السؤال
هل الشيطان يعلم ما يحاك في صدورنا من كلام لا يعلمه إلا الله فيوسوس
ما يناسب خواطرنا أم ماذا ؟ الجواب
دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان ،
بل يجري منه مجرى الدم ، فيوسوس له في حال غفلته ،
ويخنس في حال ذكره ، ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان
من الشهوات فيزينها له ، ويوسوس له بخصوصها .
روى البخاري 3281) ومسلم 2175) عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "
وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة [أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين
يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة] ، فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك
، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه ، بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ، بل
الشيطان يلتقم قلبه ؛ فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ،
ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ،ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي
فيزينها له .وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله
عليه وسلم في حديث ذكر صفية رضي الله عنها
إن الشيطان يجرى من ابن آدم
مجرى الدم ). وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن
آدم مما تواترت به الآثار ، سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا " انتهى من
"مجموع الفتاوى" 5/508) .
فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه ، ويعلم ما يميل إليه ويهواه
من الخير والشر، فيوسوس له بحسب ذلك .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله – ضمن
سؤال طويل - : وإذا نويت عمل خير في
قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟
فأجاب : " كل إنسان معه شيطان ومعه
ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا ومعه
قرينه من الجن وقرينه من الملائكة .
قالوا : وأنت يا رسول الله؟ قال : وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني
إلا بخير) . وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر
ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه ، وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده
العبد وينويه من أعمال الخير والشر ,والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه
الخير ويدعوه إلى الخير ، فهذه أشياء مكنهم الله منها : أي مكن
القرينين ، القرين من الجن والقرين من الملائكة , وحتى النبي صلى الله عليه
وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...
والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين , فالمؤمن
يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه , ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا
لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله ,
والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل ,
وتشجيعه على الباطل , وعلى تثبيطه عن الخير . فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن
يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان , وعلى أن
يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله والقيام بأوامر الله سبحانه
وتعالى " انتهى من
"فتاوى الشيخ ابن باز" 9/369).