كلمة الإدارة |
الإهداءات | |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||
|
|||||||||||||
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚۚ/ للطبري
القول في تأويل قوله تعالى : وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله: (ولله المشرق والمغرب) ، لله ملكهما وتدبيرهما ، كما يقال: " لفلان هذه الدار "، يعني بها : أنها له ، ملكا . فذلك قوله: (ولله المشرق والمغرب)، يعني أنهما له ، ملكا وخلقا. * * * و " المشرق " هو موضع شروق الشمس ، وهو موضع طلوعها ، كما يقال : لموضع طلوعها منه " مطلع " بكسر اللام ، وكما بينا في معنى " المساجد " آنفا. (12) * * * فإن قال قائل: أو ما كان لله إلا مشرق واحد ومغرب واحد ، حتى قيل: (ولله المشرق والمغرب)؟ قيل: إن معنى ذلك غير الذي ذهبت إليه ، وإنما معنى ذلك: ولله المشرق الذي تشرق منه الشمس كل يوم ، والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم. فتأويله إذْ كان ذلك معناه: ولله ما بين قطري المشرق ، وما بين قطري المغرب ، إذ كان شروق الشمس كل يوم من موضع منه لا تعود لشروقها منه إلى الحول الذي بعده ، وكذلك غروبها كل يوم. فإن قال: أو ليس وإن كان تأويل ذلك ما ذكرت، فلله كل ما دونه (13) الخلق خلقه! قيل: بلى! فإن قال: فكيف خص المشارق والمغارب بالخبر عنها أنها له في هذا الموضع ، دون سائر الأشياء غيرها؟ قيل: قد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله خص الله ذكر ذلك بما خصه به في هذا الموضع. ونحن مبينو الذي هو أولى بتأويل الآية بعد ذكرنا أقوالهم في ذلك. فقال بعضهم: خص الله جل ثناؤه ذلك بالخبر، من أجل أن اليهود كانت توجه في صلاتها وجوهها قبل بيت المقدس ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مدة ، ثم حولوا إلى الكعبة . فاستنكرت اليهود ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فقال الله تبارك وتعالى لهم: المشارق والمغارب كلها لي ، أصرف وجوه عبادي كيف أشاء منها ، فحيثما تُوَلوا فثم وجه الله. * ذكر من قال ذلك: 1833- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس قال، كان أول ما نسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود ، أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود . فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام ، فكان يدعو وينظر إلى السماء ، فأنـزل الله تبارك وتعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ [سورة البقرة: 144] إلى قوله: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [سورة البقرة: 144 ] ، فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا: مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا [سورة البقرة: 142] ، فأنـزل الله عز وجل: قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ، وقال: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ). (14) 1834- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي نحوه. * * * وقال آخرون: بل أنـزل الله هذه الآية قبل أن يفرض على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين به التوجه شطر المسجد الحرام. وإنما أنـزلها عليه معلما نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك وأصحابه أن لهم التوجه بوجوههم للصلاة حيث شاءوا من نواحي المشرق والمغرب ، لأنهم لا يوجهون وجوههم وجها من ذلك وناحية ، إلا كان جل ثناؤه في ذلك الوجه وتلك الناحية ، لأن له المشارق والمغارب ، وأنه لا يخلو منه مكان ، (15) كما قال جل وعز: وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [سورة المجادلة: 7] قالوا: ثم نسخ ذلك بالفرض الذي فرض عليهم في التوجه شطر المسجد الحرام. * ذكر من قال ذلك: 1835- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد عن قتادة: قوله جل وعز: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) ، ثم نسخ ذلك بعد ذلك ، فقال الله: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [سورة البقرة: 150] 1836- حدثنا الحسن قال (16) أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، قال: هي القبلة ، ثم نسختها القبلة إلى المسجد الحرام. 1837- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام قال، حدثنا يحيى قال، سمعت قتادة في قول الله: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، قال: كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة ، وبعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، ثم وجه بعد ذلك نحو الكعبة البيت الحرام . فنسخها الله في آية أخرى: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا إِلَى وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [سورة البقرة: 144] ، قال: فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر القبلة. 1838- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعته - يعني زيدا - يقول: قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله لو أنا استقبلناه! فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا، فبلغه أن يهود تقول: والله ما درى محمد وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم ! فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، ورفع وجهه إلى السماء ، فقال الله عز وجل: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ الآية [ سورة البقرة: 144]. * * * وقال آخرون: نـزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ، إذنا من الله عز وجل له أن يصلي التطوع حيث توجه وجهه من شرق أو غرب ، في مسيره في سفره ، وفي حال المسايفة ، وفي شدة الخوف ، والتقاء الزحوف في الفرائض. وأعلمه أنه حيث وجه وجهه فهو هنالك ، بقوله: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله). * ذكر من قال ذلك: 1839- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا عبد الملك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، ويتأول هذه الآية: (أينما تولوا فثم وجه الله). (17) 1840- حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن فضيل ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه قال: " إنما نـزلت هذه الآية: (أينما تولوا فثم وجه الله) أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في السفر تطوعا ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعا يومئ برأسه نحو المدينة ". (18) * * * وقال آخرون بل نـزلت هذه الآية في قوم عُمِّيت عليهم القبلة فلم يعرفوا شطرها ، فصلوا على أنحاء مختلفة ، فقال الله عز وجل لهم: لي المشارق والمغارب ، فأنى وليتم وجوهكم فهنالك وجهي، (19) وهو قبلتكم - معلمهم بذلك أن صلاتهم ماضية. * ذكر من قال ذلك: 1841- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا أبو الربيع السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال،" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة ، فنـزلنا منـزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا يصلي فيه، فلما أصبحنا ، إذا نحن قد صلينا على غير القبلة ، فقلنا: يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة . فأنـزل الله عز وجل: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم). (20) 1842- حدثني المثنى قال، حدثني الحجاج قال، حدثنا حماد قال، قلت للنخعي: إني كنت استيقظت - أو قال أيقظت ، شك الطبري - (21) فكان في السماء سحاب ، فصليت لغير القبلة. قال: مضت صلاتك ، يقول الله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله). 1843- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أشعث السمان ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة في سفر ، فلم ندر أين القبلة فصلينا ، فصلى كل واحد منا على حياله، (22) ثم أصبحنا فذكرنا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأنـزل الله عز وجل: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ). (23) * * * وقال آخرون: بل نـزلت هذه الآية في سبب النجاشي ، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تنازعوا في أمره ، من أجل أنه مات قبل أن يصلي إلى القبلة ، فقال الله عز وجل: المشارق والمغارب كلها لي ، فمن وجه وجهه نحو شيء منها يريدني به ويبتغي به طاعتي ، وجدني هنالك. يعني بذلك أن النجاشي وإن لم يكن صلى إلى القبلة ، فإنه قد كان يوجه إلى بعض وجوه المشارق والمغارب وجهه ، يبتغي بذلك رضا الله عز وجل في صلاته. * ذكر من قال ذلك: 1844- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا هشام بن معاذ قال، حدثني أبي ، عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه. قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم ! قال فنـزلت وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ [سورة آل عمران: 199] ، قال : قتادة، فقالوا : إنه كان لا يصلي إلى القبلة ، فأنـزل الله عز وجل: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله). (24) * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك: أن الله تعالى ذكره إنما خص الخبر عن المشرق والمغرب في هذه الآية بأنهما له ملكا ، وإن كان لا شيء إلا وهو له ملك - إعلاما منه عباده المؤمنين أن له ملكهما وملك ما بينهما من الخلق ، وأن على جميعهم = إذ كان له ملكهم = طاعته فيما أمرهم ونهاهم ، وفيما فرض عليهم من الفرائض ، والتوجهِ نحو الوجه الذي وجهوا إليه ، إذْ كان من حكم المماليك طاعة مالكهم. فأخرج الخبر عن المشرق والمغرب ، والمراد به من بينهما من الخلق ، على النحو الذي قد بينت من الاكتفاء بالخبر عن سبب الشيء من ذكره والخبر عنه ، كما قيل: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ، وما أشبه ذلك. (25) ومعنى الآية إذًا: ولله ملك الخلق الذي بين المشرق والمغرب يتعبدهم بما شاء ، ويحكم فيهم ما يريد عليهم طاعته ، فولوا وجوهكم - أيها المؤمنون - نحو وجهي ، فإنكم أينما تولوا وجوهكم فهنالك وجهي. * * * فأما القول في هذه الآية ناسخة أم منسوخة ، أم لا هي ناسخة ولا منسوخة؟ فالصواب فيه من القول أن يقال: إنها جاءت مجيء العموم ، والمراد الخاص ، وذلك أن قوله: ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) ، محتمل: أينما تولوا - في حال سيركم في أسفاركم ، في صلاتكم التطوع ، وفي حال مسايفتكم عدوكم ، في تطوعكم ومكتوبتكم ، فثم وجه الله ، كما قال ابن عمر والنخعي ، ومن قال ذلك ممن ذكرنا عنه آنفا. = ومحتمل: فأينما تولوا - من أرض الله فتكونوا بها - فثم قبلة الله التي توجهون وجوهكم إليها ، لأن الكعبة ممكن لكم التوجه إليها منها. كما قال :- 1845 - أبو كريب قال حدثنا وكيع ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، والنضر بن عربي ، عن مجاهد في قول الله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله) ، قال: قبلة الله ، فأينما كنت من شرق أو غرب فاستقبلها. 1846- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال، أخبرني إبراهيم ، عن ابن أبي بكر ، عن مجاهد قال، حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها قال، الكعبة. = ومحتمل: فأينما تولوا وجوهكم في دعائكم فهنالك وجهي أستجيب لكم دعاءكم، كما:- 1847- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج ، قال مجاهد: لما نـزلت: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [سورة غافر: 60] ، قالوا: إلى أين؟ فنـزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله). الموضوع الأصلي: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚۚ/ للطبري || الكاتب: رويم || المصدر: منتديات أمل عمري
|
11-15-2019, 07:16 AM | #6 |
|
منورين
|
|
12-04-2019, 10:51 AM | #8 |
|
منورين
|
|
12-07-2019, 07:20 PM | #10 |
|
منورهه
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|