مدخل
عاد الناجين من اسطنبول ليؤكدوا لنا بأن الحياة اصبحت غير الحياة
تقدمت في العمر عند بداية السنة الجديدة
تغيرت ملامحها وشاخت وامتلأ وجهها بالتجاعيد وشاب رأسها
وكل خلاياها تموت تدرجيا يوماً بعد يوم وبدأ عجزها في الظهور
فعندما تصبح الأرواح مهانة لا قيمة لها بهذه الصورة البشعة
والنفوس تمتلأ بأشواك الحقد والخبث بكل تأكيد ستزداد تجاعيد الحياة بصورة
أبشع ....
كثير منا الآن لا يضحك من قلبه... ولم يعد يسره ما يحصل عليه من نعم وخير
هل ننكر هذه الحقيقة ؟
لن نستطيع نكرانها لأنها اصبحت جلية ظاهرة في أعيننا وعلى ملامحنا ....
فعلاقتنا بالحياة وطيدة ملامحها مرتسمة على وجوهنا ......وروحها تسكن
أجسادنا التي اصبحت تشيخ مبكراً
وإن لم تصدقوا ...فلينظر كل منا لصبغة شعرة
التي يخفي بها تجاعيد الحياة سيجد دليلاً على أن كل خلاياه شاخت مبكراً
من رأسه لأخمص قدميه ....
عاد ناجياً من اسطنبول ليثبت لنا أننا السبب الرئيسي لعجزنا في الحفاظ على حياتنا
وأننا السبب في كهولتنا المبكرة ..
لينظر كل منا لقلبه سيجد الكثير منا ثقب أسود بداية لموت محقق
الظن السيئ ...الافتراء ...الحسد ....الكره .... البهتان
سموم تقتل الكثير منا من الداخل ونحن لا نشعر
حتى ماتت بصيرتنا ولم نعد نفرق بين الخير والشر
الناجي حسن خاشجقي
عاد مع اسرته جريحا متألماً ولكن جروحه لم تكن من طلقات مافيا الارهاب ....أبداً
استطاع النجاة منهم بشجاعة
ولكنه لم ينجو من أسلحتنا الاشد فتكاً .رصاصها البهتان والافتراء والشماتة
ذهب لسطنبول سائحاً وعاد بطلاً منقذاً لأسرته وفتاتين من الضحايا
استقبلناه برصاصتنا القاتلة
الملهي الليلي ...
حسن وأسرته والضحايا لم يكونوا في ملهى ليلي وهناك ما يثبت ذلك
ولكن من يثبت أن بيوتنا لا تخلو من الملاهي الليلية ؟
من ينكر ذلك فعليه فوراً إخراج التلفاز من بيته الذي يحوي القنوات الساقطة
والقنوات المليئة بالدجل والشعوذة والرقص والأغاني الصاخبة
و التي يسهر الكثيرون منا عليها كل ليلة دون اعتبار لموت الفجأة
وليتكتم على المجالس التي يترأسها شيطانه يفرز فيها أقذاره
من الغيبة والنميمة والكذب وقذف المحصنات بالباطل
ويغض الطرف عن حفلات الزفاف الصاخبة التي لا ينقصها
إلا زجاجة الخمر .....
وليتب مسرعاً قبل أن تصل إليه خاتمته وهو في مكانه
في قلوب الكثيرين ملاهي أبوابها مفتوحة على مصرعيها طوال ساعات حياتهم
المجعدة الملامح ....
وهم يقبعون في عقر دارهم فمن سيحاسبهم على ذلك ...
غير رب العباد وكم سيكون الحساب عسيرا وقتها ....
لم يدين الكثيرين القتلة الارهابيين
لأنهم أشد إرهاباً منهم ......الاوليين قتلوهم جسديا
والآخرين اغتالوا أرواحهم بدم بارد
فما أسهل الموت وما أصعب ان يعيش الانسان مجروح الروح طوال حياته
الحمد لله على سلامة الناجين ............جسدياً
وليضمد الله جروحهم الروحية التي مازالت تنزف ...
مخرج