الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
البعض منّا يمر على بعض من آيات القرآن الكريم وقد لا يفهم معناها
فمنا من يسأل أهل العلم عنها
حتى يتضح لهُ المعنى والفهم .. ومن هذهِ الآيات
قوله تعالى:{حَقُّ الْيَقِينِ} ( الواقعة: 95 )
وقوله :{عَيْنَ الْيَقِينِ}(التكاثر: 7 )
وقوله عز وجل : {عِلْمَ الْيَقِينِ} (التكاثر: 5)
لهذا سأذكر لكم هنا تفسيرا بسيطا
لهذه الآيات يزيل الإشكال بإذن الله
وقبل ذلك أذكر تعريفا لغويا لها :
الْيَقِينِ جاء في القاموس المحيط أن الْيَقِينِ : إزاحة الشك "
وجاء في التعريفات للجرجاني رحمه الله : الْيَقِينِ هو
تحقيق التصديق بالغيب بإزالة كل شك وريب
وقيل : العلم الحاصل بعد الشك "
أي : الذي لا شك فيه ولا مرية . بل هو الحق الثابت ..
الذي لا بد من وقوعه
وقد أشهد الله عباده .. الأدلة القواطع على ذلك
حتى صار عند أولي الألباب كأنهم ذائقون له ..
مشاهدون لحقيقته
فحمدوا الله تعالى على ما خصهم من هذه النعمة العظيمة .. والمنحة الجسيمة
ثم لترونها {عَيْنَ الْيَقِينِ}
أي : رؤية بصرية .. كما قال تعالى :
( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم واقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا )
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله تعالى:
{حَقُّ الْيَقِينِ}
و{عَيْنَ الْيَقِينِ}
و{عِلْمَ الْيَقِينِ}
فما معنى كل مقام منها .. وأي مقام أعلى ..؟
الحمد للّه رب العالمين .. للناس في هذه الأسماء مقالات معروفة
منها: أن يقال: {عِلْمَ الْيَقِينِِ}
اى ما علمه بالسماع والخبر والقياس والنظر
و {عَيْنَ الْيَقِينِ} ما شاهده وعاينه بالبصر
و{حَقُّ الْيَقِينِ} ما باشره ووجده وذاقه وعرفه بالاعتبار
فالأول : مثل من أخبر أن هناك عسلًا .. وصدق المخبر
أو رأى آثار العسل فاستدل على وجوده
والثاني : مثل من رأى العسل وشاهده وعاينه .. وهذا أعلى
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ليس المخبر كالمعاين"
والثالث : مثل من ذاق العسل .. ووجد طعمه وحلاوته
ومعلوم أن هذا أعلى مما قبله
قال ابن القيم رحمه الله فى مدارج السالكين : فالمراتب ثلاث {عِلْمَ الْيَقِينِِ}
يحصل عن الخبر .. ثم تتجلى حقيقة المخبر عنه للقلب أو البصر
حتى يصير العلم به
{عَيْنَ يَقِينِ}
ثم يباشره ويلابسه فيصير
{حَقُّ يَقِينِ}
فعلمنا بالجنة والنار الآن هو
{عِلْمَ يَقِينِِ}
فإذا أزلفت الجنة للمتقين في الموقف وبرزت الجحيم للغاوين
وشاهدوهما عيانا كان ذلك {عَيْنَ يَقِينِ}
كما قال تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ، ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا {عَيْنَ يَقِينِ}
فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار
فذلك {حَقُّ يَقِينِ}
خلا صة القول :
{عِلْمَ الْيَقِينِِ} : علم عن الله ورسوله.
{عَيْنَ يَقِينِ} : أن ترى بعينيك.
{حَقُّ يَقِينِ} : أن تنتقل لتعيش فى هذا النعيم
أسأل الله أن نكون من أهله
وليعيش أهل الجحيم فى الجحيم نعوذ بالله من النار.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين