كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
باب ذكر ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام
باب ذكر ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام
قد قدمنا قصته مع قومه ، وما كان من أمرهم ، وما آل إليه أمره عليه السلام والتحية والإكرام ، وذكرنا ما وقع في زمانه من قصة قوم لوط ، وأتبعنا ذلك بقصة مدين قوم شعيب عليه السلام ؛ لأنها قرينتها في كتاب الله عز وجل في مواضع متعددة يذكر تعالى بعد قصة قوم لوط قصة مدين ، وهم أصحاب الأيكة على الصحيح ، كما قدمنا فذكرناها تبعا لها اقتداء بالقرآن العظيم ، ثم نشرع الآن في الكلام على تفصيل ذرية إبراهيم عليه السلام ؛ لأن الله جعل في ذريته النبوة والكتاب ، فكل نبي أرسل بعده فمن ولده . [ ص: 442 ] ذكر إسماعيل عليه السلام وقد كان للخليل بنون كما ذكرنا ، ولكن أشهرهم الأخوان النبيان العظيمان الرسولان أسنهما وأجلهما الذي هو الذبيح على الصحيح إسماعيل بكر إبراهيم الخليل من هاجر القبطية المصرية عليها السلام من العظيم الجليل ، ومن قال : إن الذبيح هو إسحاق فإنما تلقاه من نقلة بني إسرائيل الذين بدلوا وحرفوا وأولوا التوراة والإنجيل وخالفوا بأيديهم في هذا من التنزيل فإن إبراهيم أمر بذبح ولده البكر ، وفي رواية الوحيد . وأيا ما كان فهو إسماعيل بنص الدليل ففي نص كتابهم إن إسماعيل ولد ولإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة ، وإنما ولد إسحاق بعد مضي مائة سنة من عمر الخليل ، فإسماعيل هو البكر لا محالة ، وهو الوحيد صورة ومعنى على كل حالة أما في الصورة فلأنه كان وحده ولده أزيد من ثلاث عشرة سنة ، وأما أنه وحيد في المعنى فإنه هو الذي هاجر به أبوه ومعه أمه هاجر وكان صغيرا رضيعا فيما قيل فوضعهما في وهاد جبال فاران ، وهي الجبال التي حول مكة ، نعم المقيل ، وتركهما هنالك ليس معهما من الزاد والماء إلا القليل ، وذلك ثقة بالله وتوكلا عليه ، فحاطهما الله تعالى بعنايته وكفايته فنعم الحسيب والكافي والوكيل والكفيل . . فهذا هو الولد الوحيد [ ص: 443 ] في الصورة ، والمعنى ، ولكن أين من يتفطن لهذا السر ؟ وأين من يحل بهذا المحل ؟ والمعنى لا يدركه ، ويحيط بعلمه إلا كل نبيه نبيل . وقد أثنى الله تعالى عليه ، ووصفه بالحلم والصبر وصدق الوعد والمحافظة على الصلاة والأمر بها لأهله ليقيهم العذاب ، مع ما كان يدعو إليه من عبادة رب الأرباب قال تعالى : فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين [ الصافات : 101 - 102 ] . فطاوع أباه على ما إليه دعاه ووعده بأن سيصبر ، فوفى بذلك وصبر . وقال تعالى : واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا [ مريم : 54 - 55 ] . وقال تعالى : واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار [ ص : 45 - 48 ] . وقال تعالى : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين [ الأنبياء : 85 - 86 ] . وقال تعالى : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط [ النساء : 163 ] . الآية . وقال تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط [ البقرة : 136 ] . الآية . ونظيرتها من [ ص: 444 ] السورة الأخرى . وقال تعالى : أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله [ البقرة : 140 ] . الآية فذكر الله عنه كل صفة جميلة ، وجعله نبيه ورسوله ، وبرأه من كل ما نسب إليه الجاهلون ، وأمر بأن يؤمن بما أنزل عليه عباده المؤمنون . وذكر علماء النسب وأيام الناس : أنه أول من ركب الخيل ، وكانت قبل ذلك وحوشا فأنسها وركبها ، وقد قال سعيد بن يحيى الأموي في مغازيه : حدثنا شيخ من قريش ، حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز ، عن عبد الله بن عمر . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اتخذوا الخيل واغتبقوها فإنها ميراث أبيكم إسماعيل . وكانت هذه العراب وحشا فدعا لها بدعوته التي كان أعطي فأجابته ، وإنه أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة ، وكان قد تعلمها من العرب العاربة الذين نزلوا عندهم بمكة من جرهم والعماليق وأهل اليمن من الأمم المتقدمين من العرب قبل الخليل . قال الأموي : حدثني علي بن المغيرة ، حدثنا أبو عبيدة ، حدثنا مسمع بن مالك ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن آبائه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أول من فتق لسانه بالعربية البينة إسماعيل ، وهو ابن أربع عشرة سنة . فقال له يونس : [ ص: 445 ] صدقت يا أبا يسار . هكذا أبو جري حدثني . وقد قدمنا أنه تزوج لما شب من العماليق امرأة ، وأن أباه أمره بفراقها ففارقها . قال الأموي : وهي عمارة بنت سعد بن أسامة بن أكيل العملاقي ، ثم نكح غيرها ، فأمره أن يستمر بها فاستمر بها ، وهي السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي . وقيل : هذه ثالثة فولدت له اثني عشر ولدا ذكرا ، وقد