمور. وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ» .. بما يرفع من شأن المؤمنين ، ويحط من قدر المكذبين وبما ينتهي إليه من إقرار الحق وإزهاق الباطل الذي يستمسك به الكافرون. ثم إنه حجة عليهم عند اللّه في اليوم الآخر ، يعذبون به ، ويتحسرون لما يصيبهم بسببه. فهو حسرة على الكافرين في الدنيا والآخرة. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #657 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : «وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ» .. مع تكذيب المكذبين. حق اليقين. فليس مجرد اليقين ، ولكنه الحق في هذا اليقين. وهو تعبير خاص يضاعف المعنى ويضاعف التوكيد. وإن هذا القرآن لعميق في الحق ، عميق في اليقين. وإنه ليكشف عن الحق الخالص في كل آية ما يشي بأن مصدره هو الحق الأول الأصيل .. فهذه هي طبيعة هذا الأمر وحقيقته المستيقنة. لا هو قول شاعر. ولا هو قول كاهن. ولا هو تقول على اللّه. إنما هو التنزيل من رب العالمين. وهو التذكرة للمتقين. وهو حق اليقين. هنا يجيء التلقين العلوي للرسول الكريم ، في أنسب وقت وأنسب حالة لهذا التلقين : «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ» .. والتسبيح بما فيه من تنزيه وتمجيد. وبما فيه من اعتراف وتحقيق. وبما فيه من عبودية وخشوع ... هو الشعور الذي يخالج القلب ، بعد هذا التقرير الأخير ، وبعد ذلك الاستعراض الطويل ، لقدرة اللّه العظيم ، وعظمة الرب الكريم .. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:46 AM | #658 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : قال الصابوني: * سورة الحاقة من السور المكية، شأنها شأن سائر السور المكية في تثبيت العقيدة والإيمان، وقد تناولت أمورا عديدة كالحديث عن القيامة وأهوالها، والساعة وشدائدها، والحديث عن المكذبين وما جرى لهم، مثل (قوم عاد، وثمود، وقوم لوط، وفرعون، وقوم نوح) وغيرهم من الطغاة المفسدين في الأرض، كما تناولت ذكر السعداء والأشقياء، ولكن المحور الذي تدور عليه السورة هو (إثبات صدق) القرآن، وأنه كلام الحكيم العليم، وبراءة الرسول صلى الله عليه وسلم، مما اتهمه به أهل الضلال من الافتراء على الله. * ابتدأت السورة الكريمة ببيان أهوال القيامة والمكذبين بها، وما عاقب تعالى به أهل الكفر والعناد {الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية} الآيات. * ثم تناولت الوقائع والفجائع التي تكون عند النفخ في الصور، من خراب العالم، واندكاك الجبال، وانشقاق السموات إلخ {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة..} الآيات. * ثم ذكرت حال السعداء والأشقياء في ذلك اليوم المفزع، حيث يعطى المؤمن كتابه بيمينه، ويلقى الإكرام والإنعام، ويعطى الكافر كتابه بشماله، ويلقى الذل والهوان {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه وأما من أوتي كتابه بشماله..} الآيات. * وبعد هذا العرض لأحوال الأبرار والفجار، جاء القسم البليغ بصدق الرسول، وصدق ما جاء به من الله، ورد افتراءات المشركين الذين زعموا أن القرآن سحرا وكهانة {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم} الآيات. * ثم ذكرت البرهان القاطع على صدق القرآن، وأمانة رسول الله في تبليغه الوحي كما نزل عليه، بذلك التصوير الذي يهز القلب هزا ويثير في النفس الخوف والفزع، من هول الموضوع {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين..} الآيات. * وختمت السورة بتمجيد القرآن وبيان أنه رحمة للمؤمنين وحسرة على الكافرين {وإنه لتذكرة للمتقين وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم}. ( يتبع ) |
|
07-03-2017, 11:47 AM | #659 |
عمدة الحاره
|
تابع – سورة الحاقة
