بنوك الدرجة الأولى السويسرية ، تجعل للخزائن الهامة والسريَّة مفتاحين مفتاح يملكه مدير البنك ، والمفتاح الآخر يملكه صاحب الخزانة .. عندما يأتى فى زيارة إلى البنك ليتفقد محتويات خزانته ، يقوم مدير البنك بفتح الخزانة بمفتاحه ثم يخرج الحاوية منها التى تحتوى على متعلقات العميل ويترك العميل على انفراد ليفتح الحاوية بمفتاحه ، ويتفقد محتوياتها ..
هكذا خزائن الدنيا ، لها مفتاحان .. مفتاح بيد الخالق ، ومفتاح بيد المخلوق .. والخزائن كلها مفتوحة بيد الله سبحانه ، تنتظر الإنسان ليستخدم مفتاحه حتى ينتفع بما داخلها .. والإنسان لا يستطيع أن يتصرف فى خزينة من خزائن الأرض إلا بالمفتاح الذى أعطاه ربه .. مفتاح الاستغفار .. خزائن السماء ، وخزائن المال والبنين وخزائن الجنات والأنهار ، مفتاحها هو الاستغفار ..
قل: ربِّ اغفر لى ، ثم استخرج ما تشاء من الخزينة التى تريد .. تأمل نبى الله (سليمان) عليه الصلاة والسلام عندما : (قال ربِّ اغفر لى وهب لى مُلكًا لا ينبغى لأحدٍ من بعدى) ~ص: 35 .. ففتح خزائن المُلك بعد أن استغفر .. وتأمَّل نبى الله (موسى) عليه الصلاة والسلام عندما : (قال ربِّ اغفر لى ولأخى وأدخلنا فى رحمتك) ~الأعراف: 151 .. ففتح خزائن الرحمة بعد أن استغفر .. وتأمَّل (الذين يقولون ربنا إننا آمنَّا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار) ~آل عمران: 16 .. ففتحوا خزائن الوقاية من العذاب بعد أن استغفروا .. وقد قال الله لخاتم أنبياءه عليه الصلاة والسلام : (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) ~الأنفال: 33 ..
والعذاب هو أن يستعذب المرء إهمال مفتاحه الذى ملَّكه الله إياه .. والمرء لا يملك إلا ما ملَّكه الله .. (يقول يا ليتنى قدَّمتُ لحياتى) ~الفجر: 24 عندما يجد أن حياته بدون رصيد .. وكيف يكون له رصيد وهو لم ينفق نصيبه من الخزائن !؟ .. (فيومئذٍ لا يعذِّب عذابه أحدٌ) ~الفجر: 25 ، لأنه هو نفسه صار عذاب نفسه .. إذ استعذب اهمال فتح الخزائن .. وعذوبة الفقر هى أشد مرارة فى الحقيقة لأنها تسكر المرء ، وتذهب عقله ، وتنسيه ربه .. وهذا بالضبط ما يتمناه عدو الإنسان .. (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ، والله يعدكم مغفرة منه وفضلًا) ~البقرة: 268 .. فانظر كيف اقترن الفضل بالمغفرة ، تمامًا مثل اقتران مفتاح الخزائن بمحتوياتها .. إنها ليست خزائن محدودة .. إنها خزائن الله ..
(والله واسعٌ عليم) ~البقرة: 268 ..