سماهم محمد بن إسحاق رحمه الله ، وهم ؛ نابت ، وقيدر ، وأذبل ، وميشى ، ومسمع ، وماش ، ودما ، وأدر ، ويطور ، وبنش ، وطيما ، وقيذما . وهكذا ذكرهم أهل الكتاب في كتابهم ، وعندهم أنهم الاثنا عشر عظيما المبشر بهم المتقدم ذكرهم ، [ ص: 446 ] وكذبوا في تأويلهم ذلك ، وكان إسماعيل عليه السلام رسولا إلى أهل تلك الناحية وما والاها من قبائل جرهم والعماليق وأهل اليمن صلوات الله وسلامه عليه ، ولما حضرته الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق ، وزوج ابنته نسمة من ابن أخيه العيص بن إسحاق فولدت له الروم ، ويقال لهم : بنو الأصفر لصفرة كانت في العيص ، وولدت له اليونان في أحد الأقوال ، ومن ولد العيص الأشبان وقيل : منهما أيضا . وتوقف ابن جرير رحمه الله . ودفن إسماعيل نبي الله بالحجر مع أمه هاجر ، وكان عمره يوم مات مائة وسبعا وثلاثين سنة . وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : شكا إسماعيل عليه السلام إلى ربه عز وجل حر مكة فأوحى الله إليه أني سأفتح لك بابا إلى الجنة إلى الموضع الذي تدفن فيه تجري عليك روحها إلى يوم القيامة . وعرب الحجاز كلهم ينتسبون إلى ولديه نابت وقيدار وسنتكلم على أحياء العرب وبطونها وعمائرها ، وقبائلها وعشائرها من لدن إسماعيل عليه السلام إلى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك إذا انتهينا إلى أيامه الشريفة وسيرته المنيفة بعد الفراغ من أخبار أنبياء بني إسرائيل إلى زمان عيسى ابن مريم خاتم أنبيائهم ومحقق أنبائهم ، ثم نذكر ما كان في زمن بني إسرائيل ، ثم ما وقع في أيام الجاهلية ، ثم ينتهي الكلام إلى سيرة نبينا رسول الله إلى العرب والعجم ، وسائر صنوف بني آدم من الأمم إن شاء الله تعالى وبه الثقة وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم العزيز الحكيم . ذكر إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم قد قدمنا أنه ولد ولأبيه مائة سنة بعد أخيه إسماعيل بأربع عشرة سنة ، وكان عمر أمه سارة حين بشرت به تسعين سنة قال الله تعالى : وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين [ الصافات : 112 ، 113 ] . وقد ذكره الله تعالى بالثناء عليه في غير ما آية من كتابه العزيز ، وقدمنا في حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم . وذكر أهل الكتاب أن إسحاق لما تزوج رفقا بنت ثبوائيل في حياة أبيه كان عمره أربعين سنة ، وأنها كانت عاقرا فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توءمين أولهما سموه عيصو ، وهو الذي تسميه العرب العيص . وهو والد الروم ، والثاني خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه يعقوب ، وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل قالوا : وكان إسحاق يحب العيص أكثر من يعقوب لأنه بكره ، وكانت أمهما رفقا [ ص: 448 ] تحب يعقوب أكثر لأنه الأصغر . قالوا : فلما كبر إسحاق ، وضعف بصره اشتهى على ابنه العيص طعاما ، وأمره أن يذهب فيصطاد له صيدا ، ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له ، وكان العيص صاحب صيد فذهب يبتغي ذلك فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جديين من خيار غنمه ، ويصنع منهما طعاما ، كما اشتهاه أبوه ، ويأتي إليه به قبل أخيه ليدعو له وقامت فألبسته ثياب أخيه ، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين ؛ لأن العيص كان أشعر الجسد ويعقوب ليس كذلك ، فلما جاءه به وقربه إليه قال : من أنت ؟ قال : ولدك . فضمه إليه وجسه ، وجعل يقول : أما الصوت فصوت يعقوب ، وأما الجس والثياب فالعيص ، فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدرا ، وكلمته عليهم ، وعلى الشعوب بعده ، وأن يكثر رزقه وولده . فلما خرج من عنده جاء أخوه العيص بما أمره به والده يقربه إليه ، فقال له : ما هذا يا بني ؟ قال : هذا الطعام الذي اشتهيته . فقال : أما جئتني به قبل الساعة وأكلت منه ودعوت لك . فقال : لا والله . وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك فوجد في نفسه عليه وجدا كثيرا . وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما ، وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى ، وأن يجعل لذريته غليظ الأرض ، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم ، فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيص أخاه يعقوب أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها لابان الذي بأرض حران ، وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه عليه ، وأن يتزوج من بناته ، وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك ويوصيه ويدعو له ففعل فخرج يعقوب عليه السلام من عندهم آخر ذلك اليوم فأدركه المساء في موضع فنام فيه أخذ حجرا فوضعه تحت رأسه [ ص: 449 ] ونام فرأى في نومه ذلك معراجا منصوبا من السماء إلى الأرض ، وإذا الملائكة يصعدون فيه وينزلون ، والرب تبارك وتعالى يخاطبه ، ويقول له : إني سأبارك عليك ، وأكثر ذريتك ، وأجعل لك هذه الأرض ولعقبك من بعدك ، فلما هب من نومه فرح بما رأى ، ونذر لله لئن رجع إلى أهله سالما ليبنين في هذا الموضع معبدا لله عز وجل ، وأن جميع ما يرزقه من شيء يكون لله عشره ، ثم عمد إلى ذلك الحجر فجعل عليه دهنا يتعرفه به . وسمى ذلك الموضع بيت إيل أي بيت الله ، وهو موضع بيت المقدس اليوم الذي بناه يعقوب بعد ذلك ، كما سيأتي قالوا : فلما قدم يعقوب على خاله أرض حران إذا له ابنتان اسم الكبرى ليا ، واسم الصغرى راحيل ، فخطب إليه راحيل ، وكانت أحسنهما ، وأجملهما فأجابه إلى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين ، فلما مضت المدة عمل خاله لابان طعاما ، وجمع الناس عليه ، وزف إليه ليلا ابنته الكبرى ليا ، وكانت ضعيفة العينين قبيحة المنظر ، فلما أصبح يعقوب إذا هي ليا ، فقال لخاله : لم غدرت بي ، وأنت إنما خطبت إليك راحيل . فقال : إنه ليس من سنتنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى فإن أحببت أختها فاعمل سبع سنين أخرى وأزوجكها . فعمل سبع سنين ، وأدخلها عليه مع أختها ، وكان ذلك سائغا في ملتهم ، ثم نسخ في شريعة التوراة ، وهذا وحده دليل كاف على وقوع النسخ ؛ لأن فعل يعقوب عليه السلام دليل على جواز هذا وإباحته ؛ لأنه معصوم . ووهب لابان لكل واحدة من ابنتيه جارية ؛ [ ص: 450 ] فوهب لليا جارية اسمها زلفا ، ووهب لراحيل جارية اسمها بلها ، وجبر الله تعالى ضعف ليا بأن وهب لها أولادا فكان أول من ولدت ليعقوب روبيل ، ثم شمعون ، ثم لاوي ، ثم يهوذا ، فغارت عند ذلك راحيل ، وكانت لا تحبل فوهبت ليعقوب جاريتها بلها فوطئها فحملت وولدت له غلاما سمته دان ، وحملت وولدت غلاما آخر سمته يفثالي ، فعمدت عند ذلك ليا فوهبت جاريتها زلفا من يعقوب عليه السلام فولدت له جاد وأشير غلامين ذكرين ، ثم حملت ليا أيضا فولدت غلاما خامسا منها وسمته أيساخر ، ثم حملت وولدت غلاما سادسا سمته زابلون ، ثم حملت وولدت بنتا سمتها دينا ، فصار لها سبعة من يعقوب ، ثم دعت الله تعالى راحيل وسألته أن يهب لها غلاما من يعقوب ، فسمع الله نداءها وأجاب دعاءها فحملت من نبي الله يعقوب فولدت له غلاما عظيما شريفا حسنا جميلا سمته يوسف كل هذا ، وهم مقيمون بأرض حران ، وهو يرعى على خاله غنمه بعد دخوله على البنتين ست سنين أخرى فصار مدة مقامه عشرين سنة ، فطلب يعقوب من خاله لابان أن يسرحه ليمر إلى أهله فقال له خاله : إني قد بورك لي بسببك فسلني من مالي ما شئت . فقال : تعطيني كل حمل يولد من غنمك هذه السنة أبقع ، وكل حمل ملمع أبيض بسواد ، وكل أملح ببياض ، وكل أجلح أبيض من المعز . فقال : نعم . فعمد بنوه فأبرزوا من غنم أبيهم ما كان على هذه الصفات من التيوس لئلا يولد شيء من الحملان على هذه الصفات ، وساروا بها مسيرة ثلاثة أيام عن غنم أبيهم قالوا : فعمد يعقوب [ ص: 451 ] عليه السلام إلى قضبان رطبة بيض من لوز ودلب ، فكان يقشرها بلقاء وبيضاء ، ويضعها في مساقي الغنم من المياه لينظر الغنم إليها فتفزع ، وتتحرك أولادها في بطونها فتصير ألوان حملانها كذلك . وهذا يكون من باب خوارق العادات ، وينتظم في سلك المعجزات . فصار ليعقوب عليه السلام أغنام كثيرة ودواب وعبيد ، وتغير له وجه خاله وبنيه ، وكأنهم انحصروا منه . وأوحى الله تعالى إلى يعقوب أن يرجع إلى بلاد أبيه وقومه ، ووعده بأن يكون معه فعرض ذلك على أهله فأجابوه مبادرين إلى طاعته ، فتحمل بأهله وماله ، وسرقت راحيل أصنام أبيها ، فلما جاوزوا وتحيزوا عن بلادهم لحقهم لابان وقومه ، فلما اجتمع لابان بيعقوب عاتبه في خروجه بغير إذنه وعلمه ، وهلا أعلمه فيخرجهم في فرح ومزامر وطبول ، وحتى يودع بناته وأولادهن ، ولم أخذوا أصنامه معهم ، ولم يكن عند يعقوب علم من أصنامه ، فأنكر أن يكون أخذوا له أصناما فدخل بيوت بناته وإمائهن يفتش فلم يجد شيئا ، وكانتراحيل قد جعلتهن في بردعة الجمل ، وهي تحتها فلم تقم ، واعتذرت بأنها طامث فلم يقدر عليهن فعند ذلك تواثقوا على رابية هناك يقال لها : جلعاد . على أنه لا يهين بناته [ ص: 452 ] ولا يتزوج عليهن ، ولا يجاوز هذه الرابية إلى بلاد الآخر لا لابان ولا يعقوب ، وعملا طعاما وأكل القوم معهم ، وتودع كل منهما من الآخر ، وتفارقوا راجعين إلى بلادهم ، فلما اقترب يعقوب من أرض ساعير تلقته الملائكة يبشرونه بالقدوم ، وبعث يعقوب البرد إلى أخيه العيصو يترقق له ويتواضع له ، فرجعت البرد وأخبرت يعقوب بأن العيص قد ركب إليك في أربعمائة راجل ، فخشي يعقوب من ذلك ، ودعا الله عز وجل وصلى له وتضرع إليه وتمسكن لديه ، وناشده عهده ووعده الذي وعده به . وسأله أن يكف عنه شر أخيه العيص ، وأعد لأخيه هدية عظيمة وهي ؛ مائتا شاة ، وعشرون تيسا ، ومائتا نعجة ، وعشرون كبشا ، وثلاثون لقحة ، وأربعون بقرة ، وعشرة من الثيران ، وعشرون أتانا ، وعشرة من الحمر ، وأمر عبيده أن يسوقوا كلا من هذه الأصناف وحده ، وليكن بين كل قطيع وقطيع مسافة فإذا لقيهم العيص فقال للأول : لمن أنت ؟ ولمن هذه معك ؟ فليقل : لعبدك يعقوب ، أهداها لسيدي العيص . وليقل الذي بعده كذلك ، وكذا الذي بعده ، وكذا الذي بعده ، ويقول كل منهم : وهو جاء بعدنا . وتأخر يعقوب بزوجتيه وأمتيه وبنيه الأحد عشر بعد الكل بليلتين ، وجعل يسير فيهما ليلا ويكمن نهارا ، فلما كان وقت الفجر من الليلة الثانية تبدى له ملك من الملائكة في صورة رجل فظنه [ ص: 453 ] يعقوب رجلا من الناس فأتاه يعقوب ليصارعه ويغالبه ، فظهر عليه يعقوب فيما يرى إلا أن الملك أصاب وركه فعرج يعقوب ، فلما أضاء الفجر قال له الملك : ما اسمك ؟ قال : يعقوب . قال : لا ينبغي أن تدعى بعد اليوم إلا إسرائيل . فقال له يعقوب : ومن أنت ؟ وما اسمك ؟ فذهب عنه فعلم أنه ملك من الملائكة ، وأصبح يعقوب وهو يعرج من رجله فلذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا ، ورفع يعقوب عينيه فإذا أخوه عيص قد أقبل في أربعمائة راجل ، فتقدم أمام أهله ، فلما رأى أخاه العيص سجد له سبع مرات ، وكانت هذه تحيتهم في ذلك الزمان ، وكان مشروعا لهم ، كما سجدت الملائكة لآدم تحية له ، وكما سجد إخوة يوسف وأبواه له ، كما سيأتي ، فلما رآه العيص تقدم إليه واحتضنه وقبله وبكى ، ورفع العيص عينيه ، ونظر إلى النساء والصبيان ، فقال : من أين لك هؤلاء ؟ فقال : هؤلاء الذين وهب الله لعبدك . فدنت الأمتان وبنوهما فسجدوا له ، ودنت ليا وبنوها فسجدوا له ، ودنت راحيل وابنها يوسف آخرا فسجدا له ، وعرض عليه أن يقبل هديته وألح عليه فقبلها ، ورجع العيص فتقدم أمامه ، ولحقه يعقوب بأهله وما معه من الأنعام والمواشي والعبيد قاصدين جبال ساعير ، فلما مر بساحورا ابتنى له بيتا ولدوابه ظلالا ، ثم مر على أورشليم قرية سحيم فنزل قبل القرية واشترى مزرعة بني حمور أبي سحيم بمائة نعجة ، فضرب هنالك فسطاطه وابتنى ثم مذبحا فسماه إيل إله إسرائيل ، وأمره الله ببنائه ليستعلن [ ص: 454 ] له فيه وهو بيت المقدس اليوم الذي جدده بعد ذلك سليمان بن داود عليهما السلام ، وهو مكان الصخرة التي أعلمها بوضع الدهن عليها قبل ذلك ، كما ذكرنا أولا . وذكر أهل الكتاب هنا قصة دينا بنت يعقوب من ليا ، وما كان من أمرها مع سحيم بن حمور الذي قهرها على نفسها وأدخلها منزله ، ثم خطبها من أبيها وإخوتها ، فقال إخوتها : لا نفعل إلا أن تختتنوا كلكم فنصاهركم وتصاهرونا ، فإنا لا نصاهر قوما غلفا . فأجابوهم إلى ذلك ، واختتنوا كلهم ، فلما كان اليوم الثالث واشتد وجعهم من ألم الختان ، مال عليهم بنو يعقوب فقتلوهم عن آخرهم وقتلوا سحيما وأباه حمورا لقبيح ما صنعوا إليهم ، مضافا إلى كفرهم ، وما كانوا يعبدونه من أصنامهم فلهذا قتلهم بنو يعقوب ، وأخذوا أموالهم غنيمة ، والله أعلم . ثم حملت راحيل فولدت غلاما ، وهو بنيامين إلا أنها جهدت في طلقها به جهدا شديدا ، وماتت عقيبه فدفنها يعقوب في أفراث ، وهي بيت لحم ، وصنع يعقوب على قبرها حجرا ، وهي الحجارة المعروفة بقبر راحيل إلى اليوم . [ ص: 455 ] وكان أولاد يعقوب الذكور اثني عشر رجلا ، فمن ليا ؛ روبيل ، وشمعون ، ولاوي ، ويهوذا ، وأيساخر ، وزابلون . ومن راحيل ؛ يوسف ، وبنيامين ، ومن أمة راحيل ؛ دان ، ونفثالي . ومن أمة ليا ؛ جاد ، وأشير . عليهم السلام ، وجاء يعقوب إلى أبيه إسحاق فأقام عنده بقرية حبرون التي في أرض كنعان حيث كان يسكن إبراهيم ، ثم مرض إسحاق ومات عن مائة وثمانين سنة ، ودفنه ابناه العيص ويعقوب مع أبيه إبراهيم الخليل في المغارة التي اشتراها كما قدمنا . والله سبحانه أعلم بذلك . ذكر ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل عليه السلام فمن ذلك قصة يوسف ابن راحيل وقد أنزل الله عز وجل في شأنه ، وما كان من أمره سورة من القرآن العظيم ليتدبر ما فيها من الحكم والمواعظ والآداب والأمر الحكيم . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم : الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين [ يوسف : 1 - 3 ] . قد تكلمنا على الحروف المقطعة في أول تفسير سورة البقرة فمن أراد تحقيقه فلينظر ثم ، وتكلمنا على هذه السورة مستقصى في موضعها من التفسير ، ونحن نذكر هاهنا نبذا مما هناك على وجه الإيجاز ، والنجاز . وجملة القول في هذا المقام ، أنه تعالى يمدح كتابه العظيم الذي أنزله على عبده ورسوله الكريم بلسان عربي فصيح بين واضح جلي ، يفهمه كل عاقل ذكي زكي فهو أشرف كتاب نزل من السماء ، أنزله أشرف الملائكة على أشرف الخلق في أشرف زمان ومكان بأفصح لغة وأظهر بيان ، فإن كان السياق في الأخبار الماضية أو الآتية ذكر أحسنها وأبينها ، وأظهر الحق مما اختلف الناس فيه ، ودمغ الباطل وزيفه ورده ، وإن كان في الأوامر والنواهي فأعدل الشرائع وأوضح المناهج ، وأبين حكما [ ص: 457 ] وأعدل حكما ، فهو كما قال تعالى : وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا [ الأنعام : 115 ] . يعني صدقا في الأخبار عدلا في الأوامر والنواهي ؛ ولهذا قال تعالى : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين . أي بالنسبة إلى ما أوحي إليك فيه ، كما قال تعالى : وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات ، وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور [ الشورى : 52 - 53 ] . وقال تعالى : كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا [ طه : 99 - 101 ] . يعني من أعرض عن هذا القرآن ، واتبع غيره من الكتب فإنه يناله هذا الوعيد ، كما قال في الحديث المروي في المسند ، والترمذي ، عن أمير المؤمنين علي ، مرفوعا وموقوفا : من ابتغى الهدى في غيره أضله الله . وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا هشيم ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه [ ص: 458 ] على النبي صلى الله عليه وسلم قال : فغضب . وقال أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبرونكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني . إسناد صحيح . ورواه أحمد من وجه آخر ، عن عمرو فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين . وقد أوردت طرق هذا الحديث وألفاظه في أول سورة يوسف ، وفي بعضها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال في خطبته : أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي اختصارا ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ، ولا يغرنكم المتهوكون . ثم أمر بتلك الصحيفة فمحيت حرفا حرفا . إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم [ يوسف : 4 - 6 ] . قد قدمنا أن يعقوب كان له من البنين اثنا عشر ولدا ذكرا ، وسميناهم ، وإليهم تنسب أسباط بني إسرائيل كلهم ، وكان أشرفهم وأجلهم [ ص: 459 ] وأعظمهم يوسف عليه السلام ، وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره وباقي إخوته لم يوح إليهم ، وظاهر ما ذكر من فعالهم ، ومقالهم في هذه القصة يدل على هذا القول ، ومن استدل على نبوتهم بقوله : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط [ البقرة : 136 ] . وزعم أن هؤلاء هم الأسباط ، فليس استدلاله بقوي ؛ لأن المراد بالأسباط شعوب بني إسرائيل ، وما كان يوجد فيهم من الأنبياء الذين ينزل عليهم الوحي من السماء ، والله أعلم . ومما يؤيد أن يوسف عليه السلام هو المختص من بين إخوته بالرسالة والنبوة أنه نص على نبوته والإيحاء إليه في غير ما آية في كتابه العزيز ، ولم ينص على واحد من إخوته سواه ، فدل على ما ذكرناه . ويستأنس لهذا بما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم . انفرد به البخاري ورواه عن عبد الله بن محمد ، وعبدة ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث به . وقد ذكرنا طرقه في قصة إبراهيم بما أغنى عن إعادته هاهنا ، ولله الحمد والمنة . [ ص: 460 ] قال المفسرون ، وغيرهم : رأى يوسف عليه السلام وهو صغير قبل أن يحتلم كأن أحد عشر كوكبا ، وهم إشارة إلى بقية إخوته ، والشمس والقمر هما عبارة عن أبويه قد سجدوا له فهاله ذلك ، فلما استيقظ قصها على أبيه فعرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ورفعة عظيمة في الدنيا والآخرة ، بحيث يخضع له أبواه وإخوته فيها ، فأمره بكتمانها وأن لا يقصها على إخوته كيلا يحسدوه ، ويبغوا له الغوائل ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر ، وهذا يدل على ما ذكرناه ؛ ولهذا جاء في بعض الآثار . استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها فإن كل ذي نعمة محسود . وعند أهل الكتاب أنه قصها على أبيه وإخوته معا . وهو غلط منهم وكذلك يجتبيك ربك . أي وكما أراك هذه الرؤيا العظيمة فإذا كتمتها يجتبيك ربك أي يخصك بأنواع اللطف والرحمة ويعلمك من تأويل الأحاديث . أي يفهمك من معاني الكلام ، وتعبير المنام مالا يفهمه غيرك ويتم نعمته عليك . أي بالوحي إليك وعلى آل يعقوب . أي بسببك ، ويحصل لهم بك خير الدنيا والآخرة كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق . أي ينعم عليك ويحسن إليك بالنبوة ، كما أعطاها أباك يعقوب وجدك إسحاق ووالد جدك إبراهيم الخليل إن ربك عليم حكيم . كما قال تعالى : الله أعلم حيث يجعل رسالته [ الأنعام : 124 ] . ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أكرم ؟ قال : يوسف نبي الله ابن [ ص: 461 ] نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله . وقد روى ابن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما ، وأبو يعلى ، والبزار في مسنديهما من حديث الحكم بن ظهير ، وقد ضعفه الأئمة ، عن السدي ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن جابر قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود يقال له : بستانة اليهودي . فقال : يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ما أسماؤها ؟ قال : فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه بشيء . ونزل جبريل عليه السلام بأسمائها ، قال : فبعث إليه رسول الله . فقال : هل أنت مؤمن إن أخبرتك بأسمائها . قال : نعم . فقال : هي جربان ، والطارق ، والذيال ، وذو الكنفات ، وقابس ، ووثاب ، وعمودان ، والفيلق ، والمصبح ، والصروح ، وذو الفرع ، والضياء ، والنور . فقال اليهودي : إي والله إنها لأسماؤها . وعند أبي يعلى ، فلما قصها على أبيه ، قال : هذا أمر مشتت يجمعه الله ، والشمس أبوه والقمر أمه . [ ص: 462 ] لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين [ يوسف : 7 - 10 ] . ينبه تعالى على ما في هذه القصة من الآيات والحكم والدلالات والمواعظ ، والبينات . ثم ذكر حسد إخوة يوسف له على محبة أبيه له ولأخيه يعنون شقيقه لأمه بنيامين أكثر منهم وهم عصبة ، أي جماعة . يقولون : فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين إن أبانا لفي ضلال مبين . أي بتقديمه حبهما علينا . ثم اشتوروا فيما بينهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها ليخلو لهم وجه أبيه أي لتتمحض محبته لهم وتتوفر عليهم ، وأضمروا التوبة بعد ذلك ، فلما تمالأوا على ذلك وتوافقوا عليه قال قائل منهم . قال مجاهد : هو شمعون . وقال السدي : هو يهوذا . وقال قتادة ، ومحمد بن إسحاق : هو أكبرهم روبيل لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة . أي المارة من المسافرين إن كنتم فاعلين . ما تقولون لا محالة فليكن هذا الذي أقول لكم فهو أقرب حالا من قتله أو نفيه ، وتغريبه فأجمعوا رأيهم على هذا فعند ذلك قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون [ يوسف : 11 - 14 ] . طلبوا من أبيهم أن [ ص: 463 ] يرسل معهم أخاهم يوسف ، وأظهروا له أنهم يريدون أن يرعى معهم ، وأن يلعب وينبسط ، وقد أضمروا له ما الله به عليم ، فأجابهم الشيخ عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم : يا بني يشق علي أن أفارقه ساعة من النهار ، ومع هذا أخشى أن تشتغلوا في لعبكم ، وما أنتم فيه فيأتي الذئب فيأكله ، ولا يقدر على دفعه عنه لصغره وغفلتكم عنهقالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون . أي لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا أو اشتغلنا عنه حتى وقع هذا ونحن جماعة إنا إذا لخاسرون . أي عاجزون هالكون . وعند أهل الكتاب أنه أرسله وراءهم يتبعهم ، فضل عن الطريق حتى أرشده رجل إليهم ، وهذا أيضا من غلطهم وخطئهم في التعريب فإن يعقوب عليه السلام كان أحرص عليه من أن يبعثه معهم فكيف يبعثه وحده فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا ياأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ يوسف : 15 - 18 ] . لم يزالوا بأبيهم حتى بعثه معهم فما كان إلا أن غابوا عن عينيه فجعلوا يشتمونه ويهينونه بالفعال والمقال ، وأجمعوا على إلقائه في غيابة الجب أي في قعره على راعوفته ، وهي الصخرة التي تكون في وسطه يقف عليها المائح ، وهو الذي ينزل ليملأ الدلاء إذا قل الماء ، والذي يرفعها بالحبل يسمى الماتح ، فلما ألقوه فيه أوحى الله إليه أنه لا بد لك من فرج [ ص: 464 ] ومخرج من هذه الشدة التي أنت فيها ، ولتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا في حال أنت فيها عزيز ، وهم محتاجون إليك خائفون منك . وهم لا يشعرون . قال مجاهد ، وقتادة : وهم لا يشعرون . بإيحاء الله إليه ذلك . وعن ابن عباس وهم لا يشعرون أي لتخبرنهم بأمرهم هذا في حال لا يعرفونك فيها . رواه ابن جرير عنه ، فلما وضعوه فيه ورجعوا عنه أخذوا قميصه فلطخوه بشيء من دم ، ورجعوا إلى أبيهم عشاء وهم يبكون أي على أخيهم ؛ ولهذا قال بعض السلف : لا يغرنك بكاء المتظلم فرب ظالم وهو باك . وذكر بكاء إخوة يوسف . وقد جاءوا أباهم عشاء يبكون أي في ظلمة الليل ليكون أمشى لغدرهم لا لعذرهم قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا . أي ثيابنا فأكله الذئب أي في غيبتنا عنه في استباقنا . وقولهم : وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين . أي وما أنت بمصدق لنا في الذي أخبرناك من أكل الذئب له ، ولو كنا غير متهمين عندك ، فكيف وأنت تتهمنا في هذا ؟ فإنك خشيت أن يأكله الذئب ، وضمنا لك أن لا يأكله لكثرتنا حوله فصرنا غير مصدقين عندك ، فمعذور أنت في عدم تصديقك لنا والحالة هذه وجاءوا على قميصه بدم كذب . أي مكذوب مفتعل لأنهم عمدوا إلى سخلة ذبحوها فأخذوا من دمها فوضعوه على قميصه ليوهموا أنه أكله الذئب . قالوا : ونسوا أن يخرقوه - " وآفة الكذب النسيان . " ، ولما ظهرت عليهم علائم الريبة لم يرج [ ص: 465 ] صنيعهم على أبيهم فإنه كان يفهم عداوتهم له ، وحسدهم إياه على محبته له من بينهم أكثر منهم لما كان يتوسم فيه من الجلالة والمهابة التي كانت عليه في صغره لما يريد الله أن يخصه به من نبوته ، ولما راودوه عن أخذه فبمجرد ما أخذوه أعدموه وغيبوه عن عينيه جاءوا وهم يتباكون وعلى ما تمالأوا عليه يتواطئون ؛ ولهذا قال : بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ يوسف : 18 ] . وعند أهل الكتاب أن روبيل أشار بوضعه في الجب ليأخذه من حيث لا يشعرون ، ويرده إلى أبيه فغافلوه وباعوه لتلك القافلة ، فلما جاء روبيل من آخر النهار ليخرج يوسف لم يجده فصاح وشق ثيابه وحزن ، وعمد أولئك إلى جدي فذبحوه ولطخوا من دمه جبة يوسف ، فلما علم يعقوب شق ثيابه ، ولبس مئزرا أسود وحزن على ابنه أياما كثيرة ، وهذه الركاكة جاءت من خطئهم في التعبير والتصوير وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين [ يوسف : 19 - 22 ] . يخبر تعالى عن قصة يوسف حين وضع في الجب أنه جلس ينتظر فرج الله ولطفه به وجاءت سيارة أي مسافرون . قال : أهل الكتاب كانت بضاعتهم من الفستق والصنوبر والبطم ، قاصدين ديار مصر [ ص: 466 ] من الشام فأرسلوا بعضهم ليستقوا من ذلك البئر ، فلما أدلى أحدهم دلوه تعلق فيه يوسف ، فلما رآه ذلك الرجل قال : يا بشرى أي يا بشارتي هذا غلام وأسروه بضاعة أي أوهموا أن معهم غلاما من جملة متجرهم والله عليم بما يعملون . أي هو عالم بما تمالأ عليه إخوته ، وبما يسره واجدوه من أنه بضاعة لهم ، ومع هذا لا يغيره تعالى لما له في ذلك من الحكمة العظيمة والقدر السابق والرحمة بأرض مصر بما يجري الله على يدي هذا الغلام الذي يدخلها في صورة أسير رقيق ، ثم بعد هذا يملكه أزمة الأمور ، وينفعهم الله به في دنياهم وأخراهم بما لا يحد ولا يوصف . ولما استشعر إخوة يوسف بأخذ السيارة له لحقوهم ، وقالوا : هذا غلامنا أبق منا فاشتروه منهم بثمن بخس ؛ أي قليل نزر . وقيل : هو الزيف دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين . قال ابن مسعود ، وابن عباس ، ونوف البكالي ، والسدي ، وقتادة ، وعطية العوفي : باعوه بعشرين درهما اقتسموها درهمين درهمين . وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما . وقال عكرمة ، ومحمد بن إسحاق : أربعون درهما . فالله أعلم وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه . أي أحسني إليه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا . وهذا من لطف الله به ورحمته ، وإحسانه إليه بما يريد أن يؤهله له ، ويعطيه من خيري الدنيا والآخرة . قالوا : وكان الذي اشتراه من أهل مصر عزيزها ، وهو الوزير بها الذي الخزائن مسلمة إليه قال ابن إسحاق : [ ص: 467 ] واسمه أطفير بن روحيب . قال : وكان ملك مصر يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق . قال : واسم امرأة العزيز راعيل بنت رعائيل . وقال غيره : كان اسمها زليخا . والظاهر أنه لقبها . وقيل : فكا بنت ينوس . رواه الثعلبي ، عن أبي هشام الرفاعي . وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : كان اسم الذي باعه بمصر يعني الذي جلبه إليها مالك بن دغر بن ثويب بن عفقا بن مديان بن إبراهيم . فالله أعلم . وقال ابن إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود قال : أفرس الناس ثلاثة ؛ عزيز مصر حين قال لامرأته : أكرمي مثواه والمرأة التي قالت لأبيها عن موسى : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين [ القصص : 26 ] . وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما . ثم قيل : اشتراه العزيز بعشرين دينارا . وقيل : بوزنه مسكا ووزنه حريرا ووزنه ورقا . فالله أعلم . وقوله : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض . أي وكما قيضنا هذا العزيز ، وامرأته يحسنان إليه ويعتنيان به ، مكنا له في أرض مصر ولنعلمه من تأويل الأحاديث . أي فهمها ، وتعبير الرؤيا من ذلك والله غالب على أمره . [ ص: 468 ] أي إذا أراد شيئا فإنه يقيض له أسبابا ، وأمورا لا يهتدي إليها العباد ؛ ولهذا قال تعالى : ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين . فدل على أن هذا كله كان ، وهو قبل بلوغ الأشد ، وهو حد الأربعين الذي يوحي الله فيه إلى عباده النبيين عليهم الصلاة والسلام من رب العالمين . وقد اختلفوا في مدة العمر الذي هو بلوغ الأشد . فقال مالك ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، والشعبي : هو الحلم . وقال سعيد بن جبير : ثماني عشرة سنة . وقال الضحاك : عشرون سنة . وقال عكرمة : خمس وعشرون سنة . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ثلاث وثلاثون سنة . وقال الحسن : أربعون سنة . ويشهد له قوله تعالى : حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة [ الأحقاف : 105 ] . وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين [ يوسف : 23 - 29 ] . [ ص: 469 ] يذكر تعالى ما كان من مراودة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام عن نفسه وطلبها منه ما لا يليق بحاله ومقامه ، وهي في غاية الجمال والمال والمنصب والشباب ، وكيف غلقت الأبواب عليها وعليه ؟ وتهيأت له وتصنعت ولبست أحسن ثيابها وأفخر لباسها ، وهي مع هذا كله امرأة الوزير . قال ابن إسحاق : وبنت أخت الملك الريان بن الوليد صاحب مصر . وهذا كله مع أن يوسف عليه السلام شاب بديع الجمال والبهاء ، إلا أنه نبي من سلالة الأنبياء فعصمه ربه عن الفحشاء وحماه من مكر النساء ، فهو سيد السادة النجباء السبعة الأتقياء المذكورين في الصحيحين عن خاتم الأنبياء في قوله عليه الصلاة والسلام من رب الأرض والسماء سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ؛ إمام عادل ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل معلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله . والمقصود أنها دعته إليها ، وحرصت على ذلك أشد الحرص . فقال : معاذ الله إنه ربي . يعني زوجها صاحب المنزل سيدي أحسن مثواي أي أحسن إلي ، وأكرم مقامي عنده إنه لا يفلح الظالمون . وقد تكلمنا على قوله : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه . بما فيه كفاية ، ومقنع في التفسير . وأكثر أقوال المفسرين هاهنا متلقى من كتب أهل [ ص: 470 ] الكتاب فالإعراض عنه أولى بنا ، والذي يجب أن يعتقد أن الله تعالى عصمه وبرأه ونزهه عن الفاحشة وحماه عنها وصانه منها ؛ ولهذا قال تعالى : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب . أي هرب منها طالبا إلى الباب ليخرج منه فرارا منها فاتبعته في أثره : وألفيا : أي وجدا سيدها أي زوجها لدى الباب ، فبادرته بالكلام وحرضته عليه قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم . اتهمته وهي المتهمة وبرأت عرضها ونزهت ساحتها ، فلهذا قال يوسف عليه السلام : هي راودتني عن نفسي . احتاج إلى أن يقول الحق عند الحاجة . وشهد شاهد من أهلها قيل : كان صغيرا في المهد قاله ابن عباس . وروي عن أبي هريرة ، وهلال بن يساف ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، واختاره ابن جرير . وروى فيه حديثا مرفوعا عن ابن عباس ، ووقفه غيره عنه . وقيل : كان رجلا قريبا إلى أطفير بعلها . وقيل : قريبا إليها . وممن قال إنه كان رجلا ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وزيد بن أسلم . فقال : إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين . أي لأنه يكون قد راودها فدافعته حتى قدت مقدم قميصه : وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين . أي لأنه يكون قد هرب منها فاتبعته ، وتعلقت فيه فانشق قميصه لذلك ، وكذلك كان ؛ ولهذا قال تعالى : فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم . [ ص: 471 ] أي هذا الذي جرى من مكركن أنت راودته عن نفسه ، ثم اتهمته بالباطل ، ثم أضرب بعلها عن هذا صفحا . فقال : يوسف أعرض عن هذا . أي لا تذكره لأحد لأن كتمان مثل هذه الأمور هو الأليق والأحسن ، وأمرها بالاستغفار لذنبها الذي صدر منها والتوبة إلى ربها ، فإن العبد إذا تاب إلى الله تاب الله عليه ، وأهل مصر وإن كانوا يعبدون الأصنام إلا أنهم يعلمون أن الذي يغفر الذنوب ، ويؤاخذ بها هو الله وحده لا شريك له في ذلك ؛ ولهذا قال لها بعلها وعذرها الموضوع الأصلي: باب ذكر ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام || الكاتب: رويم || المصدر: منتديات أمل عمري
|
03-27-2019, 07:39 PM | #2 |
|
-
صباحك // مساؤك .. أمواج فرح لا تجف ,, تحية محملة بباقة ورد جورية ,,, أهديك أياها .. يعطيك العافيه طرح رائع .. |
- هَل تَرجعُ الدارُ بعد البُعد آنسةً ، وهَل تعُود لنَا أيامنُا الأولى ؟. - وحدهَا الأيامُ تعرفُ ماتفعل ، إنها تَمضي . - .
|
03-28-2019, 01:06 AM | #3 |
|
منورين
الموضوع /~❀ |
|
06-09-2019, 04:07 AM | #4 |
|
*
جزاكِ الله خيراً ~ |
- ~..". آللهم أكفينا شر قسآوة آالقلوب وتغير آلنفوس ولآتجعل لنآ حآجةة عند أحد من خلقك ." ~ مْلكَة زمْانــْے وعنّ حُبكِ مّش ح تّوبِ ..~ نون ..لا تبت يداكِ " آدامك الله لي فخرا ..~ |
10-12-2019, 08:55 PM | #7 |
|
منوررين
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أبوة الرسول عليه الصلاة والسلام | الغالي | خشوع وسكينة / إسلاميات الأمل | 7 | 01-02-2020 05:28 AM |
قصة يونس ، عليه الصلاة والسلام | رويم | نفحات نبوية / الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام | 4 | 06-13-2019 10:04 PM |
ذكر شيء من أخبار نوح نفسه عليه الصلاة والسلام | رويم | نفحات نبوية / الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام | 2 | 03-28-2019 01:11 AM |
ذكر شهوده عليه الصلاة والسلام حرب الفجار | رويم | نفحات نبوية / الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام | 2 | 03-04-2019 08:01 PM |
صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام | رويم | نفحات نبوية / الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام | 3 | 03-04-2019 07:56 PM |