محور مواضيع السورة : قال محمد الغزالي: {الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك ما الحاقة}. نحن نظن الدار الدنيا هي الواقع الذي لا ريب فيه. فهل يبقى هذا الظن بعد أن نغادرها بالموت، ونستقبل عالما آخر هو الحقيقة الباقية؟ ونسأل: هل بقى أحد على ظهر الأرض ممن عمروا هذه الدنيا؟ أم أن الموت حصد الجميع؟ إن. كل الذين جاءوا ذهبوا، وأغلبهم بوغت بالموت دون أن يستعد لما بعده! وأمام الجميع يوم آخر يلتقى فيه الأولون والآخرون، ويعرف الناس الحق كله فيما قدموا وأخروا.. إن أمما شتى كذبت رسلها، منها من عوقب ومنها من أرجئ عقابه، وسوف ينكشف أمر الجميع حتما {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة..}. لقد آن أوان الحساب الجامع والجزاء العام وميز المحسن والمسيء {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه..} {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه..}. إن الإيمان بالمحسوس وحده يسود العالم الآن. وهناك سباق مجنون لامتلاك المال وتحصيل اللذات، وهناك زهد عام في الصلاة والإيثار والحديث عن الله وحده. وبقايا الوحى في الأمم التي ورثته لم تتحول إلى إيمان واضح وعمل صالح، ويكاد حملة الحق يكونون صورة منفرة عنه مزهدة فيه. ومن المحزن أن تكون هدايات أولى العزم من الرسل في أيدى أناس واهنى العزم ضعاف البصر. ربما وجدت أحدهم ملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، ومع ذلك يشح بمواساة فقير. ذاك الذي يقال فيه: {خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين}. ثم إن هناك جماهير غفيرة ودولا ذات بأس تتوارث إن محمدا دعى وأن رسالته كاذبة. قلت: ماذا كسب محمد من رسالته؟ الإلحاح على أن الله واحد وأن لقاءه حتم؟ الإلحاح على أن التقوى وحدها طريق النجاة؟ الإلحاح على أنه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا؟ طول الركوع والسجود وحمل السلاح لهزيمة الطغيان؟ إن محمدا أجدر الناس بالحديث عن الله، وما نعرف أحدا تحمس لتنزيهه وتقديسه مثله!! وهذا سر القسم في الآيات هنا {فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين}. ولو حدث أن محمدا افتعل هذا الوحى لكان عقابه صارما {ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين}. إن هذا القرآن سيبقى ما بقى العالم دعما للإيمان الحق، وبناء للنفوس الزاكية وبرهانا على صدق صاحبه. ( يتبع – سورة المعارج ) |
|
07-03-2017, 11:47 AM | #660 |
عمدة الحاره
|
سورة المعارج
التعريف بالسورة : مكية . من المفصل . آياتها 44 . ترتيبها السبعون . نزلت بعد الحاقة . بدأت السورة بفعل ماضي " سأل سائل بعذاب واقع " . سبب التسمية : سميت بهذا الاسم لأنها تَضَمُّن على وصف حالة الملائكة في عروجها إلى السماء ، فسُميت بهذا الاسم ، وتسمى أيضا سورة ( سَأَلَ سَائِلٌ ) . سميت هذه السورة في كتب السنّة وفي (صحيح البخاري) و(جامع الترمذي) وفي (تفسير الطبري) وابن عطيّة وابن كثير (سورة سال سائل). وكذلك رأيتها في بعض المصاحف المخطوطة بالخط الكوفي بالقيروان في القرن الخامس. وسميت في معظم المصاحف المشرقية والمغربية وفي معظم التفاسير (سورة المعارج). وذكر في (الإِتقان) أنها تسمى (سورة الواقع). وهذه الأسماء الثلاثة مقتبسة من كلمات وقعت في أولها، وأخصُّها بها جملة {سال سائل}(المعارج: 1) لأنها لم يرد مثلها في غيرها من سور القرآن إلاّ أنها غلب عليها اسم (سورة المعارج) لأنه أخف. سبب نزول السورة : نزلت في النضر بن الحرث حين قال :اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ... فدعا على نفسه وسأل العذاب فنزل به ما سأل يوم بدر فقتل صبرا ونزل فيه سأل سائل بعذاب واقع . ( يتبع ) |
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
التعريف, الصور, النزول, القرآن, الكريم, بسور, ومحاور, وأسباب, ومقاصد |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
«الدوخة».. عارض مزعج وأسباب مجهولة | رويم | زادك و صحتك | 5 | 02-20-2020 03:55 PM |
عملية حسابية لمعرفة رقم الصفحة في القرآن الكريم | إعجـــاز | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 6 | 01-02-2020 03:39 AM |
سجل حضورك بسوره من سور القرآن الكريم | فرح | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 54 | 01-01-2020 04:28 AM |
نساء لم يذكر القرآن الكريم أسمائهن | أميرة الاحساس | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 13 | 01-01-2020 02:21 AM |
الارهاب فى القرآن الكريم .. بقلمى | حسن سعد | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 9 | 04-12-2018 01:56 PM |